الجزيرة:
2025-12-14@04:19:42 GMT

مبادرات شبابية وفردية تضمد جراح الجنوب اللبناني

تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT

مبادرات شبابية وفردية تضمد جراح الجنوب اللبناني

جنوب لبنان- مع تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، تحولت القرى الحدودية إلى مشاهد من الخراب التام، دمار شامل طال الحجر والبشر، ومس البنية التحتية والمنازل والمرافق العامة حتى باتت بعضها قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل.

وتشكّل بلدة رامية الحدودية نموذجا صارخا لهذا الواقع، إذ تحولت، وفق تعبير الناشط الشبابي وعضو المجلس البلدي حسين صالح، إلى "ضيعة منكوبة".

صالح تحدث للجزيرة نت عن حجم الكارثة التي ألمت بأهالي رامية قائلا: "كل المنازل دُمرت بالكامل، لم يبق بيت صالح للسكن، الاحتلال اقتحم البلدة بلا رحمة، وكأن هدفه اقتلاعها من جذورها ومحوها عن الخريطة".

وأضاف أن مشهد العودة عقب وقف إطلاق النار كان أشبه بصدمة جماعية: "ركام وصمت ثقيل ولا شيء سوى الخراب". ورغم هول المشهد، لم يقف أبناء البلدة مكتوفي الأيدي، بل شرعوا في ترميم مبنى المدرسة الرسمية -وهو البناء الوحيد الذي صمد جزئيًا- لتحويله إلى مأوى مؤقت لنحو 50 عائلة، بالتوازي مع جهود لتوفير منازل جاهزة بدعم من جمعيات محلية.

تعاني بلدة كفركلا من نقص المساعدات مما يعيق عودة الأهالي (الجزيرة) مبادرات أهلية

ويتابع صالح أن أبناء رامية لم ينتظروا تدخل الدولة، بل أطلقوا منذ الأيام الأولى للعدوان مبادرات أهلية جمعت أكثر من 100 ألف دولار بجهود فردية، خُصّصت لتقديم مساعدات عاجلة من أدوية، وحليب أطفال، وحفاضات، إضافة إلى تغطية تكاليف عمليات طبية ملحّة.

إعلان

لكنّ هذه المبادرات اصطدمت مجددًا بواقع الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، إذ يوضح صالح أن القصف والخروقات المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار جعلت من العمل داخل البلدة أمرا مستحيلا، مما اضطرهم إلى توجيه جهودهم نحو دعم النازحين المنتشرين في الجنوب وبيروت ومناطق لبنانية أخرى.

وغادر غالبية سكان رامية، بينما بدأت فرق شبابية بجمع بيانات حول أماكن نزوحهم واحتياجاتهم، تمهيدا لتقديم الدعم الصحي والغذائي والمالي لهم، ومتابعة تعليم الأطفال في أماكن إقامتهم المؤقتة، ويختم صالح قائلا: "رامية لم تُقصف فقط، بل شُرّد أهلها، وكرامتهم باتت مسؤوليتنا".

العدوان الإسرائيلي الأخير دمّر بلدة العديسة وجعل الحياة فيها مستحيلة (الجزيرة) مشهد متكرر

ما شهدته رامية يتكرر في قرى حدودية أخرى، حيث ملأت المبادرات الشبابية والجهود الفردية فراغ الدولة الغائبة عن المشهد، لتشكل بارقة أمل في ظل واقع النزوح والدمار، مشهد يعكس صلابة أبناء الجنوب وإصرارهم على البقاء في أرضهم رغم التهديدات.

وخلال جولة ميدانية للجزيرة نت في قرى يارون وكفرشوبا وعيتا الشعب والعديسة وكفركلا، بدت الطرقات خالية إلا من أنقاض المنازل وآثار القصف، فيما بدت العودة شبه مستحيلة في ظل سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب استمرار خروقاته الأمنية.

وجعلت تلك التهديدات من زيارات الأهالي لمناطقهم نادرة ومقتضبة، يتحركون إليها بحذر ويغادرون سريعًا خشية تجدّد القصف أو وقوعهم ضحية هجمات جديدة.

ذكريات موجعة

في بلدة يارون، تقف السيدة أم عيسى على أطلال قريتها بعيون مغرورقة بالدموع، وتقول للجزيرة نت: "يارون كانت جميلة، وكان مجرد تنشّق هوائها يمنحني إحساسًا بالأمان، لكن كل شيء تغيّر، هذه محنة كغيرها، وستمر، لكن لا نعرف متى ولا كيف".

