قتل نحو 23 فلسطينياً وجُرح العشرات، فجر اليوم السبت، في قصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق متفرقة من قطاع غزة، تركزت غالبيتها في المنطقة الوسطى، ولا سيما قرب نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، في تصعيد جديد يُضاف إلى سلسلة طويلة من الهجمات التي طالت المدنيين منذ بدء العدوان في أكتوبر الماضي.

وأفادت مصادر طبية ومحلية بأن ثماني جثث و125 إصابة وصلت إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط القطاع، إثر استهداف الجيش الإسرائيلي لتجمعات المواطنين قرب “حاجز نتساريم” أثناء انتظارهم المساعدات الغذائية.

وأوضحت المصادر أن القوات الإسرائيلية فتحت النار بشكل مباشر على المدنيين قرب مواقع توزيع المساعدات، ما أدى إلى مقتل نحو 15 شخصاً وإصابة عشرات آخرين تم نقلهم إلى مستشفيي العودة وشهداء الأقصى.

وفي مدينة غزة، أكدت مصادر طبية وصول خمسة قتلى إلى مستشفى الشفاء، اثنان منهم متأثران بجراح خطيرة أصيبا بها في غارة استهدفت خيمة إيواء قرب مسجد الخالدي، بالتزامن مع قصف مدفعي شرق حي التفاح.

وفي جنوب القطاع، قُتل ثلاثة أشخاص جراء استهداف طائرات إسرائيلية مجموعة من المدنيين قرب الجامعة الإسلامية بمدينة خان يونس.

يأتي هذا التصعيد في سياق العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر 2023، والذي خلف حتى اليوم أكثر من 182 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين، بحسب بيانات رسمية فلسطينية، وتواصل إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأوامر الدولية، بما في ذلك قرارات محكمة العدل الدولية التي دعت إلى وقف الهجمات فوراً.

ماكرون يؤجل مؤتمر حل الدولتين ويؤكد عزمه الاعتراف بدولة فلسطين

سياسياً، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأجيل المؤتمر الدولي الخاص بحل الدولتين، الذي كان من المقرر عقده الأسبوع المقبل في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، مشيراً إلى أن المؤتمر سيُعقد “في أقرب وقت ممكن” بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، التي تتشارك مع باريس في رئاسة المؤتمر.

وأوضح ماكرون أن أسباب التأجيل تعود إلى “اعتبارات لوجستية وأمنية”، لكنه شدد على أن ذلك “لا يغيّر شيئاً في التزام فرنسا بحل الدولتين”. وقال في مؤتمر صحافي: “الزخم الذي أحدثه هذا المؤتمر لا يمكن إيقافه”.

وأشار الرئيس الفرنسي إلى عزمه الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكداً أن القرار “سيادي ولن يتأثر بالضغوط”، لكنه ربط الاعتراف بجملة من الشروط، في مقدمتها نزع سلاح حركة حماس، وتأسيس دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل وتضمن أمنها.

كما أكد ماكرون أن الدولة الفلسطينية المنشودة يجب أن “تحظى بدعم دولي عبر بعثة لتحقيق الاستقرار”، معتبراً أن ذلك يمثل “أساساً لدمج إسرائيل إقليمياً ضمن تحالفات أمنية وسياسية في المنطقة”.

ومن المنتظر تحديد موعد جديد للمؤتمر الدولي خلال الأسابيع المقبلة بالتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية، في وقت تتصاعد فيه الضغوط على إسرائيل لإنهاء الحرب المتواصلة على قطاع غزة.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أحداث غزة إيران وأمريكا إيران وإسرائيل الاعتراف بدولة فلسطين حل الدولتين فرنسا

إقرأ أيضاً:

ماذا تبقى من الدولة الفلسطينية ليتم الاعتراف بها؟

يتواصل التوجه الرسمي العالمي من دول كبرى للاعتراف بفلسطين بشكل رسمي خلال جلسات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المقرر انطلاقها في 9 أيلول/ سبتمبر 2025، مع التأكيد على تواصل دعمها لتسوية فلسطينية-إسرائيلية على مبدأ حل الدولتين.

ويأتي قرار بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا المشروط والمرتقب للاعتراف بفلسطين، بعدما اعترفت كل من أيرلندا والنرويج وإسبانيا وسلوفينيا وأرمينيا، إضافة إلى الباهاماس وجامايكا وترينيداد وتوباغو، بفلسطين خلال عام 2024.

وطُرح مفهوم حل الدولتين لأول مرة بشكل رسمي في خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947، المعروفة بالقرار 181، والذي أوصى بإنهاء الانتداب البريطاني وتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية مع وضع دولي خاص لمدينة القدس، وهو ما تبنّته مختلف مبادرات السلام منذ ذلك الحين.

ورغم الإجماع الدولي على هذا التوجه، وتمسك السلطة الفلسطينية به، وتحديث حركة حماس لوثيقة المبادئ والسياسات العامة الخاصة بها للقبول بدولة فلسطينية على حدود عام 1967، عملت "إسرائيل" على رفض العديد من الجوانب الجوهرية لهذا الحل، وخلقت واقعًا على الأرض يجعل من الصعب أو المستحيل إقامة هذه الدولة.

