شبكة اخبار العراق:
2025-07-08@06:31:59 GMT

السينما وعلم النفس علاقة لا تنتهي

تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT

السينما وعلم النفس علاقة لا تنتهي

آخر تحديث: 22 ماي 2025 - 12:15 م حسن الكعبي  السينما وعلم النفس هو المحور الذي استأثر باهتمام الكاتب الأميركي سكيب داين يونج والكامن وراء إصداره لكتابه “السينما وعلم النفس علاقة لا تنتهي، ترجمة سامح سمير فرج، منشورات مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة” والذي تعرض فيه إلى المداليل النفسيَّة وتحليل شخصيات صناعها والتماهيات النفسيَّة للممثل وأثر الأبعاد النفسيَّة في إدارة وعي المتلقي وطبيعة انفعالاته وتوتره مع مرشحات الفيلم ومهيمنات الصورة ضمنه ومحاولة تجسيدها على الواقع، بوصف هذا التوتر والتفاعل يندرج ضمن الانفعالات السلبيَّة في عمليَّة التلقي.

يشير الكاتب إلى “أن الأفلام السينمائيَّة جميعها تَنبِض بالحياة من الناحية النفسيَّة، وتتفجَّر بالدراما الإنسانيَّة؛ دراما يمكن رؤيتها من زوايا عديدة مختلفة؛ في الأفلام ذاتها، وفيمَن يصنعونها، وفيمَن يشاهدونها”.هذه القضايا يستكشفها الكاتب، ويتعرض إلى كيفيَّة تفسير علماء النفس للأفلام السينمائيَّة، وكيف قدَّمت السينما العلاج النفسي للأمراض النفسيَّة. كما يستجلي التركيبة النفسيَّة لكبار المخرجين، مثل “ألفريد هيتشكوك، ومارتن سكورسيزي، ووُدي آلِن، والممثِّلين البارزين، مثل أنجلينا جولي وجاك نيكلسون”، إلى جانب تناولٍ ما للأفلام السينمائيَّة من تأثيرٍ عميقٍ في الجمهور.وارتكازاً إلى خبرته في مجالَي السينما وعلم النفس، يكشف المؤلف عن الصلات العميقة بين عالم السينما الخيالي وواقع الحياة اليوميَّة. وهذه التحليلات النفسيَّة العميقة تصدر عن وعي الكاتب التخصصي في مجال تحليل علم نفس الأفلام وكوادر إنتاجها وجمهورها المتلقي، ومن هنا تكمن أهميَّة الكتاب بكونه سياحة ثقافيَّة ومعرفيَّة تقارب حقلاً مهملاً ضمن عالم السينما المبهر وأثره الإيجابي أو السلبي على وعي الجمهور.تناول الكتاب مجموعة من الأفلام التي يسيطر فيها نسق التأثير النفسي في وعي المتلقي مثل “تاكسي داريفر وسايكو وساحر اوز وأزواج وزوجات وغيرها من الأفلام ذات الطابع النفسي”. وفي هذا الاستعراض سنتوقف عند تحليلات يونج لفيلم مهم هو “تاكسي درايفر – إنتاج 1976- من إخراج مارتن سكورسيزي ومن بطولة روبرت دي نيروي وجودي فوستر” نظراً للتشعبات المشبعة بالتحليل السايكولوجي للأفلام والتي تحتاج إلى وقفاتٍ أخرى تستعرض الجوانب المهمَّة في الكتاب وتحليلات يونج الرائعة ضمنه.يتابع الكاتب في سياق محاولاته تأكيد العلاقة بين السينما وعلم النفس حياة مخرج فيلم “تاكسي داريفر” مارتن سكورسيزي، ويشير إلى إصابة سكورسيزي في طفولته بمرض الربو الذي دفعه للانعزال والتوحد وعاش حياة عاطفيَّة مضطربة تسربت إلى فيلم “تاكسي درايفر” الذي يروي حياة ترافيس بيكل الذي برع في تأديته “روبرت دي نيرو”. ويشار إلى أنَّ الأداء المذهل والمتماهي لدينيرو أظهر ذلك النوع العاطفي المضطرب تجاه المومس القاصرة التي أدت دورها “جودي فوستر” والتي من أجلها ارتكب ترافيس تلك المذبحة المريعة والمشاهد العنفيَّة التي اعترضت عليها الرقابة وعدّها من مشاهد التحريض على العنف. إنَّ موضوع الفيلم كما يشير الكاتب – أقل من أنْ يوصف بأنه تجاري – لكنه مع ذلك يتمتع بالإبهار على المستوى التقني ويعبر ببراعة عن التياعات النفس البشريَّة ويترشح عن دالة سياسيَّة وثقافيَّة تؤشر واقع أميركا المأزوم على الصعيد السياسي والثقافي ويعالج قضايا نفسيَّة تتعلق بمرض التفكير الارتيابي الذي يتعرض له ترافيس بيكل “روبرت دي نيرو”. يتعرض الكاتب بعد أنْ ينتهي من إثبات أهميَّة الفيلم على المستوى الفني والتقبل الجماهيري وتأشير مداليله النفسيَّة إلى تأثيراته في إدارة وعي المتلقي من خلال حادثة العصابي “جون هينكلي” الذي حاول في العام 1981 أن يغتال الرئيس الأميركي في محاولة من هينكلي لجذب انتباه جودي فوستر التي كان مولعاً بها. ويذكر الكاتب أنَّ هينكلي كان قد شاهد الفيلم خمس عشرة مرة؛ بمعنى أنَّ حادثة هينكلي جاءت بموحياتٍ من الفيلم، لا سيما في مشهد المذبحة الذي استخدمت فيه تقنياتٌ حديثة ومبتكرة استعرضت الكاميرا خلاله لقطات تفصيليَّة بطيئة الحركة ومأخوذة من الأعلى لمشهد المذبحة، فضلاً عن الأداء المذهل لروبرت دي نيرو الذي “منح صراعات ترافيس الداخليَّة النفسيَّة واقعيَّة رائعة” تمتلك القابليَّة على السيطرة على الوعي وتوجيهه وجهة عنفيَّة، لذلك فقد عدّه بعض النقاد بأنه فيلم “استغلالي ومضلل على المستوى الأخلاقي”.  يتساءل الكاتب بعد استعراض قصة فيلم سائق التاكسي – تاكسي داريفر: ما الجانب الذي لا يتعلق بعلم النفس في هذه القصة؟ هناك عناصر يمكن فصلها عن دائرة علم النفس، ربما الاستخدام التقني للقطات التتبع أو السمات التاريخيَّة لأميركا في السبعينيات، بيد أنَّ هذه التمييزات تنهار لو فكرت فيها أكثر مما ينبغي. ففي كل الأحوال تشكل لقطات الكاميرا الأساس الذي تقوم عليه التجربة الإدراكيَّة للجمهور. وتاريخ السبعينيات مجسداً في شخصيَّة مثل ترافيس وفنانين مثل سكورسيزي وأفراد من الجمهور مثل هينكلي. فما أنْ تبدأ البحث عنه، حتى لا يكون باستطاعتك الهرب من علم نفس الافلام.يختتم يونج كتابه بقوله إنَّ “الفن كما أنه يرتقي بذائقتنا، فإنَّه يمكن أنْ يدمرها أيضاً” في إشارة إلى إمكانيَّة مرور أنساق العنف تحت الغطاء الجمالي في بناء النصّ السينمائي.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

