الثورة نت:
2025-08-01@10:29:59 GMT

حرب غزة.. مقاربة لفهم استعصاء جبهة اليمن

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

 

يستمر إطلاق الصواريخ اليمنية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تعهدت حركة أنصار الله اليمنية باستمرار هجومها على “إسرائيل” ما دامت حرب الإبادة مستمرة على قطاع غزة، وذلك بالرغم من قيام الاحتلال الإسرائيلي بشنّ غارات على اليمن إحداها في 6 مايو الحالي، ألحقت أضراراً بالمطار الرئيسي في العاصمة صنعاء وأدت إلى استشهاد عدد من المدنيين اليمنيين.

وبالرغم من الضربات الأمريكية (سابقاً) والإسرائيلية المستمرة منذ مارس 2025م، وبالرغم من قوتها، والتكاليف المادية والبشرية اليمنية، من غير المتوقع أن تؤثر الضربات الجوية استراتيجياً على القوة اليمنية، أو تثني اليمنيين عن الدفاع عن أنفسهم أو عن القيام بردود أفعال عسكرية انتقامية مقابلة.

إن محاولة فهم استعصاء جبهة اليمن أمام التحالف الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة “حارس الازدهار” و”إسرائيل”، يتطلب فهماً معمقاً لتركيبة اليمن السياسية والاجتماعية والجغرافية، وكذلك لطبيعة جماعة أنصار الله الحوثية وأسلوبها في القتال، وهي على الشكل التالي:

1- الجغرافيا المعقدة:

تمتلك اليمن تضاريس جبلية معقدة تُصعّب العمليات العسكرية التقليدية وتعطي أفضلية لليمني للتخفي وتعيق فعالية الضربات الجوية التي اعتمد عليها الأمريكيون والإسرائيليون في هجومهم على اليمن. كذلك، تشكّل الجبال الوعرة والمرتفعات عوائق طبيعية تسهم في منح ميزة قتالية في الحروب كافة.

هذه التضاريس توفر غطاءً طبيعياً ممتازاً للتمركز، والانسحاب، وإعادة الانتشار، كما تعيق فعالية الطيران والاستطلاع، وهنا، يمكن أن نقول إن الأمريكي والإسرائيلي وقبلهما التحالف الدولي لم يستفيدوا من الدروس التاريخية للقتال في اليمن.

2- الأساليب القتالية:

بسبب الحرب التي يخوضونها منذ عام 2015م، طوّر اليمنيون أساليبهم العسكرية التي تجعل إمكانية هزيمتهم صعبة، يمتلك اليمنيون بنية تحتية عسكرية مرنة ومنتشرة في مناطق متفرقة من الجغرافيا التي يسيطرون عليها في اليمن، ويعتمدون على التخفي، التمويه، واللامركزية القتالية والعسكرية، لذا فإن الضربات لم تؤثر على قدرتهم على إطلاق الصواريخ على تل أبيب واستهداف الطائرات الأمريكية في البحر، وإسقاط الطائرات المسيّرة بدقة.

3- العوامل المجتمعية والعقائدية:

المجتمع اليمني قبلي بطبعه، ويتمتع بتماسك اجتماعي يمنح جماعة أنصار الله الحوثية حاضنة مجتمعية يصعب اختراقها، ويمنع الاقتتال الأهلي الذي يمكن توظيفه من قبل استخبارات خارجية لإضعاف جماعة ما.

زد على ما سبق، أن اليمنيين لا يقاتلون “إسرائيل” والأمريكيين من أجل مصالح سياسية، بل يعتبرون أنفسهم في “حرب مقدسة” لنصرة فلسطين، ما يجعل المقاتل أكثر استعدادًا للتضحية، وأكثر صبرًا على المعاناة، ويعزز من قدرته على الصمود أمام الحصار والهجمات الجوية التي حصلت، والتي أضرّت بالبنية التحتية وأدّت إلى سقوط ضحايا مدنيين.

4- الدعم الخارجي:

أي جماعة مقاتلة لا تمتلك عمقاً استراتيجياً أو تتلقى دعماً خارجياً لا تستطيع أن تصمد طويلاً في مواجهة “أكبر قوة عسكرية في العالم وأكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط”، لذلك فإن الدعم الذي تتلقاه جماعة أنصار الله الحوثية من الخارج يشكّل عاملاً مساعداً في ذلك الاستعصاء، لكنه ليس العامل الحاسم.

اعتمد اليمنيون على تطوير محلي لأسلحة متقدمة، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة، مستفيدين من الهندسة العكسية للأسلحة المهرّبة واستنساخ تقنيات إيرانية وصينية، إضافة إلى تصنيع محلي للأسلحة باستخدام مواد بسيطة ومكونات تجارية متاحة.

وعليه، من المرجّح أن تستمر جبهة اليمن في إسناد غزة ودعم الفلسطينيين في الصراع مع “إسرائيل”، وذلك لعدة عوامل أهمها:

أولاً: رغبة جماعة أنصار الله في عدم التخلي عن الفلسطينيين في ظل تعرضهم لحرب إبادة. بعد تعرّض أطراف “محور المقاومة” لضربات كبرى، وفي ظل انشغال إيران بمفاوضات ملفها النووي، يبقى اليمني هو الطرف الوحيد (في المحور) القادر والراغب على دعم وإسناد غزة.

