توماس فريدمان: هجوم إسرائيل على إيران يعيد تشكيل المنطقة وهذه تداعياته
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
يرى الكاتب الأميركي توماس فريدمان أن الهجوم الإسرائيلي الشامل على البنى التحتية النووية الإيرانية ينضاف لقائمة الحروب الحاسمة التي غيرت قواعد اللعبة وأعادت تشكيل منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية.
وأوضح فريدمان -في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز- أن الحروب التي يعنيها هي أحداث باتت معروفة فقط بتواريخها: 1956، 1967، 1973، 1982، 2023، والآن 2025.
وقال إنه من السابق لأوانه معرفة التداعيات المحتملة للهجوم الحالي على مسار الأحداث في الشرق الأوسط، لكنه رجح أن تمضي الأمور في اتجاهين متناقضين تماما، أحدهما اعتبره إيجابيا للغاية وهو "إسقاط النظام الإيراني واستبداله بنظام أكثر لياقة وعلمانية وتوافقية"، والآخر سلبي للغاية يتمثل في اشتعال المنطقة بأكملها ودخول الولايات المتحدة على خط الأزمة.
حل وسط
وبين هذين النقيضين، لا يستبعد الكاتب الأميركي -ذو الميول الليبرالية- حلا وسطا تفاوضيا مؤقتا، مبنيا على كون الهجوم رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الإيرانيين مفادها: "ما زلت مستعدا للتفاوض على إنهاء سلمي لبرنامجكم النووي، وقد ترغبون في ذلك على وجه السرعة.. أنا في انتظار مكالمتكم".
إعلانوفي تفاصيل تداعيات ودلالات الهجوم الإسرائيلي على إيران، يرى فريدمان أن ما يجعل الصراع بين إيران وإسرائيل عميقا إلى هذا الحد هو سعي إسرائيل لمواصلة القتال هذه المرة حتى تتمكن من القضاء نهائيا على البرنامج النووي الإيراني
وذكر الكاتب في هذا الصدد أن إسرائيل كانت تصوب سلاحها نحو البرنامج النووي الإيراني عدة مرات خلال الـ15 سنة الماضية، ولكن في كل مرة كانت تتراجع في اللحظة الأخيرة إما تحت الضغوط الأميركية وبسبب عدم ثقتها بقدراتها العسكرية، ومن ثم فإن ما يحدث حاليا قد يعتبر نتيجة طبيعية لذلك المسعى الإسرائيلي.
وقف التخصيبوعن النتائج العملية المباشرة للهجوم الإسرائيلي، يرى فريدمان أنه إذا نجحت إسرائيل في إلحاق الضرر بالمشروع النووي الإيراني بما يكفي لإجبارها على وقف عمليات التخصيب ولو مؤقتا على الأقل، فإن ذلك من شأنه أن يمثل مكسبا عسكريا كبيرا لإسرائيل.
لكن الأمر المهم -برأي الكاتب الأميركي- هو التأثير المحتمل للصراع على منطقة الشرق الأوسط، خاصة على ما يصفه بـ "النفوذ الإيراني الخبيث" في العراق ولبنان وسوريا واليمن، حيث قامت طهران برعاية وتسليح مليشيات محلية للسيطرة بشكل غير مباشر على تلك البلدان.
وذكر فريدمان أن تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة بدأ بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب- بقطع رأس مليشيا حزب الله وشلها، وكان من نتائجه في لبنان وسوريا، تشكيل حكومات تعددية وانتعاش حالة الأمل رغم أن البلدين لا يزالان في حالة ضعف.
معلومات استخباراتية جيدةوعلق الكاتب أيضا على سلوك نتنياهو، وقال إنه على الصعيد الإقليمي يتصرف دون التزام بقيود أيديولوجية أو سياسية، أما في تعامله الداخلي مع الطرف الفلسطيني، فإن قراراته، خاصة منع إقامة دولة فلسطينية، تتأثر برغبته في البقاء في السلطة باعتماده على اليمين المتطرف، ولذلك، أغرق الجيش الإسرائيلي في رمال غزة المتحركة، ووصف الكاتب ذلك بأنه "كارثة أخلاقية واقتصادية وإستراتيجية".
