تتضارب التقييمات في طهران وواشنطن وتل أبيب لنتائج الحرب، وسط تساؤلات بشأن إستراتيجية إيران إزاء الولايات المتحدة وإسرائيل، فضلا عن الأوراق التي يمكن أن تلجأ إليها الأطراف المختلفة إزاء الصراع المجمد.

ونقلت صحيفة تلغراف البريطانية عن مسؤولين أوروبيين قولهم إن حكومات أوروبية تلقت تقييمات استخبارية أولية تفيد بأن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب "لا يزال سليما"، رغم الضربات الأميركية لمفاعلاتها النووية.

وأضافت الصحيفة أن واشنطن لم تقدم معلومات استخبارية حاسمة لحلفائها الأوروبيين بشأن القدرات النووية الإيرانية المتبقية، وأنها تمسكت بعدم الكشف عن توجهاتها المستقبلية إزاء طهران.

اتفاق أم هدنة؟

وفي هذا السياق، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إن تل أبيب لم تضع إسقاط النظام الإيراني هدفا للحرب، لكنها عولت أن تُحدث ضرباتها "ديناميكية تؤدي إلى تفككه من الداخل".

وأعرب مصطفى عن قناعته -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- بأن الحرب كانت حسب الجدول الزمني الإسرائيلي، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تريد حربا قصيرة لكن حاسمة، بعدما حققت هدفي تدمير المشروع النووي الإيراني، وإضعاف القدرات الصاروخية الإيرانية.

بدوره، وصف رئيس مؤسسة المصلحة الوطنية في واشنطن خالد صفوري ما حدث بأنه "اتفاق الحاجة والضرورة"، وجاء مفاجئا في وقت كان يتوعد فيه الإسرائيليون بحرب طويلة.

ووفق صفوري، فإن كلا الطرفين ادعيا الانتصار، إذ ضربت إسرائيل البرنامج النووي الإيراني، لكنه لا يزال باقيا ومن الصعب تدميره بشكل كامل، وهو ما يعد في صالح إيران.

وأعرب عن قناعته بأن إسرائيل "هي من سربت بأن برنامج إيران النووي لم يتضرر بشكل كامل"، مشيرا إلى أن ترامب أرضى جميع الأطراف بقصفه المنشآت النووية الإيرانية من دون الانخراط بحرب جديدة.

إعلان

من جانبه، وصف مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز ما حدث بأنه هدنة غامضة وليس اتفاقا، وقد يبنى عليها اتفاق وفقا لنتائج طاولة المفاوضات السياسية بين واشنطن وطهران.

وأشار فايز إلى أن عملية الإخراج في إيران بشأن الحرب الأخيرة "تقدم سردية سياسية وعسكرية أشبه بالانتصار"، خاصة أن النظام لم يسقط ولا تزال أركانه موجودة.

وفي هذا الإطار، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن بلاده حققت انتصارا على "الكيان الصهيوني الزائف"، ووجهت "صفعة قاسية" للولايات المتحدة الأميركية التي لم تحقق أي إنجاز من هذه الحرب.

بدوره، يقول الخبير العسكري أحمد الشريفي إن لا أحد يدعي الهزيمة في الحروب الأيديولوجية والعقائدية، مؤكدا أن "لا رابح في الحروب، ومن الطبيعي أن يدعي كل طرف الانتصار".

وأشار إلى أن إسرائيل وإيران حققت بعض الأهداف، إذ كانت الأولى تدفع نحو تقييد واحتواء البرنامج النووي، في حين أحدثت إيران خللا في قدرة الردع الإسرائيلية.

وأعرب الشريفي عن قناعته بأن الرابح هي الدول الكبيرة التي تتصارع لإيجاد منافذ بحرية ومسالك برية بشأن التجارة والطاقة.

ماذا بعد؟

وبشأن الخطوات المقبلة، فإن الصراع الإسرائيلي مع إيران لم ينتهِ -وفق مصطفى- واصفا ما حدث بأنه أهم جولة في تاريخ هذا الصراع، إذ ستستمر إسرائيل بـ"حرب الظل" مع إيران.

