مظاهرات التأييد للانقلاب في النيجر.. من وراءها وما مطالبها؟
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
بعد الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو، خرج العديد من النيجريين للتظاهر في نيامي تجاوبا مع ما جرى في الدولتين المجاورتين، ورفعوا المطالب نفسها ضد القوى الأجنبية في البلاد، وساد الشعور بأن وقوع الانقلاب هنا ليس سوى مسألة وقت خاصة مع استمرار المظاهرات.
كيف بدأت المظاهرات المؤيدة للانقلاب؟انطلقت شرارة المظاهرات في النيجر تزامنا مع الانقلابات التي وقعت في مالي 2021 و2022، ومن ثم بوركينا فاسو 2022، إذ إن المنطقة شديدة التداخل ووثيقة الصلات والروابط.
ثم ازدادت في الفترة الأخيرة لحكم الرئيس المطاح به محمد بازوم ، وطالبت الحكومة بطرد الوجود الأجنبي وتحديدا فرنسا من النيجر.
وفي اليوم الأول للانقلاب عليه، في 26 يوليو/تموز الماضي، خرجت المظاهرات متعارضة، منها ما كان مؤيدا للانقلاب ومنها ما كان منددا به، ولكن محاصرة السفارة الفرنسية، حتى قبل معرفة توجه الانقلابيين وإعلان البيان الأول لهم، كان مؤشرا على توجه المظاهرات لاحقا.
وكانت المظاهرات المؤيدة التي خرجت في الأيام الأولى للانقلاب عفوية، ووجدت أن ما كانت تنادي به إبان حكم بازوم قد تحقق لها. كما أن المظاهرات الرافضة خرجت مرة واحدة ولم تعد بعدها لأن طوفان التأييد كان أكبر من أن يسمح بالسباحة ضده. ولكن بعد ثبات الانقلاب، بدأت بعض المجموعات المدنية في تنظيم المظاهرات.
تظاهر المؤيدون للرئيس محمد بازوم، في اليوم الأول للانقلاب، حيث تجمع عدد منهم في ميدان وسط العاصمة نيامي، وساروا حتى القصر الرئاسي، وطالبوا المتمردين بإطلاق سراح الرئيس والعودة إلى الثكنات.
وحول حجم التأييد في الشارع النيجيري للرئيس بازوم، يقول المحاضر بالجامعة الإسلامية في النيجر والناشط المجتمعي علي يعقوب، إن مؤيدي الرئيس موجودون لكنهم قلّة لذلك لا يستطيعون الظهور، وينتابهم الخوف من مؤيدي المجلس العسكري.
وخرجت مظاهرة أخرى نظمها مواطنون من النيجر مؤيدون لبازوم، مقيمون في الجارة نيجيريا، حملوا لافتات كتب عليها "لا للاستبداد" و"لا للانقلاب في جمهورية النيجر". وقالوا إنهم قلقون بشأن المناخ السياسي في وطنهم، وخرجوا من أجل دعم بازوم كرئيس منتخب ديمقراطيا.
ورأى هؤلاء أنه لا يوجد سبب للانقلاب، وأنه مجرد محاولة لخلق أعمال عنف في النيجر، ولذلك دعوا المجلس العسكري لإعادة السلطة إلى بازوم. بل طالبوا دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) باتباع جميع السبل لضمان عودة بازوم للسلطة.
وفي 13 أغسطس/آب، خرجت مظاهرة أخرى في مدينة كاتسينا في نيجيريا أيضا، نظمها مؤيدون للديمقراطية يطالبون بالإفراج غير المشروط عن الرئيس بازوم الذي يحتجزه الجيش منذ 26 يوليو/تموز الماضي.
من يقف خلف المظاهرات المؤيدة للانقلاب؟
بعد المظاهرات العفوية الأولى التي خرجت في الأسبوع الأول للانقلاب مندفعة بتأييد أي تغيير، عادت إلى الواجهة المجموعات التي خرجت في العام الماضي للتضامن مع مالي وبوركينا فاسو، وطلبت من قيادة البلاد أن تحذو حذوها.
وتصدرت المشهد حركة "إم 62" (M62) وهي حركة تأسست في 2022 برئاسة عبد الله سيدو، الذي حكمت عليه السلطات السابقة بالسجن 9 أشهر بتهمة الإخلال بالنظام العام. وضمت الحركة تحالفا من نشطاء ومؤسسات المجتمع المدني وبعض المنظمات اليسارية المناهضة للإمبريالية ونقابات عمالية واتحادات طلابية ولجنة تنسيق النضال الديمقراطي وحركة الشباب من أجل النيجر.
واستفاد هؤلاء من خبرتهم في المظاهرات السابقة ضد ارتفاع تكاليف المعيشة وسوء الإدارة ووجود القوات الفرنسية.