إعلانوفي تفاصيل الهجوم الإسرائيلي، تساءل الكاتب: "كيف كانت المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية عن إيران جيدة لدرجة أنها حددت مواقع عدد من كبار القادة والضباط العسكريين الإيرانيين وقتلتهم؟".
ويرى الكاتب أن الإجابة عن هذا السؤال توجد في مسلسل "طهران" الذي تبثه "آبل تي في بلس" عن عميل إسرائيلي للموساد في طهران.
مستعدون للعمل مع إسرائيل
ويستخلص فريدمان من ذلك المسلسل مدى استعداد عديد من المسؤولين الإيرانيين للعمل لصالح إسرائيل، وذلك بسبب كرههم الشديد لحكومتهم، وهذا يسهّل على إسرائيل تجنيد عملاء في الحكومة والجيش الإيرانيين على أعلى المستويات.
أما إذا ما فشلت إسرائيل في هذه العملية العسكرية وخرج النظام الإيراني جريحا وتمكن لاحقا من استعادة قدرته على بناء سلاح نووي، فإن السيناريو المحتمل في نظر الكاتب هو حرب استنزاف طويلة الأمد بين أقوى جيشين في المنطقة، وبالتالي استمرار حالة الاضطراب وتفاقم أزمة النفط، وربما إقدام إيران على مهاجمة الأنظمة العربية الموالية لأميركا والقوات الأميركية في المنطقة.
وخلص الكاتب إلى أنه في هذه الحالة، فلن يبقى أمام إدارة الرئيس دونالد ترامب سوى التدخل بشكل مباشر، ليس فقط لإنهاء تلك الحرب، ولكن من أجل القضاء على النظام الإيراني، وهذا سيناريو لا أحد يمكن أن يتكهن بتبعاته.
وعن مستقبل منطقة الشرق الأوسط، يوضح الكاتب أن أهم درسين يمكن استخلاصهما من التاريخ هما: أن أنظمة شبيهة بإيران تظل تبدو قوية إلى أن تفقد قوتها وتنهار بسرعة.
أما الدرس الثاني، وفقا لفريدمان، فهو أن نهاية الاستبداد في الشرق الأوسط لا تعني بالضرورة قيام الديمقراطية، بل إن البديل قد يكون حالة اضطراب طويل.
وأخيرا، فبقدر ما يجاهر الكاتب برغبته في سقوط النظام الإيراني، فإنه يحذر من تداعيات ذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات ترجمات النظام الإیرانی الشرق الأوسط فریدمان أن
إقرأ أيضاً:
مجلة أمريكية: الحوثيون كبديل لنظام الأسد في انتاج حبوب "الكبتاغون" في اليمن (ترجمة خاصة)
كشفت مجلة أمريكية عن امتداد تجارة حبوب "الكبتاغون" المخدرة من سوريا إلى اليمن، ممولةً بذلك جماعة الحوثي.
وقالت مجلة "ذا ناشيونال إنترست" في تقرير تحت عنوان: "الحوثيون يقتحمون تجارة المخدرات" وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أدى إلى فراغ في تجارة المخدرات الإقليمية، لكن الحوثيين هم البديل حاليا لإنتاج هذا الصنف من المخدر.
وأضافت أنها "فرصة يحرص الحوثيون في اليمن - الذين لا يترددون أبدًا في تفويت أي مشروع مربح - على استغلالها.
وتابعت "للجماعة تاريخ طويل في زراعة وبيع القات، وهو منشط شائع في اليمن. والآن، ينتقل الحوثيون المدعومون من إيران إلى تجارة الكبتاغون غير المشروعة، التي ساهمت طويلًا في دعم الديكتاتور السوري السابق".
