حين يصمت الجميع وتنطق صواريخ أنصار الله “غزة ليست وحدها”
تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT
منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، التزمت حركة “أنصار الله” بقيادة السيد عبدالملك الحوثي بموقف واضح وصريح ألا وهو نصرة الشعب الفلسطيني.
ذلك الالتزام لم يكن مجرد خطاب عاطفي، بل تُرجم إلى عمليات عسكرية نوعية أعلن عنها المتحدث العسكري، يحيى سريع، واستهدفت الكيان الصهيوني، في رد مباشر على المجازر الأمريكية-الصهيونية بحق المدنيين.
في المقابل، يقف قادة العرب والمسلمين، ومعهم جيوشهم المدججة بأحدث الأسلحة، متفرجين أمام مشهد الإبادة الجماعية في غزة، لا يحركون ساكنًا، بل ويحولون بين الشباب العربي ورغبتهم في الانضمام إلى صفوف المقاومة الفلسطينية. وكأنهم يتمنون أن تبتلع أمواج البحر غزة لتريحهم من الحرج.
وأما الشعوب العربية والإسلامية، فقد وقعت في أسر القهر السياسي، لا تملك حرية الفعل، مقيدة بخوف مزروع في الذاكرة الجمعية، عاجزة عن نصرة إخوانها في غزة، تكتفي بالصمت والذهول، وكأن المأساة تحدث في كوكب آخر.
في هذا السياق، يؤكد السيد عبدالملك الحوثي على أن جماعته اختارت “الخيار الصحيح”، وهو الجهاد ضد العدو الصهيوني والأمريكي، ردًا على استمرار العدوان على غزة وانهيار محاولات وقف إطلاق النار. وقد دفعت الولايات المتحدة ثمن عدوانها على اليمن، إذ كبدتها القوات اليمنية خسائر فادحة، دفعت واشنطن إلى إعادة حساباتها. ووفق تقرير لشبكة “NBC” الأمريكية، فإن هذه الحرب القصيرة نسبيًا كلّفت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار، وأدت إلى نفاد الآلاف من القنابل والصواريخ، بالإضافة إلى تدمير سبع طائرات مسيّرة، وإغراق مقاتلتين حربيتين.
ورغم كل هذه الحقائق، يواصل بعض القادة العرب والمسلمين رهانهم على حكومة نيتنياهو المتطرفة، أملاً في القضاء على المقاومة الفلسطينية، متجاهلين دروس التاريخ والمنطق. إن هذا الرهان ليس فقط غبيًّا من الناحية الاستراتيجية، بل يشكل سقوطًا أخلاقيًّا مدويًا. فالمقاومة ليست مجرد سلاح، بل روح شعب لا تُقهر.
ألا يدرك أولئك الحكام أن دعمهم لحكومة نيتنياهو، إحدى أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ الكيان الصهيوني، هو تماهٍ خطير مع مشروع استيطاني عنصري؟ .
إنهم بذلك يمنحون الضوء الأخضر لبناء المزيد من المستوطنات، مثلما أُعلن مؤخرًا عن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، ويشجعون على تهويد القدس، وتوسيع الحصار على غزة والضفة، وارتكاب المجازر دون رادع.
في المقابل، يُظهر اليمن وجهًا آخر من العروبة، وجهًا تفيض منه الكرامة والمقاومة. ففي الوعي اليمني، تعتبر نصرة المظلوم واجبًا دينيًّا وأخلاقيًّا، وفلسطين وغزة رمزان للظلم الصارخ على أمة الإسلام. لذلك فموقف أنصار الله في إسناد غزة ليس ظرفيًّا ولا دعاية مؤقتة، بل نابع من شعور إنساني أصيل وتاريخ من التضامن والتلاحم.
وعلى الرغم من الحصار والحرب والفقر الذي يعانيه اليمنيون، فإنهم لا يتوانون عن مد يد العون لغزة، بالمال والدم والسلاح. هذا الموقف ليس جديدًا، فقد شارك اليمنيون في الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان لهم حضور في حرب 1973، مما يعزز الروح التضامنية في وجدانهم.
