حلف تحصين إسرائيل يفشل أمام صواريخ إيران
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
ظهر بشكل واضح خلال المواجهة الحالية والسابقة مع إيران اعتماد إسرائيل على تسهيلات واتفاقيات إقليمية تتيح لها الوصول إلى الأراضي الإيرانية، كما توفر لها قدرا كبيرا من الحماية في مواجهة ردود الفعل الإيرانية القادمة إليها على شكل صواريخ وطائرات مسيرة.
ويدفع هذا إلى استكشاف طبيعة هذه الدفاعات والأطراف التي تقوم بها والاتفاقات التي تحكمها، وفقا للبيانات الصادرة عن الدول المنخرطة في هذه المواجهة.
تقوم مهمة اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة على تكامل الجهود الاستخبارية والتكنولوجية لمختلف الأطراف المنخرطة فيها، بدءا من رصد إطلاق المقذوفات إلى تتبع مسارها وتحديد أنسب الوسائل لاعتراضها، والتوقيت الملائم لذلك، بحسب نوعها وسرعتها وارتفاعها وقدرتها على المناورة، وصولا إلى محاولة إسقاطها.
وتناول الخبير في الأمن النووي جوناثان بانتر عمل منظومة الاعتراض الصاروخي في مقاله المنشور بموقع مجلس العلاقات الخارجية في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024 عقب جولة الاشتباك الصاروخي بين إيران وإسرائيل.
وقال إن مواجهة الهجمات الصاروخية الإيرانية تمت من خلال جهد متعدد الجنسيات من قبل جيوش تمتلك التكنولوجيا اللازمة وتستطيع تحقيق درجة التكامل التنظيمي، كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل.
بمجرد بدء الهجوم يتم جمع التحذيرات من الأقمار الصناعية المتطورة التي تستخدم الأشعة تحت الحمراء وغيرها من مصادر الاستخبارات بسرعة، وإيصالها إلى منظومات الاعتراض، حيث يكون لكل ثانية أهميتها.
إعلانوتعد القدرة على تبادل التوجيهات والإشارات بين الحلفاء لتحسين التحكم في إطلاق النار للأنظمة الدفاعية أمرا أساسيا، وبينما يمكن تحديد المسؤوليات مسبقا فإن عملية إطلاق الصواريخ يجب أن تدار بشكل جماعي في وقت التنفيذ الفعلي.
وأشار بانتر -الذي سبق أن خدم ضابطا في البحرية الأميركية- إلى اعتماد إسرائيل وشركائها "دفاعا متعدد الطبقات" ضد الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران.
تطلق الصواريخ الباليستية -التي غالبا ما تستخدمها إيران- إلى مدارات خارج الغلاف الجوي، وتحلق على ارتفاعات تصل إلى مئات الكيلومترات، ولا تحتاج إلى محرك، لأنها تعتمد على الانفلات من جاذبية الأرض للانتقال عبر الفضاء، ثم تعود إلى الغلاف الجوي فوق هدفها، وتسقط بسرعة تتجاوز سرعة الصوت بمرات عدة.
تقنية العمل هذه تجعل إسقاط هذه الصواريخ في المرحلة النهائية أمرا صعبا، كما أن استهدافها خارج الغلاف الجوي صعب أيضا، لأن انفجار الصواريخ الاعتراضية في الفضاء لا ينتج موجة صدمة بسبب غياب الوسط الناقل وهو الهواء، ولذلك فلا يمكن تفجير صاروخ اعتراضي بالقرب من الصاروخ الباليستي لتدميره، بل يجب إصابته مباشرة.
وفي هذه الحالة، يسلط بانتر الضوء على التحديات التي تواجهها إسرائيل وحلفاؤها في حال حصول مواجهة طويلة الأمد مع إيران، فمع استمرار تبادل الضربات يستنفد المدافِع صواريخه أسرع من المهاجم تبعا لفارق التكلفة وتعقيد التصنيع وتحديات عملية الاعتراض.
