الجزيرة:
2025-08-09@09:49:51 GMT

الناتو و الحرب بين إسرائيل وإيران

تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT

الناتو و الحرب بين إسرائيل وإيران

بروكسل- "الناتو يركز على منطقة أوروبا والأطلسي، لذا فإن الوضع الحالي بين إسرائيل وإيران لا يندرج ضمن نطاق عمل الحلف. ومع ذلك، فإن الحلفاء الأفراد يتعاملون مع هذه الأزمة، بما فيهم الولايات المتحدة، وهذه حالة تتطور بسرعة، لذا فأنا متردد قليلا في التعليق".

كان هذا هو الرد الرسمي الذي تلقته الجزيرة نت من المكتب الإعلامي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل إجابة عن سؤال بشأن موقف الحلف تجاه الحرب بين إيران وإسرائيل.

ويعكس ذلك، وما سبقه من تصريحات مماثلة أدلى بها الأمين العام لحلف الناتو مارك روتّه، الحرج المؤسسي داخل الحلف حيال التصعيد بين إسرائيل وإيران، الذي "قد يصرف الاهتمام عن قضية أوروبا الرئيسية في أوكرانيا".

وفق المصالح

وخلف هذا الرد الحذر، تتباين المواقف داخل العواصم الأوروبية وبين أعضاء الناتو. ويقول الصحفي المعتمد داخل الإتحاد الأوروبي والناتو حسين الوائلي، إن "لكل دولة مصالحها وشراكاتها الجيوسياسية والطاقوية، ما يجعل الخروج بموقف موحّد أمرا معقدا".

ويضيف الوائلي للجزيرة نت أن هذا "التباين طبيعي بين دول تختلف مصالحها، لكنها تحاول الانصهار داخل كتلة واحدة".

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بروكسل البروفيسور كورت ديبوف، أن هذا الانقسام ينعكس في حلف الناتو، حيث نجد من جهة، أن ألمانيا وأميركا تدعمان إسرائيل بالكامل، فيما ترفض دول أخرى مثل تركيا وفرنسا وإسبانيا هذا الانحياز وتطالب بإدانة التصعيد الإسرائيلي.

ويبدو أن ردّ مارك روته، عكس الإرباك الأوسع في الموقف الأوروبي، غير القادر على ملاحقة توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتسارعة وغير المبالية بمواقف شركائه.

الرئيسان الفرنسي ماكرون (يمين) والأميركي ترامب في مؤتمر صحفي بقمة السبع حيث تفجر الخلاف بشأن إيران (الأوروبية)

وتفجَّرت شرارة هذه المواقف حين سخر ترامب من تصريحات نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن مغادرة الأول لقمة مجموعة السبع، حيث قال ماكرون: إن ترامب "غادر للعمل على وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل".

إعلان

ورد ترامب على منصة "تروث سوشيال" أن "ماكرون الباحث عن الشهرة، قال إنني غادرت قمة مجموعة السبع الصناعية للعودة إلى واشنطن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. خطأ! ماكرون لا يعرف سبب عودتي، لكنه بالتأكيد ليس لوقف إطلاق النار. الأمر أكبر من ذلك بكثير، ماكرون دائما يخطئ. ترقّبوا".

ولم يكن هذا التوتر السياسي بين واشنطن وباريس مجرد سجال، بل عكس خللا أعمق في التنسيق الغربي، لا سيما داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يبدو الناتو الآن عالقا بين جبهتين مفتوحتين؛ حرب لم تُحسم في أوكرانيا، وتصعيد إقليمي متفجر في الشرق الأوسط.

تباين المواقف

ويعلق الخبير الأميركي وعميد معهد السياسة العالمية في واشنطن، الدكتور جيمس إس روبنز قائلا "ليس من الواضح ما إذا كان هذا التباين حقيقيا".

ويضيف للجزيرة نت أن "رئيس الجمعية البرلمانية لحلف الناتو دعا للتهدئة، كما أظهر الاتحاد الأوروبي رغبته في الحلول الدبلوماسية بدلا من القوة، لكن دول الاتحاد تبدو أكثر تعاطفا مع إسرائيل مقارنة بموقفها تجاه الحرب في غزة".

من جانبه، يوضح الأكاديمي ديبوف هذا التعاطف، ويقول إن "الانحياز الأوروبي لإسرائيل ليس جديدا"، مضيفا للجزيرة نت "أن بعض الدول الأوروبية، كألمانيا وهولندا والنمسا، لا تزال تشعر بثقل الذنب تجاه الهولوكوست، ولهذا فهي تدعم إسرائيل مهما فعلت، ونرى ذلك يتجلى بوضوح في تصريحات أورسولا فون دير لاين الألمانية رغم موقعها الأوروبي".