إن معاناة اليمنيين اليومية تجعلهم أكثر شعورًا بآلام الغزّيين، وأكثر قدرة على فهم وحشية الحصار وآثاره النفسية والاقتصادية. ورغم كل التحديات، لا تزال صواريخ اليمن تنطلق وتدوي في سماء فلسطين المحتلة لتعلن أن غزة ليست وحدها، وأن الكفاح مستمر، وأن القضية الفلسطينية ستبقى حية في الوجدان العربي.
إلى ذلك يرى مراقبون أن استخدام صواريخ فرط صوتية يمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة الصراع، وهو منعطف خطير للغاية في تطورات الشرق الأوسط إذ أن مثل هذه الأسلحة من الصعب اعتراضها عبر المنظومات التقليدية، ما يُحدث خللًا في معادلة الردع الإسرائيلية، إذ بدأت الحرب عن بُعد بالمسيرات والصواريخ من طرف دول لا تجمعها حدود جغرافية مع الكيان، الأمر الذي لم تكن إسرائيل تنتظره. وهو ما يعكس قدرة اليمنيين على التأثير في موازين القوة الإقليمية، رغم الحصار المفروض على اليمن.
فلاش: من بين المقولات التي تتردد على الألسنة مقولة: “من لم يؤدبه الزمن، يؤدبه اليمن” وهي مقولة تنبع من تاريخ طويل من الكبرياء، وتحمل تحذيرًا واضحًا لكل من يستخف بشعب اليمن ومقاومته. وما خضوع أمريكا لشروط صنعاء مؤخرًا إلا تأكيد على أن هذا البلد العريق لا يُقهر. ويكفيهم شرفا أن تُعرب كتائب المقاومة الفلسطينية، عن مباركتها للضربات الصاروخية التي تنفذها “أنصار الله” في عمق الأراضي المحتلة، حيث أشاد أبو عبيدة، المتحدث الرسمي باسم كتائب القسام، بالعمليات التي يقوم بها اليمنيون، واصفاً إياها بـ”النوعية”، ومثمناً في نفس الوقت تضامن الشعب اليمني وموقفه الداعم للقضية الفلسطينية واستعداده للتضحية من أجلها.
وختاما، فبينما يراهن البعض على الخنوع والتطبيع، يراهن أنصار الله وكل الأحرار على الشرف والمقاومة. والرهان الأخير هو ما تصنع به الأمم تاريخها، وتستعيد به كرامتها.
*كاتب مغربي
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
شرايين الإبادة .. كيف كشف اليمن تواطؤ أنظمة عربية في تمويل مجازر غزة وكسر الحصار عن العدو
في خضم معركة الجهاد المقدس والإسناد اليمني بعد العدوان الصهيوني على غزة، تتكشف يوماً بعد آخر خيوط تواطؤ إقليمي ودولي أوسع مما يظهر في العلن، فقد كشف تحقيق استخباراتي يمني تفاصيل خطيرة حول مخطط واسع النطاق تقوده عدة دول عربية، على رأسها السعودية، الإمارات، مصر، البحرين، وتركيا، بهدف كسر الحصار البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على الكيان الصهيوني عبر توفير ممرات بحرية وبرية آمنة لتهريب الشحنات التجارية إليه.يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
يرصد التقرير حجم التعاون اللوجستي والسياسي الذي وفرته هذه الدول عبر موانئها ومجالاتها البحرية، في خرقٍ مباشر للزخم الشعبي الداعم لغزة ، كما يكشف التقرير عن تفاصيل دقيقة لخطوط تهريب شحنات العدو الإسرائيلي، سواء عبر البحر الأحمر أو عبر ممرات بديلة تمر برأس الرجاء الصالح، إضافة إلى أساليب التمويه والتغطية التي لجأت إليها شركات ودول متورطة.
