مع دخول دونالد ترامب البيت الأبيض أنشأ برنامجًا لمساعدة الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا على الهجرة للولايات المتحدة الأميركية؛ حيث نقلت طائرات مؤجرة من قبل الولايات المتحدة مواطنين بيضًا (أفريكان) من جنوب أفريقيا للولايات المتحدة، مما طرح العديد من الأسئلة عن أسباب هذا البرنامج وأهدافه؟
في الواقع، يبرز سبب جوهري لما يروّجه إيلون ماسك حول ما يصفه بـ"اضطهاد السود للأقلية البيضاء" في جنوب أفريقيا، وهي أقلية لا تتجاوز نسبتها 7% من السكان، لكنها تملك ما يقارب 70% من الأراضي الزراعية.
غير أن ما يدعو للتساؤل هو: لماذا يتصدر إيلون ماسك هذه الحملة تحديدًا؟ فالرجل وُلد في جنوب أفريقيا عام 1971، ثم انتقل لاحقًا إلى كندا، مسقط رأس والدته، ومنها إلى الولايات المتحدة، دون أن تُسجّل في مسيرته أية تجربة مباشرة تُظهر تعرضه لمضايقات من السود في بلده الأم.
الوجه الآخر لهذه الحملة يكشف إدراكًا متزايدًا لدى الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا بأن مساعي الحكومات ذات الأغلبية السوداء لتمكين المواطنين اقتصاديًا، تهدد بسحب بساط الثروة من تحت أيديهم. ويتعزز هذا القلق في ضوء قانون يجيز – في حالات معينة – مصادرة الأراضي الزراعية لأغراض اقتصادية. وعلى الجانب الآخر، تُظهر المواقف السياسية المتعاقبة منذ عهد نيلسون مانديلا أن جنوب أفريقيا تمضي تدريجيًا نحو تبني سياسات أكثر استقلالًا عن الغرب، وتعزز تموضعها ضمن المعسكر المقابل له.
إعلانلم يُفوّت الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا أي فرصة لدحض الادعاءات التي يروّج لها إيلون ماسك، والتي كررها لاحقًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حتى خلال لقائهما الأخير في البيت الأبيض، حيث أصر ترامب على عرض مقطع فيديو يدعم السردية الأميركية بشأن "اضطهاد البيض" في جنوب أفريقيا. وقد تضمّن الفيديو لقطات لجوليوس ماليما، السياسي اليساري الجنوب أفريقي، وهو يردد هتافات من عهد الفصل العنصري ضد البيض.
وفي منتدى أقيم في أبيدجان بساحل العاج، علّق رامافوزا على إعلان الولايات المتحدة فتح باب الهجرة للأفارقة البيض بدعوى تعرضهم للاضطهاد، وتعهّدها بإنهاء إجراءات لجوئهم خلال ثلاثة أشهر فقط – وهي إجراءات تستغرق عادة ما يصل إلى ثلاث سنوات – قائلًا: "هذا لا ينطبق عليهم، فهم لا يستوفون تعريف اللاجئ"، مضيفًا: "اللاجئ هو من يفر من بلاده خوفًا من الاضطهاد السياسي أو الديني".
تكشف متابعة الأحداث في جنوب أفريقيا أن الفترة بين أبريل/ نيسان 2020 و2024 شهدت مقتل 225 شخصًا في المزارع، بحسب بيانات شرطة جنوب أفريقيا، من بينهم فقط 53 من المزارعين البيض. ورغم ذلك، فإن الولايات المتحدة تواصل تضخيم حوادث استهداف البيض على وجه الخصوص، ما يطرح تساؤلًا: لماذا هذا التركيز الأميركي على هذا الملف تحديدًا؟
في الواقع، هناك جانب آخر يتعلق بصعود جنوب أفريقيا على الساحة الدولية؛ فقد باتت تُصنَّف ضمن الاقتصادات الصاعدة، وانضمت إلى مجموعة العشرين التي تمثل نحو 85% من الاقتصاد العالمي، رغم أن مساهمتها لا تتجاوز 0.6% من إجمالي الناتج المحلي للمجموعة. والأكثر دلالة، أن جنوب أفريقيا تستعد هذا العام لاستضافة قمة مجموعة العشرين، ما يعزز مكانتها الدولية.
لكن الأهمية لا تكمن فقط في هذا الحضور الدولي، بل في أن مثل هذه القمم تُسهم في إيقاظ الوعي الأفريقي الجماعي بقيمة الثروات والموقع الجيوسياسي للقارة، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة وشركاتها الساعية إلى إحكام سيطرتها على مفاصل الاقتصاد العالمي.
إعلان جنوب أفريقيا وروسياأعربت جنوب أفريقيا مرارًا عن تضامنها مع روسيا منذ بدء غزوها أوكرانيا، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يحضر قمة مجموعة "البريكس" التي استضافتها جنوب أفريقيا عام 2023، مبررًا غيابه بأن مشاركته قد تُفسد القمة. وبناءً عليه، يُستبعد حضوره المرتقب لقمة مجموعة العشرين المرتقبة في جنوب أفريقيا.