ويرى مراقبون أنه في حال وقوع مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران، فإنه لا نية لدول الناتو بالتدخل. ويقول روبنز "لا يوجد سيناريو لتدخل قوات الناتو جماعيا، لكن إذا تعرّضت أميركا لهجوم، فقد تلجأ إلى المادة الخامسة من ميثاق الناتو، وربما تردّ بريطانيا".

ويضيف أن "الرئيس ترامب مستعد أن تتصرف الولايات المتحدة بشكل منفرد لتحقيق هدفه الأساسي، وهو إنهاء البرنامج النووي الإيراني".

في المقابل، لا يرى ديبوف أن أي دولة أوروبية ستشارك أميركا في عملية عسكرية ضد إيران، لأن "أميركا ربما هي الدولة الوحيدة التي تمتلك الأسلحة المناسبة لضرب منشآت نووية إيرانية، وليس فرنسا أو بريطانيا".

ورغم ذلك، يقول روبنز إن كلا من فرنسا وبريطانيا ساعدتا إسرائيل فعلا في التصدي لهجمات الصواريخ الإيرانية، كما شاركتا مؤخرا في عمليات ضد الحوثيين.

كما نشرت بريطانيا طائرات تايفون وطائرات تزود بالوقود في المنطقة، "ما يعني أنها تملك القدرات الكافية للمشاركة في الضربات".

ورغم ذلك، أعلنت بريطانيا أنها قد تدعم أي عمل ضد إيران، لكن "دون تأكيد المشاركة". أما فرنسا فقد تستمر في اتخاذ إجراءات دفاعية، لكن من غير المرجح أن تخوض معركة مباشرة.

الوساطة بالدبلوماسية

ويعتقد متحدثون أن غياب الإرادة لاتخاذ موقف أوروبي مما يحدث في غزة ألحق ضررا بالغا بمصداقية الاتحاد الأوروبي، بل وعلى مستوى العالم، ويقول ديبوف "اليوم أكثر من أي وقت مضى، يبدو خطاب الاتحاد عن الديمقراطية وحقوق الإنسان فارغا وسطحيا".

ويضيف أن جميع الاتفاقيات التجارية للاتحاد تتضمن شروطا متعلقة بحقوق الإنسان، "لكن يبدو أن العالم بدأ يردّ على هذا النفاق".

إعلان

من جهته، يرى حسين الوائلي، أن الاتحاد الأوروبي يهتم كثيرا بالدبلوماسية وفتح قنوات إنسانية، لكنه لا يملك القدرة على إقناع إسرائيل بالتهدئة، مشيرا إلى الضغوط الكبيرة على المستوى الإنساني لإدخال مساعدات إلى غزة.

بدوره، يتابع روبنز أن الاتحاد الأوروبي أصدر تصريحات تُعبّر عن استيائه من سلوك إسرائيل في غزة، لكنه لم يُعارض بوضوح الضربات الإسرائيلية ضد إيران. وختم قائلا "يبدو أن أوروبا تتعاطف مع غزة، لكنها ترى في إيران النووية تهديدا مباشرا وخطيرا".

المواقف الأوروبية تتباين من حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة (الأناضول)

وفي سؤال حول ما إذا كان يمكن لأوروبا أن تلعب دور الوسيط، يرى ديبوف، أن هناك بالفعل قدرا لا بأس به من الاتصالات بين إيران وأميركا، وكل ذلك يتم عبر الاتحاد الأوروبي وعُمان، لكنه يشكك في جدوى هذا الدور، معتبرا أن الولايات المتحدة لا تحتاج فعليا إلى الاتحاد الأوروبي في هذا الأمر.

وفي المقابل، يرى حسين الوائلي أن الاتحاد الأوروبي قد يدفع بحالة انصهار دبلوماسي، لكن تبقى لكل عضو فيه خياراته. ويقول إن هناك رغبة حقيقية بدعم أميركا وإسرائيل، خاصة من فرنسا وألمانيا، لكن كثيرا من الدول تخاف على مصالحها ولا تريد إعلان ذلك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین إسرائیل وإیران الاتحاد الأوروبی فی غزة

إقرأ أيضاً:

رئيس المجلس الأوروبي: قرار احتلال غزة سيؤثر على علاقة الاتحاد بـإسرائيل

حذّر رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، الجمعة، من أن قرار الاحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء على مدينة غزة ستكون له "عواقب" على مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي، مشدداً على ضرورة أن تعيد الحكومة الإسرائيلية النظر في هذا القرار الذي وصفه بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي".

