الجزيرة:
2025-06-10@23:30:01 GMT

مبادرات شبابية وفردية تضمد جراح الجنوب اللبناني

تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT

مبادرات شبابية وفردية تضمد جراح الجنوب اللبناني

جنوب لبنان- مع تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، تحولت القرى الحدودية إلى مشاهد من الخراب التام، دمار شامل طال الحجر والبشر، ومس البنية التحتية والمنازل والمرافق العامة حتى باتت بعضها قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل.

وتشكّل بلدة رامية الحدودية نموذجا صارخا لهذا الواقع، إذ تحولت، وفق تعبير الناشط الشبابي وعضو المجلس البلدي حسين صالح، إلى "ضيعة منكوبة".

صالح تحدث للجزيرة نت عن حجم الكارثة التي ألمت بأهالي رامية قائلا: "كل المنازل دُمرت بالكامل، لم يبق بيت صالح للسكن، الاحتلال اقتحم البلدة بلا رحمة، وكأن هدفه اقتلاعها من جذورها ومحوها عن الخريطة".

وأضاف أن مشهد العودة عقب وقف إطلاق النار كان أشبه بصدمة جماعية: "ركام وصمت ثقيل ولا شيء سوى الخراب". ورغم هول المشهد، لم يقف أبناء البلدة مكتوفي الأيدي، بل شرعوا في ترميم مبنى المدرسة الرسمية -وهو البناء الوحيد الذي صمد جزئيًا- لتحويله إلى مأوى مؤقت لنحو 50 عائلة، بالتوازي مع جهود لتوفير منازل جاهزة بدعم من جمعيات محلية.

تعاني بلدة كفركلا من نقص المساعدات مما يعيق عودة الأهالي (الجزيرة) مبادرات أهلية

ويتابع صالح أن أبناء رامية لم ينتظروا تدخل الدولة، بل أطلقوا منذ الأيام الأولى للعدوان مبادرات أهلية جمعت أكثر من 100 ألف دولار بجهود فردية، خُصّصت لتقديم مساعدات عاجلة من أدوية، وحليب أطفال، وحفاضات، إضافة إلى تغطية تكاليف عمليات طبية ملحّة.

إعلان

لكنّ هذه المبادرات اصطدمت مجددًا بواقع الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، إذ يوضح صالح أن القصف والخروقات المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار جعلت من العمل داخل البلدة أمرا مستحيلا، مما اضطرهم إلى توجيه جهودهم نحو دعم النازحين المنتشرين في الجنوب وبيروت ومناطق لبنانية أخرى.

وغادر غالبية سكان رامية، بينما بدأت فرق شبابية بجمع بيانات حول أماكن نزوحهم واحتياجاتهم، تمهيدا لتقديم الدعم الصحي والغذائي والمالي لهم، ومتابعة تعليم الأطفال في أماكن إقامتهم المؤقتة، ويختم صالح قائلا: "رامية لم تُقصف فقط، بل شُرّد أهلها، وكرامتهم باتت مسؤوليتنا".

العدوان الإسرائيلي الأخير دمّر بلدة العديسة وجعل الحياة فيها مستحيلة (الجزيرة) مشهد متكرر

ما شهدته رامية يتكرر في قرى حدودية أخرى، حيث ملأت المبادرات الشبابية والجهود الفردية فراغ الدولة الغائبة عن المشهد، لتشكل بارقة أمل في ظل واقع النزوح والدمار، مشهد يعكس صلابة أبناء الجنوب وإصرارهم على البقاء في أرضهم رغم التهديدات.

وخلال جولة ميدانية للجزيرة نت في قرى يارون وكفرشوبا وعيتا الشعب والعديسة وكفركلا، بدت الطرقات خالية إلا من أنقاض المنازل وآثار القصف، فيما بدت العودة شبه مستحيلة في ظل سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب استمرار خروقاته الأمنية.

وجعلت تلك التهديدات من زيارات الأهالي لمناطقهم نادرة ومقتضبة، يتحركون إليها بحذر ويغادرون سريعًا خشية تجدّد القصف أو وقوعهم ضحية هجمات جديدة.

ذكريات موجعة

في بلدة يارون، تقف السيدة أم عيسى على أطلال قريتها بعيون مغرورقة بالدموع، وتقول للجزيرة نت: "يارون كانت جميلة، وكان مجرد تنشّق هوائها يمنحني إحساسًا بالأمان، لكن كل شيء تغيّر، هذه محنة كغيرها، وستمر، لكن لا نعرف متى ولا كيف".

وتضيف: "نزور البلدة أحيانا زيارات سريعة، فالحياة هنا باتت مستحيلة، لا مقومات للعيش، والمساعدات شحيحة. في البداية كانت الجمعيات حاضرة، أما اليوم فكل شيء تراجع، والدولة غائبة عن معاناتنا تمامًا".

إعلان

في بلدة كفركلا، يتكرر المشهد نفسه، فالبلدة خالية من أهلها، ولا أثر للحياة سوى الركام. وحده أبو بلال كان يتجوّل بسيارته في شوارعها الخالية. ويقول للجزيرة نت: "البلدة اليوم بلا ملامح، الحياة هنا لا تُطاق، عدنا بعد وقف النار ونصبنا خيامًا، وتلقينا مساعدات من مبادرات شبابية، لكنها تبقى غير كافية. نحن بحاجة إلى كل شيء، من سقف يأوينا إلى طعام ودواء".

