غادرت بعثة صندوق النقد الدولي القاهرة بعد زيارة استمرت من 6 حتى 18 مايو الجاري، وسط إشادة واضحة بالتقدم الذي أحرزته الحكومة المصرية على صعيد الإصلاحات الاقتصادية والمالية. الزيارة التي قادتها إيفانا فلادكوفا هولار، جاءت في إطار المراجعة الخامسة لاتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» (EFF)، وأسفرت عن ما وصفه الصندوق بـ مناقشات مثمرة وتقدم ملحوظ في تنفيذ الالتزامات المتفق عليها.

وفي الوقت الذي تواجه فيه مصر تحديات اقتصادية متشابكة، بدا واضحًا من بيان الصندوق أن الاقتصاد المصري بدأ يستعيد توازنه، مع مؤشرات إيجابية في مستويات النمو والاستثمار، ما يعزز من تفاؤل المؤسسات المالية الدولية تجاه مستقبل البلاد الاقتصادي.

المراجعة الخامسة.. تقدم كبير وتوقعات متفائلة

أكدت البعثة أن مصر حققت تقدمًا كبيرًا نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، ما شجع على رفع توقعات النمو للسنة المالية 2024/2025 إلى 3.8%. ويعود هذا التعديل الإيجابي إلى الأداء الأقوى من المتوقع خلال النصف الأول من العام المالي الحالي.

كما أوضح البيان أن النقاشات ستستمر افتراضيًا لاستكمال الاتفاق بشأن بعض السياسات والإصلاحات المتبقية، في خطوة تمهد لاعتماد المراجعة الخامسة رسميًا، الأمر الذي سيعزز من فرص مصر في الحصول على تمويلات إضافية ضمن الاتفاق القائم.

ارتفاع في الاستثمارات الخاصة وتراجع دور الدولة

واحدة من النقاط المحورية التي أثنى عليها الصندوق هي الزيادة الكبيرة في حصة الاستثمارات الخاصة، والتي قفزت من 38.5% خلال النصف الأول من السنة المالية 2023/2024 إلى نحو 60% في نفس الفترة من السنة المالية التالية. هذه القفزة تؤكد بداية تحول ملموس نحو تقليص دور الدولة في الاقتصاد، وهو أحد الأهداف الأساسية التي يسعى الاتفاق مع الصندوق إلى تحقيقها.

كما شدد البيان على أهمية تسريع تنفيذ سياسة ملكية الدولة وبرنامج تخارج الأصول من القطاعات غير الاستراتيجية، ما من شأنه تمكين القطاع الخاص من لعب دور أكبر في تحفيز النمو وخلق فرص العمل.

تضخم متراجع وحساب جاري تحت الضغط

رغم ارتفاع معدل التضخم بشكل طفيف إلى 13.9% في أبريل، إلا أن الاتجاه العام لا يزال هبوطيًا، وفقًا لما جاء في تصريحات فلادكوفا هولار. وتعد هذه النقطة إيجابية في ظل سعي الحكومة إلى السيطرة على الأسعار والحفاظ على القوة الشرائية للمواطن.

في المقابل، لا يزال عجز الحساب الجاري يمثل تحديًا، مدفوعًا بزيادة الواردات وتراجع إنتاج الهيدروكربونات، إلى جانب التأثيرات السلبية للتوترات في قناة السويس. إلا أن الصندوق أشار إلى أن الأداء القوي في قطاعات السياحة، والتحويلات، والصادرات غير النفطية ساهم في التخفيف من وطأة هذا العجز.

ضبط الإنفاق العام وإصلاحات هيكلية واعدة

لفت الصندوق إلى أن السلطات المصرية اتبعت سياسة مالية أكثر حذرًا، خصوصًا في ما يتعلق بالرقابة على الإنفاق الاستثماري العام، والذي بقي ضمن السقف المحدد في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2024. وأثنى البيان على جهود الحكومة في تحديث وتبسيط إجراءات الضرائب والجمارك، والتي بدأت تعطي ثمارًا إيجابية من حيث الكفاءة وتعزيز ثقة المستثمرين.

كما رحب الصندوق بإعداد استراتيجية متوسطة الأجل لإدارة الدين العام، تهدف إلى تقليل تكلفة خدمة الدين وتعزيز الشفافية المالية، ما يشكل أحد أركان الاستقرار المالي طويل الأجل.

