صورة تهز الضمير.. هل بقي شيء لم يتحرك؟
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
في زمن تستهلك فيه الصور بسرعة وتفقد قدرتها على التأثير، تظهر أحيانا لقطات تخترق القلوب وتوقظ ما تبقى من ضمير في هذا العالم. من بين تلك الصور، تتصدر المشهد صورة الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار وهي تودع أطفالها التسعة، واحدا تلو الآخر، في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
هذه الصورة ليست فقط مشهدا مأساويا بل هي شهادة إدانة صامتة تصرخ في وجه الإنسانية: أين أنتم؟ إنها صرخة مدوية تقول إن العالم لم يفقد بصره فحسب، بل فقد بصيرته وإنسانيته.
نعم أنها تسعة أكفان بيضاء، لفت بها أجساد صغيرة لم تعرف من الحياة إلا الحصار والخوف. وهذه أم واحدة، تقف بثبات الجبال، بينما قلبها ينزف وجعا لا يحتمل. هذه ليست مجرد فاجعة عائلية، بل جريمة ضد الإنسانية تضاف إلى السجل الأسود للاحتلال الصهيوني الذي لا يتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم بحق المدنيين، خصوصًا الأطفال
ما يحدث في غزة جريمة حرب ممنهجة. يتم القصف المتعمد للأحياء السكنية والمستشفيات. والحصار الخانق الذي يُميت الناس ببطء. والتجويع الجماعي، والحرمان من الماء والكهرباء والدواء.
كل ذلك يتم في ظل صمت أممي مخز لم يعد يجيد سوى إصدار بيانات «القلق». وتواطؤ إعلامي غربي، يروج للرواية الصهيونية ويغض الطرف عن الحقيقة. وخيانة عربية رسمية، تتواطأ بالتطبيع والتبرير والصمت. لو أن طفلا واحدا قتل بهذه الطريقة في عاصمة أوروبية، لقامت الدنيا ولم تقعد. أما حين يقتل مئات الأطفال الفلسطينيين، فالعالم لا يملك سوى «دعوات للتهدئة».
إن الفارق ليس في عدد الضحايا، بل في هويتهم. ان الفارق في اللون والدين والموقع الجغرافي.
إن صورة «آلاء» وهي تودع أطفالها التسعة يجب أن تكون عنوانا للعار، توضع على جبين كل من صمت، وبرر، وتخاذل. ستظل صورة آلاء النجار وهي تقف أمام جثامين إبائها الستة تطرح سؤالا مؤلما:
هل الإنسانية ماتت؟ أم أنها تفعل فقط حين يكون الضحايا ذات عيون زرقاء وشعر أشقر وبشرة بيضاء.
هذه الصورة يجب ألا تمر كخبر في شريط عاجل، بل كنقطة تحول في الوعي والموقف والعمل: هذه الصورة توجب على كل الشعوب العربية والإسلامية مقاطعة شاملة لكل منتج وشركة تدعم الاحتلال. وتلزمهم التحرك التحرك الشعبي للضغط على الأنظمة العربية على التراجع عن التطبيع.
لن تمحى صورة آلاء النجار وأطفالها التسعة من ذاكرة الأمة، بل ستبقى شاهدا حيا على خذلان العالم، وعلى بشاعة الاحتلال.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
خلال عملها .. طبيبة أطفال تفقد أبناءها التسعة
تسبب القصف بتدمير المنزل بالكامل واندلاع حريق هائل، حيث انتشلت فرق الدفاع المدني 9 ضحايا، بينهم 8 أطفال متفحمين بالكامل.
وتلقت الطبيبة آلاء التي كانت تعمل في قسم الأطفال بمستشفى ناصر خبر مقتل كل من "يحيى وركان ورسلان وجبران وإيف وريفان وسيدين" أبنائها الذين تم التعرف عليهم، في مشهد يجسد المأساة المزدوجة التي يعيشها أهالي غزة بين القصف والموت والفقدان.
وبحسب شهود العيان، أصيبت النجار بحالة انهيار تام بعد تلقيها نبأ مقتل أبنائها الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و16 عاما وإصابة زوجها جراء الغارة الإسرائيلية.
وأكد المدير العام لوزارة الصحة بقطاع غزة منير البرش أن "9 أشقاء هم أبناء الطبيبة آلاء النجار استشهدوا جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في خان يونس الجمعة".
يأتي هذا الحادث ضمن سلسلة استهداف ممنهج للمدنيين في قطاع غزة، وخان يونس التي تشهد قصفا عنيفا منذ عدة أسابيع، مما أدى إلى سقوط مئات الضحايا من الأطفال والنساء.
هذه المأساة ليست سوى حلقة أخرى من حلقات المعاناة التي لا تنتهي في غزة، حيث يقتل الأطفال ويدفن المستقبل تحت الأنقاض، دون أي رد فعل دولي لوقف إراقة الدماء.