يقوم حل الدولتين المقترح على مجموعة من الأسس والمبادئ التي تهدف إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني من خلال إقامة دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب، وفيها يلي أبرز هذه الأسس التي عملت "إسرائيل" على ضمان عدم تحقيقها.
الحدود
تتمثل الحدود بإقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل حرب 1967، وتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، بينما تكون المدينة ككل عاصمة مشتركة، مع إمكانية تبادل محدود في الأراضي بالاتفاق بين الطرفين.


وطوال سنوات، تطور الموقف الإسرائيلي إلى رفض رسمي وفعلي للانسحاب الكامل إلى حدود 1967، مع اعتبار الضفة الغربية "أرضًا متنازعًا عليها" وليست "محتلة"، مع إقرار الكنيست في تموز/ يوليو 2025، قرارًا غير ملزم يدعو إلى ضم رسمي للضفة، مؤكدًا أن المستوطنات المترامية الأطراف جزء لا يتجزأ من "أرض إسرائيل".

واعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، خاصة منذ حكم نتنياهو، أن حدود 1967 غير قابلة للدفاع، وترفض العودة إليها.

وجرى خلال ذلك توسيع المستوطنات بشكل واسع، خاصة في مناطق "سي"، وبناء جدار الفصل العنصري الذي يبتلع أراضي فلسطينية خلف خطوط 1967، وضم فعلي لأراضٍ عبر البنية التحتية، الطرق الالتفافية، والسيطرة الأمنية.

وتُقسَّم الضفة الغربية بموجب اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995 إلى ثلاث مناطق، ضمن سياسة فرضها الاحتلال الإسرائيلي لتفتيت السيطرة الفلسطينية.

وتشكّل المنطقة "أيه" نحو 18 بالمئة من الضفة وتخضع إداريًا وأمنيًا للسلطة الفلسطينية، بينما تخضع المنطقة "بي" التي تمثل حوالي 21 بالمئة، لسيطرة إدارية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، أما المنطقة "سي"، التي تبلغ نسبتها أكثر من 60 بالمئة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية كاملة لـ"إسرائيل"، وتضم معظم المستوطنات، وتُعد الشريان الحيوي للموارد والمساحات المفتوحة.

وتم الاتفاق على أن هذا التقسيم سيكون مؤقتًا لخمس سنوات، وخلالها تُستأنف مفاوضات "الوضع النهائي" بشأن قضايا كبرى مثل القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه، وكان يُفترض أن يتم نقل المزيد من الأراضي إلى السلطة الفلسطينية تدريجيًا، ولكن ذلك لم يحدث بسبب تعثّر المفاوضات وتوسع الاستيطان.

وقد تحولت هذه التقسيمات عمليًا إلى نظام فصل عنصري، حيث يُقيَّد الفلسطينيون في جيوب معزولة غير متصلة، مع تضييق كبير على البناء والتنقل، مقابل حرية شبه مطلقة للمستوطنين في التنقل والتوسع داخل المناطق نفسها.

ويُحظر على الفلسطينيين البناء في المنطقة "سي" دون تصاريح نادرًا ما تُمنح، ما أدى إلى تهجير قسري وهدم جماعي للمنازل والمنشآت الأساسية.

ويتعرض قطاع غزة منذ عام 2007 لحصار شديد تصاعد خلال السنوات الماضية، وهو ما تطور في أربع مناسبات إلى حروب مختلفة، وصولًا إلى حرب الإبادة المستمرة التي دمرت معظم أنحاء القطاع مع احتلال أجزاء كبيرة منه، مع استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين وصولًا إلى المجاعة الشاملة.

القدس
يطرح مقترح حل الدولتين تقسيم القدس إلى جزئي يكون الغرب لـ"إسرائيل" والشرق لفلسطين، مع عمل نظام خاص لإدارة الأماكن المقدسة بضمانات دولية.


ويعتبر الاحتلال القدس حاليًا "العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل"، بموجب قانون أساس أقره الكنيست، ويرفض بشكل قاطع تقاسم السيادة عليها أو الاعتراف بجزئها الشرقي كعاصمة لفلسطين.

ويعمل الاحتلال على تهويد القدس وسحب الهويات من الفلسطينيين وهدم المنازل ودعم الجمعيات الاستيطانية مثل "عطيرت كوهانيم"، مع إنشاء مشاريع ضخمة لتغيير الطابع الديموغرافي مثل "القطار الخفيف"، وحديقة "الطور الوطنية".

رغم أن الموقف الدولي الرسمي هو حل الدولتين مع تقاسم السيادة على مدينة القدس، تتوجه العديد من الدول حول العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، للاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل سفارتها إليها، دون اعتراف مماثل بفلسطين.

اللاجئون وحق العودة
وبحسب الحل المتفق عليه لقضية اللاجئين استنادًا إلى القرار الأممي 194، فإن قضية اللاجئين من المفترض أن تشمل العودة إلى الدولة الفلسطينية والتعويض والتوطين في دول أخرى أو في حدود 1948 بموافقة إسرائيلية محدودة.

