أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أنّ القضايا البيئية لم تعد ترفًا فكريًّا أو اهتمامًا نخبويًّا، بل صارت في قلب قضايا الأمن الإنساني والوجود الكوني، مشيرًا إلى أنّ ما نشهده من كوارث بيئيّة متصاعدة، مثل اختفاء الأنهار وجفاف البحار، ليس محض مصادفة كونية أو دورة طبيعيّة، بل هو نتيجة مباشرة لعبث الإنسان بمقدّرات الأرض وتهاونه في أداء واجبه نحوها، حتى باتت السفن ملقاة على الرمال، بعد أن كانت تملأ ضفاف المياه بالحياة والحضارة، في مشهد مرعب ينذر بأنّ العالم يقف على أعتاب نهايات كارثية إن لم يُتدارك الأمر.

 

مفتي الجمهورية يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية للتهنئة بعيد الأضحى.. صورزيارة ود ومحبة.. رئيس الطائفة الإنجيلية يهنئ مفتي الجمهورية بمناسبة عيد الأضحى

ولفت مفتي الجمهورية، إلى أنّ العالم رغم ما شهده من خطوات أممية مهمّة كاتفاق باريس وقمة شرم الشيخ (COP27)، ما زال رهينًا لحسابات أنانية ضيّقة، تتزعمها الدول الكبرى التي تلوّثت أيديها بغازاتها وانبعاثاتها، ثم تراجعت أو انسحبت حين جاء وقت الوفاء بالتزاماتها، وكأنّ كوكب الأرض لا يسع الجميع، أو أنّ الحياة لا تستحق أن نتحمّل من أجلها بعض المسؤوليّة.

جاء ذلك خلال كلمته، في المؤتمر العلمي الذي عقدته جامعة النيل بالتعاون مع مؤسسة "مهندسون من أجل مصر المستدامة"، حيث عبّر فضيلته عن تقديره العميق لهذا اللقاء العلمي المهم، مشيدًا بجهود الدولة المصرية في دعم مسارات البحث العلمي المتعلقة بقضايا المناخ والبيئة والفلك والفضاء، وحرصها على بناء وعي مجتمعيّ مسؤول يعيد ترتيب أولويات التعامل مع الموارد الطبيعيّة، ويعزز ثقافة الرعاية لا الاستهلاك، والمشاركة لا الاستنزاف، والاستدامة لا الفساد، معتبرًا أنّ ما يناقشه المؤتمر من تحديات مناخيّة متجددة، وما يطرحه من حلول واستراتيجيات، يؤكد أنّ مصر تخطو بثقة نحو مستقبل تنموي يستثمر مقدراتها ويصون بيئتها ويضع العلم في صدارة أدواته للبناء والتخطيط.

وأوضح مفتي الجمهورية، أنّ النظر الإسلاميّ لقضية التغيّرات المناخية ليس دخيلًا على تراثنا الديني، بل هو جزء أصيل من الرسالة الإلهيّة التي حمّلها الله للإنسان، حيث جاء في القرآن الكريم: ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها﴾، و﴿ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها﴾، فالإسلام لم يكتفِ بدعوة الإنسان إلى إعمار الأرض، بل شدّد على ضرورة الحفاظ على توازنها البيئي، ومنع أيّ فساد يهدّد استقرار الحياة عليها، مؤكدًا أنّ هذا المبدأ ليس شعارات بل التزام دينيّ وعقليّ، وأنّ علماء الإسلام لديهم من الإرث الحضاريّ والتشريعيّ ما يؤهّلهم لتقديم إسهام فعّال في صياغة وعي بيئيّ رشيد، يحمي الثروات، ويرشّد الاستهلاك، ويعيد للكون توازنه، منبّهًا إلى أنّ التشريعات الإسلامية لا ترى البيئة ملكًا للإنسان، بل أمانةً استُؤمن عليها، وأنّ العلاقة بين الإنسان والطبيعة في التصور الإسلاميّ تقوم على الرعاية لا السيطرة، والأمانة لا الامتلاك.

وأشار، إلى أنّ من أعظم ما قدّمه الإسلام في هذا الباب أنّه سبق غيره من الحضارات في تقنين أحكام تعنى بالبيئة وتعزز عناصرها، بدءًا من التشجير والتخضير، ومرورًا بالنظافة والتطهير، ووصولًا إلى إحسان استثمار الموارد، دون إخلال بالتوازن الطبيعي، مشددًا على أنّ الإيمان لا يقتصر على أداء العبادات وحدها، بل يتجاوزها إلى كلّ فعل صالح يعمّر الكون ويحفظ الحياة، مشيرًا إلى قول الله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملًا﴾، فالإحسان إلى البيئة جزء من الإيمان، وحماية الكون مسؤولية إيمانية قبل أن تكون علمية أو أخلاقية. كما ثمّن فضيلته أهمية توظيف أدوات العصر، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في تطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتقديم حلول دقيقة وسريعة للمشكلات البيئية، باعتبار أنّ التقنية اليوم باتت من أهم مفاتيح الإنقاذ البيئي إن أُحسن استخدامها وتوجيهها.