ويتفاقم التحدي بسبب الحاجة إلى إطلاق صواريخ اعتراضية عدة لضمان تدمير صاروخ واحد، إضافة إلى محدودية سعة التخزين والإطلاق في المدمرات والطرادات البحرية.
كما أن تكلفة نشر السفن الاعتراضية بشكل مستمر تمثل تحديا للجيش الأميركي يضاف إلى تحديات تحديد الأولويات، إذ ينبغي للولايات المتحدة أن تنشر قدراتها الدفاعية الصاروخية المحدودة لمواجهة خصوم آخرين، كالصين وروسيا وكوريا الشمالية.
إعلان
التأسيس السياسي للمنظومة
شكّل التنسيق الإقليمي في اعتراض الصواريخ والمسيّرات الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل في أبريل/نيسان 2024 أول حالة تنسيق علني واسع المستوى لمواجهة إيران، وهو ما تم التأسيس له في اتفاقات التطبيع وما تلاها من ترتيبات أمنية إقليمية تضمنت نقل إسرائيل إلى منطقة العمليات العسكرية الأميركية الوسطى، جنبا إلى جنب مع بقية الدول الحليفة للولايات المتحدة فيها.
وأوضحت صحيفة وول ستريت جورنال طبيعة التنسيق الإقليمي الحاصل حينها في تقرير لها بتاريخ 15 أبريل/نيسان 2024، مشيرة إلى أن القوات الإسرائيلية والأميركية تمكنت من اعتراض معظم الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية.
وقالت إنهما تمكنتا من ذلك جزئيا، بفضل تبادل الدول العربية معلومات استخباراتية بشأن خطط طهران الهجومية، وفتح مجالها الجوي للطائرات الحربية، وتبادل معلومات تتبع الرادار، أو في بعض الحالات انخراط قواتها الخاصة في المساعدة، وفقا لمسؤولين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عدة قولهم إن العملية توجت سنوات من الجهود الأميركية لكسر الحواجز السياسية والتقنية التي أعاقت التعاون العسكري بين إسرائيل والحكومات العربية، وبدلا من إنشاء نسخة شرق أوسطية من حلف الناتو ركزت الولايات المتحدة على تعاون دفاعي جوي إقليمي أقل رسمية لكبح ترسانة طهران المتنامية من الطائرات المسيرة والصواريخ.
التطبيع وتسارع الوتيرة
وتعود جهود بناء منظومة دفاع جوي متكاملة للمنطقة إلى عقود مضت، وبعد سنوات من المحاولات الفاشلة والتقدم المحدود اكتسبت المبادرة زخما مع وجود اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية.
وفي عام 2022 نقل البنتاغون إسرائيل من قيادته الأوروبية إلى القيادة المركزية التي تشمل بقية الشرق الأوسط، وهي الخطوة التي مكنت من تعزيز التعاون العسكري مع الحكومات العربية تحت رعاية الولايات المتحدة.
وقالت دانا سترول -التي كانت حتى ديسمبر/كانون الأول 2023 أقدم مسؤولة مدنية في البنتاغون مسؤولة عن الشرق الأوسط- إن "انتقال إسرائيل إلى القيادة المركزية الأميركية كان بمثابة تغيير في قواعد اللعبة"، مما يجعل من الأسهل تبادل المعلومات الاستخباراتية وتوفير الإنذار المبكر بين البلدان.
إعلانووفقا للصحيفة، ففي مارس/آذار 2022 عقد الجنرال البحري فرانك ماكنزي القائد الأعلى للقوات الأميركية في المنطقة آنذاك اجتماعا لكبار المسؤولين العسكريين من إسرائيل ودول عربية، لبحث سبل التنسيق فيما بينهم لمواجهة قدرات إيران الصاروخية والطائرات المسيرة المتنامية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله "لقد غيّرت اتفاقيات إبراهام وجه الشرق الأوسط، وأتاح الانضمام إلى القيادة المركزية مزيدا من التعاون التقني مع الحكومات العربية".