وتدرك إسرائيل أن إيران لديها القدرة على إعادة برنامجها النووي، لذلك تريد -حسب مصطفى- أن يتضمن أي اتفاق محتمل بين واشنطن وطهران "تثبيت عدم قدرة إيران على إعادة بناء البرنامج النووي، وكذلك قدراتها الصاروخية".

أما صفوري، فقال إن واشنطن تريد "بدء مفاوضات مع إيران منصبة نحو إنهاء برنامجها النووي"، خاصة في ظل قدرة طهران وخبرتها المعرفية على إعادته.

وتؤيد الولايات المتحدة هذا التوجه -وفق صفوري- لأنها تخشى فوضى عارمة من إسقاط النظام الإيراني، وهو الخلاف الأساسي مع إسرائيل.

وضمن المشهد ذاته، هناك من يعتقد في إيران -حسب فايز- أن الحرب قد تتجدد انطلاقا من أن البرنامج النووي "لم يحذف، إذ تم ضرب 30% من الشق الحيوي فيه".

وأمس الأربعاء، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في لاهاي إن إسرائيل وإيران منهكتان، لكن الصراع بينهما قد يتجدد.

أوراق إسرائيل وإيران

وبشأن المكاسب التي حققتها تل أبيب، قال مصطفى إن إسرائيل تعتقد أنها فتحت خط مواجهة مستقبلية من خلال الحرية الجوية في الداخل الإيراني، مؤكدا أنها "لن تتوقف حتى تحقيق هدفها الإستراتيجي بإسقاط النظام الإيراني".

وأشار إلى أن تل أبيب كسرت خطوطا حمراء، إذ باتت قادرة على تنفيذ هجمات داخل إيران، مما يحولها إلى جبهة مفتوحة "عندما تشعر بأن هناك تهديدا ضدها".

لكن إيران تريد صنع أوراق تفاوضية جديدة بشأن علاقتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وموقفها من معاهدة حظر الانتشار النووي، وكذلك المفتشين الدوليين، حسب مدير مكتب الجزيرة بطهران.

ووفق فايز، فإن هذه الالتزامات كبلت إيران في اتفاق 2015، لذلك تريد "العودة إلى الخلف والبدء من جديد"، معربا عن قناعته بأن دخول الأميركيين وقصف منشآتها النووية يعد سابقة في تاريخ العلاقة بين طهران وواشنطن.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات البرنامج النووی إسرائیل وإیران إلى أن

إقرأ أيضاً:

FT: إيران وإسرائيل تواصلان تبادل الهجمات السيبرانية بعد وقف إطلاق النار

كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" أنه في الأيام التي تلت هجوم "إسرائيل" المفاجئ على إيران، تلقى المسؤولون الإسرائيليون سيلاً من الرسائل النصية المشبوهة التي تحتوي على روابط خبيثة، وبالنسبة لهم، كان من الواضح أن طهران المسؤولة عن ذلك.

وقالت الصحيفة أن "الهجمات الأخيرة تراوحت بين سرقة منصة تداول عملات مشفرة إيرانية وتصاعد رسائل التصيد الإلكتروني الموجهة التي تستهدف شخصيات إسرائيلية بارزة، والتي قالت شركة الأمن السيبراني "تشيك بوينت" إنها زُعم أنها من دبلوماسيين وحتى من مكتب رئيس وزراء البلاد".

وأضافت أنه "بينما انتهى القتال الفعلي بعد 12 يوماً، فإن الحرب الرقمية لم تنتهِ"، وقال مسؤول إسرائيلي عن الرسائل النصية: "اشتدت بعد بدء الحرب، وما زالت مستمرة. ما زلت أتلقى رسائل منها".

وبينت أنه "منذ وقف إطلاق النار، على سبيل المثال، حاولت الجماعات الموالية لإيران استغلال ثغرة أمنية تم اكتشافها مؤخرًا في اختراق عالمي لبرنامج خادم مايكروسوفت لمهاجمة شركات إسرائيلية، وفقًا لبوعز دوليف، الرئيس التنفيذي لشركة استخبارات التهديدات السيبرانية الإسرائيلية ClearSky".

وقال دوليف: "على الرغم من وجود وقف لإطلاق النار في العالم المادي، إلا أن الهجمات لم تتوقف في الساحة السيبرانية".