لكن التحدي الأبرز الذي يواجه الدولة المضيفة لا يتعلق بروسيا، بل يتمثل في ضمان حضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ إن مشاركته ستُعد مكسبًا سياسيًا كبيرًا، وتعزز من فرص نجاح القمة، وتوطيد العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة.
الاقتصاد يتحدثهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على دول مجموعة "البريكس"، ردًا على دعوات بعض أعضائها إلى إنشاء عملة احتياطية بديلة للدولار. وتأتي هذه التهديدات في ظل مواقف جنوب أفريقيا نفسها، التي تنادي بإلغاء "الدولرة"، وتعزيز التبادل التجاري بالعملات الوطنية. ويتفاقم القلق الأميركي من تنامي علاقات جنوب أفريقيا مع شركاء "البريكس"، لا سيما الصين، وروسيا، وإيران، وهي علاقات شملت في بعض مراحلها تدريبات عسكرية مشتركة.
وعند إضافة موقف جنوب أفريقيا من الحرب على غزة، والمتمثل في رفعها دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة، تتضح تعددية نقاط التوتر بين بريتوريا وواشنطن. هذا التوتر يفسّر سبب ضعف شعبية جنوب أفريقيا داخل الأوساط الجمهورية في الكونغرس الأميركي، حيث طُرِح – منذ فبراير/ شباط 2024 – مقترح لإعادة تقييم العلاقات الثنائية مع جنوب أفريقيا.
قوة جنوب أفريقياتمتلك جنوب أفريقيا مصدر قوة إستراتيجيًا يتمثل في معادنها النادرة، مثل المنغنيز، والبلاتين، والإيريديوم، والتي شكّلت نحو 6.4 مليارات دولار من إجمالي صادراتها السلعية إلى الولايات المتحدة، بما يمثل 7.4% من واردات واشنطن من السلع الأولية في عام 2022. ومن هذا المنطلق، يدرك الطرفان أهمية هذه الصادرات ودورها في العلاقة الثنائية.
إعلانوفي هذا السياق، سعى الرئيس سيريل رامافوزا خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة – ثاني أكبر شريك تجاري لبلاده – إلى الحصول على طمأنات بشأن مستقبل العلاقات الاقتصادية، لا سيما في ظل تهديدات بفرض تعريفات جمركية مرتفعة، وهو ما قد يُفاقم الأعباء على اقتصاد جنوب أفريقيا الذي يعاني أصلًا من معدلات بطالة مرتفعة وتباطؤ في النمو.
إيلون ماسكفي خضم هذه التطورات، برز إيلون ماسك كـ"صيّاد فرص"، إذ سارع إلى الدفع بشركته "ستارلينك" المتخصصة في بث الإنترنت عبر الأقمار الصناعية نحو التفاوض مع حكومة جنوب أفريقيا لتقديم خدماتها في البلاد. بيد أن هذا التوجه اصطدم بقانون محلي يشترط طرح نسبة من أسهم الشركة المحلية التابعة لـ"ستارلينك" للمواطنين السود، ضمن سياسة تمكين اقتصادي تهدف إلى تصحيح التفاوتات التاريخية. وقد قوبل هذا الشرط برفض من ماسك وعدد من المستثمرين الأميركيين.
لكن حكومة جنوب أفريقيا قدّمت بديلًا عمليًا عبر ما يُعرف بـ"مكافئ الأسهم" (Equity Equivalent Investment Programme)، والذي يتيح للشركات الأجنبية المساهمة باستثمارات تنموية في المناطق المحرومة بدلًا من التنازل عن أسهمها. وقد سبق تطبيق هذا النموذج بنجاح في قطاع السيارات داخل البلاد، ما يشير إلى أن الطريق أصبح ممهّدًا أمام ماسك للاستثمار في السوق الجنوب أفريقية.
ويبقى السؤال المطروح: هل تُمثّل هذه الخطوة بداية لتطور إيجابي في العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة قبيل انعقاد قمة العشرين في نهاية العام الجاري؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة فی جنوب أفریقیا دونالد ترامب إیلون ماسک
إقرأ أيضاً:
جنوب سيناء خلال 24 ساعة.. آلاف الحضور في حفل جنيفر لوبيز بشرم الشيخ.. وتفاصيل مقترح منطقة حرة
شهدت محافظة جنوب سيناء العديد من الأحداث والفعاليات خلال 24 ساعة الماضية أبرز هذه الاحداث حفل الفنانة العالمية جنيفر لوبيز بشرم الشيخ الذي حضره آلاف السياح من مختلف الجنسيات.
ودعا رجل الأعمال أمين علام امين امانة شئون المصريين بالخارج بحزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء لإنشاء منطقة حرة ومركز لوجستي بشرم الشيخ لدعم الصادرات الزراعية.
