النشامى وأسود الرافدين: الرياضة رسالة محبة لا ساحة صراع
تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT
#سواليف
النشامى وأسود الرافدين: الرياضة رسالة محبة لا ساحة صراع
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في لحظة طال انتظارها، تترقب الجماهير العربية مباراة المنتخبين الشقيقين، الأردن والعراق، في العاصمة الأردنية عمّان، بكل ما تحمله من رمزية وأمل. لكننا، اليوم، لا نقف عند حدود النتيجة، ولا نحصي الأهداف بقدر ما نحصي المعاني.
علينا أن نكون واضحين وصريحين: الرياضة ليست حربًا. هي لقاء، وتلاقٍ، وتحليق في فضاء الإنسانية الرحب. هي المساحة التي نعود فيها بشرًا، نتشارك الفرح والخسارة على حد سواء، دون أن نخسر قلوبنا أو أخلاقنا.
مقالات ذات صلة وزير الثقافة يرعى حفلا ثقافيا في بني كنانة . 2025/06/04للأسف، قبيل هذه المباراة، طفت على السطح بعض الأصوات التي حاولت تسييس الحدث، وتحميله مضامين لا تليق بمقامه ولا بروحه. أصوات مشحونة، تفتّش في زوايا الطائفية، وتنثر بذور الفرقة والتشكيك، وكأنها تسعى لحرماننا من لحظة نقية قد نحتاجها جميعًا لنستعيد شيئًا من توازننا المفقود.
لكننا نقولها بكل وضوح: لن نسمح بأن تتحول هذه المباراة إلى مرآة للتعصب، ولا إلى منصة للكراهية.
الأردن والعراق، دولتان عربيتان شقيقتان، يجمع بين شعبيهما نهر من التاريخ، وشريان من الودّ، وعقد من التضحية المشتركة. لا يمكن لمباراة واحدة، ولا لتعليق عابر هنا أو هناك، أن تهزّ هذا الجسر المتين بين بغداد وعمان.
إن المنتخب العراقي، بكل ما يحمل من عزيمة وتاريخ، هو ضيف عزيز في بلده الثاني. والجماهير العراقية، التي ننتظرها بكل حب، ستكون بين أهلها وأحبتها. والمطلوب منّا – نحن أبناء الأردن – أن نكون على قدر هذا الحدث، وأن نترجمه كما يليق بشعبٍ لطالما عُرف بالشهامة والكرم والتسامح.
إن الدعوة اليوم ليست فقط إلى التشجيع النظيف، بل إلى الاحتفال بالأخوّة العربية، وإلى تجديد الإيمان بأن الرياضة يمكن أن تكون مخرجًا من الاحتقان، لا وقودًا له. فلنُثبت لأنفسنا أولًا، ثم للعالم، أننا قادرون على أن نعلو فوق الجراح، ونحتفي بما يجمعنا بدلًا من أن ننكأ ما يفرّقنا.
نعم، المباراة قد تكون تحصيل حاصل للمنتخب الأردني الذي حقق إنجازًا تاريخيًا بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم، لكنها بالنسبة لنا ليست تحصيلًا عابرًا للروح. هي فرصة لنبني، لا لنهدم، لنُقرّب المسافات، لا لنُوسّع الفجوات.
وبالنسبة للعراق، هي فرصة للاستمرار في المنافسة، تستحق الاحترام والتقدير، لا التربص والاتهام.
لنرفع اليوم شعار: “نربح باللعب، ونربح بالمحبة.”
فلنُظهر أن مدرجاتنا ليست مكانًا للهتاف العدائي، بل منصّة للتعبير عن وحدة شعوبٍ تتوق للسلام، وتؤمن بأن قضاياها الكبرى لا تُحل بالكراهية، بل بالتعاون والتكامل.
في هذه اللحظة، نحن جميعًا مسؤولون عن الصورة التي سنرسمها. عن الكلمة التي سنكتبها، والتصريح الذي سنقوله، والهتاف الذي سنطلقه. فلنجعلها صورة مشرقة، وكلمة طيبة، وهتافًا للسلام.
بغداد وعمان ليستا طرفي ملعب… بل جناحين في جسد واحد.
فلتكن المباراة رسالة… لا رسالة كراهية، بل رسالة أمل.