تلاقت المطالب التي كان يتظاهر بسببها النيجريون في السابق مع ما جاء في بيان قادة الانقلاب، وما تلا ذلك من قرارات وبالذات فيما يخص التعامل مع الوجود الأجنبي في النيجر، لأن شرارة المظاهرات بدأت عندما أجاز برلمان النيجر قرارات السماح بانتشار القوات الفرنسية التي طردها الماليون والبوركينابيون.
ويقول الأكاديمي النيجري علي يعقوب "بصراحة، التأييد الشعبي كبير جدا بالذات في العاصمة القومية، ويقدر أن نسبته تتجاوز 80% من السكان".
وحول سبب هذا التأييد الكبير، يقول يعقوب إن هناك عدة عوامل وراء ذلك:
الأول هو الكيفية التي جرى بها انتخاب الرئيس بازوم، والتي لم تكن مقنعة لغالبية الشعب. والأمر الثاني هو الكره الذي يكنه غالبية الشعب في النيجر لفرنسا، وهو ما وفّر للمجلس العسكري كل هذا التأييد. فضلا عن تقييم بعض القطاعات الشبابية بأن الديمقراطية لم تستجب لتطلعات وإرادة الشعب، خاصة مع الحديث عن سوء الإدارة واختلاس المال العام، وخيبة الشباب من النخب السياسية.•النيجر????????
•فرنسا????????
** احتشاد لطرد السفير مع انتهاء المهلة
تجمهر الشعب النيجري المصمم على طرد السفير الفرنسي أمام القاعدة العسكرية الفرنسية منذ الساعة 5:30 فجرًا، لما ورد من معلومات أن السفير محتمي بالداخل، مع نهاية مهلة طرده!
—
فخورٌ بأهالينا حقا????????✊????????????
pic.twitter.com/zUcUrphtF0
— Idriss C. Ayat ???????? (@AyatIdrissa) August 27, 2023
ما شعارات المتظاهرين ومطالبهم؟هناك ثابت ومتغير في مطالب المتظاهرين بالنيجر منذ انطلاقها في 2022؛ أما الثابت فهو التحرر من الاستعمار وعنوانه "طرد فرنسا من النيجر"، والمتغير تحكمه الأوضاع والظروف التي تخرج فيها؛ فقد كانت هناك مطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، والشكوى من غياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة. وبعد الانقلاب برزت عناصر جديدة ذات صلة بتطورات الأحداث وتداعياتها، ومنها:
رفض الاستعمار وطرد القوات الفرنسية. رفض التدخل العسكري الأجنبي أو الأفريقي في النيجر. التنديد بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" باعتبارها "أداة فرنسية". المطالبة بفتح المجال للتطوع في الجيش. مطالبة المجلس العسكري بتوسيع تعاونه مع مالي وبوركينا فاسو.وفي الثالث من أغسطس/آب، ذكرى الاستقلال، تجمع عشرات الآلاف في ملعب نيامي متظاهرين من أجل التحرر الحقيقي من الاستعمار. وخاطب المتظاهرين عضو المجلس العسكري الكولونيل إيبرو أمادو، قائلا إن "النضال لن يتوقف حتى اليوم الذي لا يبقى أي جندي فرنسي في النيجر". وأضاف "أنتم من ستخرجونهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المجلس العسکری فی النیجر من النیجر التی خرجت
إقرأ أيضاً:
بوادر أزمة بين بنين وتوغو.. هل تورطت الأخيرة في الانقلاب الفاشل؟
خيّم التوتر على العلاقات بين دولتي بنين وتوغو المجاورتين في غرب أفريقيا، وذلك عقب اتهام بنين لجارتها توغو بإيواء قادة المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وعرفت بنين الأحد الماضي محاولة انقلابية قادها ضباط عسكريون سيطروا على مبنى التلفزيون الحكومي وبثوا من خلاله بيانا أعلنوا فيه عن تشكيل مجلس عسكري لإدارة البلاد وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، وتعليق الدستور، وحل المؤسسات، وتعليق نشاط الأحزاب السياسية.
وأكدت الحكومة في بنين أن الانقلابيين حاولوا اقتحام مقر إقامة الرئيس وخطفه، واحتجزوا ضباطا كبارا أُفرج عنهم لاحقا. لكن الانقلاب سرعان ما تم إفشاله بعد تدخل قوات من سلاح الجو النيجيري، حيث أكد رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو أنه أمر طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية النيجيرية بدخول بنين والسيطرة على المجال الجوي للمساعدة في إخراج من سماهم "المتآمرين الانقلابيين من التلفزيون الوطني ومعسكر أعادوا تجميع صفوفهم فيه".
وساهمت فرنسا في إفشال المحاولة الانقلابية عبر دعم مخابراتي ولوجستي بالتنسيق مع نيجيريا، حيث ينظر إلى النظام الحاكم في بنين على أنه الحلف الاستراتيجي الأهم لفرنسا في منطقة غرب أفريقيا بشكل عام، والإطاحة به تعني انهيار الحضور الفرنسي في الغرب الأفريقي.