وفي وصف المواجهة الأولى بين إيران وإسرائيل في أبريل/نيسان 2024 نقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم إنه عندما اقتربت الطائرات المسيرة الإيرانية تم إسقاطها في الأغلب من قبل مقاتلات من إسرائيل والولايات المتحدة، وبأعداد أقل من قبل طائرات حربية بريطانية وفرنسية وأردنية.
وفي مرحلة ما كان أكثر من 100 صاروخ باليستي إيراني في الجو متجها نحو إسرائيل، وصرح مسؤول أميركي بأن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أسقطت عددا منها داخل المجال الجوي الإسرائيلي وخارجه.
كما أسقطت الطائرات الأميركية عددا من الطائرات المسيرة الإيرانية، واعترضت مدمرتان أميركيتان مزودتان بصواريخ موجهة في شرق البحر الأبيض المتوسط ما يصل إلى 6 صواريخ.
وصرح المسؤول بأن نظام باتريوت للدفاع الجوي الأميركي قرب أربيل في العراق أسقط صاروخا باليستيا إيرانيا كان في طريقه إلى إسرائيل.
ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية حينها أن طائرات حربية أميركية وبريطانية شاركت في إسقاط عدد من الطائرات المسيرة المتجهة إلى إسرائيل فوق منطقة الحدود العراقية السورية.
العمل الحالي للمنظومةتشير بيانات الأطراف المنخرطة في منظومة الاعتراض إلى استمرار العمل بالأسلوب السابق ذاته، مع ما يقتضيه من تجنب للإفصاح، لما لذلك من تداعيات على المزاج الشعبي الذي لا يؤيد هذا النوع من العمليات، خصوصا في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
إعلانوكالعادة، تضطلع القوات الإسرائيلية بدور أساسي في عمليات الاعتراض الجارية، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه بعض الصواريخ والمسيّرات الإيرانية.
بدورها، انخرطت القوات الأميركية في المنطقة في جهود الاعتراض، ونقلت وكالة الأناضول عن مسؤول أميركي -طلب عدم الكشف عن هويته- قوله إن القوات الأميركية ساعدت إسرائيل في التصدي للصواريخ الإيرانية.
ونقل موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي عن مسؤول إسرائيلي -لم يكشف عن اسمه- قوله إن القوات الأميركية الموجودة في المنطقة شاركت في دعم الدفاعات الجوية الإسرائيلية ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن أحد المسؤولين قوله إن عمليات الاعتراض الأميركية في اليوم الأول تمت عن طريق أنظمة أرضية.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد نقلت عددا من الأصول العسكرية إلى المنطقة في الأيام الأخيرة، بما في ذلك مدمرات بحرية لتوضع قبالة الساحل الإسرائيلي للمساعدة في إسقاط الصواريخ والهجمات الجوية الأخرى المتوقعة بعد أن شن الإسرائيليون هجومهم على إيران، حسبما ذكرت شبكة "إن بي سي نيوز" نقلا عن مسؤول أميركي.
كما انخرطت بريطانيا في هذه العملية، ونقلت صحيفة غارديان عن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قوله إن بلاده بدأت في نقل مقاتلات وأصول عسكرية أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط، في وقت تحدّث عن إمكانية تقديم دعم عسكري لإسرائيل.
وعن الموقف الفرنسي، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن الرئيس إيمانويل ماكرون أول أمس الجمعة قوله إن القوات الفرنسية ستشارك في العمليات لمساعدة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد الرد الإيراني "بحسب إمكانياتها، وإذا كانت في وضع يسمح لها بذلك".
وأوضح ماكرون أن المساعدة الفرنسية متاحة للدفاع، لكنها لن تشارك في أعمال هجومية في إطار الصراع.
وكانت فرنسا قد ساهمت في اعتراض الصواريخ والمسيّرات الإيرانية فوق الأراضي الأردنية في أبريل/نيسان 2024 بناء على طلب من الأردن، وفقا لتصريح الرئيس ماكرون.
