حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من أن سياسات الهجرة والقيود الجديدة التي تفرضها الإدارة الأميركية تهدد بتقويض قيم الانفتاح والتنوع التي يفترض أن ترمز إليها بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026، التي تستضيفها الولايات المتحدة بالمشاركة مع كندا والمكسيك.

وقالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالمية في المنظمة، إن تطمينات مسؤولي الفيفا والإدارة الأميركية بشأن "استقبال العالم" في البطولة تصطدم بواقع إجرائي وتشريعي صارم قد يعرّض آلاف المشجعين، ومن بينهم مواطنو 48 دولة مشاركة، للاستجواب أو الاحتجاز أو حتى المنع من دخول البلاد على أساس منشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي أو خلفياتهم الشخصية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غوتيريش يحمّل الذكاء الاصطناعي مسؤولية انتشار خطاب الكراهيةlist 2 of 2"القطري للصحافة" يناقش تحديات الصحفيين اليمنيين وفرص السلامend of list

وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن الإدارة الأميركية أصدرت في الرابع من يونيو/حزيران مرسوماً يحظر دخول مواطنين من 12 دولة منها إيران وأفغانستان والسودان وليبيا واليمن وإثيوبيا، ويقيد بشكل بالغ الحصول على التأشيرات لمواطني سبع دول أخرى منها كوبا وفنزويلا وتركمانستان.

وقد سمح القرار باستثناءات محدودة للرياضيين، لكنه أبقى الباب مغلقا في وجه عشرات آلاف المشجعين المحتملين.

ويأتي هذا في ظل تقارير عن طوابير انتظار طويلة تصل إلى عامين للحصول على مقابلة تأشيرة في بعض السفارات الأميركية، مع سياسات جديدة تلزم المتقدمين بالكشف عن كامل نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكدت ووردن أن سياسات إدارة الرئيس ترامب الجديدة، بما في ذلك حظر دخول بعض الجنسيات وتضييق منح التأشيرات واستمرار استهداف اللاجئين والطلاب، تتناقض مع وعد الفيفا بجعل كأس العالم 2026 الأكثر شمولية وانفتاحاً في تاريخ البطولة.

وتذكّر هيومن رايتس ووتش بالفوضى التي شهدتها المطارات الأميركية عام 2017 عند تطبيق أولى قرارات حظر السفر، حيث تعرض مئات المسافرين للاحتجاز والإبعاد والفصل عن أسرهم، فيما حُرم طلاب وزوار ومشاركون في مؤتمرات من الدخول، محذرة من تكرار تلك المشاهد خلال البطولة القادمة.

إعلان

وتنتقد المنظمة صمت الفيفا إزاء السياسات الأميركية، وترى أن ذلك يمثل تنازلا عن مبادئها المعلنة بشأن احترام حقوق الإنسان، التي نصت عليها بقوة في استراتيجيتها الخاصة بحقوق الإنسان لمونديال 2026.

ودعت هيومن رايتس ووتش الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى ممارسة ضغط حقيقي على الإدارة الأميركية لإلغاء هذه القيود وضمان معاملة جميع الفرق والمشجعين والصحفيين بشكل متساوٍ بصرف النظر عن الجنسية أو المعتقد أو التوجه. وحذرت من أنه بدون ضمانات واضحة، لا بد من إعادة النظر في أحقية الولايات المتحدة في استضافة بطولة بحجم كأس العالم.

وختمت المنظمة بالقول: "اللعبة الجميلة تستحق أكثر من أن تُقام وسط سياسات هجرة قبيحة تُقصي الآلاف وتجرّد البطولة من مضمونها الإنساني العالمي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حريات هیومن رایتس ووتش

إقرأ أيضاً:

توازن الرعب التكنولوجي.. حين تتحول الرقائق إلى سلاح يغيّر شكل العالم

لم تعد الحرب التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين مجرد سجالات حول ضريبة أو معاملة تجارية.

ما نشهده الآن، وبأسرع مما توقّع حتى أكثر الخبراء تشاؤمًا، هو دخول العالم في طور جديد يمكن تسميته بلا مبالغة «توازن الرعب التكنولوجي».

مرحلة لم يعد فيها السؤال، من يملك التكنولوجيا؟ بل، من يستطيع حرمان الآخر منها دون أن ينهار داخليًا؟

الشرارة الأخيرة جاءت من بكين، التي لم تنتظر سوى 48 ساعة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضريبة السيليكون على مبيعات الرقائق للصين، لتردّ بكين بضربة بيروقراطية قاسية تُفشل عمليًا الصفقة الأميركية مع إنفيديا.

خطوة صينية ليست عابرة على الإطلاق، إنها إعلان رسمي بأن الصين لم تعد تلعب دور المُستقبِل لقرارات واشنطن، بل دور المُخرب المحسوب لمنطق القوة الأميركية في التكنولوجيا.

واشنطن كانت تراهن على مشتري مضطر والصين ألغت افتراض اللعبة.. فالفلسفة الأميركية وراء بيع رقائق الجيل الأقدم للصين كانت بسيطة: سنعطيكم تكنولوجيا الأمس، ونأخذ منكم أموال الغد، ونُبقيكم معتمدين علينا.

