من النادر أن يصادف القارئ، وسط صخب الأخبار الاقتصادية العالمية، نموذجا اقتصاديا يتقدم بعيدا عن العناوين المدفوعة أو الحملات الإعلامية الصاخبة التي تتصدر نشرات الاقتصاد الدولي. النموذج العُماني يبدو أحد هذه الاستثناءات الهادئة، التي تكتب قصتها خارج دوائر التهويل الإعلامي، ولكن بعمق محسوب، وبتصميم تريده وتُهندسه القيادة السياسية في البلاد، التي جعلت من الملف الاقتصادي شغلها الشاغل.

ورغم أن سلطنة عُمان، بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، تضطلع بأدوار سياسية إقليمية معقدة وحساسة، فإن أولوية الإصلاح الاقتصادي المحلي لم تغب عن اشتغالات جلالة السلطان منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم. هذه الرؤية لم تكن في يوم من الأيام حبيسة الخطابات أو السياقات اللغوية ولكن نتائجها باتت تفرض نفسها على الجميع وبدأت تجد طريقها بشكل واضح إلى التقارير الدولية المرموقة وكذلك المؤشرات العالمية المعنية بمختلف الجوانب الاقتصادية.

ففي اليوم نفسه، أصدر المكتب الوطني للتنافسية تقريره السنوي الذي كشف عن قفزات نوعية لسلطنة عُمان في مؤشرات دولية رئيسية، شملت الأداء البيئي، والحرية الاقتصادية، وجاهزية الشبكات الرقمية، والحكومة الرشيدة، بالتوازي مع إشادة البنك الدولي بالإصلاحات الاقتصادية العُمانية واعتبارها نموذجا يُحتذى به في مسارات التنويع الاقتصادي وتحقيق الاستدامة.

هذا التزامن في الاعتراف الدولي لم يكن صدفة إنما هو انعكاس مباشر لرؤية شاملة تشكلت في «رؤية عُمان 2040»، والتي لم تكن منذ انطلاقها وثيقة شكلية، بل خريطة طريق نُفّذت بخطى واثقة. ونستطيع أن نرى بوضوح تام عملية تحول هيكلي مدروس في سلطنة عمان بدءا من تطوير رأس المال البشري إلى تحفيز البحث والابتكار، ومن إعادة هيكلة الجهاز الحكومي إلى خلق بيئة استثمارية مستقرة وحديثة، ومن تطوير البنية الأساسية إلى تحفيز الاقتصاد غير النفطي. هذه العملية عميقة جدا وحساسة جدا ولكنها تجري في عُمان بكثير من الهدوء لأنها وسط عملية تطوير وإصلاح جذرية تشهدها سلطنة عمان في ظل رؤية عاهل البلاد المفدى لعمان الجديدة.

تكمن أهمية تقدم عُمان في المؤشرات العالمية والإشادة الأممية التي تحصل عليها من مؤسسات عالمية مرموقة في أن المستثمر الأجنبي، كما المؤسسات المالية الدولية، لا يتخذ قراراته من فراغ أو دعاية، بل ينظر إلى المؤشرات التفصيلية: جودة التشريعات، وكفاءة المؤسسات، وصرامة الحوكمة، حرية السوق، والجاهزية الرقمية. وقد جاءت مؤشرات 2024 لتؤكد أن عُمان أصبحت مقصدا جاذبا وجديرا بالثقة، ومن هنا تبدو أهمية هذه المؤشرات وأهمية أن نقف معها طويلا.

التحولات التي تشهدها عُمان بحاجة إلى خطاب اقتصادي جديد، لا يُمجّد المنجزات بل يبنى عليها. خطاب يتحدث بلغة الأرقام، ويخلق مناخا من الثقة والاستباقية، يُمكّن القطاع الخاص من أخذ زمام المبادرة، ويحثّه على التحول من دور المراقب إلى شريك فاعل، لا يطالب بالدعم فحسب، بل يقدّم حلولا وابتكارات تُعزز مكانة عُمان في سلاسل الإنتاج والتصدير. ويستطيع أن يولد فرص عمل مناسبة للعمانيين وتحويلهم بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة إلى جزء أساسي من قصة نجاح الاقتصاد العماني وليس عبئا ماليا كما يروج البعض.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مان فی

إقرأ أيضاً:

مسابقة التصوير العالمية للطعام.. تعرف على الصور التي حازت على المراكز الأولى

تقدّم نحو 10,000 مصوّر من 70 دولة للمشاركة في جوائز التصوير الفوتوغرافي العالمي للطعام لهذا العام، غير أنّ صورة دافئة لجدّات خمس يتقاسمن "لفائف الربيع" كانت الأبرز، فانتزعت المركز الأول. اعلان

الصورة الفائزة، التي تظهر خمس نساء مسنات يضحكن وهنّ يتشاركن وجبة خفيفة في ركن هادئ من إقليم سيتشوان الصيني، نالت لقب أفضل صورة فوتوغرافية للطعام على مستوى العالم.

