لجريدة عمان:
2025-07-30@17:01:11 GMT

اللغة في الإنسان صورة فكرِهِ!

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

ارتفعت درجة حرارتي على نحو مفاجئ عندما تغير الطقس، فأخذتني زميلتي التي تُشاركني الغرفة إلى المشفى القريب من الجامعة. وبعد انتظار، ناولني الطبيب وصفة العلاج، ويا للهول! كانت هذه هي المرّة الأولى التي أتمكن من قراءة ما كتبه الطبيب. لقد كتب أسماء الأدوية بلغة عربية صريحة!

كان هذا قبل أكثر من عقدين من الزمان، فـي جامعة حلب السورية؛ حيث كنتُ أدرس.

لكن المفاجأة الكبرى اُدخرت لزميلاتي وزملائي العُمانيين، الذين قدموا لدراسة تخصصات علمية، فتفاجؤوا بتجربة تعريب شاملة!

تذكرتُ هذه الحادثة وأنا أقرأ ما صدر عن الأمانة العامّة لمجلس الوزراء «أحوال وجوبية استعمال اللغة العربية»، وأظن أنّ قرارا من هذا النوع سيتركُ أثرا جيدا على وحدات الجهاز الإداري للدولة، وأسماء المشاريع، والشوارع، والأحياء، والساحات، والحدائق. فالأمر يشي بشيء من الاعتداد -شبه المفقود- بلغتنا العربية.

نضطر فـي عديد الاتصالات التي نُجريها فـي هذه الآونة، لحجز موعد فـي مستشفى أو فندق أو مكان سياحي، إلى أن نتحدث بلسان مُستعار، بينما الأولى أن نتقوى بمخزوننا الثقافـي العميق.

فاللغة تنمو وتزدهر بالاستعمال، والعربية تملك فـي نسيجها الحي ما يجعلها أكثر حيوية مما نظن، لاستيعاب سياقات المعاصرة عبر توليد لا نهائي.

يتبدى انسحاقنا -فـي أكثر صوره سطوعا- عندما نتواطأ فنتحدث بلغة مُكسرة هي خليط من عدة لغات أخرى مُدمرة، لإيجاد سياق للحديث مع الأيدي العاملة التي تغزو بلادنا، وهي أيد عاملة من مستوى تعليمي مُتدنٍ غالبا. فما الذي يمنعنا من التحدث برصانة عربيتنا دون لجوء لانكسارات مُشينة من هذا النوع؟ تماما كما تفعل كل اللغات التي تعتد بلغاتها وتستنكر من يُحدثها بغيرها! فهذه اللغة التي لقحت لغات العالم بمفرداتها فـي زمن قوتها، من المخجل حقا أن تُكابد انطواء وتقزما أمام اللغات الأخرى!

اللغة ليست ما يتحرك به اللسان وحسب، إنّها هويتنا. وتداولها وفق نطاق شاسع من شأنه أن يصنع ارتباطا عميقا، يُرسخ رمزية السيادة اللغوية لبلادنا، ويقلل من زحف اللغات الأخرى وتغلغل استعمالاتها فـي حياتنا.

لكن هل يمكن لقرارات من هذا النوع أن تكون نواة لما فشلت معظم الدول العربية فـي تحقيقه، رغم مرور عقود على محاولاتها، من قبيل تجربة سوريا والسودان وليبيا الأكثر اقترابا من مشروع تعريب التعليم الجامعي؟ أعني نواة لمشروع التعريب الشامل، بصورة أكثر ديمومة، لا سيما وأنّنا نتحدثُ عن ٢٦ دولة تعد العربية لغتها الرسمية!

أتذكر أنّ زميلاتي العائدات من جامعة حلب الدارسات للطب وطب الأسنان، اضطررن لإعادة اكتساب اللغة الإنجليزية، وإلا خسرن فرص التوظيف. بعض آخر اضطرّ للانسحاب! وذلك لغياب وجود استراتيجية عربية طويلة الأمد.

لا يخفى على أحد الضغوطات السياسية الخارجية، فوحدة اللغة العربية تعني توحد الجغرافـيا الأكبر على مستوى العالم التي تجمعها لغة واحدة. مما يعني أن اللغة تُضمرُ قوة جيوسياسية واقتصادية هائلة فـي أعماقها، كما أنّها تُعيد لأذهان الغرب صورة مُستنكرة لحضارة مُتجذرة، ولذا لا ريب أننا نُقاسي هذا التفتيت الممنهج!

والسؤال الأكثر إيلاما: لماذا يكره أبناؤنا تعلم اللغة العربية؟ من المؤكد أنّهم لا يكرهونها لذاتها، وإنّما يبغضون طرق تدريسها؛ لأننا لم نُغادر قيد أنملة حيز التلقين والحفظ، كما أننا ما زلنا نورطهم بالإعراب قبل أن نبني صلاتهم المتينة بعالم قرائي متين. لا ننسى أيضا فعل المقاومة الذي يُبديه الطلاب الراغبون فـي اقتناص فرص تعليمية أو عمل أو هجرة فـي البلدان البعيدة، كما أنّ سوق العمل يُقاوم أيضا بتفضيله من يمتلكُ لغة غير العربية!

البطء فـي ترجمة العلوم الجديدة، وعزل العربية عن علوم التقنية الحديثة، يجعلُ اللغة بالنسبة لأفهام أبنائنا، فـي أكثر صورها هشاشة، لغة ميتة لا تتحركُ فـي الراهن!