كانت خطة تُفترض أنها بلا خسائر: واشنطن تبيع، وبكين تشتري، وأي تأخير أو مشكلات لوجستية ستدفع الصين للقبول بالصفقة مهما كانت شروطها.

لكن الصين فعلت ما يُغير قواعد اللعبة: أعلنت أنها ليست راغبة في الشراء أصلاً!!

ووضعَت نظامًا يجعل كل شركة صينية مطالبة بتقديم تبرير رسمي يثبت بالأدلة أن منتجات هواوي عاجزة بالكامل عن تقديم البديل قبل السماح بشراء رقاقة أميركية.

وبهذا، حوّلت بكين التجارة إلى أداة سيادة تخضع بالكامل لقرار الدولة، لا لمعادلة السوق.

والنتيجة المنطقية؟ إنفيديا تواجه خطر خسارة 12 مليار دولار من إيراداتها، وواشنطن تواجه الحقيقة: الصين لم تعد زبونًا أسيرًا للجودة الأميركية.

إن جوهر القصة هو التحول من حرب على الرقائق إلى حرب على قواعد اللعبة، وأعمق ما يحدث هنا ليس إجراءات بيروقراطية، بل تفكيك تدريجي للاحتكار الأميركي في ثلاث ركائز:

1. احتكار تصميم الرقائق (Nvidia)

2. احتكار أدوات التصنيع (ASML والتحالف الغربي)

3. احتكار معايير المعرفة والبحث.

والرد الصيني الأخير يكشف أن بكين أصبحت قادرة على تعطيل سلسلة التوريد العالمية، لا مجرد التكيف معها، إنها خطوة تعكس انتقال الصين من خانة المطارد إلى خانة القادر على قلب الطاولة، بل هي نقطة التحول التي تسبق عادةً ولادة نظام عالمي جديد.

الحرب هنا ليست تجارية، إنها تنافس بين نموذجين للحضارة:

نموذج أميركي يعتمد على الابتكار الخاص والتسارع التقني عبر رأس المال، ونموذج صيني يعتمد على الدولة الصناعية، والتخطيط، ووفورات الحجم، والتحرك بسرعة على مستوى الاقتصاد الكلي.

وفي هذه اللحظة بالذات، يبدو النموذج الصيني أكثر قدرة على تغيير قواعد اللعبة بسرعة، قطعاً أميركا قوية في إنتاج التكنولوجيا، لكن الصين أصبحت قوية في إدارة تدفق التكنولوجيا، وهي مهارة لا تقل أهمية.

لكن ماذا تعني هذه الحرب لنا في العالم العربي؟

المنطقة العربية، ومصر تحديدًا، تقف أمام مأزق لم يُناقش بما يكفي: فإذا تفككت سلاسل التوريد بين أميركا والصين، وإذا دخل العالم في مرحلة حدائق مسوّرة تكنولوجية كما حدث في الحرب الباردة النووية، فإن الاقتصادات النامية ستدفع الثمن الأكبر، حيث أن الرقائق، وحوسبة الذكاء الاصطناعي، والطاقة، والاتصالات، ستصبح دوليًا أدوات مساومة أكثر منها أدوات تنمية، وهنا تصبح السيادة الرقمية جزءًا من الأمن القومي، وليست رفاهية، كما يصبح تنويع مصادر التكنولوجيا ضرورة استراتيجية تمامًا كما هو تنويع مصادر الغذاء أو الطاقة.

إنه عالم يدخل مرحلة جديدة بلا ضوابط ففي الستينيات، كان توازن الرعب النووي يحكم اللعبة العالمية، أما اليوم، يتشكل توازن الرعب التكنولوجي الذي سيحدد شكل الاقتصاد والسياسة والحدود نفسها.

الولايات المتحدة لا تستطيع أن توقف الصين، والصين لا تستطيع أن تلغي الولايات المتحدة، وإنما يستطيع كل طرف تعطيل حياة الآخر، هذه هي الحقيقة الكبرى التي لم يعد يمكن تجاهلها.

والسؤال الذي يجب أن نطرحه، نحن العرب، بعيدًا عن صخب الرقائق والضرائب: كيف نحمي اقتصاداتنا حين تتحول التكنولوجيا إلى سلاح؟ وهل نستطيع أن نجد لأنفسنا مكانًا في هذا النظام قبل أن تُغلق الأبواب نهائيًا؟

اقرأ أيضاً«معلومات الوزراء» و«بحوث الإلكترونيات» يوقعان بروتوكول تعاون لدعم البحث العلمي

اتفاق أمريكي صيني مرتقب يُخفض الرسوم الجمركية إلى 47%.. تفاصيل

مقالات مشابهة

  • الهوكي.. تاريخ عريق وحاضر مؤلم
  • منتخب الريشة الطائرة يُتوَّج بالميدالية البرونزية في كأس العالم
  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • توماس فريدمان يقدم قراءته التحليلية لإستراتيجية ترامب للأمن القومي
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ما كان ينبغي أن يجتمع هذان المجنونان.. غونجا الجميلة التي تتحدى غوردال في المسلسل التركيحلم أشرف
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • ما هي السدة الشتوية التي ستبدأ يوم 31 ديسمبر؟
  • الإدارة الأميركية تطلق تأشيرة بطاقة ترامب الذهبية للأثرياء الأجانب
  • توازن الرعب التكنولوجي.. حين تتحول الرقائق إلى سلاح يغيّر شكل العالم