وتضيف: "نزور البلدة أحيانا زيارات سريعة، فالحياة هنا باتت مستحيلة، لا مقومات للعيش، والمساعدات شحيحة. في البداية كانت الجمعيات حاضرة، أما اليوم فكل شيء تراجع، والدولة غائبة عن معاناتنا تمامًا".

إعلان

في بلدة كفركلا، يتكرر المشهد نفسه، فالبلدة خالية من أهلها، ولا أثر للحياة سوى الركام. وحده أبو بلال كان يتجوّل بسيارته في شوارعها الخالية. ويقول للجزيرة نت: "البلدة اليوم بلا ملامح، الحياة هنا لا تُطاق، عدنا بعد وقف النار ونصبنا خيامًا، وتلقينا مساعدات من مبادرات شبابية، لكنها تبقى غير كافية. نحن بحاجة إلى كل شيء، من سقف يأوينا إلى طعام ودواء".

ويختم حديثه قائلا: "الله يعطي العافية للشباب، لكن إمكانياتهم محدودة، ولهذا اضطررنا للعودة إلى بيروت واستئجار منزل، على أمل أن تكون العودة إلى كفركلا قريبة ودائمة".

العودة الصعبة

في العديسة، لا يبدو الحال أفضل، فالشوارع التي كانت تضج بالحياة باتت صامتة، والمنازل المتصدعة تحكي مآسي أهلها. على طرف الطريق، يقف الحاج حسن أمام منزله المدمر ويقول للجزيرة نت: "هذا البيت بنيناه حجرًا حجرًا، واليوم صار مأوى للريح، لا كهرباء، لا ماء، ولا أمان، كيف نعيش هنا؟".

ويضيف: "أهالي العديسة معروفون بصبرهم، لكن للصبر حدود، البعض يعود لزيارة البلدة، لكنه يغادر سريعًا، لا أحد يستطيع تحمّل هذا الواقع، لا دولة تعنى بنا، ولا مساعدات تلبّي احتياجاتنا، وكل ما بنيناه ينهار أمام أعيننا".

ومع ذلك، لا يُخفي الحاج حسن تمسّكه بالأرض، قائلا: "نعلم أن العودة صعبة، لكنها حتمية، العديسة ليست بلدة فقط، بل هويتنا، وكما صمدنا سابقًا سنعود من جديد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

علماء للجزيرة نت: العاصفة الشمسية غانون سحقت غلاف الأرض البلازمي

في مايو 2024، أتاحت عاصفة شمسية هائلة للعلماء فرصة غير مسبوقة لفهم كيفية انهيار طبقة البلازما الواقية للأرض في ظل ظروف جوية فضائية قاسية.

وبفضل وجود القمر الصناعي الياباني "أراس" في موقع رصد مثالي، شاهد الباحثون انكماش طبقة البلازما إلى جزء بسيط من حجمها المعتاد، واستغرقت عملية إعادة بنائها أيامًا.

وقد كشف هذا الحدث عن "عاصفة سلبية" نادرة في طبقة الأيونوسفير، أبطأت بشكل كبير قدرة الغلاف الجوي على التعافي. طبقة الأيونوسفير هي جزء من الغلاف الجوي (تقريبًا من 60 حتى 1000 كيلومتر) والتي تتأين بفعل أشعة الشمس، وتؤثر على انتشار موجات الراديو، ويظهر فيها الشفق القطبي.

وكانت البيانات التي تم الحصول عليها بواسطة القمر الاصطناعي أراس ضمن مشروع بحثي بقيادة الدكتور أتسوكي شينبوري من معهد أبحاث البيئة الفضائية-الأرضية بجامعة ناغويا في اليابان، قد قدمت رؤى قيّمة في كيفية تعطيل النشاط الشمسي الشديد للأقمار الصناعية وإشارات نظام تحديد المواقع العالمي، وأنظمة الاتصالات.

كما قدمت تلك الأرصاد أيضا أول رؤية تفصيلية لكيفية تأثير هذا الحدث على الغلاف البلازمي للأرض (وهي المنطقة الواقية للأرض من الجسيمات المشحونة المحيطة بالكوكب).

ومن ناحية أخرى تُظهر نتائج الدراسة التي نشرها شينبوري ورفاقه في دورية "إيرث بلانتيت آند سبيس"، كيفية استجابة كلٍّ من الغلاف البلازمي والغلاف الأيوني أثناء الاضطرابات الشمسية الشديدة.

