الموضوع العايز الاتكلم فيهو ده انا بعتبرو اهم و اخطر من موضوع المليشيا ، و اهم من مواضيع اتفاقية جوبا و مصالحة شيبة ضرار مع اركو مناوي ، عشان كده جهز كباية قهوتك بدون سكر و دواء و تعال اقراء و ادينا رايك و حلولك و شارك الموضوع عشان يوصل لرئيس الوزراء كامل ادريس .
قابلت زول فاز بمنصب في عمل خدمي و طوعي بعد شهور من فوزه بالمنصب فقلت ليهو يا فلان وين شغلكم لحدي هسه ما شفت ليك حاجة ، قال لي والله يا نزار اخوك مضغوط و عندي دوام تاني شاغلني ، اندهشت جدا و قلت ليهو ( طيب ما دام انت ما فاضي البخليك تتقدم و ترشح نفسك للعمل الطوعي شنو ؟ ) فكانت اجابته صادمة اكتر من الصدمة الاولى لامن قال لي ( ده شغل ممكن اقضيهو بالتلفون و الموضوع ما خطير ) .
في كلمة بتاعت خواجات سمعتها زمان و اسمها ( ميديوكريتي ) و ما عندها ترجمة حرفية لكن ممكن نقول معناها باختصار كده ( شغل نص كُم ) يعني لا فشل و لا نجاح ، حاجة في النص كده في المنطقة الفاترة بين الحماس و الخمول ، و في الحقيقة احنا متصالحين و متعايشين مع حالة الوسطية دي و واقعنا متكيف معاها لدرجة إننا بقينا شايفنها طبيعية جدا ، بل بالعكس بنمجد فيها و نقول ( خير الأمور أوسطها ) و متجاهلين و ناسين إنو مافي بلد بتتبني بالنص و مافي انجاز بيتحقق بالشغل بتاع ( عدي من وشك ) ، ياااخ احنا وصلنا لمرحلة بعيدة جدا و بقينا نكره الزول البيتقن شغلو لانو بيحرجنا ، و بيكشفنا و يعرينا و يورينا التقصير العايشين فيهو ، مش بنكرهو بس ، ممكن نحاربو و نتهرب منو .
اصبحنا كمجتمع بنشن حرب باردة ضد أي زول داير شغلو يكون نضيف ، بنقول عليه معقد او موهوم و بيتفلسف ، عشان كده اصبحنا كمجتمع متصالحين شديد جدا مع الكهربجي الما بكمل شغلو و مع الموظف الحكومي البيجي متاخر و يطلع بدري و مع البوليس البيقعد تحت الشجر مع ستات الشاي ، يااااخ لو مواعد ليك زول بتقول ليهو ( نتلاقي في حدود الساعة تسعة او عشرة كدا ) ، النص ده اصبح ثقافة مجتمعية .
حتى في مراحل تعليمنا كانوا الاساتذة بيجلدونا عشان نحفظ ، الحفظ اهم من الفهم و الحافظ عندو نص درجة ، و الواحد فينا يحفظ و يتخرج بدون ما يكون فاهم حاجة
و من هنا اتخرجت اجيال كاملة من الناس ( الميديوكر) ، شايلين شهادات بدون عقل ، اجيال كاملة بتشوف انو الباص هو النجاح و تلقى الواحد فيهم عاملين ليهو مليون حفلة بالف قونة و هو متخرج بدرجة ( جيد ) ، القراية اخر همنا و الواحد فينا يقول ليك بي فخر كده ( والله قريت قبل الامتحان بي يومين و جبت جيد )
حتى لامن نشتغل و نتوظف في الحكومة بنشتغل شغل ميديوكر مية في المية ، شعارنا المفضل ( اشتغل على قدر قروشك ) ( مشيها كده ياخ ) ( الحيلاحظ ليها منو ؟ ) دي كلها حاجات اصبحت جزء من التركيبة الجينية بتاعتنا .
عندنا في السودان الف إذاعة لكن كلها دردشات سطحية ما فيها اي مضمون خاااالص ، عندنا مية جريدة لكن كلها اعمدة راي ملانة كلام ساي لانو التحقيق الاستقصائي متعب و مرهق ، اعمدة راي كلها تطبيل و شتيمة و اتهامات او دعاية مدفوعة الثمن، قنواتنا الفضائية كل برامجها عادية و ضيوفهم مكررين و إخراج بدون رؤية مختلفة و حوارات سطحية و بسيطة و مملة ، كل ده ليييييييه ؟ لانو الميديوكريتي اصبحت عندنا اسلوب حياة .
في شوية بتاعت ناس متميزين و مبدعين و متقنين لاعمالهم ، ديل قاعدين يتعزبوا بيناتنا والله لاننا بنشوفهم غريبين عننا ، ما بشبهونا ، و الزول البنجض شغلو بنقول عليهو ( كتر المحلبية ) و المتميز فيهم بنقول عليهو ده زول ( متفشخر ساي ) ، بنطارد اي زول عايز يطلع من دوامة الميديوكريتي عشان نرتاح و ننبسط في عجزنا الجماعي ده .
الميديوكريتي اصبحت عندنا دين اجتماعي و عندها كهنة كبااار و وعاظ حافظين تعاليمها و بقولو ليك اعمل شغلك عشان تمشي حالك ، ما تتعب في التفاصيل ، خلص نفسك و ابقى مارق يا مااااااان .
و النتجية النهائية بلد فيها كل شي نص كُم ، اقتصاد و إعلام و تربية و سياسة و امن و حتى احلامنا و آمالنا و طموحاتنا نص كُم ، و حلولنا لمشاكلنا تلقائيا اصبحت نص كُم و لسة بنغش في روحنا و نقعد نقول إحنا و إحنا و إحنا و جدودنا زمان .
رسالتنا للاخ الدكتور كامل ادريس ، يا اخوي انت براك شايف انو احنا غرقانين في الميديوكريتي و ما في زول بيقدر ينقذنا غير الناس اصحاب البصمات في مجالاتهم ، الناس الكلاس ، البيفكروا خارج الصندوق ، فاذا بتفكر انك تجيب لينا وزراء ( نص كُم ) او مرتبط ليك بي دوام اضافي بعد دوام الحكومة بالله عليك ورينا عرض كتافك من هسه .
نزار العقيلي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الشيف أبو جوليا: كنت بشتغل حداد في غزة.. والجامعة كانت بتحتاج مصاريف 200 دولار
حل الشيف الفلسطيني أبو جوليا، ضيفا على الإعلامي محمود سعد في برنامج "باب الخلق" المذاع على قناة "النهار".
وقال أبو جوليا :" عندما كنت متواجد في غزة كان هناك مشكلة في دخول الأسمنت للقطاع وبالتالي تأثرت مختلف المهن مثل الحدادة وبناء المنازل ".
وتابع أبو جوليا :" كنت بحتاج 2000 دولار في السنة عشان أدفع مصاريف الجامعة في قطاع غزة ".
وأكمل أبو جوليا :" كنت بشتغل في الحدادة عشان أوفر مصاريف الجامعة وكنت أحب الكتابة وزمان كنت بحلم أكون مهندس ".
ولفت أبو جوليا :" انا اتجوزت اخر واحد في اخواتي عشان كنت بشتغل مع أبويا وكل همي اوفر كل شيء لإخواتي ".