إسطنبول- يراهن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على "علاقته الشخصية" بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لرفع العقوبات الأميركية المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات (كاتسا).

وأعرب أردوغان -في تصريحات أدلى بها لصحفيين رافقوه في رحلة عودته من العاصمة الألبانية تيرانا، بعد مشاركته في قمة المجموعة السياسية الأوروبية- عن اعتقاده أن القيود المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون كاتسا، سيتم التغلب عليها قريبا بفضل نهج الرئيس ترامب، الذي وصفه بـ"الأكثر انفتاحا وإيجابية".

وأشار الرئيس التركي إلى أنه يستطيع القول بوضوح، إن هناك تخفيفا للعقوبات الأميركية، وإنه ناقش الأمر مع ترامب ومع السفير الأميركي الجديد في أنقرة توم باراك.

وفي السياق، وافقت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي على صفقة -لا تزال بحاجة إلى مصادقة الكونغرس- ببيع صواريخ بقيمة 304 ملايين دولار إلى تركيا، في وقت يسعى فيه البلدان الحليفان في "الناتو" إلى تعزيز العلاقات التجارية والدفاعية المشتركة.

أصل العقوبات

فُرضت عقوبات كاتسا على تركيا في ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس 400" بقيمة 2.5 مليار دولار في 2017، رغم تحذيرات واشنطن المتكررة من أن هذه الصفقة ستعرض أمن التكنولوجيا العسكرية الأميركية للخطر وتوفر تمويلا كبيرا لقطاع الدفاع الروسي.

إعلان

وتستند العقوبات إلى قانون "مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات" الذي أقره الكونغرس الأميركي عام 2017، والذي يفرض عقوبات على الدول التي تجري "صفقات كبيرة" مع قطاع الدفاع الروسي. وشملت العقوبات رئاسة الصناعات الدفاعية التركية وبعض مسؤوليها، بمن فيهم إسماعيل دمير، الرئيس السابق لمؤسسة الصناعات الدفاعية التركية.

وتضمنت العقوبات حظر تراخيص التصدير الأميركية وتجميد أصول المسؤولين وفرض قيود على التأشيرات وحظر القروض من المؤسسات المالية الأميركية. كما أدت الصفقة إلى إقصاء تركيا من برنامج مقاتلات "إف-35".

منذ فرض العقوبات، سعت تركيا جاهدة إلى رفعها عبر قنوات دبلوماسية متعددة. وفي أحدث محاولاتها، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أبريل/نيسان الماضي عن استعداد بلاده لشراء معدات عسكرية أميركية بقيمة تصل إلى 20 مليار دولار إذا رفعت واشنطن العقوبات المرتبطة بمنظومة الدفاع الروسية.

كما أشار فيدان إلى أن أنقرة تأمل في استعادة 6 طائرات إف-35، كانت مخصصة للقوات الجوية التركية، لكنها احتُجزت في مستودع أميركي منذ طرد تركيا من البرنامج.

ويرى المحلل السياسي أحمد أوزغور، أنه لا يمكن تجاهل الدور الشخصي للرئيس التركي أردوغان في الدفع نحو رفع العقوبات الأميركية، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"العلاقة الخاصة والمباشرة" التي تجمعه بالرئيس الأميركي ترامب.

ويشير أوزغور في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التواصل الشخصي بين الزعيمين أسهم في فتح قنوات تفاوض غير تقليدية خارج الأطر البيروقراطية المعتادة، مما أتاح مرونة أكبر في مواقف واشنطن.

مع ذلك، يؤكد أوزغور، أن الرهان على هذه العلاقة لا يكفي بمفرده لتحقيق اختراق كامل في ملف العقوبات، ويرى أن رفعها يتطلب تهيئة مناخ إقليمي ودولي مواتٍ. وهو ما نجحت به أنقرة في السنوات الأخيرة في إعادة تقديم نفسها طرفا محوريا في قضايا تتداخل مع أولويات واشنطن، من الحرب في أوكرانيا وأمن الطاقة، إلى ملفات الشرق الأوسط المعقدة مثل إيران وسوريا.