ثانياً، رغم تصاعد القصف وتدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، لا تزال جماعة أنصار الله تحظى بدعم شعبي واسع نسبياً في مناطق سيطرتها، والدليل هو التظاهرات الهائلة التي تخرج كل يوم جمعة نصرة لغزة وفلسطين لأسباب عدة أبرزها التعاطف الشعبي اليمني الواسع مع الفلسطينيين في غزة، حيث يسود الشعور بالمظلومية التاريخية، ما يعزز من تماسك القواعد الشعبية، حتى في ظل التحديات الاقتصادية والخدمية.

ثالثاً: قيام جماعة أنصار الله الحوثية باستهداف “إسرائيل”، يمنحها شرعية إضافية في نظر شريحة واسعة من المجتمع اليمني، وكذلك هم باتوا محط افتخار من قبل شرائح واسعة من الشعوب العربية التي تنظر إلى غزة بعين “العاجز” عن إيقاف حرب الإبادة.

رابعاً: هذه الجبهة تُعد منخفضة الكلفة نسبيًا لليمنيين، مقابل تكلفة عالية تتحملها “إسرائيل” سواء من ناحية أمنها القومي، أم من ناحية الهيبة الدولية، وتأثيرها في الضغوط على نتنياهو داخلياً لعقد صفقة وإنهاء حرب غزة.

هذا إضافة إلى الكلفة الاقتصادية الكبيرة على “إسرائيل” عبر توقف شركات الطيران عن الوصول إلى مطار بن غوريون، والحصار المستمر على الموانئ الإسرائيلية وقدرة اليمنيين على السيطرة على الممرات البحرية الاستراتيجية مثل البحر الأحمر وباب المندب… كل هذه الأمور تجعلها ورقة ضغط سياسية حيوية أساسية- وتقريباً وحيدة خارجياً- لإنهاء الحرب على غزة.

 

* أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تحليل بريطاني: القدرات العسكرية اليمنية أربكت أمريكا و”إسرائيل”

الجديد برس| نشر موقع صحيفة ذا صن البريطاني مادة تحليلية سلطت الضوء على القدرات العسكرية المتطورة التي بنتها اليمن خلال السنوات الماضية والتي أربكت واشنطن وتل أبيب وأوروبا على حد سواء. وأكدت المادة أن اليمن رغم الحصار والعدوان الاقتصادي والعسكري المستمر عليها استطاعت تطوير منظومات صاروخية وطائرات مسيرة متقدمة أسهمت في إعادة رسم موازين القوة الإقليمية في المنطقة. وذكرت أن هذه القدرات شكلت مصدر قلق حقيقي لإسرائيل والولايات المتحدة حيث أثرت بشكل مباشر على العمليات العسكرية في البحر الأحمر وعلى حركة الملاحة والتجارة في الموانئ الإسرائيلية، خاصة مع فرض اليمن حصاراً بحرياً فعالاً أدى إلى شلل حركة ميناء أم الرشراش. وأبرزت المادة حقيقة فشل الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي في كسر إرادة اليمنيين في مواجهة العدوان ونجاحهم في فرض معادلات ردع جديدة في البحر الأحمر، رغم كل المحاولات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والتدخلات السياسية. وأضافت أن الردود الإسرائيلية والأمريكية على القدرات اليمنية جاءت مترددة وجزئية تعكس حالة الإرباك والقلق المتصاعد من تصاعد قوة اليمن العسكرية التي تعيد تشكيل قواعد الاشتباك وتضع تحديات كبيرة أمام المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة. وشددت المادة على أن المعركة في البحر الأحمر أصبحت اليوم نموذجًا واضحًا لصمود اليمن وقدرتها على مواجهة التحديات الكبرى رغم الحصار والضغوط الدولية المتواصلة.

مقالات مشابهة

  • باحث يفضح اعتصام الإخوان في تل أبيب: رفعوا علم إسرائيل
  • في الذكرى الأولى لاستشهاده.. كلمات خالدة للقائد إسماعيل هنية في لقائه الأخير مع ممثلي أنصار الله
  • قائد أنصار الله: مليار دولار قدمتها أمريكا في العدوان على قطاع غزة من التريليونات العربية
  • في ذكرى استشهاده: هذا ما قاله هنيه بلقائه الأخير مع ممثلي أنصار الله
  • العميد سريع: عملياتنا الجوية ضدّ إسرائيل لن تتوقف حتى رفع الحصار عن غزة
  • أنصار الله تحذر السعودية والإمارات: صواريخنا صوب العدو وأعيننا عليكم
  • ماذا يعني إعلان الحوثيين مرحلة جديدة من التصعيد ضد إسرائيل؟
  • تحليل بريطاني: القدرات العسكرية اليمنية أربكت أمريكا و”إسرائيل”
  • صاروخ «فلسطين 2» يضرب إسرائيل.. «أنصار الله» تؤكد استمرار العمليات العسكرية
  • اليمن يبحث مع روسيا آخر المستجدات على الساحة اليمنية والإقليمية