لجريدة عمان:
2025-06-07@01:10:43 GMT

ليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب

تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT

ليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب

اللا الكتابة عن الحرب لا تعني ذلك أننا سنكتب عن الحياة العادية، هذا شاعر فلسطيني مخادع فاحذروا طريقته الذكية في صياغة عبارته الشعرية ولا تثقوا في صوره، فهي مقلوبة، دون أدنى قدرة على اكتشاف ذلك، أما محاكمته أو مساءاته في محكمة الجمال الشعري فلن تجدوا لها من يدافع عنها سوى مشروعه الشعري الذي بدؤه ب: ( حيث لا شجر) حين أدخلنا في غابة من المعاني دون أن يضع لخطواتنا هوامش للتوضيح أو دليلا سياحيا.

في كتابه الشعري الجديد (لا أكتب عن الحرب) الصادر حديثا عن دار الأهلية بعمان يضعنا الشيخ في مهب صواريخ قاتلة دون أن يكتب عنها ودون أن نسمع صوتها، في الأفق الشعبي للذائقة العربية غالبا تحيل العناوين الى المعنى، فيهرع القراء الضحلون الى الكتاب ليبحثوا عما يطابق العنوان، ويغرقوا في المكرر والمتوقع والدراما السطحيةـ، في هذا الكتاب يضع وليد الشيخ عنوانا لافتا (لا أكتب عن الحرب،) رفضا لغباء التطابق، وتجريبا جماليا لمغامرة قلب للصيغة، واستدراجا لقراء يختارهم هو مناسبين لعمقه و ممتلئين بالافق الذوقي الحيوي، والباحثين عن معان جديدة لا تكتب بسهولة. لا يهرب وليد من الكتابة عن الحرب، سأما أو خوفا او منعا لتكرار واجترار معان سبق وأن حرثت طيلة تاريخ الدم الفلسطيني، هو لا يكتب عنها ليكتب عنها، ليراها من بعيد، ليستكشف أبعادها الخفية.

يقول: في قصيدة حقيبة فشل على الكتب:

خرجت من البيت بحقيبة فشل فادح على الكتف.

درت بها في الغرفة

جلست قربي على مقعد الجامعة

حملتها في المواصلات العامة

وفي المظاهرة التي ذهبت اليها وأنا أظن ان المبادئ القديمة التي ولدت في نهاية القرن التاسع عشر،

بمقدروها أن تحرر مدنا بائسة وفلاحين.

أعرف أن هذا كله محض هراء أبيض.

كي أبرر لنفسي

رفوف النسيان التي رفضتها.

الكتابة (في حمى حرب طاحنة، تهدد فينا الهوية الوطنية والكرامة، الشخصية والعامة وحقوق الحياة الطبيعية،) عن حياتنا لعادية و عن طفولتنا ورغباتنا،عن الجنون الشخصي وتفاهتنا،عن التفاصيل التي لا تهم أحدا، هذه الكتابة تحتاج قراءة خاصة ، وقارىء مختلف، لا يبحث عن السهل والجاهز، خارج من مدرسة التطابق، قارىء يحب أن يتوه ويقفز ويهبط، لحثا وراء شظايا المعاني، هذه الكتابة هي التي تخلد وتبقى، وهي غير منسحبة من معركة البقاء، كما تبدو من قشرتها وهي أيضا ممتلئة بدلالات واحالات وعمق غير عادي، وليد الشيخ هو رائد مدرسة اللاتطابق، وهو بارع في التنويع فيها، والذهاب المستمر الى طفولته وذكرياته دون أن يسقط البلاغة والدراما ذات الرنين والرقص على الاوجاع واسنجداء دموع الكون. كتابة وليد ليست دموعية، لا تشبه كتابة أحد، فيها ما وراء البلادن وما تحت الجرح، تسبق هذه الكتابة وقوع الجرح، تسبقه وتقف على التلة تنتظره لكنها لا تشاركه الجنازات واللطم، ولا تنحني أيضا لعرس صاخب في الطريق.

يقول في قصيدة : كان لابد أن يكون الحوار ناقصا.