بالتأكيد هذه ليست دعوة للتوقف عن تعلم اللغات الأخرى، وإنما لإرساء ممارسة لغوية وثقافـية تستثمرُ فـي ترجمة العلوم باختلافها، وترتبطُ بفرص العمل، لجعل لغتنا أكثر اتقادا وحياة، فعزلة اللغة -على هذا النحو الذي نراه- حربٌ شرسة لها من المآرب ما لا يعد ولا يُحصى. وكما يقول بن خلدون: «اللغة فـي الإنسان، إنّما هي صورة من صور فكره، فإذا هُجنت لغته، دلّ ذلك على اختلال فـي فكره».

هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير «نزوى»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

أخبار الوادي الجديد: المحافظ يوجّه بالاستعداد والجاهزية لانتظام سير الانتخابات .. وختام برنامج أهل مصر للمحافظات الحدودية

شهدت محافظة الوادي الجديد عدة فعاليات علي مدار اليوم كان من اهمها:

محافظ الوادي الجديد يوجّه بالاستعداد والجاهزية لانتظام سير العملية

وجّه اللواء دكتور محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد،
رؤساء المراكز والجهات التنفيذية المعنية بالاستعداد والجاهزية التامة لانتخابات مجلس الشيوخ المقرر انطلاقها يومي الأثنين والثلاثاء الموافق ٤ و ٥ أغسطس القادم، والتأكد من توافر كافة الاحتياجات اللوجيستية اللازمة لإتمام العملية الانتخابية على أعلى مستوى من التنظيم والتيسيرات.

وشدد المحافظ على المرور على مقار اللجان العامة والفرعية بالمراكز ، والتنسيق مع كافة الجهات لتأمين الاحتياجات داخل وخارج اللجان، وتوفير مصادر كهرباء بديلة، وتكثيف أعمال النظافة العامة بمحيط المقرات ، وتخصيص خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، والتأكد من سلامة معدات الحماية المدنية وتواجد الفرق الطبية بنطاق اللجان، وتوفير وسائل انتقال للقائمين على العملية الانتخابية والمواطنين بالمناطق النائية ؛ لتيسير عملية التصويت والوصول للجان، مع تفعيل غرف العمليات الرئيسية والفرعية على مستوى المحافظة لتلقي أي شكاوى أو بلاغات ترد والتعامل الفوري معها.

محافظ الوادي الجديد يشارك بحفل ختام برنامج " أهل مصر " لأبناء المحافظات الحدودية

شارك اللواء دكتور محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد، بحفل ختام البرنامج الرئاسي  " أهل مصر "  لأبناء المحافظات الحدودية، و الذي أُقيم بحضور الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، و اللواء خالد شعيب محافظ مطروح، واللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء، والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، و نواب محافظي جنوب سيناء و البحر الأحمر وأسوان بمركز التنمية الشبابية بالجزيرة.

وشهد الحفل تكريم المشاركين بالبرنامج، حيث أهدى الوزير درع الوزارة للواء دكتور محمد الزملوط محافظ الإقليم، تقديرًا لجهود المحافظة ودعمها في نجاح البرنامج، واستقبال الشباب المشاركين على أرض المحافظة، كما تم تكريم محمد فكري مدير مديرية الشباب والرياضة بالمحافظة.

وعلى هامش الحفل، تفقد الحضور معرض المنتجات الحرفية المقام ضمن الفعاليات بمشاركة أبناء و منتجات المحافظات الحدودية، حيث أشادوا بتميز منتجات المحافظة من التمور و الصناعات اليدوية والبيئية والخزف.

تعليم الوادي الجديد: انطلاق الحقيبة التدريبية لدعم تنمية وتطوير تدريس اللغة الفرنسية

صرّح الدكتور سامي فضل دياب، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الوادي الجديد، بانطلاق الحقيبة التدريبية الخاصة بدعم تنمية وتطوير تدريس اللغة الفرنسية (Trefle)، وذلك بالتنسيق مع إدارة التدريب وتوجيه عام اللغة الفرنسية بالمديرية، وبالشراكة بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني والوكالة الفرنسية للتنمية.

ويأتي ذلك في إطار خطة العمل لعقد تدريبات لمعلمي اللغة الفرنسية بالمدارس الرسمية للغات، والمدارس الرسمية المتميزة للغات، والمدارس اليابانية بجميع الإدارات التعليمية، على المنهج الجديد المقرر تدريسه لتلاميذ الصف الأول الإعدادي بالمدارس الرسمية والمدارس الرسمية المتميزة للغات، للعام الدراسي .

طباعة شارك الوادي الجديد اخبار الوادي الجديد فعاليات محافظ الوادي الجديد

مقالات مشابهة

  • 136 ألف طالب يبدأون امتحانات الثانوية الجديدة الخميس بالاردن
  • جامعة مؤتة – النعيمات يرعى اليوم العلمي لكلية الآداب
  • ألمانيا تكشف "دليل سفر حلال ثنائي اللغة" لمسافري دول الخليج
  • فعاليات ثقافية متنوعة ضمن مبادرة صيفنا بالعربية في أبوظبي
  • أخبار الوادي الجديد: المحافظ يوجّه بالاستعداد والجاهزية لانتظام سير الانتخابات .. وختام برنامج أهل مصر للمحافظات الحدودية
  • شاب مفقود منذ أكثر من خمسة أيام... وعائلته تناشد (صورة)
  • جامعة كفر الشيخ الأهلية تعلن قيمة المصروفات الدراسية للعام الجديد 2025 - 2026
  • محافظ أسوان يكرم «فتاة البصيرة» الخامسة جمهوريًا في الثانوية الأزهرية
  • التربية تكشف نمط الأسئلة لامتحانات توجيهي 2008
  • التعليم ترشح قائمة كتب جديدة لـانجليزي المستوى الرفيع بمدارس اللغات