ورغم أن الطرفين لم يهاجما بعضهما البعض علنًا حتى العام الماضي، إلا أن لهما تاريخًا طويلًا في تبادل الهجمات السيبرانية.

إلى جانب الولايات المتحدة، يُعتقد على نطاق واسع أن "إسرائيل" كانت وراء فيروس "ستوكسنت" الذي دمر أجهزة الطرد المركزي في محطة نطنز الإيرانية للتخصيب عام 2010، ويُعتقد أن إيران، من جانبها، مسؤولة عن سلسلة من الهجمات على البنية التحتية للمياه في "إسرائيل" عام 2020.

وقالت الصحيفة أنه "من التفاصيل التي تسربت بعد حرب تموز/ يونيو، يبدو أن المحاربين السيبرانيين الإسرائيليين هم من وجهوا الضربات الأكثر تأثيرًا".

وصرح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني ستار هاشمي، مؤخرًا أن إيران تعرضت لأكثر من 20 ألف هجوم إلكتروني خلال الحرب، وهي "أوسع" حملة من نوعها في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
ومن بين الهجمات تلك التي عطّلت أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية عندما بدأت الطائرات الإسرائيلية غاراتها الجوية في 13 حزيران/ يونيو.

ولكن، بحسب محللين ومسؤولين إسرائيليين سابقين، فإن الدور الأهم الذي لعبه العالم الرقمي في تحديد مسار الحرب كان حملة التجسس الإلكتروني التي سبقتها.

وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا ساعد إسرائيل على بناء ملف تعريفي مفصل للغاية لعلماء الذرة والمسؤولين العسكريين الإيرانيين، مما مكّنها من تحديد مكان أكثر من اثني عشر منهم واغتيالهم في الهجوم الأول العنيف الذي شنته".

وقال ميني بارزيلاي، خبير الأمن السيبراني الذي شغل منصب كبير مسؤولي أمن المعلومات في أجهزة استخبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن الهجوم على الدفاعات الجوية الإيرانية "كان تكتيكيًا، وكان محددًا للغاية، للسماح لإسرائيل بالمبادرة، وكان جمع المعلومات الاستخباراتية العامل الأكبر في تغيير مجرى الأمور".

وأكدت الصحيفة أنه "في الأيام الأولى للحرب، قامت مجموعة غونجيشكي داراندي، وهي مجموعة قرصنة تُعتبر على نطاق واسع موالية لإسرائيل، بحرق 90 مليون دولار من منصة تداول العملات المشفرة الإيرانية "نوبيتكس" عن طريق إيداعها في محافظ رقمية دون مفاتيح وصول خاصة، متهمةً المنصة بأنها أداة للنظام".

ونفت "نوبيتكس" هذا الأمر، وأصرت على أنها شركة خاصة مستقلة.


كما هاجمت "غونجيشكي داراندي" بنكين إيرانيين رئيسيين، مما أدى إلى تعطيل مجموعة واسعة من الخدمات في بنك "سباه" الحكومي، التابع للقوات المسلحة، وبنك "باسارجاد" الخاص.
وصرحت شركة دوتين، وهي شركة تكنولوجيا تُقدم برمجيات لكلا البنكين، بأن الهجوم ألحق أضرارًا بالأجهزة، ونجح في تعطيل مراكز البيانات الرئيسية والاحتياطية ومراكز الكوارث التابعة للبنكين.

وقال دوليف، من شركة كلير سكاي، إن جماعات مرتبطة بإيران نفذت بدورها هجمات اختراق وتسريب على حوالي 50 شركة إسرائيلية، بالإضافة إلى نشر برمجيات خبيثة في محاولة لتدمير أنظمة الكمبيوتر الإسرائيلية.

وأضاف أن هذه الهجمات لم تُسفر على ما يبدو عن اختراق دفاعات جيش الاحتلال وكبرى الشركات، بل ركزت على الشركات الصغيرة في سلاسل التوريد الخاصة بها، والتي كانت أهدافًا أسهل.

وشملت هذه الهجمات مجموعات الخدمات اللوجستية والوقود، بالإضافة إلى شركات الموارد البشرية، حيث سرب المتسللون لاحقًا السير الذاتية لآلاف الإسرائيليين الذين عملوا في مجال الدفاع والأمن.

