أحمد معلا: التقنيات الحديثة صنعت «ديمقراطية الإبداع»
تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
احتضن جاليري (هايد آوت) البراري – دبي مؤخراً معرض الفنان أحمد معلا بعنوان «اضطرابات»، الذي يحمل دلالة تشير إلى الظروف التي يمر بها العالم، التي تثير كثيراً من الأسئلة، إذ تتميز تجربة معلا الفنية، حسب تفسيره، باللغة البصرية الملحمية التي تنسج معاً الحركة والتاريخ والهشاشة البشرية، ورصد اللحظة الواقعة في مفترق بين الماضي والقادم، وتنبض بالإلحاح والاضطراب العاطفي المتساوق مع كيمياء البنية البيولوجية التي تكونّه.
وفي حديثه لـ(الاتحاد) يقول الفنان أحمد معلا: «في هذا المعرض أرصد الإيقاعات المضطربة لعالم يتأرجح على حافة الهاوية. فوضى مصممة: شخصيات ضبابية في مواجهة أو هروب، وإيماءات خطية تذوب في أشكال معبّرة، وبقايا معمارية معلقة في أجواء عاصفة. كل لوحة فنية هي أداء، وكل إيماءة مقاومة. الجمال والعنف يتعايشان في آنٍ واحد. «اضطرابات» هو فعل شهادة. إنه يعكس عالماً يرفض السكون - عالماً يتحرك باستمرار بين اليأس والكرامة، والذاكرة والمحو، والانهيار والثبات. مُختزلاً فوضى عصرنا إلى لغة من الظل والشكل والصمت المرتجف».
ويرى الفنان معلا أن الاسم يقع بين اضطرابات وتموجات تصطفق لإثارة تلاطم صاخب، باللون والحدث، معلناً شهادة بصرية على عواصف من الانفعالات المرتهنة بأحداث تجرحنا، تؤلمنا مع أننا على مسافة قصيّة جغرافياً عن الحدث.
وحول جديده في هذا المعرض، يقول معلا: «أولاً، الأعمال جديدة، لم تشاهد من قبل. ويمكننا رصد جوانب متنوعة في الإنجاز التشكيلي من خلال صقلها ومعايرتها، ودفعها نحو ذروات متنوعة. ففي حين دأبت على تناول التوتر بين الفرد والجماعة، فإن (اضطرابات) يمثل تحولاً نحو شدة عاطفية أكثر آنية. تبدو اللوحات أقرب إلى الانفعالات، أقرب إلى التمزقات - لقطات من اهتزازات نفسية واجتماعية». ويبين أن الشخصيات، التي كانت في السابق مسرحية وبعيدة، أصبحت الآن حاضرة واقعياً، مرتجفة، عالقة في لحظة الانهيار أو الانفجار، في موضع السكين التي تحز.
ويضيف: «يتابع الزائر مشاهدة «اضطرابات»، فيرى أن الحدود تتلاشى بين الشكل والمكان بشكل جذري، حيث تذوب الأجساد في ضربات فرشاة، وتتحول الملابس إلى دوامات، وتبدو العمارة غير مستقرة، بالكاد تقف. وهذا يعكس مفردات بصرية جديدة للتفكك - حيث لا شيء ثابتاً، وكل شيء يرتجف، كما أن الأعمال تتحدث في «اضطراب» من خلال المزاج والحركة. إنه شكل من أشكال المقاومة البصرية - يوحي بالانتفاضة، والحزن، والاحتجاج، والبقاء.. أخيراً أعرض للمرة الأولى مجموعة أعمال (مونوتايب) طباعة النسخة الواحدة، وتشكّل هذه المجموعة ثلث المعرض».
ويستطرد الفنان أحمد معلا بقوله: «الإمارات حاضرة من حواضر الحياة الحديثة، تتحرك التجارب الفنية التشكيلية فيها في تصادٍ مباشر مع النشاط التشكيلي العالمي»، مشيراً إلى أن ما تحفل به المؤسسات والصالات والمتاحف والحياة الثقافية في الإمارات غني بالخبرات والتجارب والاستشرافات التي تغطي آفاقاً متنوعة من الاتجاهات والتيارات الفنية الحديثة والمعاصرة.
ويؤكد أن الإمارات استثمرت بشكل كبير في البنية التحتية الثقافية. ففي أبوظبي متحف اللوفر، الذي يمثل جسراً بين الشرق والغرب، ويطرح رؤية عالمية للفن. ويلحق به متاحف أخرى كغوغنهايم. ودبي، من جهتها، تبنت النموذج المعاصر والتجاري للفن، مع معارض مثل آرت دبي، ومساحات مستقلة مثل السركال أفنيو، مما جعلها مركزاً للحوار الدولي حول الفن الحديث والمعاصر. أما الشارقة، فتتبنى نهجاً ثقافياً بمشاريع فكرية وتجريبية من خلال بينالي الشارقة ومؤسسة الشارقة للفنون، وهي من أبرز المنصات في المنطقة التي تتحدى السائد وتحتضن مفاهيم التجريب، الهوية، والذاكرة. وفي المقابل، الفرص الهائلة تكمن في التنوع الثقافي، والانفتاح، والاهتمام الحكومي، مما يجعل الإمارات أحد المحاور الأساسية في خريطة الفن العربي المعاصر.
