الجزيرة:
2025-08-12@09:03:52 GMT

إيران.. الطريق الوعر إلى القنبلة

تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT

إيران.. الطريق الوعر إلى القنبلة

لأكثر من عقدين، ظل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكرر أن إيران على بُعد أسابيع أو أشهر أو سنوات من امتلاك القنبلة النووية. لم يترك منبرا دوليا أو خطابا أمميا إلا ورفع فيه خرائطه محذرا من اقتراب "الخطر الإيراني" من نقطة اللاعودة. ومع ذلك، وبعد مرور أكثر من 20 عاما على تلك التحذيرات، لم تمتلك إيران القنبلة.

وإذا كان الإسرائيليون قد لقبوا نتنياهو بـ"أبي القنبلة الإيرانية"، لكثرة تهديداته وعجزه عن اتخاذ خطوة حاسمة تجاهها، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يكون من سلّمهم مفاتيحها، فبانسحابه من اتفاق عام 2015، منح إيران الذرائع لرفع نسبة التخصيب، ووفّر لها اليوم مبررا لامتلاك قنبلة، عبر هجمات لم تُنهِ مشروعها النووي، بل، وفقا لمحللين، عززت قناعتها بأن امتلاك السلاح النووي بات ضرورة، رغم نفيها السعي لامتلاكه.

وتعرف إسرائيل جيدا أن الطريق الأسرع إلى القنبلة النووية يبدأ بطرد المفتشين وتأخير عودتهم، واستغلال كل ثغرة للمضي قدما نحو العتبة النووية. فكيف إذا شعرت طهران بأن أمنها بات مستهدفا، وتعرضت لضربات أودت ببعض قادتها وعلمائها، تزامنت مع دعوات صريحة من تل أبيب وواشنطن لإسقاط نظامها، بل وتهديدات باغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي؟

صورة فضائية تكشف الأضرار في منشأة فوردو بعد الضربة الأميركية (أسوشيتد برس) "نتائج عكسية"

في عام 2018، قاد تحريض نتنياهو ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران، وهو القرار الذي سارعت طهران إلى استغلاله، فرفعت نسبة تخصيب اليورانيوم من 3% إلى 20%، ثم إلى 60% بحلول عام 2025، وفقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وكان الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران يوم في 13 يونيو/حزيران، مقامرة حتى قبل أن ينضم ترامب إليها بقنابله الخارقة للتحصينات، لكن انتكاسة طهران قد لا تكون إلا مؤقتة، كما ترى صحيفة التايمز البريطانية.

فعندما أمر ترامب بقصف المنشآت النووية في إيران، ربما كان يسعى إلى حل سريع لكبح الطموح النووي الإيراني. لكن مع انقشاع الدخان عن المواقع الثلاثة التي ضربتها القاذفات الشبحية الأميركية، يرى الخبراء أن النتيجة ربما جاءت على عكس ما أراد، فقد تكون هذه الضربات قد قرّبت إيران أكثر من لحظة امتلاك القنبلة النووية.

ترامب يعلن انضمام واشنطن المباشر لضربات إسرائيل ضد برنامج إيران النووي (أسوشيتد برس) "إرادة سياسية"

يقول جيفري لويس، الخبير في مركز منع الانتشار النووي بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية، إن القنبلة الإيرانية من الناحية التقنية قد تكون أبعد قليلا، لكنها من الناحية السياسية أصبحت أقرب بكثير.

إعلان

ويرى لويس في صحيفة إندبندنت أن إيران كانت دوما على بُعد أشهر قليلة من امتلاك السلاح النووي، غير أن ما حال دون ذلك لم يكن عجزا تقنيا، بل غياب القرار السياسي. وبرأيه، فإن ما تخسره طهران من قدرة فنية تعوّضه بإرادة سياسية لا تقل خطرا، وربما تفوقه.

فقد منحت التهديدات التي سبقت الضربة الأميركية الأخيرة، لا سيما تلك التي استهدفت منشأة فوردو، إيران وقتا كافيا لإخلاء الموقع ونقل المعدات الأساسية المستخدمة في التخصيب، ما قلّص بشكل كبير من فاعلية الضربة، خاصة في ظل امتلاكها نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب.

ويرى أحد الخبراء النوويين، في حديثه إلى صحيفة الإندبندنت، أن الولايات المتحدة تقف اليوم أمام مأزق حقيقي، إذ قد لا يكون بمقدور أحد الجزم ما إذا كانت جميع كميات اليورانيوم المخصب في إيران قد جرى إحصاؤها، أو ما إذا كانت أجهزة الطرد المركزي كافة قد كُشف عنها.