إعلان تأثير العقوبات

أثّرت عقوبات كاتسا تأثيرا عميقا على قطاع الدفاع التركي والاقتصاد أكثر مما كان متوقعا في البداية. فقد كشف تقرير لشركة لوكهيد مارتن الأميركية في يناير/كانون الثاني الماضي، أن العقوبات عطلت بشدة عملياتها في تركيا، خاصة برنامج المروحيات التركي، الذي كان يهدف إلى إنتاج 109 مروحيات للاستخدام المحلي، و109 أخرى للتصدير، بقيمة إجمالية تُقدر بـ1.5 مليار دولار.

وأشار التقرير إلى أن الشركة واجهت صعوبات في الحصول على تراخيص التصدير والتصاريح اللازمة للوفاء بالتزاماتها التعاقدية، مما أدى إلى تأخيرات كبيرة واضطرارها لإعلان القوة القاهرة وتعليق العمليات جزئيا ابتداء من أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وأوضحت الشركة أن العقوبات أعاقت حصولها على التراخيص التصديرية اللازمة لمواصلة العمل في مشروع إنتاج المروحيات "تي 70" بالتعاون مع الصناعات الجوية التركية وشركاء محليين آخرين مثل أسيلسان.

كما أثّر حظر تراخيص إعادة التصدير من تركيا إلى دول ثالثة على 35% من صادرات صناعة الدفاع التركية التي تحتوي على أنظمة فرعية أميركية. وتعطلت صفقات تصدير كبيرة، مثل عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع باكستان لتوريد 30 مروحية "تي 129″، بسبب عدم قدرة شركة هانيويل على الحصول على ترخيص تصدير للمحركات.

 

 

قلق إسرائيلي

لا تقتصر التحديات التي تعيق مساعي تركيا لرفع عقوبات كاتسا على الاعتبارات القانونية داخل واشنطن، بل تمتد إلى ضغوط حلفاء إقليميين -وعلى رأسهم إسرائيل- التي تخشى من تداعيات إعادة دمج تركيا في برامج السلاح الأميركية المتقدمة، خصوصا صفقة مقاتلات "إف-35".

فبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، عبّرت القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب عن "قلق بالغ" إزاء احتمالات بيع هذه الطائرات الشبح لأنقرة، والتي ترى فيها تهديدا مباشرا لتفوقها العسكري النوعي في المنطقة.

إعلان

كما كشفت وسائل إعلام أميركية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مارس ضغوطا مباشرة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لوقف أي تحرك محتمل لإعادة فتح ملف المقاتلات مع تركيا.

رغم ذلك، أشارت قناة "فوكس نيوز"، في تقرير نشرته بتاريخ 21 مارس/آذار الماضي، إلى أن الرئيس ترامب أبدى انفتاحا على بحث إعادة بيع "إف-35" إلى تركيا، إذا تم التوصل إلى صيغة تضمن تعطيل منظومة "إس 400" الروسية التي لا تزال بحوزة أنقرة. وأفادت القناة، أن ترامب طلب من فريقه إعداد دراسة عن "سبل إعفاء تركيا من العقوبات المفروضة بموجب كاتسا"، تمهيدا لإعادة تقييم الصفقة.

View this post on Instagram

A post shared by الجزيرة (@aljazeera)

من جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن إسرائيل، رغم امتلاكها أدوات ضغط مؤثرة داخل الولايات المتحدة بنفوذها في الكونغرس ولوبيات داعمة، لا تضمن بالضرورة أن تنسجم واشنطن تماما مع رؤيتها، خاصة في ظل إدارة الرئيس ترامب الحالية، التي تظهر استعدادا واضحا لاتخاذ قرارات تتعارض مع مصالح تل أبيب إذا اقتضت الضرورات الجيوسياسية ذلك.

