واشنطن- عندما قرّر المخرج الأميركي روبرت غرينوولد كشف جرائم إسرائيل بحق الصحافة والإنسانية، وذلك بتتبّعه قصص استشهاد 3 صحفيين فلسطينيين في قطاع غزة، لم يكن يخطط فقط لإنتاج فيلم جديد يضاف إلى أعماله التي تتجاوز 65 فيلما، بل كان يخوض مواجهة شخصية مع "صمت كان سيكون تواطؤا ونفاقا أخلاقيا"، حسب تعبيره.

"أنا يهودي من نيويورك، وكلما رأيت الصور والمشاهد القادمة من غزة، كنت أشعر أن امتناعي عن تناول الموضوع سيكون خيانة لمبادئي"، يقول غرينوولد في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت.

يستعرض فيلم "غزة: صحفيون تحت النار" (Gaza: Journalists Under Fire) قصص الصحفيين الفلسطينيين بلال جاد الله وهبة العبادلة وإسماعيل الغول، ومن خلال لقطات أرشيفية ومقابلات مع ذويهم وزملائهم، يعيد سرد اللحظات الأخيرة التي سبقت استهدافهم.

فكرة أساسية

ويُعد الفيلم الوثائقي محطة جديدة في مسيرة المخرج المعروف بأفلامه التي تطرق قضايا العدالة الاجتماعية ومناهضة الحروب، وأبرزها فيلم "كشف الحقيقة" الذي شكّل تحولا في الخطاب السينمائي السياسي داخل الولايات المتحدة عام 2004 عندما هاجم سياسات الرئيس السابق جورج بوش الابن في العراق.

في نظر غرينوولد، "هناك فئة من الناس لن يتعاطفوا مع أي فلسطيني أبدا، لكن توجد شريحة واسعة من الجمهور في أميركا والعالم لا تقف بالضرورة مع القضية، لكنها أيضا لا تقبل مبدئيا قتل الصحفيين. لذلك بدأتُ من هنا، من نقطة يصعب تبريرها".

إعلان

ورغم أن الفيلم يسلط الضوء على واحدة من أخطر جرائم الحرب وهي استهداف الصحفيين، فإن "الإعلام الأميركي التقليدي لم يولها أي اهتمام يذكر حتى الآن، وصمتهم تواطؤ، وهذه هي الفكرة الأساسية وراء الفيلم"، يضيف غرينوولد.

ولم يقتصر هذا الصمت على وسائل الإعلام، إذ أكد المخرج -للجزيرة نت- أن منصتي فيسبوك وإنستغرام تمنعان الترويج المدفوع للفيلم من دون تقديم أي تفسير.

وقد كان تطبيق إنستغرام -للمفارقة- المصدر الأساسي الذي استخدمه المخرج لاكتشاف القصص والمقاطع، ويقول "كنتُ أرى يوميا مشاهد تمزق الروح، وبدأت أتابع قصص الصحفيين واحدا تلو الآخر، راجعنا أكثر من 150 حالة، قبل أن يقع الاختيار على 3 قصص لصحفيين توافرت عنهم مواد إنسانية كافية".

الفيلم نقل شهادات عائلات الصحفيين الثلاثة الشهداء وزملائهم (الجزيرة) صدمة شخصية

ويرأس روبرت غرينوولد مؤسسة "بريف نيو فيلمز" غير الربحية التي تنتج أفلاما سياسية توثيقية، وتعتمد على شبكة من عشرات الآلاف من المتبرعين الصغار، وعدد محدود من الجهات الداعمة، لكن إنتاج الفيلم كلّف المؤسسة خسارة عدد من الممولين الذين كانت تعتمد عليهم منذ سنوات.

ويقول غرينوولد: "على الأقل لم أتلقّ تهديدات بالقتل مثلما حدث بعد الفيلم عن حرب العراق، لم يحدث ذلك مع هذا الفيلم حتى الآن، لكننا ما زلنا في المراحل المبكرة، وهناك ردود فعل عاطفية وسامّة في الولايات المتحدة".

ولا يخفي أن العمل سبّب له صدمة شخصية، ويوضح "قضيتُ ليالي من دون نوم، رأيت كوابيس، وتأثرت نفسيا بمشاهد تمزق الأحشاء، لكن دوري أن أعيد تشكيل هذه الصور المؤلمة في سردية تحفز الفعل لا العجز".

وكان التحدي الأصعب بالنسبة إلى المخرج هو كيف يمكن توثيق الفظائع التي يرتكبها الاحتلال بنقل مجازر تصنّف بأنها فوق الوصف وعدم تجريد الضحايا من إنسانيتهم، لذلك حرص على استخدام مقاطع بسيطة من حياة الصحفيين، مثل الاحتفال بعيد ميلاد أو لحظة عائلية.

غرينوولد: ملتزم بفعل كل ما بوسعي بشأن قضية استهداف الصحفيين في غزة (الجزيرة) كسر الصمت

ويضيف غرينوولد أن "كل أم وأب وخالة في أميركا عاشوا هذا المشهد، ثم نُريهم أن هذه العائلة نفسها -التي تعيش مشهدا اعتادوه- تم محوها، هنا تبدأ المسافة بينهم وبين غزة في التلاشي".

