الحوار والتعاون.. الخيار الأمثل للصين والولايات المتحدة
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
تشو شيوان **
أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأمريكي، في خطوة استقطبت أنظار العالم مرة أخرى. يأتي هذا التواصل المُباشر بين قائدي البلدين في مرحلة حرجة تشهد فيها العلاقات الصينية-الأمريكية والهيكل العالمي تحولات عميقة؛ مما يجعله توقيتًا مناسبًا وضروريًا؛ بل ذا أبعاد استراتيجية بعيدة المدى، خاصة وأن الرئيس شي أكد خلال المحادثة أن تصحيح مسار سفينة العلاقات الصينية- الأمريكية العملاقة يتطلب من الجانبين السيطرة على دفة القيادة وتحديد المسار الصحيح، مع تجنب أي اضطرابات أو عوائق.
هذا الحوار الاستراتيجي على أعلى مستوى لم يُقدم توجيهات سياسية قوية لدفع مسار المفاوضات بين البلدين فحسب، بل فتح أيضًا نافذة أمل لعودة العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي.
المحادثات التجارية خطوة نحو تفاهم مشترك هكذا يمكنني عنونتها فتشهد لندن حاليًا محادثات تجارية رفيعة المستوى بين الصين والولايات المتحدة، تهدف إلى إحياء الاتفاق الأولي الذي تمَّ في جنيف في مايو الماضي؛ ففي قصر لانكستر هاوس، التقى وفد أمريكي ضم وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك والممثل التجاري جيميسون غرير، بنظرائهم الصينيين برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة خه لي فنغ ووزير التجارة وانغ وينتاو، إلى جانب كبير المفاوضين التجاريين لي تشنغ قانغ.
هذه الجولة تمثل تتويجًا للاتصال الهاتفي بين الرئيسين شي جين بينغ ودونالد ترامب، وتعزز الزخم نحو التوصل إلى اتفاق تفاوضي حقيقي؛ فقد حققت المحادثات الاقتصادية والتجارية السابقة في جنيف تقدمًا ملحوظًا، حيث أسفرت عن بيان مشترك أثار تفاؤل الأسواق العالمية، مما أدى إلى صعود مؤشرات البورصات الدولية وحظي بإشادة واسعة من الرأي العام. هذا يؤكد أن المجتمع الدولي يدرك جيدًا أهمية حل الخلافات بين الصين والولايات المتحدة عبر الحوار، والحفاظ على استقرار العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة.
للأسف، بعد محادثات جنيف، خرجت بعض الأصوات في الولايات المتحدة عن المسار الصحيح؛ فبدلًا من البناء على النتائج الإيجابية، لجأت إلى تشويه الحقائق ونشر تصريحات مُضلِّلة؛ بل وفرضت إجراءات تقييدية تمييزية ضد الصين، مما يهدد بتدهور العلاقات الثنائية، وهنا يمكننا القول إن الأقوال تتعارض مع الأفعال.
جوهر العلاقات الاقتصادية بين البلدين يقوم على المنفعة المتبادلة، فالصين عبر تنميتها السريعة، وفرت فرصًا استثمارية وأسواقًا للعالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، بينما ساهمت التكنولوجيا ورؤوس الأموال الأمريكية في النهضة الصينية. لذا، فإن سياسات "فك الارتباط" أو "قطع السلاسل" لن تضر إلا بمصالح جميع الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة نفسها.
مبدأ الصين ثابت وراسخ ولا شك في هذا أبدًا فقد أظهرت الصين التزامًا واضحًا بتنفيذ اتفاقيات جنيف، حيث ألغت أو علقت بعض التعريفات الجمركية كدليل على حسن النية، لكنها، كما أكد الرئيس شي، تظل متمسكة بمبادئها الراسخة: الدفاع عن مصالحها الوطنية وسيادتها، وحماية النظام التجاري متعدد الأطراف والعدالة الدولية. الصين لن تتراجع أبدًا في القضايا المتعلقة بكرامتها وسيادتها.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الخطوة الأهم هي مراجعة سجل التقدم المحرز بواقعية، وإلغاء الإجراءات العقابية غير العادلة ضد الصين. هذا ليس وفاءً بالالتزامات فحسب، بل شرطًا أساسيًا لتعزيز التعاون العملي بين الجانبين.
الطريق إلى الأمام يتطلب تعاونًا مشتركًا لا مواجهة، وقد أوضح الرئيس شي أن تطبيع العلاقات يحتاج إلى جهود مشتركة، داعيًا إلى تعزيز الحوار في مجالات مثل السياسة الخارجية، الاقتصاد، الشؤون العسكرية، وإنفاذ القانون لبناء الثقة وتجنب سوء الفهم. كما حذر من التعامل غير الحذر مع قضية تايوان، التي تمثل خطًا أحمرًا للصين.
وختامًا نقول.. إنَّ الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الصيني والأمريكي جهد مُهم آخر يبذله الجانبان على أعلى مستوى لسد الخلافات وحل المشاكل بعد المحادثات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في جنيف. لقد تم تحديد الاتجاه، والمفتاح هو العمل. وستواصل الصين، كما هي عادتها دائمًا، تعزيز التنمية المستقرة والصحية والمستدامة للعلاقات الصينية الأمريكية. وفي الوقت نفسه، ونأمل أن تعمل الولايات المتحدة مع الصين لدفع العلاقات الصينية الأمريكية إلى الأمام.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ترامب لا يستبعد زيارة الصين
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء إنه لا يسعى إلى عقد قمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، لكنه أضاف أنه قد يزور الصين "بناء على دعوة من شي".
وذكر ترامب عبر منصته تروث سوشيال: "قد أذهب إلى الصين، لكن لن يكون ذلك إلا بناء على دعوة من الرئيس شي، والتي تم توجيهها رسميا.. وإلا فلن أهتم".
ونقلت "رويترز" عن مصادر في وقت سابق، أن مساعدين لترامب وشي ناقشوا احتمال عقد اجتماع بين الزعيمين خلال رحلة للرئيس الأميركي إلى آسيا في وقت لاحق من هذا العام.
وسيكون الاجتماع في حال حصوله أول لقاء مباشر بين الاثنين منذ بدء الولاية الرئاسية الثانية لترامب مطلع العام الجاري، في وقت لا يزال فيه التوتر التجاري والأمني بين القوتين الكبريين المتنافستين يتصاعد.
واتفقت الولايات المتحدة والصين اليوم الثلاثاء على استمرار الهدنة التجارية بينهما عقب المحادثات التي استمرت يومين بين الجانبين في العاصمة السويدية ستوكهولم.
وقال لي شينجانغ نائب رئيس وزراء الصين ورئيس وفدها في المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة الثلاثاء إن الجانبين أجريا مناقشات "بناءة وصريحة" واتفقا على استمرار العمل بمستويات الرسوم الجمركية الراهنة والتي تبلغ 30% على واردات الولايات المتحدة من المنتجات الصينية و10% على المنتجات الأميركية المصدرة إلى الصين.
والتقى المسؤولون الصينيون والأميركيون في ستوكهولم، بهدف تمديد الهدنة التي اتُفق عليها في هذا المجال في محادثات بجنيف في أيار/مايو الماضي.