رسالة تقول: ما زال في الأمة قلب نابض… يحب، ويصون، ويوحد.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الرياضة تجمعنا مباراة الأخوة
إقرأ أيضاً:
الضفة الغربية: ساحة اشتعال مفتوحة.. تصعيد مستمر ومواجهة يومية مع الاحتلال
في صباح كل يوم، تستيقظ الضفة الغربية على أصوات الاقتحامات العسكرية، والرصاص المتقطع، والهتافات الشعبية، بسبب استمرار الاحتلال في فرض سيطرته على الأرض ومواصلة سياسات القمع والإرهاب المنظم ضد المدنيين. وبما أن هذه العمليات تشمل جميع المدن والقرى من نابلس شمالا إلى الخليل جنوبا، مرورا بطولكرم وقلقيلية ورام الله، فإن السكان يعيشون حالة دائمة من القلق والتوتر، بينما تتكرر المشاهد نفسها يوميا: جدران البيوت تهتز، والطرق تُغلق، والمدارس تتأخر في استقبال الطلاب، والمواطنون يتنقلون بين خوف اللحظة وعزيمة الصمود، وهكذا تصبح الحياة اليومية اختبارا لصبر الفلسطينيين وإرادتهم المستمرة.
الضفة الغربية اليوم ليست مجرد أرض محتلة، بل ساحة اشتعال مفتوحة، لأن الفلسطينيين يواجهون سياسات الاحتلال اليومية بعزيمة وإرادة لم تتراجع، رغم القسوة الشديدة للظروف. وبسبب الاقتحامات والاعتقالات والمداهمات اليومية، فإن حالة الغضب الشعبي تتزايد، ويزداد معها تصاعد المواجهات اليومية بين الشباب وقوات الاحتلال، وهو ما يجعل كل يوم مليئا بالتحديات والمخاطر التي تهدد حياة المدنيين بشكل مباشر.
التصعيد الإسرائيلي المستمر
تشير التقارير الميدانية إلى أن الاحتلال الإسرائيلي زاد من وتيرة عملياته العسكرية بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، والسبب في ذلك هو محاولته المستمرة إخضاع الفلسطينيين وإضعاف المؤسسات المحلية، وفرض واقع أمني جديد يُخضع الضفة الغربية بالكامل. وبما أن هذه العمليات تشمل اعتقالات استهدفت نشطاء سياسيين وطلابا وصحفيين، فإن التوترات المجتمعية تتصاعد بشكل يومي، ما يخلق حالة من الغضب الشعبي الذي يتحول إلى مواجهات مفتوحة في العديد من المناطق.
وفي نابلس، على سبيل المثال، يواجه المواطنون مزيجا من الرعب واليأس، حيث تقتحم قوات الاحتلال المنازل ليلا وتعتقل من تصادفهم أعينهم، وهذا يؤدي إلى خلق حالة من الفوضى والخوف في الأحياء، وهكذا يعيش السكان بين صدمة الاعتقال وفقدان الشعور بالأمان.
وفي الخليل، تستمر المواجهات بسبب الاستيطان المتواصل والاقتحامات الليلية التي تهدف إلى تخويف السكان وفرض السيطرة على المناطق الحيوية. وبما أن المدينة تحتوي على تجمعات سكانية متجاورة للمستوطنين والفلسطينيين، فإن المواجهات تتحول إلى اشتباكات يومية، ويصبح الشارع الفلسطيني ميدانا للاحتكاك المستمر، ما يزيد من صعوبة الحياة اليومية.
وبالإضافة إلى ذلك، يستخدم الاحتلال الحواجز العسكرية كوسيلة للسيطرة على تحركات السكان، ومنعهم من الوصول إلى أعمالهم ومدارسهم ومستشفياتهم. وبما أن الطرق مغلقة أو مراقبة بشكل دائم، فإن المصابين يواجهون صعوبات كبيرة للوصول إلى المستشفيات، مما يؤدي إلى زيادة عدد الإصابات الخطيرة والوفيات بين المدنيين، وهكذا تصبح الضفة الغربية ميدانا للمعاناة الإنسانية المستمرة.
المقاومة اليومية والصمود
ورغم كل هذه الإجراءات القمعية، يواصل الفلسطينيون صمودهم ومقاومتهم اليومية. فشباب الضفة يخرجون في الاحتجاجات الشعبية، ويرفعون العلم الفلسطيني، وهكذا يثبتون أن روح المقاومة لم تمت، وأن الدفاع عن الأرض والكرامة هو واجب يومي لا يمكن التنازل عنه.