ومن المفترض وضع حل عادل ومتفق عليه للقضية، تعلن "إسرائيل" عن رفض قاطع لحق العودة إلى داخل حدود "إسرائيل"، باعتباره "خطرًا وجوديًا" يغير الطابع اليهودي للدولة، وتعتبر الأمر بالنسبة لها من "الثوابت" غير القابلة للتفاوض.

ولم يحصل أي نقاش رسمي إسرائيلي حول تنفيذ القرار 194، مع حملات دولية لتقويض دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وتجفيف دعمها، ما يضعف البنية المؤسسية لقضية اللاجئين.

وفي 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، صدّق الكنيست نهائيًا وبأغلبية كبيرة على قانونين يمنعان "الأونروا" من ممارسة أي أنشطة داخل الأراضي المحتلة وسحب الامتيازات والتسهيلات منها ومنع إجراء أي اتصال رسمي بها.

وتزعم "إسرائيل" أن موظفين لدى "الأونروا" شاركوا في هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو ما نفته الوكالة، وأكدت الأمم المتحدة التزام الأونروا بالحياد، وتتمسك بمواصلة عملها، وترفض الحظر الإسرائيلي.

وتعاظمت حاجة الفلسطينيين إلى الأونروا، أكبر منظمة إنسانية دولية، تحت وطأة حرب إبادة جماعية شنتها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة.

وعملت "إسرائيل" على إلغاء دور الوكالة الأممية الإغاثي في قطاع غزة عبر منعها من استقبال وتوزيع المساعدات، مع تشكيل "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكيًا والمتهمة بالضلوع في قتل الفلسطينيين بمهمة توزيع المساعدات حصرًا.

السيادة والإجماع
ورغم أن حل الدولتين يتضمن ضرورة إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على أراضيها، مع ترتيبات أمنية تمنع استخدام الأرض ضد "إسرائيل"، يطالب الاحتلال بحق الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية الكاملة من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، ويرفض أي وجود عسكري فلسطيني مستقل.


وأكد نتنياهو في أكثر من مناسبة أن "أي كيان فلسطيني مستقبلي يجب أن يكون منزوع السلاح بالكامل"، وهو ما يناقض مفهوم السيادة الوطنية.

وتتحكم "إسرائيل" بكل المعابر والحدود، وتفرض حصارًا على قطاع غزة منذ عام 2007، وتمنع الفلسطينيين من السيطرة على أجوائهم أو مياههم الإقليمية. وتتحكم أيضًا في سجل السكان، والنظام الضريبي، وحركة البضائع، ما يجعل الكيان الفلسطيني، في أحسن حالاته، أقرب إلى حكم ذاتي محدود تحت السيادة الإسرائيلية.

ورغم الإجماع العربي والدولي على مبادرة السلام العربية الصادرة عام 2002، التي تقترح تطبيعًا شاملًا مع "إسرائيل" مقابل انسحاب كامل من الأراضي المحتلة، ترفض "إسرائيل" هذه المبادرة ولم تُقدّم أي رد رسمي عليها حتى اليوم.

كذلك، ترفض "إسرائيل" أي محاولات من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو اللجنة الرباعية الدولية لفرض إطار زمني للحل، وتعتبر أي ضغوط دبلوماسية "فرضًا خارجيًا غير مقبول"، ما يضع عملية السلام في حالة شلل دائم.

وأقدمت دول عربية على التطبيع الكامل مع "إسرائيل" ضمن "اتفاقيات أبراهام" دون أي مكتسبات للقضية الفلسطينية، بينما تناقش دول أخرى الإقدام على ذات الخطوة، إلا أن حرب الإبادة المستمرة عقدت هذا التوجه، وسط مطالبات بوقف الحرب وحل حقيقي للقضية الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • ماذا تبقى من الدولة الفلسطينية ليتم الاعتراف بها؟
  • وزير الخارجية: مؤتمر «حل الدولتين» أعاد الزخم للقضية الفلسطينية
  • وزير الخارجية: مؤتمر حل الدولتين نجح في إعادة الزخم للقضية الفلسطينية
  • عشرات القتلى والجرحى في تصعيد إسرائيلي جديد على قطاع غزة
  • شريف عامر: مؤتمر حل الدولتين كرة ثلج يزيد معها عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين
  • محطة مفصلية بقيادة سعودية.. رابطة العالم الإسلامي تشيد بنجاح مؤتمر حل الدولتين
  • رابطة العالم الإسلامي: نجاح المملكة في مؤتمر حلّ الدولتين يمثَّل محطة مفصلية في تنفيذ القرارات الدولية تجاه القضية الفلسطينية
  • رابطة العالم الإسلامي تهنئ المملكة بالنجاح الكبير لـ«مؤتمر حل الدولتين».. وتشيد بالوثيقة الختامية
  • السعودية تعتمد الوثيقة الختامية لمؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين
  • وسط تحركات دبلوماسية متسارعة لدعم حل الدولتين.. 15 دولة غربية تدعو للاعتراف بدولة فلسطين