إعلان
الموقف الأردني
أما الموقف الأردني المعلن بشأن الاعتراض فاستمر كما هو، إذ قالت وسائل الإعلام الرسمية الأردنية إن القوات الجوية للبلاد تعترض صواريخ وطائرات مسيرة في مجالها الجوي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن مسؤول عسكري كبير -لم تذكر اسمه- قوله إن عمليات الاعتراض تمت بناء على تقييمات عسكرية تشير إلى أن الصواريخ والطائرات المسيرة من المحتمل أن تسقط داخل الأراضي الأردنية -بما في ذلك المناطق المأهولة بالسكان- مما يشكل تهديدا محتملا لسلامة المدنيين.
وفي حين لا تنص اتفاقية التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة والأردن لعام 2021 على حق القوات الأميركية بعمليات اعتراض جوي في أجواء الاردن لكنها تحتوي على نصوص فضفاضة يمكن أن تشكل مدخلا لعمليات من هذا النوع.
وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية على حق هذه القوات في "حمل السلاح واستخدام القوة للدفاع عن النفس أو لحماية قواتها والمتعاقدين معها وممتلكاتها".
وتنص المادة السابعة على وجوب السماح للطائرات العسكرية الأميركية بالتحليق والإقلاع والهبوط في الأردن دون تفتيش جمركي.
تظهر عمليات الاعتراض ثبات الترتيب السياسي الإقليمي المرافق لعمليات التطبيع والتنسيق الأمني الإقليمي، وإن كانت العديد من الدول تنأى بنفسها عن هذا الدور بمستويات متباينة.
في المقابل، تحرص إسرائيل على تعزيز الدرع الإقليمي الذي يمكنها من الاستمرار في سياستها التوسعية والعدوانية في فلسطين وخارجها، وتعمل على اعتراض الصواريخ والمسيّرات التي تستهدفها كلما كان ذلك ممكنا لتقليل خطر وصولها إلى أهدافها، وامتلاك الفرصة لاستهدافها في حال أفلتت من الاعتراضات الأولية، ولتجنيب مدنها خطر تساقط الشظايا الناجمة عن الصواريخ المعادية لها أو صواريخها الاعتراضية، إضافة إلى تقليل التكلفة المادية لعمليات الاعتراض.
إعلانبالمقابل، تكرر إيران تهديداتها للأطراف المنخرطة في صد هجماتها على إسرائيل، في مسعى لردعها عن هذا الدور وتقليل مستوى الشعور الإسرائيلي بالأمان، لما له من أثر على استمرارية سلوكها العدواني في الإقليم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الصواریخ والمسی رات والطائرات المسیرة الطائرات المسیرة القوات الأمیرکیة اعتراض الصواریخ أبریل نیسان 2024 الشرق الأوسط إن القوات عن مسؤول قوله إن
إقرأ أيضاً:
52 عامًا على المعجزة.. قصة عبور أكتوبر التي حطمت بارليف وأعادت الكرامة والكبرياء
في السادس من أكتوبر عام 1973، سطرت مصر واحدة من أعظم صفحات التاريخ العسكري الحديث، حين عبر جنودها قناة السويس واقتحموا خط بارليف الحصين في معركة أعادت لمصر وللأمة العربية كرامتها وأثبتت أن الإرادة قادرة على صنع المستحيل.
لم يكن هذا الانتصار وليد الصدفة، بل جاء ثمرة تخطيط استراتيجي محكم وإعداد طويل امتد لسنوات، اشترك فيه خيرة قادة الجيش المصري وعقولهم العسكرية الفذة، وجنود أبطال سيذكرهم التاريخ بأحرف من نور.
فقد كان جوهر حرب أكتوبر هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر ومن الظلام إلى النور ومن الانكسار إلى الكبرياء، فقد غيرت الحرب خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.
واليوم، تمُر علينا الذكرى 52 على نصر السادس من أكتوبر عام 1973، فقد حققت مصر في حرب أكتوبر معجزة بكل المقايس، ستظل خالدة في وجدان الشعب المصري وفي ضمير الأمة العربية، وقام جيل حرب أكتوبر برفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ في النصر العظيم.