التُقطت الصورة التي حملت عنوان "مسنات يتناولن طعاماً لذيذًا" بعدسة المصوّر الصيني شياولينغ لي، وتفوّقت على آلاف المشاركات لتفوز بالجائزة الأولى ضمن فعاليات حفل توزيع جوائز التصوير الفوتوغرافي العالمي للطعام هذا العام.

تمّ التقاط الصورة في المدينة القديمة شوانغليو، وتوثّق ما يصفه لي بـ"تشكيل بوابة التنين"، وهي عبارة صينية تعني تجمّع الجيران للدردشة وتبادل القصص حول مائدة الطعام. وقال لي: "كنّ يتناولن وجبة لفائف الربيع، وهي من أشهر الأطباق الخفيفة في سيتشوان. الطعام يمنح هؤلاء النساء سعادة حقيقية، إنهن يعشن حياة مليئة بالبهجة".

"مسنّات يتناولن طعامًا لذيذًا" بعدسة شياولينغ لي (الجائزة الكبرى)Credit: Xiaoling Li/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®

تمّ الإعلان عن الجوائز خلال حفل أُقيم بقاعات مول في لندن، برعاية Tenderstem® Bimi®، واستضافه الشيف والمؤلف الشهير يوتام أوتولينغي. وتضم المسابقة 25 فئة متنوعة، تمتد من مراحل ما قبل الجلوس إلى المائدة كـ"حصاد المحاصيل"، إلى العمل في الحقول مثلًا، ، احتفاءً بمختلف الطرق التي يرتبط بها الطعام بثقافاتنا وقصصنا اليومية.

وفي تعليق له، قال ديف صامويلز، مدير العلامة التجارية في Tenderstem® Bimi®: "تُبرز هذه الجوائز قوة الصورة في نقل القصص الرائعة حول الطعام من مختلف أنحاء العالم. فمهما تغيّر العالم، يظل الطعام عنصرًا أساسيًا في حياتنا اليومية".

ومن المقرّر عرض مجموعة مختارة من الصور الفائزة في متجر فورتنام وميسون بدءًا من 2 حزيران/ يونيو، وفي متحف المنزل من 3 حزيران/ يونيو حتى 7 أيلول/ سبتمبر.

وفي ما يلي، جولة بصرية على مجموعة من أبرز الصور المشاركة هذا العام.

كعكة بان هوى بعدسة دانغ هواي آنه (فئة طعام الاحتفال – برعاية شامبانيا تيتنجر)Credit: Đặng Hoài Anh/World Food Photography Awards sponsored by Bimi® شبكة صيد في حقول الماء بعدسة تشانغ جيانغبن (فئة جلب الحصاد إلى المنزل)Credit: Chang Jiangbin/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®"اليد في الحوض" بعدسة فرانك ترمبلاي (برعاية إرازوريس)Credit: Franck Tremblay/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®"قاعدة الخمس ثوانٍ" بعدسة كوستاس ميلاس (جائزة تنسيق الطعام – برعاية فندق آرت غروب)Credit: Costas Millas/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®"كرنب مقرمش" بعدسة سيمون ديتر (برعاية ماركس آند سبنسر)Simon Détraz/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®"يوم الغسيل" بعدسة بيتر دهووب (جائزة الابتكار – برعاية MPB)Credit: Pieter D'Hoop/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®اعلانالخيوط المتشابكة: عملٌ حِرَفي بعدسة دييغو مارينيلي (بدعم من الصالون الدولي لفنون الطهي)Credit: Diego Marinelli/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®"باراثا" حلوى خاصة بشهر رمضان بعدسة ديبداتا تشاكرابورتي (فئة طعام الشارع)Credit: Debdatta Chakraborty/World Food Photography Awards sponsored by Bimi® "فطر الكمأ" بعدسة دييغو بابانيا (برعاية برودكشن بارادايس)Credit: Diego Papagna/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®"بينو نوار" عند منتصف الليل بعدسة هيذر دانيتر (الفائزة بجائزة إرازوريس لمصور النبيذ)Credit: Heather Daenitz/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®اعلان"دوامة الطحين" بعدسة دوريين بايمنز Credit: Dorien Paymans/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®"قرابين بوذية" بعدسة رايان كوست (جائزة بيـمي®)Ryan Kost/World Food Photography Awards sponsored by Bimi®انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الهيمص: دليل المعايير البيئية والاجتماعية يعزز الشفافية في جميع القطاعات الاقتصادية
  • الرئيس السيسي يستعرض إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية ومحاورها
  • عاجل- الرئيس السيسي يوجه بسرعة الانتهاء من السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية
  • "تقرير التنافسية": عُمان تُحرز تقدمًا ملحوظًا في عدد من المؤشرات الدولية
  • مسابقة التصوير العالمية للطعام.. تعرف على الصور التي حازت على المراكز الأولى
  • هزة أرضية وألسنة نار وعنف مفاجئ.. أبرز الأحداث العالمية التي تصدرت العناوين اليوم!
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • سلطنة عُمان تحقق تقدما ملحوظا في عدد من المؤشرات الدولية عام 2024
  • إشادة دولية بـرؤية عُمان 2040 وجهود جهاز الاستثمار العُماني في ترسيخ الاستدامة وتنمية الاقتصاد الوطني