الآثار المصرية في المتاحف العالمية.. مطالبات الخبراء تنادي بالاسترداد
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
تُعد الآثار المصرية في كل متاحف العالم هي القاسم المشترك الأكبر، حيث لا يخلو أي متحف في أي بلدة أو مدينة صغيرة كانت أو كبيرة على مستوى العالم من بعض المقتنيات المصرية القديمة أو الإسلامية أو القبطية قل عدد تلك المقتنيات أو كثر.
وظهر في الفترة الأخيرة العديد من المهتمين والمتخصصين في التراث والآثار ممن يطالبون بعودة تلك الآثار إلى أحضان وطنها الأم مصر، على الرغم من كون خروجها إلى تلك المتاحف كان في وقته قانونيًا، على حسب وصف المسؤولين المتخصصين.
وكان أحدث المطالبين هو الدكتور زاهي حواس، والذي صرح أن المتحف لا يستحق ان تعرض فيه الآثار المصرية، مطالبا اليونسكو والحكومة المصرية ممثلة في وزارة السياحة والآثار، بسحب آثارنا من المتحف البريطاني.
وجاء هذا التصريح الذي وصفه الكثيرون بالحاد من الدكتور زاهي حواس على خلفية إعلان المتحف البريطاني عن سرقة 2000 قطعة أثرية منه، منها قطع أثرية يعود عمرها إلى 2500 عامًا مضت.
وفي مجمل كلماته طالب حواس بإعادة حجر رشيد إلى مصر، وهو الحجر المعروض في المتحف منذ ما يزيد عن مائتي عام، وأن احتفاظ المتحف بحجر رشيد لهو خطأ فادح، حيث أن هذا الحجر هو أيقونة الآثار المصرية القديمة ومفتاح فك شفرة رموز الهيروغليفية.
وتلك ليست أولى المطالبات التي ارتفعت لاستعادة آثارنا من الخارج فقد دشنت الدكتورة مونيكا حنا وهي أحد أساتذة وخبراء الآثار المعدودين في مصر حملة كبرى لاستعادة حجر رشيد، حيث جمعت عدد من توقيعات المواطنين وتقدمت بطلب رسمي للحكومة المصرية لاستعادة لوحة رشيد الحجرية من المتحف البريطاني.
وقد استطاعت حنا مع فريق من المتطوعين أن تثبت أحقية مصر في استرداد حجر رشيد، حيث أثبتت أن هذا الأثر قد تم اغتصابه من مصر أثناء فترة احتلال فرنسا لها، ثم تنازل الفرنسيون عن كل ما وجدوه من آثار إلى الجيش المشترك في ذا الوقت (الإنجليزي - العثماني) دون تنازل مكتوب من العثمانيين للبريطانيين عن تلك القطع، واعتبرت إنجلترا أن تلك الآثار هي غنائم حرب ومن ثم استولت عليها ومن بينها لوحة رشيد الحجرية.
وحسب معاهدة ويستفاليا الصادرة في عام 1648م، والتي تقرر حق الشعوب في ممتلكاتها التراثية، والتي صدرت قبل قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر، وقررت أنه لا يجوز أخذ أثر كغنيمة حرب، وهي معاهدة ملزمة لفرنسا ولإنجلترا، وهي تدفع تمامًا بأي حجة نحو امتلاك فرنسا وبالتالي إنجلترا لأي حق في اللآثار المصرية التي خرجت أثناء تلك الفترة ومن بينها حجر رشيد، وبذلك يكون الحجر ملكًا لمصر ومن حقها استرداده.
وقد عادت قضية استرداد الآثار المصرية للظهور بقوة بعد الحوادث المتتالية التي أصابت عدد من المتاحف العالمية ومنها الحريق الذي أصاب محتف البرازيل الوطني عام 2018 ونتج عنه دمار ما يقرب من 2 مليون قطعة أثرية من بينها 700 قطعة أثرية مصرية.
وفي تلك الآونة ارتفعت المطالبات باسترداد الآثار المصرية من الخارج، حيث أنها تتعرض للدمار في تلك المتاحف التي تقتنيها، ومن تلك الحملات حملة المؤرخ المعروف بسام الشماع والتي أطلقها بعد حريق متحف البرازيل، حيث كان يضم عدد من القطع النادرة منها تابوت نادر لمنشد آمون واسمه "شا آمون ان سو"، ويرجع التابوت للأسرة 23 فترة التاريخ المصري القديم الوسيط الثالث، والتي استمرت من 830 إلى 715 قبل الميلاد، وآثار هذه الفترة غاية في الندرة، وقد خرج التابوت من مصر كإهداء من الخديو اسماعيل ووصل لمتحف البرازيل.
كما دشن الشماع حملة كبرى لاسترداد حجر رشيد في عام 2022 حيث حث عدد كبير من المصريين لإرسال رسائل على البريد الإلكتروني الرسمي للمتحف البريطاني يطالبون فيها باستراد لوحة رشيد الحجرية، وهي الرسائل التي أحدثت صدىً واسعًا بين المهتمين بالتراث والآثار.