ويقول أحد سكان نابلس: "نعيش تحت تهديد مستمر، ولكننا لن نسمح لهم بسرقة حياتنا وكرامتنا.. كل يوم نثبت أننا باقون وأن الأرض لنا." وبسبب هذه الروح الوطنية، تظل الأسر الفلسطينية صامدة، وتستمر في مواجهة المصاعب اليومية رغم قسوة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وهكذا يتعلم الأطفال منذ صغرهم أن الصمود جزء من حياتهم اليومية.
وفي طولكرم، يشارك الطلاب والمعلمون في تنظيم مظاهرات سلمية، وهكذا يصبح التعليم أداة للمقاومة، لأن الشباب يرفضون أن تنكسر إرادتهم تحت ضغط الاحتلال، ويصرون على توصيل رسائل المقاومة للعالم، ليؤكدوا أن الضفة الغربية ليست مجرد أرض محتلة، بل قلب نابض بالمقاومة والصمود.
وفي رام الله، تشهد المدينة مواجهات متقطعة على المداخل والطرقات الرئيسية، حيث يواجه الفلسطينيون الحواجز العسكرية اليومية، وهكذا تتحول المدينة إلى مختبر للتجربة الفلسطينية اليومية بين الحياة والموت، بين الاحتجاج والمواجهة، وبين التحدي والإصرار على الصمود.
الأبعاد الإنسانية والاجتماعية
إن تصعيد الاحتلال في الضفة الغربية ليس مجرد عمليات عسكرية، بل يحمل أبعادا سياسية واجتماعية، لأنه يهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وإضعاف المؤسسات المحلية ومنع أي محاولة لإحياء عملية السلام. وبما أن هذا الواقع يولد مأزقا إنسانيا حقيقيا، فإن ملايين الفلسطينيين يعيشون في خوف دائم، ويفقدون القدرة على ممارسة حياتهم الطبيعية بشكل آمن.
وبسبب الحصار، والاعتقالات المتكررة، والإغلاقات، يعاني الأطفال والنساء من آثار نفسية كبيرة، وهكذا تصبح الضفة الغربية ميدانا للمعاناة الإنسانية اليومية. المدارس والمستشفيات تتحول إلى أماكن مواجهة بين الاحتياجات الإنسانية وسياسات الاحتلال، ويضطر الفلسطينيون إلى الاعتماد على بعضهم البعض في مواجهة هذه الظروف الصعبة.
ويقول أحد المعلمين في طولكرم: "الاحتلال لا يهاجم الأرض فقط، بل يهاجم عقول الأطفال وأحلامهم.. ومع ذلك، نحن نستمر في تعليمهم الصمود والشجاعة". وبما أن هذه الجهود تستمر يوميا، فإن المجتمع الفلسطيني يثبت أنه قادر على الصمود رغم كل التحديات، وأن الإرادة الشعبية لا يمكن كسرها.
التحديات المستقبلية
الضفة الغربية اليوم مرآة لصمود الشعب الفلسطيني وعزيمته، وهكذا تحمل كل مدينة قصة صمود مختلفة، لكنها جميعا تروي نفس الحقيقة: الاحتلال يولد أزمات إنسانية وسياسية مستمرة، لكن الفلسطينيين مستمرون في الدفاع عن حقوقهم. وبما أن الفلسطينيين مستمرون في النضال، فإن الضفة الغربية لن تصبح أرضا صامتة، بل ساحة اشتعال مفتوحة تروي قصة شعب لا ينسى وطنه، ويقاتل من أجله كل يوم، مهما كانت التحديات والمخاطر.
وبسبب هذا الصمود المستمر، تبقى الضفة الغربية رمزا للمقاومة، وتظل قصص الشهداء والمصابين والمعتقلين جزءا لا يتجزأ من التاريخ الفلسطيني الحديث، وهكذا يثبت الشعب الفلسطيني أنه حاضر في ميدان الصراع من أجل الحرية والكرامة، وأنه قادر على الصمود رغم كل ما يحاك ضده من مخططات سياسية وعسكرية.
كما أن استمرار المقاومة الشعبية اليومية، بمختلف أشكالها، يشكل رسالة واضحة لكل العالم بأن الأرض الفلسطينية لن تُترك بسهولة، وأن الشعب الفلسطيني مستمر في حماية وطنه، وهكذا تتحول الضفة الغربية إلى مدرسة للصمود والمقاومة، يدرس فيها الفلسطينيون كل يوم دروسا جديدة عن الشجاعة والإرادة التي لا تُقهر.