إعلان

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، استُشهد أكثر من 220 صحفيا في القطاع، وفقا لمكتب الإعلام الحكومي في غزة، ويُعتبر هذا الرقم الأعلى في تاريخ النزاعات، متجاوزا حصيلة الصحفيين الذين قُتلوا في الحربين العالميتين والحرب الأهلية الأميركية وحربي فيتنام وأفغانستان والحرب الكورية، معا.

وتسعى مؤسسة "بريف نيو فيلمز" إلى توسيع نطاق عرض الفيلم عبر تنظيم مئات العروض المجانية في الجامعات الأميركية ومراكز المجتمع المدني، بهدف تحفيز النقاش العام عن استهداف الصحفيين في غزة وكسر الصمت والتجاهل المحيطين بالقضية.

وأكد المخرج روبرت غرينوولد أن "هدفنا هو الوصول إلى مليون شخص عبر المنصات الرقمية، لا نريد أن يدفع الفيلم الناس لقول (لا أستطيع المشاهدة أو لا أستطيع أن أفعل شيئا)، هذه هي القضية الأخلاقية الأهم في زماننا، وأنا ملتزم بفعل كل ما بوسعي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج استهداف الصحفیین

إقرأ أيضاً:

الداخلية توقف كوادر سجن ذمار بعد فرار سجناء متهمين بجرائم جسيمة

يمانيون |
في تطور أمني لافت، أعلنت الإدارة العامة لشرطة محافظة ذمار عن مباشرتها التحقيق في واقعة فرار عدد من السجناء من الإصلاحية المركزية بالمحافظة، في حادثة وصفت بـ”الخطيرة وغير المسبوقة”، وقعت صباح الإثنين، السادس من ذي الحجة 1446هـ، الموافق 2 يونيو 2025م.

وأفاد بيان رسمي صادر عن شرطة المحافظة، أن السجناء الفارين متهمون بارتكاب جرائم جسيمة، وأن الجهات الأمنية تعاملت مع الحادث منذ لحظاته الأولى بإطلاق عمليات تعقب موسعة شملت تعميم صور وأسماء الفارين على جميع النقاط والوحدات الأمنية والمنافذ في عموم المحافظات.

وأوضح البيان أن وزارة الداخلية أصدرت توجيهات فورية بإيقاف كافة كوادر الإصلاحية المركزية بذمار عن العمل، وإحالتهم إلى التحقيق، على خلفية الحادثة، فيما تم تكليف إدارة بديلة مؤقتة لإدارة السجن إلى حين استكمال مجريات التحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وأكدت قيادة أمن محافظة ذمار أن أجهزة الأمن تواصل عمليات الملاحقة بكامل الجاهزية والوتيرة العالية لضبط الفارين وإعادتهم إلى السجن، مشددة على أن أي تهاون أو تواطؤ سيتم التعامل معه بحزم.

وفي تعليقها على الحادثة، أكدت القيادة الأمنية بالمحافظة أن ما حدث يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار والسلم المجتمعي، ويستوجب موقفًا صارمًا من جميع الأجهزة المعنية. كما شددت على أن التحقيقات جارية للكشف عن أي تواطؤ أو تقصير ساهم في تسهيل عملية الهروب.

وفي الوقت الذي طمأنت فيه المواطنين بأن الوضع تحت السيطرة وأن الإجراءات الأمنية تم تعزيزها على مختلف المستويات، دعت قيادة أمن ذمار كافة أبناء المجتمع إلى التعاون الجاد، والإبلاغ عن أي معلومات يمكن أن تسهم في ضبط الفارين.

واختتم البيان بالتأكيد على أن الأمن مسؤولية وطنية وأخلاقية مشتركة، وأن تحقيق العدالة لا يكتمل إلا بتكامل الجهود بين الأجهزة الأمنية والمجتمع.

مقالات مشابهة

  • استشهاد مصور صحفي متأثرا بإصابته في قصف العدو الإسرائيلي خيمة الصحفيين بغزة
  • نقابة الصحفيين تدين استهداف صحفيين فلسطينيين في ساحة المعمداني
  • القسام وسرايا القدس تعلنان استهداف عسكريين إسرائيليين وجرافة بغزة
  • “المجاهدين الفلسطينية”: الفيتو الأمريكي شجع العدو الصهيوني على اغتيال الصحفيين
  • حماس تحمّل واشنطن مسؤولية الدم بعد مجزرة صحفيين بغزة
  • الداخلية توقف كوادر سجن ذمار بعد فرار سجناء متهمين بجرائم جسيمة
  • ترهيب ومعاناة يومية.. مسافر يطا تدفع ضريبة وثائقي "لا أرض أخرى" الفائز بالأوسكار
  • “الحكومي بغزة”يدين قصف العدو الصهيوني لمستشفى شهداء الأقصى
  • استشهاد عشرات الفلسطينيين إثر استهداف متكرر لمراكز توزيع المساعدات بغزة