ترامب ونتنياهو شريكان في حرب الإبادة.. نقطة وارجع إلى السطر
تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT
استعملت الإدارة الأمريكية الفيتو ضد مشروع قرار كان سيصدر عن مجلس الأمن، يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، ويدعو إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المهددين بالموت جوعا وعطشا. لقد وافق الجميع على نص المشروع بما في ذلك بريطانيا، بحكم الوضع المأساوي القائم في غزة المحاصرة، ومع ذلك اعتبرت هذه الإدارة أن البيان منحاز بحجة أنه لم يحمّل مسؤولية الحرب إلى حركة حماس، ولم يطالبها بالاستسلام والتخلي عن سلاحها، ومغادرة غزة.
فعلت إدارة ترامب بذلك بوعي وإصرار، غير عابئة بالعالم الغربي الذي تقوده بلاده، والذي بدأ يعدل نظرته لما يجري في غزة والقدس والضفة، بعدما أوغلت حكومة أقصى اليمين الإسرائيلية في دماء الأطفال والنساء والشيوخ والأطباء والصحافيين وكل من هب ودب. لم يهتم ترامب بالظروف المحرجة التي يمر بها زملاؤه من الزعماء الغربيين الذين لم يعد معظمهم بإمكانهم تجاهل أصوات الملايين من ناخبيهم المطالبين بإنهاء هذه المجزرة، بعد أن أصبحت فلسطين الخبر الأول في العالم، وهو ما جعل معظم وسائل الإعلام الغربية تتحرر نسبيا من بعض الضغوط، وبذلك انطلقت الألسن لتنقل فظاعة ما يحصل من تصفيات ودمار.
ولم يتم الاكتفاء بالتأكيد على الأبعاد الإنسانية للمشهد، وإنما تصاعد الهجوم على الحكومة الإسرائيلية حتى اتهمها البعض بكونها تتبع خطوات أدولف هتلر في خطة القضاء على اليهود، حيث بدأ بالاستحواذ على ممتلكاتهم لدفعهم نحو الهجرة من ألمانيا، ثم تبلورت خطة تهجيرهم نحو مدغشقر، قبل أن ينقض عليهم ويخضعهم للمحرقة الشهيرة. هذا الكلام قيل في وسائل إعلام فرنسية، بل إن مجموعات من اليهود من مختلف الجنسيات نظموا صفوفهم، وألف مثقفوهم كتبا جريئة، وشاركوا في مظاهرات احتجاجية ضخمة من أجل التنديد بحرب الإبادة الجارية. ومنهم من شكك في السردية التي قامت عليها الدولة الإسرائيلية، ونسفوا الادعاءات الصهيونية.
لم يهتم الرئيس الأمريكي بكل ذلك، معتبرا الأولوية بالنسبة إليه هي عدم إزعاج نتنياهو وحلفائه، وعدم المساس بإسرائيل وسياساتها التوسعية. ليس هذا اتهاما مجانيا، لأن ترامب لم يكتف بدور المساند، بل أصبح شريكا في الإبادة الجماعية ومحرضا عليها. فهو الذي أعطى السياسة التوسعية للحكومة الإسرائيلية نفسا جديد عندما خرج بفكرة القضاء على الشعب الفلسطيني من خلال تزوير التاريخ وتهجير سكان غزة، واعتبار القدس صهيونية، وتسليم الضفة إلى اليهود حيث أطلق عليها الكونغرس الأمريكي التسمية العبرية "يهودا والسامرة"، وهو ما التزم به المسؤولون الصهاينة وأصبحوا يرددونه في لقاءاتهم الرسمية، مثلما فعل مؤخرا مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط بولس مسعد.
بناء عليه، يعتبر ترامب ليس محايدا سياسيا وعسكريا ودينيا، ولا يمكن الوثوق في أن يكون وسيطا نزيها، فهو يلتقي مع يهود إسرائيل الأكثر تطرفا حول خطة ابتلاع فلسطين وتهويدها بالكامل. لهذا السبب لم يراع مشاعر حكام دول الخليج التي زارها مؤخرا، وأغدقت عليه المليارات، وأحسنت وفادته بكرم نادر، وطلبت منه أن يكون عادلا، وأن يتخلى عن فكرة تحويل غزة إلى مشروع سياحي، وأن يقنع حليفه نتنياهو بضرورة وقف الحرب. وبدل أن يفعل ذلك أو جزءا منه، صرح وزير خارجيته ماركو روبيو بما يدل على أن الإدارة الأمريكية لا ترى ولا تسمع، إذ قام بتمجيد إسرائيل، واعتبارها أشبه بالحمل الوديع المجروح، وطالب الدول المحيطة بهذا الكيان بالتخلي عن الكراهية وتجنب الاعتداء على هذا "الشعب اليهودي المسالم"! بمعنى آخر، جعل الظالم مظلوما، وحوّل الضحية إلى وحش كاسر، في حين كان بإمكان البيت الأبيض الاستماع إلى ما قاله رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت؛ حول السياسة العبثية والشريرة التي تعتمدها حكومة تل أبيب في إدارة حرب الإبادة.
وحتى نصل إلى أعلى درجات استحمار الآخرين، طالبت ممثلة أمريكا داخل مجلس الأمن بدعم ما سمي بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، هذه الشركة الأمريكية التي استولت على المليارات، وطوعها الجيش الإسرائيلي لتحقيق أهدافه الإجرامية، والتي نصبت فخا رهيبا لإذلال الغزاويين وقتل العشرات منهم، وهي الشركة التي رفضت الأمم المتحدة الاعتراف بها والتعامل معها. فالسيدة السفيرة قالتها بوضوح "لن ندعم أي إجراء لا يدين حماس ولا يدعوها إلى نزع سلاحها ومغادرة غزة"!! غرور ما بعده غرور.. هذا يعني أنه حتى لو استجابت المقاومة لكل الشروط التعجيزية التي وضعها ويتكوف سابقا وحاليا لن يترتب عنها تغيير في الموقف الأمريكي؛ ليس فقط تجاه حماس بل تجاه مستقبل فلسطين والفلسطينيين. الخدعة مفضوحة والخطة واضحة، لقد صدق الشهيد أبو إياد حين قال: "مين الحمار اللي بوقف الانتفاضة ويرمى سلاحه من يده وبروح يفاوض إلا اللي بدو يخدم أعداءه؟". فالتاريخ يؤكد ذلك، والأيام القادمة لا تزال حبلى بالمفاجئات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل ترامب إسرائيل غزة ابادة ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الرئيس الأمريكي ترامب يظهر مستمتعًا خلال حضوره عرض UFC 316 في نيوجيرسي
خاص
لفت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الأنظار خلال حضوره عرض UFC 316 الذي أُقيم الليلة الماضية في ولاية نيوجيرسي، حيث ظهر في الصفوف الأمامية مستمتعًا بأجواء المواجهات القتالية وسط تفاعل جماهيري واسع.
وتناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مقاطع وصورًا لترامب وهو يتابع النزالات بحماس، محاطًا بعدد من الشخصيات البارزة من عالمَي الرياضة والسياسة، في حضور بات مألوفًا لعشاق الفنون القتالية المختلطة.
ويُعرف عن ترامب دعمه الكبير لرياضة الـMMA، وعلاقته القوية برئيس منظمة UFC دانا وايت، الأمر الذي جعله يظهر بانتظام في أبرز الأحداث القتالية، في مشهد يجمع بين الرياضة والسياسة تحت الأضواء.
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/7ydboFlz-q9npp74.mp4