وفي الوقت نفسه، أرسل المتسللون آلاف الرسائل المزيفة التي بدت وكأنها صادرة من نظام القيادة الداخلية الإسرائيلي - الذي يُصدر أوامر السلامة العامة في حالات الطوارئ - والتي تُطالب الناس بتجنب الملاجئ من الغارات الجوية. كما سعوا إلى اختراق كاميرات المراقبة في إسرائيل، وهو تكتيكٌ أفاد شخصٌ مطلعٌ على الوضع بأنه يمكن استخدامه للتحقق من مواقع سقوط الصواريخ.

وقال موتي كريستال، مفاوض الأزمات والمقدم في قوات الاحتياط الإسرائيلية، ذو الخبرة الواسعة في التفاوض مع مجموعات برامج الفدية، إنه على الرغم من عدم الاستهانة بقدرات إيران، إلا أن أيًا من الهجمات على "إسرائيل" خلال الحرب لم يكن له تأثيرٌ "كبير".

وقالت الصحيفة إنه "في إيران، على النقيض من ذلك، أثار اختراق دفاعاتها السيبرانية قلقًا بالغًا، حيث دعا النائب الأول للرئيس، محمد رضا عارف، إلى "خطة عمل جادة قصيرة المدى" لتعزيز قدرات إيران".

ووفقًا لمحمد جواد آذري جهرمي، المدير الفني السابق في وزارة الاستخبارات الإيرانية، فإن إحدى نقاط الضعف تتمثل في "التركيز المركزي للبيانات" لدى طهران. وأوضح أن القادة المستهدفين في الغارات الإسرائيلية سجلوا أرقام هواتف ورموزًا بريدية لحساباتهم المصرفية، بينما تحتفظ منظمة الدعم الحكومي المُستهدف ببيانات شخصية مفصلة عن جميع السكان".

وقال جهرمي،: "هذا يوضح كيف كان من الممكن أن يحدث التسلل وتسريب المعلومات".


ومع ذلك، قال بارزيلاي إنه لا يتوقع أن تردع هذه الانتكاسات الجماعات الموالية لإيران عن شن المزيد من الهجمات السيبرانية على إسرائيل، لا سيما أنها كانت وسيلة أسهل بكثير للرد من المزيد من العمل العسكري بعد الأضرار الجسيمة التي لحقت بالجمهورية الإسلامية في الحرب الفعلية.

وأضاف أن الإنكار المعقول الذي تتيحه الهجمات الإلكترونية يعني أن كلا الجانبين قد يواصلان تبادل الضربات، رغم الضغوط من أمثال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي توسط في وقف إطلاق النار، لعدم استئناف الأعمال العدائية.

وقال: "كل من إسرائيل وإيران تعلم أنه إذا هاجمت إحداهما الأخرى، سيغضب ترامب. لكن يمكنك أن تفعل ما تشاء في الفضاء الإلكتروني، وربما لن يعترض أحد".

مقالات مشابهة

  • ترامب: توقفت عن تأييد خطط إسرائيل لمهاجمة واحتلال مدينة غزة وحركة الفصائل الفلسطينية لن تفرج عن الرهائن في الوضع الحالي
  • علي لاريجاني يزور بغداد.. اتفاق أمني جديد يعزز التعاون بين إيران والعراق
  • حرب الظلّ الإلكترونية بين إسرائيل وإيران تتصاعد رغم وقف إطلاق النار
  • أكدت أن النووي «حق أصيل».. إيران: التفاوض مع واشنطن ليس تراجعاً
  • إيران تطالب بمراعاة مطالبها في اتفاق أرمينيا وأذربيجان
  • FT: إيران وإسرائيل تواصلان تبادل الهجمات السيبرانية بعد وقف إطلاق النار
  • مقال في هآرتس: إسرائيل تخطط لاحتلال غزة لكنها لا تريد تحمّل مسؤولية قرارها
  • 3 أطعمة ترفع احتمالية الإصابة بسرطان القولون
  • إيران ترفض سيطرة واشنطن على الممر القوقازي بعد اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان
  • الرئيس الإيراني: لاعتداءات التي تعرضت لها إيران لم تكن هجمات صهيونية