بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يشتكي معظم الناس من أمراضهم، ويتذمر البعض من تردي أوضاعهم المعيشية، أما أنا فمازالت أعاني من بداوتي وشهامتي القروية المفرطة، ومن اندفاعي بقوة نحو مساعدة الناس حتى لو لم يطلبوا مني المساعدة. .
منذ سنوات وانا أمارس العطاء الدائم بلا وعي، وبلا فرامل، وبلا كوابح حتى استنزفوني واستغلوني بلا رحمة، ثم تركوني منفياً مستبعداً هائما على وجهي خلف جدران الجحود والنكران.
كنت أسرف في العطاء حتى طحنتني أنيابهم الجشعة. فكم من سخي صار هشيماً، وكم من رحيم صار رجيماً. .
اغلب الظن ان ما يحدث معي هو استحقاق تأديبي وليس عقوبة، ربما لكي أعيد النظر بطريقة تفكيري، واستفيق من غفلتي، واتوقف عن تكرار اخطائي. لا شك ان بعض الصفعات تُعيدني إلى وعيي أكثر من ألف نصيحة. .
لم افهم التعايش الآمن مع الناس في غاباتهم المظلمة إلا بعدما صرت ارى وجوههم على حقيقتها. . كلما فهمت الواقع أكثر تضاءل تعداد من أثق بهم. .
الإفراط في العطاء يعلم الناس إستغلالك، والإفراط في التسامح يعلم الناس التهاون في حقك، والإفراط في الطيبة يجعلك تعتاد الإنكسار، والإفراط في الإهتمام بالآخرين يعلمهم الاتكال عليك. . فكم من طباع جميلة انقلبت على أصحابها بسبب الإفراط فيها. .
المشكلة الأخرى انني اكتشفت متأخراً أن كثرة الاختلاط تفقد المرء هيبته، وتجعله مألوفاً مستهلكاً، فقررت ان احتفظ بالكثير من نفسي لنفسي. .
لن أقضي ما تبقى من عمري عارضاً نفسي للناس منتظرا من يعجب بيَّ، ويثني عليَّ، فقيمتي ليست في الآخرين، ولا تُقاس برأيهم، قيمتي بداخلي أنا. وثقتي بذاتي تحييني ملكاً. .
لن أنسى من كان بجانبي عندما احتجته، ولن أنسى من تخلّى عني وخذلني ولم يسأل عني، ففي الحالتين هناك بصمة لا تُنسى أبداً. .
ليس لدي طاقة للعتاب، ولا للمجاملة بعد الآن، ولا للحقد والكراهية، ولا لأي شيء. لقد انتهى رصيد المشاعر الطارئة. .
كلمة اخيرة: لا تتعاملوا مع أحد على انه مصدر امان. معظم الناس مؤذين ولكن بطرق مختلفة. .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
???? ما هي أمنية جنجويد الخرطوم والجزيرة بعدما تم طردهم منها؟
ما هي أمنية جنجويد الخرطوم والجزيرة بعدما تم طردهم منها، بالتأكيد يتمنون اتفاقاً يعيدهم إليها مجدداً، اتفاقاً يسمح لهم بالعودة لممارسة وظائفهم وتجارتهم بالأموال التي سرقوها من الذين عاشوا معهم وتربوا وسطهم. أمنيتهم أن يعودوا لشارع النيل ولأمدرمان والساحة الخضراء وأوماك والمجاهدين والأزهري والسلمة وعيد حسين وجبرة والسوق الشعبي وسوق ليبيا..
يبحثون عن اتفاق يعطيهم حق العودة، ذلك الحق الذي منعوه من سكانها الأصليين، بعدما طردوهم وقتلوهم ونكلوا بهم.أمنيتهم أن ينسى السودانيون تلك الجرائم ليعودوا بلباس جديد يمارسون به خيانتهم المعهودة..
يعرف هؤلاء الخونة أن مقامهم في مناطق سيطرة أهاليهم مؤقت، ويصعب عليهم التأقلم والعيش معهم. يعرف هؤلاء المجرمون أنهم أضاعوا حياة كريمة وسط سكان مسالمين كانوا نعم الجيران ونعم الإخوة..
ذهب جنجويد الخرطوم والجزيرة إلى حيث الفوضى والإجرام. ذهبوا لأهليهم الذين ناصروهم على من احتضنوهم وجاوروهم لسنين. ذهبوا ليعرفوا أن دولة ٥٦ التي حاربوها ما كانت إلا الغطاء الحضاري الذي يستر عوراتهم ويؤمن روعاتهم، وبمعاداتهم لها عادوا لأصلهم وإلى مقامهم الحقيقي الذي لم يتجاوزه إلا حين رفعتهم هذه الدولة فوق مايستحقون.
حسبو البيلي
#السودان