وفي بيان رسمي نشره عبر منصة "إكس"، قال كوستا، الذي يمثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إن "القرار لا ينتهك فقط الاتفاق المعلن بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بتاريخ 19 يوليو، كما أشار إليه الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بل يقوض أيضاً المبادئ الأساسية للقانون الدولي والقيم العالمية التي يقوم عليها الاتحاد".

وأكد كوستا أن حل الدولتين لا يزال "المسار السياسي الوحيد" القادر على تحقيق الاستقرار في المنطقة، داعياً إلى تمكين السلطة الفلسطينية من بسط سيطرتها الفعلية على الأراضي الفلسطينية، باعتبار ذلك "السبيل الواقعي والشرعي لتحقيق السلام".

I strongly urge the Israeli government to reconsider its decision to take over Gaza City. Such an operation — together with the continued illegal expansion of settlements in the West Bank, the massive destruction in Gaza, the blockade of humanitarian aid, and the spread of famine… — António Costa (@eucopresident) August 8, 2025
ووصف كوستا الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه "مأساوي"، محذراً من أن الخطوة الإسرائيلية الأخيرة ستزيد من تدهور الأوضاع وتفاقم الكارثة القائمة.

وكان "الكابينت" الإسرائيلي (المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية) قد صادق في وقت مبكر من صباح الجمعة على خطة عسكرية جديدة قدمها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، تقضي بـ"احتلال تدريجي" لقطاع غزة، تبدأ بالسيطرة الكاملة على مدينة غزة.


ووفق الخطة، سيتم تهجير قرابة مليون فلسطيني من سكان المدينة باتجاه جنوب القطاع، قبل أن يتم تطويق المدينة وشن عمليات توغل داخل الأحياء السكنية، تمهيداً للمرحلة الثانية التي تشمل السيطرة على مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، والتي تعرضت أجزاء واسعة منها للدمار جراء القصف الإسرائيلي المتواصل.

وتشير معطيات صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن نحو 87% من مساحة قطاع غزة أصبحت إما تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر أو مشمولة بأوامر إخلاء عسكرية، ما ينذر، بحسب المنظمة، بـ"تداعيات كارثية" في حال استمرار التوسع العسكري الإسرائيلي.

ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويشن الاحتلال الإسرائيلي عدواناً واسع النطاق على قطاع غزة، ارتكبت خلاله، وفق تقارير أممية وحقوقية، جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين، شملت القتل العشوائي والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية التي طالبتها بوقف هذه الجرائم فوراً.

وبحسب آخر الإحصاءات الرسمية، فقد أسفر العدوان الإسرائيلي حتى اليوم عن استشهاد 61 ألف و258 فلسطينياً، وإصابة 152 ألف و45 آخرين، فيما لا يزال أكثر من 9 آلاف في عداد المفقودين. 
كما تسبب القصف والعمليات البرية في تشريد مئات الآلاف من السكان، وتفشي المجاعة، التي أودت بحياة العشرات، بينهم عدد كبير من الأطفال.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يرحب باتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان
  • حرائق الغابات في الاتحاد الأوروبي عام 2024: الأسباب والخسائر والدول الأكثر تضررًا
  • الإتحاد الأوروبي يحذر إسرائيل: احتلال غزة له عواقب على العلاقات
  • المجلس الأوروبي يحذر: احتلال غزة يهدد العلاقات مع ” إسرائيل ” ويقوض القانون الدولي
  • الاتحاد الأوروبي يحذر إسرائيل من عواقب السيطرة على غزة
  • الاتحاد الأوروبي يدعو “إسرائيل” إلى “إعادة النظر” بقرار احتلال غزة
  • الاتحاد الأوروبي يهدد الاحتلال الإسرائيلي..هل بدأت نهاية إسرائيل السياسية؟
  • رئيس المجلس الأوروبي: قرار احتلال غزة سيؤثر على علاقة الاتحاد بـإسرائيل
  • الاتحاد الأوروبي: الاحتلال لا يفي باتفاق زيادة المساعدات لغزة
  • الاتحاد الأوروبي: الوضع في غزة خطير ويقوض إيصال المساعدات رغم بعض التقدم