خطة الخداع الإستراتيجى
سبق حرب أكتوبر خطة خداع استراتيجي للداخل والخارج أشرف عليها الرئيس الراحل أنور السادات بصورة شخصية وبالتنسيق مع أجهزة الدولة والقوات المسحلة، حيث تم اتخاذ مجموعة من الخطوات التى كانت تهدف إلى تضليل العدو الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر 1973، وكان أهمها؛ تمرير رسالة أن الرئيس السادات والجيش المصري، لا يفكرون في الحرب على الإطلاق، واستمرار الوضع على ما هو عليه، وهو "اللاحرب واللاسلم".
كما اعتمدت خطة الخداع تسريح 30 ألف مقاتل مصري ورفع درجة الاستعداد في القواعد الجوية، كذلك تكرار إجراء التعبئة العامة والاستدعاء ثم تسريح القوات، والتدرب على عبور قناة السويس تحت سمع وبصر قوات العدو، وإنشاء ساتر ترابي على الضفة الغربية لقناة السويس وتحريك القوات المصرية في اتجاهات مختلفة وثانوية وخداع الأقمار الصناعية.
كما أن اختيار ساعة الصفر نفسها كانت من أكبر عمليات التمويه التي قام بها الرئيس السادات، وهذا لعدة أسباب منها أن العدو لن يخطر بباله أن الجيش سيخوض الحرب فى شهر الصوم وفى أكتوبر تحديدا، كذلك انشغال إسرائيل بعيد الغفران اليهودي.
التوجيه الاستراتيجي
في الخامس من أكتوبر عام ١٩٧٣؛ أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات ؛ "التوجيه الإستراتيجي" للفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية قال فيه السادات: بناءً على التوجيه السياسي العسكري الصادر لكم منى فى أول اكتوبر 1973 وبناء على الظروف المحيطة بالموقف السياسي والاستراتيجى قررت تكليف القوات المسلحة بتنفيذ المهام الاستراتيجية الآتية: إزالة الجمود العسكري الحالى بكسر وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 6 أكتوبر 1973 تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة والمعدات، والعمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطور إمكانيات وقدرات القوات المسلحة، وأن تنفذ هذه المهام بواسطة القوات المسلحة المصرية منفردة أو بالتعاون مع القوات المسلحة السورية.
200 طائرة يفقدون العدو توازنه
وجاءت حرب أكتوبر، حيث كانت أعمال قتال قواتنا الجوية فى طليعة معارك وبطولات الحرب المباركة، حإذ نفذت القوات الجوية ضربة رئيسية مكونة من أكثر من 200 طائرة عبرت كلها فى وقت واحد خط القناة، نجحت في ضرب مركز القيادة الرئيسى للعدو فى منطقة "أم مرجم"، كما تم ضرب 3 ممرات رئيسية فى 3 مطارات هي "المليز - بيرتمادا - رأس نصراني"، بالإضافة إلى 3 ممرات فرعية فى ذات المطارات، كما نجحت القوات الجوية في تدمير 10 مواقع بطاريات للدفاع الجوي من طراز هوك ومواقع للمدفعية ومركز حرب إلكترونية والعديد من مواقع الشئون الإدارية، وقد تمت الضربة فى صمت لاسلكى تام لتجنب أى عمليات تصنت معادية يمكن أن تكشف الهجوم المصري.
وكان تألق قواتنا الجوية فى يوم 14 أكتوبر خلال "معركة المنصورة الجوية"، حيث دارت تلك المعركة فوق منطقة الدلتا بين نسور مصروالقوات الجوية العدو استمرت أكثر من 50 تم إسقاط 18 طائرة للعدو خلالها رغم التفوق النوعى والعددى لطائراته، ولم يكن أمام باقى الطائرات العدو إلا أن تلقى بحمولتها فى البحر وتلوذ بالفرار.
