الخرطوم"رويترز": خرج عبد العزيز علي بنظارته ولحيته الرمادية من مدرسة ابتدائية في حي العمارات في العاصمة السودانية الخرطوم وهو يرتجف من الصدمة.وعاد الرجل، مثل آلاف آخرين، لتفقد المباني التي استعاد الجيش السيطرة عليها بعد عامين من الحرب الأهلية، ليجد تهديدا جديدا كامنا بين أنقاض المدينة. وفي حالته كان التهديد قذيفة غير منفجرة تحت كومة من القماش القديم.

وكان علي (62 عاما) يعمل إداريا في المدرسة قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023 واجتياح قوات الدعم السريع شبه العسكرية للمدينة.

وقال وهو يقف خارج المدرسة "كيف ما بخاف؟!"، مشيرا إلى أن القذيفة طولها حوالي 40 سنتيمترا وتبدو مثل القذائف المضادة للدروع.وأضاف "دي مدرسة بتاعة أطفال يعني لازم كل الحاجات دي تتشال.. ما نقدر نشيل أي حاجة حتى ييجوا ويشيلوا الحاجات دي كلها".

وتنتشر الذخائر والصواريخ في الشوارع والمنازل والمدارس والمتاجر في جميع أنحاء المدينة حيث بدأت العائلات بالعودة إلى المباني التي كانت قوات الدعم السريع تسيطر عليها.

وتتفقد فرق تطهير سودانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة الوضع، وتسعى إلى تأمين الأماكن. لكنهم يقولون إنهم بحاجة إلى مزيد من الموظفين والتمويل، لا سيما بعد خفض المساعدات الأمريكية.وفي حي العمارات بالخرطوم، أشار علي إلى قذائف أخرى على الطريق الترابي بين المدرسة وروضة أطفال. وشوهدت عدة صواريخ في مركبات محطمة.

وقال حارس مبنى آخر إن السلطات عثرت على ذخائر وطائرات مسيرة في القبو وأزالتها. لكن الصواريخ المضادة للدبابات لا تزال موجودة.وأضاف "نخشى أن يؤدي انفجار واحد إلى تدمير المكان بأكمله".

وعاد أكثر من 100 ألف شخص منذ استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم ومعظم مناطق وسط السودان في خضم الصراع الذي بدأ بسبب خطط لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.

ولا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على مساحات شاسعة بغرب السودان، وغيرت أساليبها القتالية من التوغلات البرية إلى الهجمات بطائرات مسيرة على البنية التحتية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش.

* انفجرت "بدون مقدمات"

أعلن المركز القومي لمكافحة الألغام في السودان تدمير أكثر من 12 ألف جسم متفجر منذ بدء الحرب. وقال مدير المركز اللواء الركن خالد حمدان إنه جرى اكتشاف خمسة آلاف جسم آخر منذ توسيع نطاق العمليات لتشمل الأراضي التي استعيدت في الآونة الأخيرة.

وذكرت تقارير أن 16 مدنيا على الأقل قُتلوا وأُصيب العشرات جراء انفجارات لذخائر خلال الأسابيع القليلة الماضية. وهناك مخاوف من أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك.

وقال مدير مكتب المركز القومي لمكافحة الألغام في الخرطوم جمال البشرى "لدينا خمس فرق عمل فقط في الخرطوم حاليا". وتركز الجهود في العاصمة على الطرق الرئيسية والمباني الحكومية والمراكز الطبية في وسط الخرطوم، وهي المنطقة التي شهدت أعنف المعارك.

وقال حمدان إن بدء عمليات إزالة الألغام والمسح على النحو الأمثل يحتاج إلى 90 مليون دولار.

وتلتقط فرق العمل القذائف يدويا وتضعها بعناية في حقائب وصناديق قديمة أو جنبا إلى جنب فوق طبقة عازلة من التراب على ظهر شاحنة صغيرة ذات جوانب معدنية لحمايتها.

وتولت مجموعات تطوعية بعضا من هذه الجهود.

وقال حلو عبد الله الذي يرأس أحد الفرق العاملة في حي أمبدة بمدينة أم درمان المجاورة للخرطوم "في اليوم بيكون عندنا حكاية (حوالي) عشرة بلاغات إلى 15 بلاغا، وبنحاول نزيل العدد اللي نستطيع إزالته في اليوم".

وكان برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أغلق أبوابه تقريبا في مارس آذار بعد خفض التمويل الأمريكي، إلى أن تدخلت كندا لدعمه.

وقال صديق راشد رئيس البرنامج في السودان "نحتاج إلى مئات الفرق. ليس لدينا سوى عدد قليل منها". وأضاف أن مشاكل في الحصول على تصاريح السفر تعرقل العمل أيضا.

وأضاف "الأمر مقلق للغاية لأن هذه المناطق تحتاج إلى فحص من فريق متخصص" قبل أن يعود الناس.

وقال رشيد إن فرق إزالة الألغام لم تقم بعمليات مسح إلا على السطح، لاسيما في المناطق الواقعة خارج الخرطوم التي تضررت بشدة أيضا.

وإذا لم تكن هناك عمليات مسح مناسبة، سيكون السكان متروكين لحماية أنفسهم بأنفسهم.

وفقد فتى يبلغ من العمر ستة عشر عاما ذراعه اليسرى وأصيب بجروح بالغة عندما انفجرت قذيفة بينما كانت أسرته تزيل الأنقاض في منزلها بجزيرة توتي، حيث يلتقي النيلان الأزرق والأبيض في الخرطوم.