ثقة تتعزز وتوقعات إيجابية
علق الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، على البيان مؤكدًا أن هذا التقدم يعزز ثقة المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية الدولية في الاقتصاد المصري. وأشار إلى أن إحراز هذا النوع من التقدم في المراجعة يعزز فرص ضخ استثمارات أجنبية مباشرة، كما يدعم بشكل غير مباشر قطاعات حيوية مثل السياحة، والتحويلات من الخارج، والصادرات غير النفطية، وكلها عوامل تساهم في زيادة تدفقات النقد الأجنبي.

نمو مستدام وفرص عمل جديدة
وأكد معن أن تسريع الإصلاحات الهيكلية يفتح الباب أمام نمو اقتصادي مستدام قادر على خلق وظائف ذات جودة أعلى، ويمنح الاقتصاد المصري مرونة أكبر في مواجهة الصدمات الخارجية. وأشار إلى أن استكمال اتفاق التسهيل الممدد مع صندوق النقد من شأنه توفير تمويل إضافي يعزز الموازنة العامة، ويزيد من مصداقية السياسات الاقتصادية على الساحة الدولية.

انعكاسات مباشرة على الجنيه والتصنيف الائتماني
وتابع معن بأن هذا التقدم قد ينعكس إيجابيًا على التصنيف الائتماني لمصر، مما يخفض من تكلفة الاقتراض السيادي ويعطي دفعة قوية للمالية العامة للدولة. كما أن الإشارات الإيجابية من الصندوق من شأنها دعم استقرار الجنيه المصري، والحد من الضغوط التضخمية الناتجة عن تقلبات أسعار الصرف، ما يصب في صالح المواطن المصري في نهاية المطاف.

إشارات إيجابية تستحق البناء عليها
رغم التحديات القائمة، تحمل نتائج زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إشارات واعدة تؤكد أن الاقتصاد المصري يسير على الطريق الصحيح نحو التعافي والنمو المستدام. ومع تزايد التزام الحكومة بتنفيذ الإصلاحات، فإن الأفق يبدو أكثر وضوحًا أمام المستثمرين، والآمال تتجدد في مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا وازدهارًا.

طباعة شارك الحكومة صندوق النقد القاهرة مصر

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحكومة صندوق النقد القاهرة مصر المراجعة الخامسة الاقتصاد المصری صندوق النقد إلى أن

إقرأ أيضاً:

انتعاش اقتصادي.. صندوق النقد يعود إلى سوريا وسوق دمشق للأوراق المالية تفتح أبوابها

استقبل وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، الأحد، أول بعثة فنية من صندوق النقد الدولي تزور سوريا منذ 18 عاماً، في خطوة تمثل مؤشراً على تحرك دولي لدعم تعافي الاقتصاد السوري بعد سنوات من الحرب والعزلة.

وترأس الوفد رون فان رودن، نائب مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، ويضم 8 خبراء من عدة دوائر فنية، بهدف تقديم المشورة في مجالات الإصلاح المالي والنقدي، تحديث الإحصاءات، ومكافحة غسل الأموال.

وتأتي هذه الزيارة في ظل تخفيف بعض العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، وفي وقت تشير تقديرات أممية إلى أن خسائر الناتج المحلي السوري تجاوزت 800 مليار دولار نتيجة الحرب المستمرة.

ومن المقرر أن تستمر زيارة البعثة خمسة أيام، يزور بعدها جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، دمشق نهاية يونيو الجاري لتسلم التقرير النهائي للزيارة، حسب وكالة الأنباء السورية (سانا).

وزير المالية السوري يعلن إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية بعد توقف ستة أشهر

أعلن وزير المالية السوري محمد يسر برنية، خلال حفل رسمي رفيع المستوى حضره عدد من كبار المسؤولين الاقتصاديين والمستثمرين والتجار، إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية بعد توقف دام نحو ستة أشهر.

وأكد برنية أن إعادة فتح السوق تمثل إشارة واضحة على بدء تحرك الاقتصاد السوري، مشيراً إلى أن سوق دمشق ستكون شركة خاصة تعمل على مواكبة التطورات الرقمية الحديثة، بهدف أن تصبح مركزاً حقيقياً لتطوير الاقتصاد الوطني.

وأضاف الوزير أن الرؤية الاقتصادية الحكومية ترتكز على مبادئ العدالة والإنصاف، مع التركيز على دعم القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات، ومكافحة الفقر، وخلق فرص عمل جديدة، وشدد على أن الحكومة لا تسعى لمنافسة القطاع الخاص، بل تسعى لتسهيل عمله وتعزيز البيئة الاستثمارية في البلاد.

 سوريا تعيد فتح معبر العريضة الحدودي مع لبنان اعتباراً من الثلاثاء 3 يونيو

أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا عن إعادة افتتاح معبر العريضة الحدودي مع لبنان يوم الثلاثاء المقبل، 3 يونيو 2025، وذلك بعد أشهر من إغلاقه نتيجة الأضرار الكبيرة التي لحقت به جراء غارات جوية إسرائيلية نهاية العام الماضي.