ويشير تورال في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التوجه بدا جليا في مباركة إدارة ترامب للدور التركي في سوريا ورفع العقوبات عن سوريا بوساطة تركية، وهي أمور تزعج تل أبيب. وعليه، فإن تورال يعتبر أن الاعتراض الإسرائيلي قد يبطئ التقدم في هذا الملف، لكنه لن يمنع تطوره إذا ارتأت واشنطن أن استعادة تركيا إلى دائرة التعاون الدفاعي يصب في مصلحتها الإستراتيجية الأوسع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصناعات الدفاعیة الترکیة ملیار دولار إلى أن

إقرأ أيضاً:

تركيا.. تراجع عدد أعضاء حزب أردوغان

أنقرة (زمان التركية) – كشفت بيانات رسمية تصدر حزب العدالة والتنمية الحاكم قائمة الأحزاب السياسية في تركيا من حيث عدد الأعضاء بواقع 10 مليون و878 ألف و733 عضوًا، إلا أن هناك تراجعا في عدد الأعضاء مقارنة مع بداية العام الجاري.

وجاء حزب الشعب الجمهوري في المرتبة الثانية بواقع مليون و903 ألف و432 عضوًا.

وعكست البيانات الصادرة عن نيابة المحكمة العليا في تركيا بشأن الأحزاب السياسية في تركيا وأعداد أعضائها، عن تراجع في عدد أعضاء حزب العدالة والتنمية، حيث كان يبلغ عدد أعضاء الحزب في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري 11 مليون و135 ألف و306 عضوًا، ما يشير إلى فقدانه 256 ألف و573 عضوا خلال النصف الأول من العام.

وفي الوقت نفسه، اكتسب حزب الشعب الجمهوري 371 ألف و488 عضوًا، بعدما بلغ عدد أعضائه مليون و531 ألف و944 عضوا في يناير/ كانون الثاني مما يقرِّبه من بلوغ حاجز 2 مليون عضوًا.

وبلغ عدد أعضاء حزب الحركة القومية 493 ألف و428 عضوًا وحزب الجيد 392 ألف و803 عضوا وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الكردي 15 ألف و912 عضوا وحزب السعادة 246 ألف و842 عضوًا.

وسجل حزب الرفاة من جديد 650 ألف و73 عضوا وحزب الديمقراطية 315 ألف و786 عضوا وحزب الديمقراطية والتقدم 129 ألف و112 عضوا وحزب الاتحاد الكبير 111 ألف و34 عضوًا.

وبلغ عدد أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي، المرفوع بحقه دعوى قضائية لإغلاقه في المحكمة الدستورية، نحو 13 ألف و970 عضوا.

هذا وسجل عدد أعضاء حزب المفتاح 42 ألف و851 عضوا وحزب الوطن الأم 22 ألف و895 عضوا وحزب المستقبل 62 ألف و243 عضوا وحزب الأمة 50 ألف و140 عضوا وحزب العمال التركي 36 ألف و44 عضوا والحزب الشيوعي التركي 6 آلأاف و882 عضوا وحزب الوطن 12 ألف و343 عضوا وحزب النصر 72 ألف و423 عضوا وحزب اليسار الديمقراطي 23 ألف و10 عضوا وحزب الدعوة الحرة 15 ألف و374 عضوا وحزب تركيا المستقل 13 ألف و908 عضوا.

Tags: الأحزاب السياسية في تركياحزب الحركة القوميةحزب الديمقراطية والمساواة للشعوبحزب الشعب الجمهوريحزب العدالة والتنمية

مقالات مشابهة

  • من واشنطن.. نتنياهو: وجود دولة فلسطينية يعني منصة لتدمير إسرائيل
  • الإدارة الأميركية تلغي تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية أجنبية
  • تركيا.. تراجع عدد أعضاء حزب أردوغان
  • ترامب يضع العراق أمام مفترق طرق.. الانضمام للغرب أو العقوبات
  • أردوغان يختبر السيارة الكهربائية التركية الجديدة “توغ T10F”
  • أردوغان يؤكد: مقاتلات إف-35 ستصل تركيا تدريجيا من واشنطن
  • أردوغان واثق من عودة تركيا إلى برنامج إف-35 على مراحل
  • الرئيس التركي يطلب من ترامب التدخل لوقف إطلاق النار على مراكز المساعدات بغزة
  • أردوغان يوجه بمتابعة ملف مطار السليمانية.. تحركات جديدة لرفع الحظر
  • الروس يتعاملون بمهارة مع العقوبات.. ترامب: بوتين محترف يعرف ما يفعل