محللون يرون أن إرادة طهران النووية ربما دخلت مرحلة جديدة بعد الضربة الأميركية الإسرائيلية (رويترز) إرث المعرفة

ويرى الخبير النووي أن توسيع أهداف الولايات المتحدة لتشمل الإطاحة بالنظام يعدّ مسارا غير مجد لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي على المدى البعيد، إذ إن الدعوة إلى تغيير جذري للنظام لا يشكل إستراتيجية فعّالة لوقف انتشار الأسلحة النووية.

ويشير إلى أن الرهان على منع إيران من امتلاك السلاح النووي مستقبلا قد يتطلب توجيه ضربات متكررة، إذ ستظل طهران تحتفظ بالمعرفة التقنية اللازمة، مما يجعل القضاء الكامل على خطر تسلحها النووي أمرا مستحيلا.

وتتنامى المخاوف التي تبدأ من مخزون اليورانيوم المخصب الذي لا يزال مجهول المصير، وخارج نطاق الرقابة.

يقول نيكولاس ميلر، المتخصص في قضايا الانتشار النووي لصحيفة الإندبندنت إنه إذا بقي المخزون سليما واستطاعت إيران الحفاظ عليه، فقد تستخدمه في منشأة سرية جديدة للتخصيب، ما يمكنها من إنتاج مواد تكفي لصنع عدة رؤوس نووية في غضون أشهر قليلة.

وأضاف ميلر أن قادة إيران قد يرون في تطوير أسلحة نووية أفضل ضمانة ضد محاولات التغيير المدعومة من الخارج للنظام، إذا ظنوا أنهم قادرون على تحقيق ذلك، معتقدا أن الضربات جعلت من المحتمل أن تنخرط الولايات المتحدة بعمق أكبر في الصراع من خلال محاولات إسرائيل بإقناع الإدارة الأميركية بالمساعدة في جهود لتدمير ما تبقى من البرنامج النووي الإيراني.

دخان يتصاعد من طهران بعد غارة إسرائيلية (رويترز) "ضرورة حتمية"

تعتقد مجلة فورين بوليسي أنه سيكون من المستغرب ألا تكون إيران قد سارعت إلى نقل جزء كبير من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، أو اتخذت تدابير لحماية بعض من أجهزة الطرد المركزي المتطورة. فحتى مع تفوق إسرائيل الاستخباراتي وقدرتها على تصفية عدد من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين، يبقى من المستبعد جدا أن تكون طهران قد فقدت المعرفة أو الخبرة التقنية اللازمة لإحياء برنامجها النووي عند الحاجة.

وتؤكد كيلسي دافينبورت من "رابطة الحد من انتشار الأسلحة" أن إسرائيل لا تملك القدرة على محو ما راكمته إيران من معرفة نووية، مشيرة إلى وجود خطر حقيقي من أن تكون إيران قد بدأت بالفعل في تحويل كميات من اليورانيوم المخصب إلى مواقع سرية، ولهذا فإن الضربات الجوية مهما بلغت دقتها قد تؤخر البرنامج النووي، لكنها لا تملك الوسائل لمنعه إلى الأبد.

إعلان

وعليه، فإن الهجمات الأميركية-الإسرائيلية لم تُضعف عزيمة إيران، بل جعلت من الصعب أكثر من أي وقت مضى تخيّل أنها قد تتخلى كليا عن طموحاتها النووية.

يُعتقد أن ضربة ترامب للمشروع النووي الإيراني قد تسرّع السعي نحو القنبلة (رويترز)

ويعود طموح طهران النووي، بحسب فورين بوليسي، إلى عقود خلت، حتى في زمن كانت فيه حليفا وثيقا للغرب تحت حكم الشاه المدعوم أميركيا. يومها أدركت إيران أن حجمها الجغرافي، وثراءها النفطي، وموقعها في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا، تجعل من امتلاك القدرة النووية ضرورة لا ترفا. فالمسألة، كما ترى المجلة، لا تختزل في صراع سياسي مع الغرب، بل تتجذر في اعتبارات الجغرافيا والقوة والبقاء.

وقد تعزز هذا الدافع بعد امتلاك إسرائيل للسلاح النووي في أواخر الستينيات. وتتساءل الصحيفة الأميركية أنه إذا كانت إيران قد تبنّت هذا المسار في وقت لم تكن تعتبر فيه إسرائيل عدوا، فكيف يمكن أن تتراجع دوافعها اليوم؟

وهكذا، فإن الضربة التي أرادها ترامب إعلانا لنهاية المشروع النووي الإيراني، قد تكون – على عكس ما يأمل- خطوة أخرى نحو اكتماله، بعدما باءت محاولات نتنياهو لجر واشنطن إلى صراع طويل مع طهران بالفشل.