2000 مدفع يحولون جبهة العدو إلى جحيم
وبعد دقائق من الضربة الجوبية، نفذت المدفعية المصرية أكبر تمهيد نيرانى عرفه التاريخ العسكري الحديث بطول الجبهة المصرية، حيث قام ما يقرب من 2000 مدفع على طول خط القناة بإطلاق القذائف ضد تمركزات ومواقع العدو في الضفة الغربية من القناة، ونجحت المدفعية المصرية في استهداف مراكز القيادة والسيطرة ومحطات الرادار الخاصة بالعدو، وذلك بعد الضربة الجوية المركزة التي قامت بها القوات الجوية على طول خط بارليف.
عبور المشاة للضفة الشرقية لقناة السويس
وبالتظامن مع قصف المدفعية، عبرت القوارب المُحملة بعشرات الآلاف من الضباط والجنود إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، وسط صيحات الله أكبر التي زلزلت كل أرجاء المعركة، وقبل انتهاء اليوم الأول من القتال ، اتمت القوات المسلحة عملية نقل 5 فرق إلى سيناء عبر الكباري العائية التي تم نصبها على ضفتي القناة ، وذلك بعد ملحمة هدم الساتر الترابي من مضخات المياة.
تحطيم الذراع الطولى لإسرائيل
وكان لقوات الدفاع الجوي، دور كبير وفعال في معركة أكتوبر، حيث نجحت في إسقاط أكثر من 25 طائرة خلال يومي 6 و 7 أكتوبر، وعلى ضوء ذلك، أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة أقل من 15 كم، وخلال الثلاثة أيام الأولى من الحرب، فقد العدو الجوى الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذين كان يتباهى بهم.
إغلاق مضيق باب المندب وقصف أهداف العدو
كما لعبت القوات البحرية المصرية أيضا دورا محوريا في تحقيق نصر أكتوبر، حيث كانت هناك مهام عديدة ملقاة على عاتقها واستطاعت تحقيقها بنجاح، ومنها معاونة أعمال قتال الجيوش الميدانية في سيناء سواء بالنيران أو بحماية جانب القوات البرية المتقدمة بمحاذاة الساحل.
وقد انتشرت نحو خمسون قطعة بحرية مصرية في البحرين المتوسط والأحمر كذلك تنفيذ إبرار بحري لعناصر القوات الخاصة على الساحل الشمالي لسيناء، كما أفلقت البحرية المصرية مضيق باب المندب، والإغارة على الموانئ والمراسي والأهداف الساحلية بإسرائيل.
قوات الصاعقة والمظلات
وخلال حرب أكتوبر، نجحت قوات المظلات في تدمير مواقع وأهداف تابعة لقوات العدو في مضيقي متلا والجدي ومنعت تقدمه من خلالهما، كما نجحت قوات في احتلال المصاطب الموجودة غرب القناة، ومعاونة وحدات وتشكيلات القوات المسلحة في الاستيلاء على النقط القوية وتأمين رؤوس الكباري ضد هجمات العدو المضادة، كما قامت بتنفيذ مهام قتالية لصالح تشكيلات ووحدات شرق القناة، لتأمين الموجات الأولى للعبور.
كما كانت هناك بطولات لقوات الصاعقة مثل البطولات الخاصة بالمجموعات ١٢٩ صاعقة حيث نجحت خلال الساعات الأولى من الحرب في تدمير ٢٨ دبابه و١٢ عربيه مجنزرة، كما استطاعت المجموعة 127 صاعقة أن تحاصر النقطه الحصينه فى لسان بورتوفيق حتى استسلم لهم الجنود وتم أسر٣٧ فرد من قوات العدو في يوم ١٣ أكتوبر كما تم الاستيلاء على ٣ دبابات سليمة وجميع الأسلحه التي كانت موجوده في هذه النقطة القوية.
أبزر معارك الحرب
ومن أبرز المعارك التي خاضتها القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر هي معركة تبة الشجرة ومعركة عيون موسى ومعركة القنطرة شرق ومعركة الفردان ومعركة المنصورة الجوية والمزرعة الصينية.