تفاصيل المخطط ومحاولة كسر الحصار اليمني
أكدت تقارير استخباراتية يمنية أن مخططاً إقليمياً متكاملاً بدأ تنفيذه منذ إعلان القوات المسلحة اليمنية فرض الحصار البحري على العدو الإسرائيلي، ويهدف المخطط إلى تأمين تدفق الشحنات التجارية من وإلى الكيان، من خلال مسارات بحرية وبرية تمر عبر أراضي وموانئ دول عربية متواطئة.
ويعتمد المخطط على استخدام موانئ الخليج كمحطات تجارية وسيطة، وتسهيلات من مصر عبر قناة السويس، إضافة إلى شبكة برية تمر من السعودية إلى الأردن، ومنها إلى الأراضي المحتلة، في ما وصفته القوات المسلحة اليمنية بـأنه جسر بري واقعي تم تأمينه لصالح العدو.
أدوار الدول المتواطئة في تهريب شحنات العدو
السعودية .. استُخدمت موانئ مثل جدة والدمام كمنصات مؤقتة لتفريغ الشحنات، وعبرت شحنات تجارية للعدو الإسرائيلي أراضيها برًا في اتجاه الأردن، تحت غطاء شركات ’’طرف ثالث’’.
الإمارات .. شكّل ميناء جبل علي محطة رئيسية لإعادة شحن بضائع للعدو الإسرائيلي وإخفاء مصدرها، وعملت شركات شحن مسجلة في أوروبا وآسيا على تغطية العمليات التجارية المشبوهة.
مصر .. وفرت قناة السويس ممراً سريعاً وآمناً لعبور السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، وسُجلت تحركات مشبوهة عبر معبر العوجة ومنطقة سيناء.
البحرين .. لعبت دوراً دبلوماسياً في إصدار تصاريح عبور للسفن والشركات ذات الارتباط الصهيوني، واستُخدمت لتسهيل تسجيل بعض الشحنات عبر شركات بحرينية أو شراكات صورية.
تركيا .. استُخدمت موانئ مرسين وإزمير كنقاط تصدير للشحنات الموجهة للعدو الإسرائيلي ، وتعاونت شركات تركية إسرائيلية على ترتيب العمليات اللوجستية، مستفيدة من الحماية الرسمية.
السفن والشركات المتورطة أو المستهدفة
أبرز العمليات اليمنية استهدفت سفنًا ثبت ارتباطها التجاري أو اللوجستي بالعدو الإسرائيلي :
Magic Seas (يونانية): غرقت في البحر الأحمر في يوليو 2025.
Eternity C: سُجّل استهدافها ومقتل اثنين من طاقمها، بعد التأكد من ارتباط وجهتها بميناء العدو الإسرائيلي (إيلات)
وقد أكدت القوات البحرية اليمنية أن عمليات التحليل الإلكتروني لمسارات السفن أظهرت محاولات تمويه باستخدام شركات نقل وسيطة وتغيير أعلام السفن، في خرق واضح للحظر المعلن.
المسار البحري البديل .. تجاوز الحصار عبر رأس الرجاء الصالح
في محاولة للالتفاف على الحصار اليمني للبحر الأحمر، لجأت شركات الملاحة المرتبطة بالعدو إلى مسار أطول ، الإمارات أو الهند ــــ سنغافورة
↓
المحيط الهندي
↓
رأس الرجاء الصالح – جنوب أفريقيا
↓
المحيط الأطلسي
↓
مضيق جبل طارق
↓
موانئ وسيطة (فالنسيا، بيريوس، مارسيليا)
↓
ميناء حيفا أو أسدود – إسرائيل
ورغم طول وكلفة المسار، إلا أنه استُخدم لتجاوز الحصار اليمني في باب المندب.
