إبراهيم عثمان يكتب: شركاء الوجع والتضامن!
تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT
* “التضامن الحقيقي يقف مع المظلوم بلا شروط، أما الزائف فيبحث عن ‘لكن’ ليهرب من المسؤولية.” ــ جان بول سارتر
* “إذا رأيتَ تضامناً مع الضحايا يأتي من القتلة أنفسهم، فاعلم أنه جزء من الجريمة.” ــ حنة آرندت
* “التضامن الذي لا يُزعج الظالمين هو مجرد عَرض مسرحي.” ــ باولو فريري
* “إذا كان تضامنك مشروطًا بـ’إنما’ و’لكن’، فأنت لست متضامناً، بل أنت محامي الدفاع.
* “لا تثق أبداً في تضامن لا يُزيل السلاح من يد القاتل.” ــ أيمن العتوم
*تجد ــ أنت المواطن ــ تضامناً مشتركا من الميليشيا و”تقدم”/ “صمود” في حالتين: الأولى عندما يهاجم الجيش الميليشيا لتحرير منطقتك، بدعوى أنك تضرر من هجومه عليها، والثانية عندما يحررها الجيش، بدعاوي مختلفة ومن ذلك ما ظهر من حالات الكوليرا، وما واكبها من حملة تضامن ميليشتقدمية مشتركة، لا تتكامل، في جزئها الرئيسي، مع حملات التوعية والمعالجة الحكومية والشعبية. وعندما تبحث عن سيرة تضامن تقدم/ صمود معك ضد الميليشيا منذ بداية تمردها حتى الآن ستجد التالي*:
* *يهاجمك المتمردون في منزلك وينكلون بك ويشردونك وينهبونك، هذا إن نجوت من القتل، فيقول لك جماعة ‘تقدم”: نعم، وكلنا حدث لنا ذلك، لكـــن لم نتحدث عنه، فنحن نعلم أن الطيران يستهدفها، وهي تطلب الحماية.*
* *تقول: إعلان جدة ألزمها بإخلاء منزلي، فيقول لك بعضهم: نعم ولكـــن الإلزام كان ضعيفاً، ويقول ثانٍ: لم يلزمها وأتحداك أن تثبت العكس، وهكذا تتناسل الأقوال: هذه مزايدة، اعتقال خصومنا أولاً، لم تنهزم لتخليه لك، لدينا شروط للإخلاء من بينها قوات فصل أجنبية .. إلخ*
* *تقول: الميليشيا هاجمتنا في قريتنا الآمنة وارتكبت مجزرة، وقامت بنهبها وتشريدنا، فيقول لك جماعة “تقدم”: نعم، وهذا مدان، لكن لا تنسَ أنكم قاومتم هجومها.*
* *تقول: لقد نهبتني الميليشيا وشفشفت/نهبت ممتلكاتي، فيقول لك خالد عمر يوسف: نعم، ولكـــن تذكر أن الجيش في الجنوب كان يفعل أكثر من هذا.*
* *تقول: المرتزقة الأجانب والمتعاونون مع الميليشيا فعلوا بنا الأفاعيل، وكان دورهم كبيراً في جرائم الميليشيا، فيقابل جماعة تقدم قولك بالصمت، فكلمتي المرتزقة والمتعاونين لا تجريان على ألسنتهم.*
* *تقول: الميليشيا خطفت بعض أقاربي ومعارفي وجيراني وأصدقائي المدنيين، ونكلت بهم، وجوعتهم، ومرَّضتهم، وقتلت بعضهم، وطلبت الإتاوات لإطلاق بعضهم، فيقابل جماعة تقدم شكواك بالصمت، فهذه ضمن قائمة المسكوت عنه، وطبعاً لن ينسوا أن يذكِّروك بأن الميليشيا قد “أكرمتهم” بإطلاق عدد منهم، عندما وقعوا معها إعلان أديس أبابا الذي لم يأتِ على ذكر إعلان جدة ولو بالتلميح.*
* *تقول: الميليشيا دمرت محطات الكهرباء، الأمر الذي أثر على كل مناحي حياتنا، فيقول لك محمد عبد الحكم: نعم، وهذا مدان من أي طرف حدث، لكـــن لا تنس أن للجيش مسيرات تستخدم هذه الكهرباء.*
إبراهيم عثمان
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
كاتبة بين النازحين: نحن سكان غزة نمحى من التاريخ على الهواء
اعترفت الصحفية والشاعرة الفلسطينية الشابة نور العاصي بكل ألم وخجل -كما تقول- بأنها تفكر جديا في مغادرة غزة، لأن إسرائيل نجحت في خطتها للتهجير القسري بتدميرها كل الاحتمالات.