واختتم كلمته بالدعوة إلى تأسيس وعي بيئيّ شامل، يبدأ من النشء عبر المناهج الدراسية والأنشطة التربوية، وينتقل إلى الأسرة والمؤسسات التعليمية والدعوية والثقافية، باعتبار أنّ إصلاح البيئة لا يتحقق دون إنسان صالح وواعٍ. كما دعا إلى إصدار تشريعات حازمة تردع من يعبث بالبيئة، وسدّ الفراغات القانونيّة في بعض الدول التي ما زالت عاجزة عن مواكبة التحديات البيئية المعاصرة. وأوصى فضيلته بسرعة تبادل المعلومات البيئيّة بين الدول والهيئات الدولية، والتخلّي عن البيروقراطية الإجرائيّة حين يتعلّق الأمر بخطر يهدد حياة البشر، ولم يُغفل مفتي الجمهورية ما يحدث في غزة من اعتداءات ممنهجة وجرائم بيئية مروّعة، أدّت إلى تدمير البيئة وغياب مقوّمات الحياة، مستنكرًا صمت العالم أمام جرائم الكيان الصهيوني المحتل، الذي لا يراعي حرمة دين ولا قيمة إنسان ولا كرامة بيئة، بل العجيب أنّ هذا الصمت يرقى أحيانًا إلى درجة التواطؤ والتبرير.

شهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حضورًا رسميًّا رفيع المستوى، يتقدّمه الأستاذ الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الرئيس الشرفي للمؤتمر، نائبًا عن دولة رئيس الوزراء، والدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتور إبراهيم صابر،  محافظ القاهرة، والمهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، والدكتور محمود فتح الله، رئيس الأمانة الفنية لمجلس وزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة بجامعة الدول العربية، والدكتور وائل عقل، رئيس جامعة النيل، الدكتورة نيفين عبد الخالق، عميد كلية التعليم المستمر ونائب رئيس المؤتمر، والمهندس محمد كامل، المدير التنفيذي للمؤتمر.

طباعة شارك مفتي الجمهورية نظير عياد المناخ البيئة الإسلام التغيرات المناخية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية نظير عياد المناخ البيئة الإسلام التغيرات المناخية مفتی الجمهوریة إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: بناء الوعي لدى الشباب ليس خيارا بل ضرورة وطنية

ترأس الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، جلسة حوارية موسعة لمناقشة انطلاق حملة وطنية شاملة لبناء وعي الشباب، والتعامل مع التحديات الفكرية والاجتماعية والنفسية التي تواجههم، بمشاركة عدد من الوزارات والهيئات والمؤسسات المعنية بالتربية والثقافة والإعلام والأزهر الشريف والكنيسة المصرية.

وأكد مفتي الجمهورية، أن هذه الحملة تأتي في توقيت بالغ الأهمية، نظرًا لما يشهده الواقع من انتشار واسع للمفاهيم المغلوطة، وازدياد حدة التحديات التي تواجه الأجيال الشابة في ظل التأثير الطاغي لمنصات التواصل الاجتماعي. 

وشدد على أن بناء الوعي ليس ترفًا أو خيارًا، بل ضرورة وطنية، تُسهم في صيانة العقول، وتحصين الهوية، وتعزيز الانتماء، عبر خطاب رشيد هادئ، ينطلق من الواقع ويخاطب الحاجات الحقيقية للشباب بلغة قريبة منهم، تعتمد القدوة لا التلقين، وتقدم الرحمة والاحتواء على الحكم والمواجهة.

المفتي: نمتلك أدوات علمية وخبرات ميدانية لتصحيح المفاهيم المغلوطة

وأضاف فضيلته، أن دار الإفتاء المصرية، بما تملكه من أدوات علمية وخبرات ميدانية، تمدّ يدها لكل مؤسسات الدولة للمشاركة الفعالة في هذه الحملة، التي تهدف إلى نشر المعرفة الموثوقة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والرد على الشبهات بلغة عصرية، مع ضرورة تطوير المحتوى الموجه للنشء، وتعزيز النماذج التربوية التي أثبتت فعاليتها، مثل المبادرات الشبابية، وبرامج الطلائع، ومنظومات القيم في التعليم والإعلام.