وقالت الهيئة في بيان رسمي: “نحيط المسافرين الأكارم علماً بأنه سيتم افتتاح معبر العريضة الحدودي مع لبنان أمام حركة عبور المسافرين صباح يوم الثلاثاء الموافق 03-06-2025، رغم استمرار أعمال الترميم والصيانة، وذلك حرصاً منا على تسهيل تنقل الأهالي خلال عطلة عيد الأضحى المبارك”.

ويعد معبر العريضة الواقع في ريف طرطوس من أهم نقاط العبور البرية بين سوريا ولبنان، ويخدم مئات المسافرين يومياً، خصوصاً خلال المناسبات الدينية والأعياد.

وكان المعبر قد خرج عن الخدمة في ديسمبر 2024 بعد تعرضه لغارات جوية إسرائيلية استهدفت الجسر والبنية التحتية في المنطقة الحدودية، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من الجسر الرابط وتضرر المنشآت الحيوية في المعبر.

وأكدت مصادر سورية ولبنانية حينها أن الهجوم تسبب في شلّ حركة المرور بين البلدين، وسط جهود لاحقة لإعادة تأهيل المعبر الحيوي الذي يلعب دوراً مهماً في الحركة التجارية والإنسانية بين سوريا ولبنان.

وتأمل السلطات السورية أن يسهم إعادة فتح المعبر في تخفيف الضغط على معابر أخرى، وتعزيز التواصل الاجتماعي والاقتصادي بين الشعبين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر بها المنطقة.

توغل إسرائيلي جديد في جنوب سوريا: عمليات تفتيش واستفزازات تثير استياء السكان

شهدت محافظة درعا جنوب سوريا تصعيداً جديداً مع توغل قوة من الجيش الإسرائيلي سيراً على الأقدام في قرية معربة غرب المحافظة، حيث نفذت عمليات تفتيش داخل عدد من المنازل في الحي الغربي للقرية قبل أن تنسحب إلى الطريق بين معربة وعابدين، ورافق العملية تحليق مكثف لطائرات حربية وطائرات استطلاع إسرائيلية في أجواء درعا، دون تسجيل اشتباكات مع الأطراف المحلية، وفق وسائل إعلام سورية.

كما رصدت المنطقة ذاتها دورية إسرائيلية مؤلفة من 10 عناصر تحدثوا العربية الفصحى، أقاموا حاجز تفتيش مؤقت بين بلدتي خان أرنبة وجبا في ريف القنيطرة عقب تنفيذ توغل محدود، إضافة إلى توغلات أخرى لقوات إسرائيلية مدعومة بسيارات عسكرية قامت بتفتيش المركبات المدنية بحثاً عن أسلحة، ما أثار غضباً واسعاً بين السكان الذين اعتبروا هذه الخطوات استفزازات جديدة.

وتتكرر مثل هذه العمليات في ريفي درعا والقنيطرة، حيث ترتكب إسرائيل انتهاكات متكررة تشمل تجريف الأراضي الزراعية، تدمير الآبار، منع وصول الأهالي إلى مناطق معينة، اعتقال مدنيين ومزارعين، ومصادرة المواشي.

وتصاعدت هذه الاعتداءات عقب رحيل حكومة الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي، حيث نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية سورية، إلى جانب عمليات توغل بري في المناطق الحدودية، مستهدفة السيطرة على المنطقة العازلة وتنفيذ مداهمات على الأراضي السورية.

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد الدولي يشيد بنمو الاقتصاد العُماني ونجاح جهود التنويع
  • رد أعباء الصادرات| وزير المالية: الشريحة الخامسة لقرض النقد سيتم صرفها بداية العام المالي
  • وزير المالية يكشف موعد صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد
  • وزير المالية: كل المؤشرات الاقتصادية تدعم التعاون مع صندوق النقد الدولي
  • وزير المالية يكشف آخر مستجدات المفاوضات مع صندوق النقد وموعد صرف الشريحة الخامسة من القرض
  • المالية استكملت المفاوضات مع صندوق النقد
  • انتعاش اقتصادي.. صندوق النقد يعود إلى سوريا وسوق دمشق للأوراق المالية تفتح أبوابها
  • وزير المالية يستقبل بعثة فنية من صندوق النقد الدولي في إطار الدعم الفني وتقديم المشورة
  • الحكومة تتخبط اجتماعياً بفرض الضرائب.. ودعم صندوق النقد مؤجل