وقد أجرى الرئيس إيمانويل ماكرون اتصالات في يوم الانقلاب للتنسيق مع رؤساء بنين ونيجيريا وسيراليون، من أجل إفشاله، فيما قال مجلس الشيوخ النيجيري إنه وافق على نشر قوات عسكرية في بنين التي تتقاسم معها نيجيريا حدودا طولها 700 كيلومتر.
أما المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" فقد دعت إلى التفكير في حالة الديمقراطية في المنطقة وحثت على تعزيز الأمن الجماعي، في ظل تدهور العديد من المؤشرات.
الانقلابيون فروا إلى لُومي
بعد قصف الطيران العسكري للأماكن التي كان يتحصن بها قادة الانقلاب وعلى رأسهم العقيد تيغري باسكال، قرروا مغادرة البلاد، حيث اختفوا عن الأنظار لمدة يومين قبل أن يتم تحديدهم مكانهم في لومي العاصمة التوغولية وبالتحديد في حي "لومي2" حيث يوجد مقر إقامة الرئيس فور نياسينغبي.
وأكد مسؤول في حكومة بنين أن قائد الانقلاب الفاشل طلب اللجوء لتوغو المجاورة، ودعا سلطات لومي إلى تسليمه فوراً.
وفي تهديد واضح قالت حكومة بنين إن التوغو إذا لم تسلم قادة المحاولة الانقلابية الذين فروا إليها فسيُعتبر ذلك دليلا على تورط البلاد في هذه المحاولة الانقلابية.
وتقول بنين إن أربعة من قادة المحاولة الانقلابية بمن فيهم العقيد تيغري باسكال، فروا إلى لومي، وأن تيغري باسكال، نفسه تلقى يوم المحاولة اتصالا من رقم هاتف توغولي، ما اعتبرته السلطات دليلا على احتمال تورط توغو في الانقلاب، وذكرت تقارير إعلامية أن قادة المحاولة الانقلابية طلبوا بالفعل اللجوء في توغو.
صمت توغولي
ورغم تزايد الاتهامات والتصريحات الصادرة المسؤولين في بنين بهذا الخصوص، التزمت توغو الصمت، فلم يصدر أي تعليق رسمي من الرئاسة التوغولية أو وزارة الخارجية، لكن متابعين للشأن الأفريقي يستبعدون أن تقدم توغو على تسليم قادة الانقلاب للحكومة في بنين، ما يعني أن ما يحصل هو بداية فعلية لأزمة دبلوماسية بين البلدين، قد تكون لها تداعيات على منطقة غرب القارة السمراء.
وتشكل محاولة الانقلاب في بنين أحدث تهديد للديمقراطية بغرب أفريقيا التي عرفت خلال السنوات الأخيرة عدة انقلابات عسكرية، حيث يحكم العسكر حاليا في النيجر وبوركينا فاسو ومالي وغينيا، وغينيا بيساو.
وتأتي هذه المحاولة الانقلابية قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية في بنين المقررة في أبريل المقبل، والتي يتوقع أن يسلم خلالها الرئيس الحالي الرئاسة للفائز في الانتخابات، التي يرجح أن يفوز بها وزير ماليته روموالد واداغني مرشح الائتلاف الحاكم.
تحد جديد بغرب القارة
ووفق متابعين فإن هذه التطورات تمثل تحديا جديدا للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تغرق بلدانها في دوامة من الأزمات السياسية والأمنية.
ويرى المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي الولي سيدي هيبة، أن أي توتر بين توغو وبنين ستكون له تداعيات كبيرة على شعبي البلدين، حيث تنشط حركة التجارة وتنقل الأشخاص على حدود البلدين الجارين.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن أي توتر دبلوماسي قد يقود إلى إغلاق الحدود أو تشديد الإجراءات الأمنية وهذا ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على شعبي البلدين.
ولفت إلى أن المراقبين للشأن الأفريقي ينتظرون رد توغو ليتمكنوا من تحديد مسار مستقبل الازمة بين البلدين.
وقال سيدي هيبة في حديثه لـ"عربي21" أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ستبذل كل ما بوسعها لاحتواء الأزمة "باعتبار أي تصعيد بين توغو وبنين يعد تهديدا مباشرا للاستقرار الإقليمي".
وأضاف: "أي توتر حقيقي قد يتطور إلى قطع علاقات البلدين وإغلاق الحدود، وهذا سيشل عمل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي هي سوق مشترك ويتنقل مواطنوها بكل حرية بين جميع الدول الأعضاء دون الحاجة لتأشيرة".
ونبه إلى أن بلدان غرب أفريقيا غارقة في العديد من الأزمات تسببت في انسحاب ثلاث دول من المجموعة هي مالي والنيجر وبوركينافاسو، كما عرفت هذه المنطقة خلال الفترة الأخيرة العديد من الانقلابات كان آخرها الانقلاب الذي عرفته غينيا بيساو.