ويختم حديثه قائلا: "الله يعطي العافية للشباب، لكن إمكانياتهم محدودة، ولهذا اضطررنا للعودة إلى بيروت واستئجار منزل، على أمل أن تكون العودة إلى كفركلا قريبة ودائمة".

العودة الصعبة

في العديسة، لا يبدو الحال أفضل، فالشوارع التي كانت تضج بالحياة باتت صامتة، والمنازل المتصدعة تحكي مآسي أهلها. على طرف الطريق، يقف الحاج حسن أمام منزله المدمر ويقول للجزيرة نت: "هذا البيت بنيناه حجرًا حجرًا، واليوم صار مأوى للريح، لا كهرباء، لا ماء، ولا أمان، كيف نعيش هنا؟".

ويضيف: "أهالي العديسة معروفون بصبرهم، لكن للصبر حدود، البعض يعود لزيارة البلدة، لكنه يغادر سريعًا، لا أحد يستطيع تحمّل هذا الواقع، لا دولة تعنى بنا، ولا مساعدات تلبّي احتياجاتنا، وكل ما بنيناه ينهار أمام أعيننا".

ومع ذلك، لا يُخفي الحاج حسن تمسّكه بالأرض، قائلا: "نعلم أن العودة صعبة، لكنها حتمية، العديسة ليست بلدة فقط، بل هويتنا، وكما صمدنا سابقًا سنعود من جديد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

مسؤول طبي للجزيرة: الناس يتساقطون في شوارع غزة من شدة الجوع

حذر مسؤول في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية في قطاع غزة اليوم الثلاثاء من تفاقم الكارثة الإنسانية بالقطاع، مؤكدا أن الأوضاع الصحية والغذائية وصلت إلى مرحلة الانهيار الكامل، في ظل استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي منذ أكثر من 20 شهرا.

وقال المسؤول للجزيرة إن نحو 41% من مرضى الفشل الكلوي في القطاع توفوا نتيجة نقص الإمكانيات الطبية بعد توقف أقسام غسيل الكلى في العديد من المستشفيات.

وأضاف أن الناس يتساقطون في الشوارع من شدة الجوع، في مشهد يعكس تدهور الأوضاع المعيشية، وسط غياب شبه تام للمواد الغذائية الأساسية.

وأشار إلى أن 76 ألف طفل على الأقل مسجلون رسميا على أنهم يعانون من سوء التغذية، محذرا من أن هذا الرقم لا يعكس العدد الحقيقي في ظل صعوبة الوصول إلى جميع الحالات.

استهداف مراكز المساعدات

واتهم المسؤول في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية الجيش الإسرائيلي باستهداف الأطقم الطبية مباشرة في القطاع، مشيرا إلى أن عدد الذين استشهدوا اليوم قرب مركز المساعدات في محور نتساريم ارتفع إلى 17 شهيدا.

وأضاف أن إجمالي عدد الشهداء قرب مراكز المساعدات بلغ حتى الآن 130 شهيدا، إضافة إلى نحو ألف جريح، معظمهم من المدنيين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى الغذاء.

إعلان

وأوضح المسؤول أن الإصابات التي تسجل قرب مراكز المساعدات قاتلة ومباشرة، مشددا على أن هذه المراكز أصبحت ساحة مفتوحة للاستهداف رغم كونها نقاط توزيع إنسانية.

وجبات غير كافية

وفيما يتعلق بفاعلية مراكز المساعدات، قال المسؤول إن ما يجري توزيعه من وجبات غذائية في هذه المراكز بسيط جدا وغير كاف لتلبية الاحتياجات اليومية للمدنيين.

وأكد أن الوجبة التي يحصل عليها المواطنون قليلة جدا مقارنة بحجم المعاناة والاحتياج المتزايد.

وشدد على أن مراكز المساعدات لا تلبي سوى 1% فقط من الاحتياجات الفعلية للسكان، واصفا دورها الحالي بأنه "دعائي بحت"، ولا يسهم في تحسين الوضع الغذائي المتدهور.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يستمر فيه القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع، وسط تحذيرات أممية من خطر المجاعة وانتشار الأوبئة بين النازحين.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يفرض الاحتلال حصارا مشددا على قطاع غزة مع استمرار القصف الجوي والبري، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية الصحية وحرمان مئات آلاف المدنيين من الغذاء والمياه النظيفة.

مقالات مشابهة

  • بعد 11 عاماً على السقوط: الموصل بين جراح الماضي ورهانات المستقبل
  • بريطانيا: الحكم بالسجن مدى الحياة على جراح تجميل بتهمة محاولة قتل زميله وإحراق بيته
  • مسؤول طبي للجزيرة: الناس يتساقطون في شوارع غزة من شدة الجوع
  • «اليونيفيل»: يجب انسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة في الجنوب اللبناني
  • تيننتي: الوجود الإسرائيلي جنوباً يقيّد مهام اليونيفيل ومهام الجيش اللبناني
  • شيرين بيوتي تحتفل بتوديع العزوبية وسط أجواء شبابية مبهجة
  • واشنطن تدرس وقف دعم يونيفيل.. وتوترات الجنوب اللبناني تزداد حدة
  • يسرا تلفت الانتباه بملامح شبابية في أحدث ظهور ..فيديو
  • سقوط شهيد وعدة إصابات.. غارة إسرائيلية على بلدة الشهابية جنوب لبنان