وخلال الجلسة، ناقش المشاركون آليات تفعيل هذه الحملة على المستوى الوطني، وسبل الوصول إلى فئة الشباب بمختلف شرائحهم، مع التركيز على الوقاية الفكرية والتربوية، ومواجهة التحديات النفسية والاجتماعية التي قد تؤدي إلى الانحراف أو الاغتراب الثقافي، كما طرح الحاضرون رؤى متعددة حول خطورة الاستخدام غير المنضبط لوسائل التواصل الاجتماعي، وأثره في ترسيخ مفاهيم مغلوطة، مشددين على ضرورة تكاتف الجهود المؤسساتية لبناء خطاب معرفي جذاب، وتدريب الكوادر القادرة على التفاعل الفعال مع قضايا الشباب.

مفتي الجمهورية لرئيس حزب الوعي: دار الإفتاء منفتحة على كل تعاون جاد يخدم الوطنمفتي الجمهورية: النظر الإسلاميّ للتغيّرات المناخية جزء أصيل من الرسالة الإلهيّة.. صورمفتي الجمهورية يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية للتهنئة بعيد الأضحى.. صورهل يجوز للحاج الأكل من لحم الهدي؟.. مفتي الجمهورية يجيب

كما تم تناول عدة أبعاد تتعلق بتحديات بناء وعي الشباب، مشيرين إلى أن هذه الحملة تمثل فرصة حقيقية لإحداث نقلة نوعية في الخطاب الثقافي والديني والتربوي الموجه للأجيال الجديدة، شريطة أن تُبنى على أسس علمية، وتنطلق من فهم دقيق للواقع وتحولاته، وطرح الحاضرون رؤًى متنوعة حول سبل الاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي تملكها الدولة في مجالات الإعلام الرقمي والتعليم والأنشطة الشبابية. 

وشددوا على ضرورة تأهيل الكوادر القادرة على التعامل مع المنصات الجديدة، ومخاطبة الشباب بلغتهم، والتفاعل مع أسئلتهم وهمومهم دون وصاية أو تنميط، كما دعوا إلى إنتاج محتوى معرفي وإبداعي متجدد، يحترم عقل المتلقي، ويستند إلى المفاهيم الدينية والقيم المصرية الأصيلة، ويراعي الفروق الثقافية بين الفئات المختلفة، مع أهمية دمج الفنون والرياضة والتكنولوجيا في برامج بناء الوعي، باعتبارها أدوات فاعلة ومؤثرة في تشكيل الاتجاهات وصناعة الرأي لدى الشباب.

وشهدت الجلسة حضور عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم، الدكتورة هالة رمضان، مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، والدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة العامة للكتاب، والدكتور خالد خضر، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، والدكتور أكرم همام، مستشار وزير التعليم العالي، والدكتور، عبدالله الباطش، مساعد وزير الشباب والرياضة. 

كما حضر القس جرجس شفيق، ممثل الكنيسة المصرية، ومنى الشبراوي، رئيس الإدارة المركزية لشئون الأسرة بوزارة التضامن الاجتماعي، والدكتورة رندا الفارس، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والدكتور علي عمر، رئيس القطاع الشرعي بوزارة الأوقاف، والدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، والدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار المصرية، والدكتور مصطفى عبد الكريم أمين الفتوى ومدير البوابة الإلكترونية والدكتور، طاهر فاروق زيد مدير وحدة حوار، والدكتور طارق أبو هشيمة، مدير المؤشر العالمي للفتوى.

طباعة شارك الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية جلسة حوارية انطلاق حملة وطنية شاملة لبناء وعي الشباب بناء الوعي لدى الشباب الشباب دار الإفتاء الإفتاء المفتي

مقالات مشابهة

  • رسالة مهمة من مفتي الجمهورية للمتخاصمين قبل عيد الأضحى 2025
  • مفتي الجمهورية يحسم جدل حكم صلاة العيد للنساء في الشارع
  • مفتي الجمهورية يوجه رسالة مهمة لحجاج بيت الله الحرام- فيديو
  • البابا تواضروس يهنئ مفتي الجمهورية بعيد الأضحى
  • الإسكندرية في مواجهة التغيرات المناخية وسيناريوهات الغرق| رئيس الجمعية الجغرافية يطمئن المصريين بعد تصريحات وزيرة البيئة
  • مفتي الجمهورية يهنئ رئيس الوزراء وشيخ الأزهر بـ عيد الأضحى المبارك
  • مفتي الجمهورية: بناء الوعي لدى الشباب ليس خيارا بل ضرورة وطنية
  • هل ما حدث في الإسكندرية له علاقة بالتغيرات المناخية؟.. وزيرة البيئة تكشف التفاصيل
  • أستاذ نظم علوم الأرض: التغيرات المناخية سببت اختلال في الكوكب