أن الحرب التي جاءت من النافذة تدركين الآنليلة أمس،والخيول التي صهلت على سبيل الوعيدوالمرأة التي هبت مثل زوبعةٍ، لتلم أشياءها وملابسها وترمي على رأسها شالاً كالحاًبلون السماء قبل الحربوالكلمات كلها، البذيئة والمهذبة، التي تساقطت كضحايا زلزالولم تعد تصلح حتى كجملة معترضةأولاد المرأة التي وضعت على رأسها الشال الكالحأيضاً، خرجوا مثل ظباء جريحة.

تمثل مدرسة وليد الشيخ في الكتابة رغبة الشاعر الفلسطيني المعاصر في مقاومة العبء الجمالي الذي تفرضه عليه حروب بلاده، كثيرون بدؤوا يكتبون مثل وليد، في الشعر غالبا.( لا أكتب عن الحرب.) تجربة شعرية متميزة تحتاج تدريسا في جامعة وورشات كثيرة لمناقشة حق الشاعر الفلسطيني في الرقص الفردي بعيدا عن رقصة الدم المستمرة في بلاده. وحق الشاعر في الإجابة بطريقته على كل الساخطين، من مدرسة التطابق بين المعنى والعنوان.

عن الشاعر

وليد الشيخ : شاعر فلسطيني مواليد "مخيم الدهيشة" في بيت لحم عام 1968.

صدر له في الشعر: "حيث لا شجر" (1999)، و"الضحك متروك على المصاطب" (2003)، و"أن تكون صغيراً ولا تصدق ذلك" (2007)، و"أندم كل مرة" (2015)، و"شجار في السابعة صباحاً" (2017)، و" أمر بسيط للغاية "2021.

كما صدر له في الرواية: "العجوز يفكر بأشياء صغيرة" 2021، يعيش في رام الله, يعمل في المجال الحقوقي بإحدى المؤسسات القانونية في رام الله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ولید الشیخ عن الحرب دون أن

إقرأ أيضاً:

جولة بصومعة محمد سلماوي.. والكاتب: لا أستطيع الكتابة إلا في هدوء

أكد الكاتب الكبير محمد سلماوي، إنه عندما اختار الشقة صومعه له اختارها في عمارة مكونة من تسعة طوابق واختار الطابق الثامن كأبعد نقطة ممكنة عن ضوضاء الشارع، مؤكدا أن صومعته تغطيها لوحات جميلة تنعكس على نفسه ورؤيته.

تكريم ليلى علوى والاحتفال بميلاد سلماوى فى مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونيةفي احتفالية ببلوغه الثمانين.. وزير الثقافة يوجه بإنتاج إحدى مؤلفات محمد سلماويمحمد سلماوي في الثمانين.. فارس الكلمة الحرة وظلّ نجيب محفوظمحمد سلماوي : مهمة الأديب أن يعبر عن ضمير أمته ..والكتاب المطبوع يقدم المعرفة الكلية

وقال في حواره على قناة “ إكسترا نيوز”، إن رواية "أجنحة الفراشة" وبعدها رواية "أوديب في الطائرة" كتبها في صومعته للكتابة، والتي تمنحه هدوءا كبيرا، مؤكدا أنه لا يستطيع أن يكتب إلا في هدوء شديد.

وأكد أنه لا يستطيع أن يكتب في ضوضاء صوتيه فقط بل وضوضاء بصرية أيضا، مشيرا إلى أنه لم يستطع مطلقا أن يكتب في مقهى كغيره من الكتاب ولابد أن يكتب في صومعته الهادئة، مؤكدا أنه لا يملك القدرة على الكتابة في الأماكن التي بها ضوضاء.

طباعة شارك سلماوي محمد سلماوي اخبار التوك شو العاشرة محفوظ

مقالات مشابهة

  • تحذير إسرائيلي: مشاهد الجوع غير الأخلاقية في غزة أفقدتنا الشرعية الدولية التي نحتاجها
  • جولة بصومعة محمد سلماوي.. والكاتب: لا أستطيع الكتابة إلا في هدوء
  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • إبراهيم عثمان يكتب: رصاصتان في جسد سردية ميتة!
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • قلم الرئيس الذي يكتب لوحده | نخبرك ما نعرفه عن مزاعم ترامب بسرقة توقيع بايدن
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: السودان.. معادلات الأمن والنفوذ
  • وليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. إنحر هواك وأطع مولاك