وتساعد هذه الملاحظات البحثية في تحسين التنبؤات بانقطاعات الأقمار الصناعية، ومشاكل نظام تحديد المواقع العالمي، ومشاكل الاتصالات الناجمة عن طقس الفضاء المتطرف.

القمر الصناعي أراس تمكن من دراسة أثر العاصفة الشمسية بدقة (جامعة ناغويا)العاصفة الشمسية

العاصفة الشمسية هي اضطراب في سطح الشمس ينتج عنه انبعاث كميات هائلة من الطاقة والجسيمات المشحونة نحو الفضاء.

إعلان

وتحدث هذه العواصف بسبب التغيرات في المجال المغناطيسي للشمس، وتتكون من توهجات شمسية وانبعاثات كتلية إكليلية، وعندما تصل هذه المواد إلى الأرض، يمكن أن تتسبب في ظواهر مثل الشفق القطبي وتؤثر على الاتصالات وأنظمة الطاقة.

وبحسب البيان الرسمي الصادر من جامعة ناغويا، فإن العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الفائقة التي ضربت الأرض في الفترة من 10 إلى 11 مايو 2024 والمعروفة باسم "غانون"، هي أقوى حدث من هذا النوع منذ أكثر من عقدين، وهي أحد أشد أشكال الطقس الفضائي تطرفًا، والتي تنشأ عندما ترسل الشمس دفعات هائلة من الطاقة والجسيمات المشحونة نحو الأرض، وهي عادةً ما تظهر مرة واحدة كل 20-25 عامًا.

ويقول شينبوري في تصريحات خاصة للجزيرة نت: "خلال العاصفة  الجيومغناطيسية التي حدثت، تقلص الغلاف البلازمي للأرض من 44 ألف كيلومتر إلى 9 آلاف و600 كيلومتر خلال 9 ساعات".

ويضيف: "بعد ذلك، استعاد الغلاف البلازمي تدريجيًا مستوى الهدوء، وقد استغرقت هذه الفترة أكثر من 4 أيام، أي أطول بكثير من 77 عاصفة جيومغناطيسية معتادة خلال الفترة من 2017 إلى 2024".

رصد تغيرات الغلاف البلازمي للأرض

في عام 2016 أطلقت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) قمر أراس الصناعي، ليجتاز الغلاف البلازمي للأرض ويقيس موجات البلازما والمجالات المغناطيسية.

وخلال هذه العاصفة العاتية، كان القمر الصناعي في موقع مثالي لتسجيل الانضغاط الشديد للغلاف البلازمي والتعافي البطيء والطويل الذي تلاه، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها العلماء على بيانات مستمرة ومباشرة تُظهر انكماش الغلاف البلازمي خلال عاصفة عاتية.

وفي هذا الصدد يقول شينيوري: "لقد تتبعنا التغيرات في الغلاف البلازمي باستخدام قمر أراس الصناعي، واستخدمنا أجهزة استقبال أرضية لمراقبة الغلاف الأيوني، مصدر الجسيمات المشحونة التي تُعيد ملئ الغلاف البلازمي للأرض، وقد أظهرت لنا مراقبة الطبقتين مدى انكماش الغلاف البلازمي بشكل كبير، ولماذا استغرق تعافيه كل هذا الوقت".

ويوضح شينبوري تفاصيل هذه العملية قائلا: "اجتاز القمر الصناعي أراس طبقة الأيونوسفير والغلاف البلازمي والغلاف المغناطيسي الداخلي بفترة مدارية مدتها 10 ساعات عند حدوث العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الفائقة، حيث تمكّن من قياس كثافة الإلكترونات في الغلاف البلازمي بدقة"

ويضيف: "من ناحية أخرى، وباستخدام بيانات  نظام  تقنية "جنس تيك"  العالمية، وهو نظام لقياس طبقة الايونوسفور، تم تجميع البيانات من 9000 محطة  حول العالم، كما راقبنا كثافة الإلكترونات في الغلاف الأيونوسفير أثناء العاصفة الجيومغناطيسية، وبمقارنة كلا البيانات، تمكنا من رؤية التغير في الغلاف الأيوني والغلاف البلازمي للأرض".

اندفعت الجسيمات المشحونة عبر الغلاف الجوي العلوي للأرض عند خطوط العرض العليا (أسوشيتد برس)العواصف السلبية وتأثيرها على الأرض

بعد نحو ساعة من وصول العاصفة الشمسية العاتية، اندفعت الجسيمات المشحونة عبر الغلاف الجوي العلوي للأرض عند خطوط العرض العليا، وتدفقت نحو الغطاء القطبي.