أساليب التمويه والتغطية المستخدمة
رصدت القوات المسلحة اليمنية عدة تقنيات احتيالية استخدمتها السفن لتمويه وجهاتها منها تغيير الأعلام واستخدام أعلام ليبيريا، بنما، جزر مارشال، وإيقاف نظام التتبع AIS لإخفاء موقع السفن ووجهتها، وكذلك إعادة شحن في موانئ وسيطة لتغيير الوثائق وإخفاء الأصل، وشركات واجهة وهمية لتوقيع العقود باسم أطراف ثالثة
التواطؤ العربي .. الضوء الأخضر لإبادة غزة وتجويع شعبها
لم يكن التواطؤ الذي مارسته هذه الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني مقتصرًا على التسهيلات اللوجستية والتجارية، بل شكل عمليًا الغطاء السياسي والميداني الذي استند عليه العدو في تكثيف عدوانه الوحشي على غزة، حين شعر الكيان الصهيوني أن هناك ممرات آمنة ومدعومة من دول إقليمية لتمرير احتياجاته من الغذاء، الوقود، المواد الخام والذخائر، عبر البحر الأحمر أو موانئ بديلة، اعتبر ذلك ضوءًا أخضر لتصعيد حرب الإبادة، دون أن يخشى نفاد الإمدادات أو ضغطًا لوجستيًا واقعيًا، وهكذا، تزامن الدعم الميداني غير المعلن مع قصف مكثف على المدنيين والمستشفيات والمخيمات، وفرض حصار خانق على شمال وجنوب القطاع، واستخدام المجاعة كأداة حرب ممنهجة، وارتكاب مجازر جماعية موثقة بأدلة دولية، وبهذا، لم تعد هذه الدول مجرد متواطئة، بل تحوّلت إلى شركاء فعليين في الجريمة، عبر توفير استقرار اقتصادي لكيان يرتكب جرائم حرب، وإطالة أمد قدرته على الاستمرار في المجازر.
الرد اليمني .. توسيع رقعة المواجهة البحرية
في مواجهة هذا التواطؤ، أعلنت القوات المسلحة اليمنية توسيع نطاق الحصار البحري، لتشمل استهداف أي سفينة تتعامل مع شركات لها علاقة بالعدو، بغض النظر عن موقعها، وتنفيذ عمليات نوعية في أعالي البحار، باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ بحرية، كما وجهت تحذير إلى الملاحة العالمية من مغبة التعاون مع الكيان، لكي لا تكون تحت طائلة الاستهداف العسكري المباشر، من هذا المنطلق، لم يكن فرض الحصار اليمني مجرد خطوة تضامنية، بل محاولة حقيقية لقطع شرايين الإبادة عبر تعطيل شحنات الغذاء والسلاح التي تُبقي آلة القتل الإسرائيلية تعمل، وهذا ما يفسر تصعيد القوات المسلحة اليمنية لعملياتها البحرية، ورفضها لأي تفاوض دون توقف العدوان على غزة بالكامل.
خاتمة
تكشف هذه المعطيات أن اليمن بات لاعبًا إقليميًا فاعلًا لا في الجبهة اليمنية فقط، بل في قلب معركة السيادة على البحر الأحمر والمياه الدولية، وأن مشروع الحصار لم يعد مجرد ردّ تضامني، بل تحول إلى سلاح استراتيجي يحكم السيطرة على الممر البحري الدولي الذي طالما استُخدم لدعم كيان العدو الإسرائيلي ، وإنّ كل شحنة مرّت عبر موانئ الإمارات أو البحرين أو مصر أو تركيا، ووصلت إلى كيان العدو، كانت بمثابة صاروخ إضافي سقط على أطفال غزة، وإنّ من سكت عن هذا التواطؤ، أو غض الطرف عنه، فقد ساهم في جرائم الحرب، ولو بصمته.
# إسرائيل# العدو الإسرائيلي# العدوان على غزة# القوات المسلحة اليمنية# تل أبيب#باب المندبالبحر الأحمرالتواطؤ العربي