وبالتالي، لم تتسع رقعة الحرب، بل توقفت عند عتبة قد تمنح إيران الوقت والذريعة للمضي قدما، فقد يكون السلام الذي وعد به ترامب، بعد أيام من دعوته لإخلاء طهران من سكانها، مجرد استراحة قصيرة على طريق الانفجار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات امتلاک السلاح النووی الیورانیوم المخصب النووی الإیرانی من امتلاک إیران قد أکثر من

إقرأ أيضاً:

رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران يزور العراق ولبنان

قالت وسائل إعلام رسمية إن رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني سيزور العراق اليوم الاثنين قبل أن يتوجه إلى لبنان حيث وافقت الحكومة على خطة لنزع سلاح حزب الله حليف طهران.

ذكر التلفزيون الرسمي إن "علي لاريجاني يغادر اليوم (الاثنين) إلى العراق ثم لبنان في زيارة تستمر ثلاثة أيام وهي أول رحلة خارجية له منذ توليه منصبه الأسبوع الماضي".

نتنياهو يبلغ ترامب بخطط السيطرة على مدينة غزة والمخيماتوزير الخارجية: مصر ترفض توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وتدعو أوروبا للتحركإيران ترحب بالسلام بين أذربيجان وأرمينيا وتؤكد رفضها لممر زنجزورمقـ.تل شخصين في هجوم مسيرات أوكرانية استهدفت مناطق روسيةجيش الاحتلال يزعم: أنس الشريف كان عنصرًا في حماسالداخلية السورية: فتح تحقيق في حادثة اعتداء بمستشفى السويداءاستغل منصبه بشكل مريب... كم وصلت ثروة الرئيس الأمريكي؟


ومن المقرر أن يوقع لاريجاني اتفاقية أمنية ثنائية في العراق قبل أن يتوجه إلى لبنان، حيث سيلتقي كبار المسؤولين والشخصيات اللبنانية.

وتأتي زيارته إلى لبنان بعد أن أعربت طهران عن معارضتها الشديدة لخطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله حليف طهران، وهو الموقف الذي أدانته بيروت ووصفته بأنه "تدخل صارخ وغير مقبول".

قال لاريجاني للتلفزيون الرسمي قبل مغادرته: "تعاوننا مع الحكومة اللبنانية طويل وعميق. نتشاور بشأن مختلف القضايا الإقليمية. وفي هذا السياق تحديدًا، نجري محادثات مع مسؤولين لبنانيين وشخصيات نافذة في لبنان".

في لبنان، مواقفنا واضحة. الوحدة الوطنية اللبنانية مهمة ويجب الحفاظ عليها في جميع الظروف. استقلال لبنان لا يزال مهمًا لنا، وسنساهم في تحقيقه.

ووصف علي أكبر ولايتي، المستشار الكبير للمرشد الإيراني، السبت، خطة نزع سلاح حزب الله بأنها امتثال "لإرادة الولايات المتحدة وإسرائيل".

وجاءت حملة نزع السلاح في أعقاب الحرب التي اندلعت العام الماضي بين إسرائيل وحزب الله .

ويأتي ذلك أيضًا وسط ضغوط من الولايات المتحدة والأحزاب المناهضة لحزب الله في لبنان، فضلاً عن المخاوف من أن إسرائيل قد تصعد ضرباتها إذا ظلت الجماعة مسلحة.

عيّنت إيران لاريجاني، البالغ من العمر 68 عامًا، رئيسًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، المسؤول عن وضع استراتيجية الدفاع والأمن الإيرانية. وتتطلب قراراته موافقة المرشد للبلاد، علي خامنئي.

ويأتي هذا التعيين بعد حرب استمرت 12 يوما مع إسرائيل، التي بدأت الصراع بهجوم غير مسبوق على إيران في منتصف يونيو الماضي، حيث ضربت مواقع عسكرية ونووية وسكنية.

طباعة شارك إيران رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي العراق لبنان

مقالات مشابهة

  • مصدر استخباراتي: إعادة انتخاب ترامب مهّد الطريق أمام الهجمات الإسرائيلية على إيران
  • غياب الثقة في واشنطن مستمر.. إيران ترحب بتقليص أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات
  • سياسات إيران الإقليمية.. ماذا في رسائل طهران لبغداد وبيروت؟
  • مسؤول سابق بـ الطاقة الذرية: إيران لم تقترب من امتلاك سلاح نووي
  • الناجون من القنبلة النووية (2)
  • رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران يزور العراق ولبنان
  • أكدت أن النووي «حق أصيل».. إيران: التفاوض مع واشنطن ليس تراجعاً
  • إيران: يمكن أن تنفد المياه من طهران بحلول أكتوبر
  • إيران تحذر: طهران قد تنفد من المياه بالكامل بحلول أكتوبر
  • من صنع القنبلة النووية هو «الخوف».. والثقة فقط هي التي تضمن عدم استخدامها ثانية