وتذكّر الكاتبة التي نزحت من شمال غزة مرتين -في مقال لها بموقع ميديا بارت الفرنسي- بأنها نشأت على الاعتقاد أن غزة ليست مجرد مكان، بل هي روحها وتاريخها وهويتها، وهي لم تر فيها سوى معاناة مغلفة بالقداسة، وحرب مغلفة بالدفء، ودمار محاط بشعور لا يتزعزع بالانتماء، كما تقول.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال بتلغراف: هذه الانتخابات ستؤثر كثيرا في تحديد مستقبل أوروباlist 2 of 2واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسدend of listومع ذلك، وبعد كل ما عانيناه -تقول نور العاصي- وبعد ليال لا تنتهي من القصف والجوع والتشرد والجثث المدفونة تحت الأنقاض، أترك الآن فكرة "ماذا لو غادرت؟" تكبر في ذهني، ككثير من الشباب الأذكياء المتجذرين في هذه الأرض، وهم يفكرون الآن في المستحيل، "فنحن نحلم ببناء شيء ما في الخارج، لأن كل ما نبنيه هنا مدمر ماديا وروحيا".
"تطهير ديمغرافي"
وتقول بنت حي التفاح بشمال شرق غزة، بكل ألم، إن إسرائيل نجحت في إستراتيجيتها الشيطانية المتمثلة في التهجير القسري من خلال الصدمة بجعل غزة غير صالحة للسكن، "فقد حولوا المنازل إلى أهداف، والمستشفيات إلى مقابر، والمدارس إلى أنقاض، جوعونا وشردونا وقصفونا مرارا وتكرارا. لم يكن هدفهم قتلنا فحسب، بل أرادوا قتل إرادتنا في البقاء".
إعلانوتتابع "يؤلمني أكثر من أي صاروخ أو جرح أن أقول إنهم يدفعوننا إلى الرحيل، وقد بدأنا نضعف، لا في حب غزة، بل في إيماننا بأننا نستطيع العيش هنا، وسلاحهم الحاسم في ذلك ليس القنابل، بل اليأس".
ما تفعله إسرائيل في غزة ليس حربا، بل تطهيرا عرقيا وإبادة جماعية -كما تقول الكاتبة- فقد "دمروا كل شيء عمدا والعالم يراقب، والكاميرات تصور، وشاحنات المساعدات تصل محملة بفتات المساعدات والشعارات الزاهية، والمجتمع الدولي المتستر بلغة الدبلوماسية والديمقراطية، لم يعد متواطئا فحسب، بل هو المسؤول".
وذكّرت الكاتبة بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عملية "عربات جدعون"، مشيرة إلى أنها اسم توراتي لمجزرة معاصرة، تعني غزوا عسكريا شاملا لمدن غزة المتبقية -كما تقول الكاتبة- "فها هي رفح التي كانت يوما مدينة جميلة ومزدهرة، قد محيت تماما، وخان يونس تحت الغزو الآن، ودير البلح تختنق تحت وطأة النازحين".
لا نموت بصمت
وأشارت الشاعرة إلى أن ما تريده إسرائيل هو إجبارهم على الاستسلام، وجعل الجيل القادم من الفلسطينيين يعتقد أنه لا يوجد ما يستحق المرء البقاء من أجله، لأن "بيوتنا غبار، ومدارسنا خراب، وشهاداتنا ودفاترنا وحتى أحلامنا ترقد تحت الأنقاض".
وتضيف نور العاصي: "نشهد شيئا يتجاوز القسوة، حيث الأطفال يحرقون أحياء، وتنتزع الأطراف من أجسادهم الصغيرة، نحن شعب غزة، نُمحى من التاريخ على الهواء، ومع ذلك لم يُتخذ أي إجراء، لأن العالم قد باع روحه للسياسة والتطبيع".
وذكّرت الشابة الفلسطينية بأنها لا تكتب هذه السطور بوصفها صحفية، بل بوصفها ابنة لم تعد قادرة على ضمان سلامة والديها، وأختا تسمع دوي الانفجارات وتتساءل هل ستكون هي الضحية التالية، هي الطالبة التي تحول تعليمها إلى رماد، والإنسانة التي تصرخ في الفراغ، متوسلة لأي شخص أن ينظر إلى هذه الحقيقة ولا يغض الطرف عنها.
إعلانوختمت نور العاصي عمودها بأن حقوق الإنسان والقانون والأخلاق يجب أن تحفظ في غزة، وأن العالم الذي يشاهدنا نختفي دون أن يفعل شيئا، لا يدافع حقيقة عن شيء، "فنحن لا نموت بصمت، نحن نوثق دمارنا، وإذا سقطت غزة فلن تسقط في الظلام، بل ستسقط في دائرة الضوء، ويمضي العالم مفضلا النسيان".