ويرى الفنان معلا أن الذكاء الاصطناعي يضيف أدوات جديدة للفنان، تماماً كما فعلت الكاميرا والفيديو والبرمجيات سابقاً. ويمكن للفنان استخدام AI كفرشاة جديدة، ليست بديلة، بل إضافة لتعبيره البصري، كما أن الذكاء الاصطناعي يسمح للفنان بتجريب تركيبات لونية وتشكيلات وتكوينات بصرية متعددة خلال لحظات، مما يفتح أبواباً غير متوقعة للإبداع، ويوفّر وقتاً كان يُستهلك في المراحل التجريبية التقليدية. وفي رأيه أن الفن صار أقرب للعلم، وصار الفنانون يتعاونون مع المبرمجين، علماء البيانات، والفيزيائيين. وهذا يفتح باباً لفنون تفاعلية، ديناميكية، ومتصلة بالواقع التقني الذي نعيشه. وهذه التقنيات تتيح لمن ليست لديه مهارات فنية تقليدية أن ينتج صوراً فنية، مما يشيع ديمقراطياً الإبداع ويدفع النخبوية جانباً.
الذكاء الاصطناعي
يختتم معلا بقوله: «الكثير من أعمال الذكاء الاصطناعي -خصوصاً تلك التي تعتمد على النماذج الجاهزة- تبدو خلابة بصرياً، لكنها تفتقد إلى الحس الإنساني بصدقه الشعوري وعمقه العاطفي». مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس «عدواً» للفن، بل أداة خطيرة بقدر ما هي مدهشة. لكن القيمة ستبقى في الفكرة، الرؤية، والإنسان خلف العمل. الفن الحقيقي سيظل ذاك الذي يحتوي على أثر اليد بمهارتها الموغلة في إنسانيتها، رعشة الحنان ودقة القلب، وصدمة الوعي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: المتاحف الإمارات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
«ديوا» تعتمد الذكاء الاصطناعي في قطاع توزيع الطاقة
دبي: «الخليج»
في إطار استراتيجيتها للتحول الرقمي الشامل، تواصل هيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا» توسيع نطاق استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن مختلف عملياتها، بما في ذلك قطاع توزيع الطاقة، بهدف رفع كفاءة الأداء التشغيلي وتعزيز جودة وموثوقية الخدمات المقدمة للمتعاملين.
تعد الشبكة الذكية التي تنفذها الهيئة، باستثمارات إجمالية تبلغ 7 مليارات درهم حتى عام 2035، من الركائز الأساسية لضمان توافر خدمات متكاملة ومتصلة على مدار الساعة.
وأوضح سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي للهيئة، أن المركز الذكي لشبكة التوزيع التابع للهيئة يقوم بتحليل أكثر من 15 مليون وحدة بيانات يتم جمعها يومياً من شبكة التوزيع، وتحويل هذه البيانات إلى تقارير ولوحات بيانات تفاعلية لتوفير رؤى تحليلية فورية تدعم اتخاذ قرارات تشغيلية قائمة على البيانات، إلى جانب تقديم خدمات التشخيص والتحليل بالاستفادة من البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، بما يعزز من كفاءة الاستجابة الفورية لأعمال الصيانة الاستباقية ويرتقي بمستوى سعادة المتعاملين.
وأضاف الطاير: «تسهم مشاريعنا ومبادراتنا في ترسيخ مكانة دبي كمدينة رائدة عالمياً في تبني حلول الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة، ويُعد توظيف الذكاء الاصطناعي في قطاع توزيع الطاقة جزءاً من جهودنا لتعزيز كفاءة الشبكة الذكية ورفع جاهزيتنا التشغيلية.
وقد أسهم تبنينا للتقنيات الإحلالية للثورة الصناعية الرابعة في تحقيق أدنى معدل انقطاع للكهرباء على مستوى العالم، حيث سجلت دبي خلال عام 2024 معدل انقطاع قدره 0.94 دقيقة فقط لكل مشترك، مقارنة بنحو 15 دقيقة لدى نخبة من شركات الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي».
بنهاية عام 2024، وصل عدد محطات توزيع الطاقة جهد 33 كيلوفولت في دبي إلى 69 محطة، وإجمالي عدد محطات التوزيع ذات الجهد المتوسط (11 كيلوفولت و6.6 كيلوفولت) 45,317 محطة، وانتهت الهيئة من تركيب 1,202,411 عداد كهرباء ذكياً و1,103,901 عداد مياه ذكي في مختلف أنحاء دبي، حيث يستخدم %100 من متعاملي الهيئة العدادات الذكية، بما يعزز من كفاءة واعتمادية شبكات الكهرباء والمياه الذكية التابعة للهيئة.