أضاحي العيد في اليمن :تراكمات مالية من الريف إلى المدينة وأسعار خيالية يعجز الفقراء عن توفيرها
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
الثورة /
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، لا يزال الحديث عن الأضاحي في اليمن يحمل في طياته شجوناً عميقة، ويُلقي بظلاله على واقع اقتصادي معقد، تتجلى فيه مفارقة صارخة بين الريف المنتج والمدن المستهلكة. هي قصة تتناثر فصولها بين حقول القرى الخضراء وأزقة المدن المزدحمة، حيث تتسع الهوة بين من يستطيع أن يضحي ومن باتت الأضحية حلماً بعيد المنال.
في قلب أحد أسواق المواشي الشعبية في صنعاء، حيث يضج المكان بأصوات الأغنام وضجيج الباعة، اخترقت أصواتٌ الاطلى والكباش الأضاحي الأجواء، حاملة في طياتها مرارة الواقع وسخرية القدر: «مش خايفين منكم، عارفين إنكم مفلسين!». خيال يختصر ببراعة المشهد، ويصف حال الكثير من اليمنيين الذين يواجهون تحدي الأضحية هذا العام.
من القرية
من مرعى القرية إلى سوق المدينة.. رحلة التكلفة المضاعفة
في القرى النائية، حيث تُربى المواشي وتتغذى على خيرات الأرض، لا يزال بإمكان المزارع المربي، أو حتى سكان القرى ذوي الدخل المحدود، ممارسة شعيرة الأضحية دون عناء كبير. «الطلي» أو «الكبش» الصغير، الذي تبلغ قيمته حوالي 30 إلى 40 ألف ريال يمني في بيئته الطبيعية، يمثل قيمة مقبولة نسبياً ليدٍ عاملة اعتادت على شظف العيش. إنه جزء من دورتهم الاقتصادية، ومن تقاليدهم المتوارثة.
نحو المدن
لكن هذه الصورة الوردية تتلاشى تماماً بمجرد أن تبدأ الأضحية رحلتها نحو المدن الكبرى. فكل كيلومتر تقطعه الشاة، وكل يدٍ تمر بها، يضيف عبئاً جديداً على سعرها الأصلي. تبدأ الحكاية بـ أجور النقل، التي تتضاعف مع ارتفاع أسعار الوقود وتدهور البنية التحتية. ثم تضاف الضرائب والرسوم التي تفرضها نقاط التفتيش المختلفة على طول الطرقات، والتي وإن بدت بسيطة في كل نقطة، إلا أنها تتراكم مع مصاريف التجار والمعاونين له في الشحن والتفريغ والعناية بالماشية فضلا عن قيمة الاعلاف المطلوبة لتغذية الماشية في المدنية، لتشكل مبلغاً لا يُستهان به.
التاجر
يلي ذلك دور تاجر الجملة، الذي يشتري بكميات كبيرة ويضيف هامش ربحه، ثم يأتي دور السماسرة، الذين يتواجدون بكثرة في الأسواق الحضرية، ويتقاضون عمولاتهم مقابل تسهيل عملية البيع والشراء. هذه الإضافات، التي تبدو «فوارق طبيعية» في أي سوق، تتحول في اليمن إلى كابوس اقتصادي، حيث تتراكم لتُضاعف سعر «الطلي» من 30 – 40 ألف ريال في القرية المنتجة إلى 80 – 100 ألف ريال في المدن المستهلكة.
الموظفون
موظفو الدولة: بين الأمل الضئيل والحلم المستحيل
تُعد فئة موظفي الدولة والقطاع العام من أكثر الشرائح تضرراً من هذه المفارقة. فبعد سنوات من انقطاع الرواتب، بدأ بعضهم يتقاضى نصف دخله المحدود، وهو ما لا يكفي لتغطية أساسيات الحياة، فكيف له أن يفكر في أضحية يتجاوز سعرها راتبه الشهري بأكمله؟ يتحول حلم الأضحية إلى شبه مستحيل، ويُجبر الكثيرون على الاكتفاء بمشاهدة الآخرين يمارسون هذه الشعيرة، أو البحث عن حلول بديلة كالمشاركة في الأضاحي الجماعية، إن وجدت.
صرخة الطلي «مش خايف منكم، عارف إنكم مفلسين» لم تكن مجرد تعبير عن تحدٍ تجاري، بل هي انعكاس لواقع مجتمعي يرزح تحت وطأة الفقر وتآكل القوة الشرائية. إنها صرخة تُشير إلى أن الأضحية، التي كانت رمزاً للتكافل والعطاء، باتت اليوم تكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية التي تُعصف بالبلاد نتيجة ما تركه العدوان والحصار على مدى عقد من الزمن، باتت تقل كاهل المواطنين وخاصة ذو الدخول المتدنية.
في هذا العيد، وبينما تُرفع تكبيرات العيد في كل مكان، ستبقى قصة الأضاحي في اليمن تروي فصولاً من الصمود، والمرارة، والأمل الكبير في أن تحمل السنوات القادمة انفراجاً يُعيد لليمنيين بهجة أعيادهم، ويُمكنهم من ممارسة شعائرهم دون أن تكون عبئاً يثقل كاهلهم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الهلال الأحمر يوقع اتفاقية لتوريد أضاحي العيد في محافظة حضرموت
وقعت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، اتفاقية مع إحدى الشركات التجارية البارزة في المكلا لتوريد الأضاحي، وذلك ضمن مبادرة الهيئة لتوزيع أضاحي عيد الأضحى المبارك على الأسر المتعففة في محافظة حضرموت.
وتهدف المبادرة إلى تخفيف الأعباء عن هذه الأسر وإدخال البهجة إلى قلوبهم خلال هذه المناسبة الدينية العظيمة، وذلك في إطار مساعي الهيئة المستمرة لإدخال السعادة على المستفيدين.
وأكد حميد راشد الشامسي، مستشار التنمية والتعاون الدولي وممثل الهيئة في حضرموت، خلال مراسم التوقيع، حرص الهيئة على إنجاح هذا المشروع الذي يعكس القيم الإنسانية وروح التكافل الاجتماعي، مشيرا إلى أن المشروع سيسهم في إدخال الفرح إلى قلوب مئات الأسر، ويجسد روح التضامن والعطاء التي تميز دولة الإمارات وشعبها، خاصة في مناسبة كعيد الأضحى.
أخبار ذات صلةيذكر أن فرق الإغاثة التابعة للهيئة ستوزع الأضاحي في عدة مناطق ومديريات في محافظة حضرموت، مع التركيز على الأسر الأشد حاجة والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتأتي هذه المبادرة كجزء من المشاريع الإنسانية والإغاثية التي تنفذها الهيئة في المحافظة، بهدف تحسين الظروف المعيشية وتعزيز قيم العطاء والتكافل في المجتمع.
المصدر: وام