وأشار التقرير إلى أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ضبطت مؤخرًا 1.5 مليون حبة كبتاغون في طريقها إلى المملكة العربية السعودية من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون. وتتراوح أسعار الحبة في المملكة العربية السعودية بين 6 دولارات و27 دولارًا لهذا المخدر الشبيه بالأمفيتامين. استمرت عمليات الضبط طوال شهر يوليو، حيث اعترضت السلطات اليمنية عشرات الآلاف من الحبوب الأخرى في عمليات متعددة.
وقال "مع تراجع انتشار مختبرات الكبتاغون في سوريا، يُنتج الحوثيون المخدر في اليمن بأنفسهم. تُتيح حدود اليمن الطويلة والسهلة الاختراق نسبيًا مع السعودية للحوثيين الوصول إلى سوق استهلاكية كبيرة للكبتاغون وغيره من المخدرات".
ودعت المجلة الأمريكية واشنطن إلى التنبه لهذا. وقالت "يمكن للحوثيين استخدام عائدات هذه المبيعات لشراء صواريخ وذخائر أخرى لشن هجمات على إسرائيل وحلفائها، بما في ذلك القواعد الأمريكية".
وزادت "من الواضح أن تجارة الكبتاغون لا تزال نشطة، ولا يزال للولايات المتحدة دورٌ في مكافحة تجارة المخدرات الإقليمية، التي امتدت إلى ما هو أبعد من منطقة الشرق الأوسط. وقد وقعت إحدى أكبر عمليات ضبط الكبتاغون المسجلة في إيطاليا، حيث ضبطت السلطات 84 مليون حبة كبتاغون بقيمة تقارب 1.1 مليار دولار في ميناء ساليرنو عام 2020".
وتابعت "لم يصل الكبتاغون بعد إلى الولايات المتحدة، لكن الولايات المتحدة ليست بعيدة المنال. فشبكات المخدرات العالمية تربط الشرق الأوسط بالغرب. في وقت سابق من هذا الشهر، ضبطت السلطات الإماراتية 131 كيلوغرامًا من المخدرات والمؤثرات العقلية مجهولة الهوية، كانت مُهرَّبة إلى الإمارات العربية المتحدة من كندا عبر إسبانيا.
تشير الدلائل الآن -حسب التقرير- إلى أن اليمن قد يصبح مركزًا جديدًا لإنتاج الكبتاغون. وبينما لا تزال عمليات ضبط الكبتاغون في اليمن تُمثل جزءًا ضئيلًا من تلك المُسجلة في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، يسعى الحوثيون إلى زيادة حصتهم السوقية.
"في عام 2023، أفادت صحيفة الشرق الأوسط أن جماعة الحوثي حصلت على مواد لمصنع لإنتاج الكبتاغون. وفي نهاية يونيو 2025، أعلن اللواء مطهر الشعيبي، مدير الأمن في عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية اليمنية، أن الحوثيين أنشأوا مصنعًا لإنتاج الكبتاغون على أراضيهم. وأضاف معمر الإرياني، وزير الإعلام اليمني، أن ذلك تم بالتنسيق مع النظام في إيران.
وكما تشير عمليات الضبط الأخيرة في اليمن، فإن تجارة الكبتاغون العالمية لم تزدهر مع بشار الأسد. يجب على واشنطن مراقبة الصعود المحتمل لمراكز إنتاج جديدة في اليمن، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا أن شبكات المخدرات في سوريا ولبنان لا تزال نشطة. يمكن لصانعي السياسات الاستمرار في محاسبة تجار المخدرات من خلال فرض عقوبات جديدة والاستفادة من الوصفات المحددة في استراتيجية إدارة بايدن بين الوكالات. وفق المجلة.
وختمت مجلة ذا ناشيونال انترست" بالقول "بدون إجراءات مُحدثة ومستمرة من واشنطن، ستستمر تجارة الكبتاغون حتى لو تغير اللاعبون الرئيسيون فيها".