واليكم تفاصيل الاخبار
عبرت النجمة العالمية جينيفر لوبيز عن سعادتها الكبيرة بزيارتها لمصر، بعدما أحيت حفلًا غنائيًا ضخمًا في مدينة شرم الشيخ مساء الأربعاء، ضمن محطاتها في جولتها العالمية، التي تمتد حتى 3 أغسطس الجاري.
وشاركت لوبيز جمهورها ومتابعيها عبر حسابها الرسمي على موقع إنستجرام صورًا من أجواء رحلتها في شرم الشيخ، وعلقت عليها قائلة: “شعرت باللطف في مصر”، وهو التصريح الذي أثار تفاعلًا واسعًا من جمهورها ومحبيها حول العالم، خاصة في العالم العربي، حيث لاقت الصور والحفل رواجا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقدمت النجمة الأمريكية، عددًا من أشهر أغانيها خلال الحفل، وسط تفاعل كبير من الحضور، حيث تألقت بعدة إطلالات مبهرة، لفتت الأنظار أثناء وجودها في المدينة الساحلية. كما قدمت مجموعة من اللوحات الاستعراضية المبهجة التي تميزت بالحيوية والإبهار البصري.
وتُعد زيارة لوبيز لمصر واحدة من أبرز محطات جولتها العالمية، التي تشمل مجموعة واسعة من المدن والبلدان، من بينها أنطاليا وإسطنبول في تركيا، وفيجو ومدريد وبرشلونة في إسبانيا، وغاديز في نيجيريا، ونور سلطان في كازاخستان، وأبوظبي بالإمارات العربية المتحدة، وغيرها.
اقترح رجل الأعمال ايمن علام أمين يارب العالمين أمانة شئون المصريين بالخارج بحزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء رؤية جديدة لدعم تصدير الحاصلات الزراعية الطبيعية التى تتميز بها مزارع جنوب سيناء وخاصة بطور سيناء وراس سدر وسانت كاترين لثمار الفاكهة " المانجو - العنب -البلح المجدول - الزيتون -التين -المشمش -اللوز" بالإضافة بالاعشاب الطبية والعطرية بسانت كاترين من أجل دعم التوسع الزراعي بجنوب سيناء في كافة المناطق الواقعة بين المدن والتي يمكن أن تسهم في تعمير حقيقي بسيناء يساند الحركة السياحية التي تشهد نهضة حقيقية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يهتم بتحقيق الاكتفاء الذاتي.
جاء ذلك خلال استقبال النائب غريب حسان أمين عام حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء لرجل الأعمال بلجيكا ودول اوربا ايمن علام أمين أمانة شئون المصريين بالخارج بحزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء وذلك في مقر الرئيسي للحزب بالعاصمة طور سيناء.
وفي حضور المستشار محمود سرور أمين التنظيم والشيخ إسماعيل الراوي مساعد امين الحزب والاعلامي أيمن أبوزيد أمين مساعد امين التنظيم و أمين الإعلام والسيدة جميلة سليمان أمينة المرأة.
وناقش أمين الحزب مع علام دعم أمانة شئون المصريين بالخارج للمشاركة الايجابيه في انتخابات الشيوخ و النواب القادمة والدعاية والترويج للسياحة بجنوب سيناء في كل دول أوربا.
وقال علام انه لابد أن تتوسع جنوب سيناء في التنمية الزراعية عن طريق المستثمر الوطني وأن تطرح الأراضي الواقعة بين المدن للزراعة من أجل تشغيل الشباب وتوفير واحتياجات القطاع السياحي من أراضي جنوب سيناء و اقترح علام بتخصيص منطقة حرة بشرم الشيخ ومركز دعم لوجستي لدعم الاستثمار والتصدير خارج مصر لكل دول أوربا.
وخلال الحوار تبني حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء استكمال موافقات وجل معوقات وتحديات المنطقة الصناعية ابو زنيمة المشروع القومي الواعد لتصنيع رمل الزجاج الي اجود انواع الزجاج وكذلك محاجر الرخام والجرانيت علاوة على الارتقاء باستخراج المعادن من جبال جنوب سيناء.
وأكد علام على أنه لابد أن تكون في جنوب سيناء مجالات أخري للاستثمار تدعم مجال السياحة و تسانده في كل الظروف التي يشهدها العالم كله، مشيرا إلى أن جنوب سيناء محافظة واعدة في استثمار متنوع وفريد.
ومن جانبه أكد النائب غريب حسان أمين حزب الجبهة الوطنية ان حزب الجبهة الوطنية تدعم الأفكار والرؤى الجديدة في التى تدعم التنمية والاستقرار في الوطن.
ودعا رجل الأعمال أمين علام امين امانة شئون المصريين بالخارج بحزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء لإنشاء منطقة حرة ومركز لوجستي بشرم الشيخ لدعم الصادرات الزراعية.