ومع ضعف العاصفة، بدأت طبقة البلازما تتجدد بالجسيمات التي تزودها طبقة الأيونوسفير، وعادةً ما تستغرق عملية إعادة التعبئة هذه يومًا أو يومين فقط، ولكن في هذه الحالة، امتدت عملية التعافي إلى أربعة أيام بسبب ظاهرة تُعرف بالعاصفة السلبية.

إعلان

في هذه العاصفة، تنخفض مستويات الجسيمات في طبقة الأيونوسفير انخفاضا حادا على مساحات واسعة عندما يُغير التسخين الشديد التركيب الكيميائي للغلاف الجوي، وهو ما يؤدي هذا إلى انخفاض أيونات الأكسجين التي تُساعد في تكوين جزيئات الهيدروجين اللازمة لاستعادة طبقة البلازماسفير، كما ان العواصف السلبية غير مرئية ولا يُمكن رصدها إلا باستخدام الأقمار الصناعية.

وفي ها الصدد قال شينبوري، في تصريحاته للجزيرة نت: "تتميز العاصفة السلبية باستنزاف كثافة الإلكترونات في طبقة الأيونوسفير لفترة طويلة من خلال عملية الفقد المرتبطة بتفاعل كيميائي بين الجسيمات المشحونة والجسيمات المحايدة على ارتفاعات الأيونوسفير، وتسبب استنزاف كثافة الإلكترونات في طبقة الأيونوسفير في انخفاض إمداد طبقة البلازماسفير بالجسيمات المشحونة، مما أدى إلى بطء تعافي طبقة البلازماسفير.

طقس الفضاء

تُقدم هذه النتائج فهما أوضح لكيفية تغير الغلاف البلازمي خلال عاصفة شمسية شديدة، وكيفية انتقال الطاقة عبر هذه المنطقة من الفضاء، حيث واجهت العديد من الأقمار الصناعية أعطالًا كهربائية أو توقفت عن إرسال البيانات خلال هذه العاصفة، وانخفضت دقة إشارات نظام تحديد المواقع العالمي، وانقطعت الاتصالات اللاسلكية.

وبحسب الدراسة، فإن معرفة المدة التي تستغرقها طبقة البلازما الأرضية للتعافي من هذه الاضطرابات أمرٌ أساسي للتنبؤ بطقس الفضاء في المستقبل، ولحماية التكنولوجيا التي تعتمد على ظروف مستقرة في الفضاء القريب من الأرض

ويقول شينبوري، في تصريحاته للجزيرة نت: "نظرا للتغيرات الحادة في طبقة الأيونوسفير خلال العاصفة الجيومغناطيسية الفائقة، تزداد أخطاء تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية بشكل ملحوظ"

ويضيف: "لذلك، من المهم التنبؤ بمثل هذه الظواهر خلال العواصف الجيومغناطيسية الفائقة. علاوة على ذلك، فإن معدل حدوث العواصف الجيومغناطيسية الفائقة منخفض جدًا (نحو 4%)، مقارنةً بأحداث العواصف الأخرى. في المستقبل، ينبغي لنا مواصلة إجراء تحليل متكامل للبيانات من المراقبة الأرضية والفضائية أثناء العواصف الجيومغناطيسية الفائقة لفهم العملية الفيزيائية للحقول وبيئات البلازما في طبقة الأيونوسفير".

مقالات مشابهة

  • نور عمرو دياب تتألق بإطلالات شبابية على إنستجرام برفقة مدرّبها | شاهد
  • أنشطة شبابية وتنموية في محافظات المملكة لتعزيز العمل التطوعي وتمكين الشباب
  • جيش الاحتلال: جمدنا مؤقتًا الغارة على مبنى في بلدة يانوح بعد تفتيشه من الجيش اللبناني
  • البانة بعبري.. بلدة الأفلاج العريقة وواحة التاريخ والطبيعة
  • طيران الاحتلال يحلق على ارتفاع منخفض في الجنوب اللبناني
  • جيش الاحتلال يقتلع مئات أشجار الزيتون جنوب نابلس
  • برعاية شبابية.. معرض بـ1700 كتاب في كركوك دعماً للقراءة والثقافة
  • هل تفكر في الانتقال إلى إيطاليا؟ بلدة في توسكانا ستساعدك على دفع إيجارك وشراء منزلك
  • علماء للجزيرة نت: العاصفة الشمسية غانون سحقت غلاف الأرض البلازمي
  • العدو الإسرائيلي يحاصر منزلا في البلدة القديمة بنابلس.. ومستوطنون يخربون غرفة زراعية في كفر الديك غرب سلفيت