التنافر المعرفي

قد ينشأ في عمق الإنسان صراع خفي؛ بين ما يعتقده وما يفعله، وبين ما يعرف أنه صواب، وما يمارسه على أرض الواقع. هذا التناقض ليس دائمًا ظاهرًا، لكنه يترك أثرًا داخليًا يشبه التذبذب النفسي، الذي يصعب تهدئته، ويُعرف هذا الاضطراب الداخلي بالتنافر المعرفي، وهو حالة شعورية تحدث عندما يعيش الإنسان واقعًا لا يتسق مع قناعاته أو مبادئه.
تتعدد أسباب هذا التنافر، ولكنه غالبًا ما يظهر حين يُضطر الفرد لاتخاذ قرارات، تتعارض مع ما تربى عليه، أو مع قيمه الداخلية، وقد يُجبره المجتمع أو الظروف على سلوك معين، أو قد يجد نفسه يحاول إرضاء الجميع على حساب قناعاته أحيانًا، ويحدث نتيجة المبالغة في تبرير تصرف ما؛ فقط ليشعر بالراحة المؤقتة، ويتفادى مواجهة الحقيقة.
كما أن أعراض التنافر المعرفي لا تكون جسدية أو ظاهرة؛ بل هي أعراض نفسية مرهقة للفرد، وتظهر في صورة قلق مستمر وانزعاج داخلي على الاستمرار، و تبرير مفرط، وربما شعور بالذنب أو فقدان الاتزان، وقد يتحول هذا الشعور مع الوقت إلى نوع من الخمول العاطفي، أو الانفصال عن الذات، حيث يفقد الإنسان وضوحه الداخلي، ويتوقف عن الثقة باختياراته.
ومما لا ريب فيه، أن بداية التحرر من هذا التنافر تنبع من لحظات وعي صادقة؛ حين يتوقف الأفراد عن تجاهل ما يدور في أعماقهم، والقيام بمواجهة ذواتهم بصدق دون أقنعة، أو أعذار؛ فالصدق مع النفس يفتح أبواب الإدراك، ويمنحهم القدرة على إعادة ترتيب ذواتهم من الداخل؛ سواء عبر تعديل السلوك أو تحرير المعتقدات، التي لم تعد تعبّرعن حقيقتهم. كما أن مساحات التعبير الآمن؛ كالكتابة أو البوح لمن يثقون به، تعتبر متنفسًا يُخفف من حدة التوتر، ويعيد شيئًا من التوازن والوضوح إلى دواخلهم.
ويكمن السر في معرفة ماهية التنافر المعرفي، التي تكمن في وضوحه قوته، وأن ظهوره ليس ضعفًا في النفس؛ بل دليل على وجود ضمير حي. هو إشارة من الداخل تدعو للانسجام وللعودة إلى الذات كما خُلقت صافية ومتّسقة.

fatimah_nahar@

مقالات مشابهة

  • التنافر المعرفي
  • فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2025
  • مارست نوعا من التوازن النفسي| إدوارد: عرفت صدفة إصابتي بسرطان الكلى
  • بدء اختبار الرياضة البحته للنظام الجديد الجيولوجيا وعلم النفس والاجتماع والجبر للقديم بالثانوية العامة
  • اليوم.. طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحانات الرياضة البحتة للحديث والجيولوجيا وعلم النفس والجبر للقديم
  • الثانوية العامة|بدء امتحان الرياضيات البحتة للنظام الجديد والجيولوجيا وعلم النفس والجبر للقديم
  • الهلال الأحمر المصري يقدم خدمات الدعم النفسي والمساعدات العاجلة لضحايا حادث الإقليمي وأسرهم
  • الكاتب صنصال لن يطعن في حكم سجنه بالجزائر
  • الكاتب بوعلام بو صنصال لن يطعن بالحكم بسجنه في الجزائر
  • غدًا.. طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحانات الرياضة البحتة للحديث والجيولوجيا وعلم النفس والجبر للقديم