وقال عمه وهو يقف بجانب سرير الصبي في المستشفى بأم درمان "خلال النضافة العادية في البيت يوم السبت حوالي الساعة 11 ونص 12 واحنا قاعدين فجأة سمعنا صوت انفجار لكن أنا شايف انه كان في طلقة بتاعة مضاد 23... كان في الكرسي، بدون مقدمات بدون أي حاجة قامت الطلقة".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی الخرطوم

إقرأ أيضاً:

السودان يعلن "تحرير الخرطوم" ويتهم الإمارات بالتدخل العسكري المباشر في الحرب

أعرب خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، عن "قلقه العميق" إزاء توسع رقعة الصراع إلى شرق البلاد. اعلان

أعلن الجيش السوداني، الثلاثاء، استكمال "تطهير كامل ولاية الخرطوم" من قوات الدعم السريع، في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق بدأت قبل أسابيع لاستعادة السيطرة على آخر معاقل الدعم السريع في جنوب وغرب أم درمان، الواقعة على الضفة المقابلة للعاصمة الخرطوم.

وقال المتحدث باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، إن "ولاية الخرطوم خالية تمامًا من المتمردين"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مشيرًا إلى أن العمليات شملت مناطق صالحة وما حولها، وأنها تتواصل في إطار "تطهير كامل منطقة العاصمة".

وتأتي هذه التطورات العسكرية في وقت تتصاعد فيه وتيرة النزاع المستمر منذ نيسان/أبريل 2023، خصوصًا مع استخدام الأسلحة بعيدة المدى والطائرات المسيّرة، حيث تواصل قوات الدعم السريع استهداف مواقع الجيش في العاصمة والمناطق الشرقية الخاضعة لسيطرته.

اتهامات متبادلة مع الإمارات

وفي هذا السياق، اتهم السودان دولة الإمارات العربية المتحدة بالتدخل العسكري المباشر في النزاع، محمّلًا إياها مسؤولية الهجوم الذي استهدف مدينة بورتسودان في 4 أيار/مايو الجاري.

وقال السفير الحارث إدريس، مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، إن الهجمات على بورتسودان نُفذت باستخدام طائرات مسيّرة انطلقت من قاعدة إماراتية على البحر الأحمر، وبمساعدة سفن إماراتية، وذلك بعد يوم من قصف الجيش السوداني لطائرة يُعتقد أنها إماراتية في مدينة نيالا، ما أسفر عن مقتل 13 أجنبيًا بينهم "عناصر إماراتية"، وفق قوله.

Relatedتصعيد دامٍ في دارفور وكردفان: الجيش السوداني يكثّف غاراته الجوية والدعم السريع يردّ بمسيّراتتصاعد التوتر بين السودان والإمارات بعد إبعاد دبلوماسيين من دبييونيسف: قصف مدفعي يحرم ألف مريض المياه في مدينة الفاشر السودانيةمحكمة العدل الدولية تسقط دعوى السودان ضد الإمارات: ما الذي يعنيه القرار؟

وردًا على هذه الاتهامات، نفت أبو ظبي أي ضلوع لها في الهجمات، واصفة المزاعم السودانية بأنها "لا أساس لها من الصحة"، ومؤكدة إدانتها لقصف مدينة بورتسودان.

وكانت بورتسودان، التي أصبحت مقرًا مؤقتًا للحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية، قد ظلت إلى حد كبير بمنأى عن العنف منذ بداية الحرب، قبل أن تتعرض مؤخرًا لهجمات متكررة بطائرات مسيّرة استهدفت منشآت عسكرية ومدنية، بما في ذلك المطار، ومحطات الكهرباء، ومستودعات الوقود، ما تسبب في انقطاع واسع للكهرباء وشحّ في المياه والخدمات الأساسية.

من جانبه، أعرب خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، عن "قلقه العميق" إزاء توسع رقعة الصراع إلى شرق البلاد، محذرًا من أن الهجمات على البنى التحتية "تعرض حياة المدنيين للخطر وتفاقم الأزمة الإنسانية".

في المقابل، ورغم تصاعد وتيرة القتال، أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، تعيين كامل إدريس رئيسًا جديدًا للحكومة السودانية، خلفًا لدفع الله الحاج الذي شغل المنصب لأسابيع فقط. ورحّب الاتحاد الإفريقي بالخطوة، واعتبرها "إشارة إيجابية نحو حكم شامل واستعادة النظام الدستوري".

ولا تزال الحرب تقسم السودان إلى مناطق نفوذ، حيث يسيطر الجيش على الشمال والشرق، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب. وخلّف النزاع عشرات الآلاف من القتلى، وشرّد أكثر من 13 مليون شخص، في ما تصفه الأمم المتحدة بأنه “أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ الحديث”.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • السودان يعلن "تحرير الخرطوم" ويتهم الإمارات بالتدخل العسكري المباشر في الحرب
  • أبوظبي ترد على اتهام السودان للإمارات بتنفيذ "هجمات 4 مايو"
  • السودان يتهم الإمارات بتنفيذ "هجمات 4 مايو"
  • الجيش السوداني يعلن اكتمال السيطرة على الخرطوم
  • السودان.. اكتشاف جثث متحللة بأم درمان والجيش يشدد قبضته على الخرطوم
  • الجيش السوداني يعلن السيطرة على ولاية الخرطوم بشكل كامل
  • 14 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم للنازحين غرب السودان
  • مجزرة في السودان.. قصف قوات الدعم السريع يحصد عشرات القتلى في سوق شعبي
  • تصاعد التوتر بين السودان والإمارات بعد إبعاد دبلوماسيين من دبي