والحكومة المصرية ممثلة في وزارة السياحة والآثار، لها مجهودات كبيرة في استرداد الآثار المصرية من الخارج، حيث تقوم إدارة الآثار المستردة في الوزارة، بعمل متابعة لأي قطعة أثرية غير مسجلة تظهر في المزادات العالمية وتعمل على استردادها، كما استردت عدد هام من الآثار المصرية والتي أثبتت عدم ملكيتها للمتاحف العالمية التي تقتنيها.
وأوضح شعبان عبد الجواد رئيس إدارة الآثار المستردة في وزارة السياحة والآثار، أن هناك اتفاقيات تحكم عملية استرداد أي أثر، وهي اتفاقيات تمت بناء على ما كان يجري في الماضي، فهناك آثار خرجت بطريق قانون شرعي في وقته، مثل خروج آلاف القطع عن طريق قانون القسمة، وذلك في القرن الـ19 حيث كانت البعثة الأجنبية تقتسم ما تكتشفه مع السلطات المصرية في ذلك الوقت ويذلك البعثة الأجنبية نصف القطع الأثرية، ومن ثم تقوم بإخراجها من مصر.
كما أن هناك ومعابد كاملة خرجت عن طريق الإهداء حيث أهدى حكام مصر في فترات مختلفة العديد من القطع الأثرية إلى دول أخرى.
ثم كان لدينا طريق تخرج منه القطع الأثرية من مصر، وهو الشراء المباشر للقطع الغير نادرة أو التي كان يُعتقد وقتها أنها مكررة، وكان الشاري يمتلك الأثر بصك ملكية مستخرج من الحكومة المصرية بذلك الوقت.
وظل معمولًا بهذه الطرق حتى عام 1983م، حيث صدر قانون حماية الآثار الذي جرم قانونًا بيع أو إهداء الآثار تحت أي مسمى، وكل قطعة خرجت بما يخالف تلك الطرق وهي مسجلة برقم لدى وزارة السياحة والآثار، يحق لمصر المطالبة بها واستعادها، أو ما تستطيع أن تثبت الدولة المصرية أنه خرج عن طريق ما يسمى بالحفر خلسة، وهو ما نقوم فيه بمجهود كبير نتج عنه استرداد آلاف القطع خلال السنوات الأخيرة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاثار المصرية الآثار متاحف متحف وزارة السیاحة والآثار الآثار المصریة قطعة أثریة حجر رشید من مصر
إقرأ أيضاً:
"المصمك".. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة
يُخلد متحف قصر المصمك مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، حاضرًا في وجدان الوطن وتاريخه المجيد، شامخًا منذ شُيد عام (1282هـ - 1865م) في عهد الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، ولا يزال حتى يومنا رمزًا عريقًا، وأيقونة لمرحلة التوحيد والبناء.
ويواصل "المصمك" رسالته التثقيفية والوطنية تحت إشراف وزارة الثقافة ممثلةً بهيئة المتاحف، عقب الانتهاء من أعمال تحديث شاملة شملت تأهيل المبنى وترميمه وتطوير بنيته التحتية، بوصفه أحد أبرز المعالم التاريخية التي شهدت تحولات مفصلية في تاريخ المملكة، وإسهامًا في تعزيز المشهد الثقافي الوطني، وفق المعايير الحديثة لإثراء تجربة الزائر للمتاحف.
وأطلق المؤرخون أسماء عدة على "المصمك" منها: الحصن، والقلعة، والحصن الداخلي، والمسمك، والمصمك، غير أن الاسم الأخير هو الأكثر تداولًا، ويرى بعض الباحثين أن التسمية تعود إلى "سماكة جدرانه وقوة تحصينه"، مما جعله حصنًا دفاعيًّا بارزًا في المنطقة.
ويحظى بأهمية استثنائية في تاريخ المملكة، فقد شهد في فجر الخامس من شوال عام (1319هـ)، الموافق (15) يناير (1902م)، لحظة حاسمة باسترداد الرياض من قبل الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، إيذانًا ببدء مسيرة التوحيد الكبرى، وعلى فترات متعاقبة استخدم الحصن مستودعًا للأسلحة والذخائر مدة سنتين، إلى أن تقرر ترميمه، وتحويله إلى معلم تاريخي وتراثي يعكس أمجاد الماضي.
ويمتد قصر المصمك على مساحة (3885 م2)، في حي الثميري وسط الرياض، وشُيّد من الطين المخلوط بالتبن، ووضعت أساساته من الحجر، واستخدم الطين لتلييس الجدران من الخارج، أما من الداخل فاستخدم لها الجص.
وقُسم "المصمك" في بنائه إلى طابقين موزعين إلى قسمين، ويضم نحو (44) غرفة، يتألف الطابق الأرضي من (6) أفنية تحيط بها الغرف السفلية والعلوية، وله مدخلان، كما يضم مجلسين ومسجدًا وبئرًا للمياه، إلى جانب (3) أجنحة سكنية ومقرٍ للخدمات، استخدم أول الأجنحة لإقامة الحاكم، والثاني كان بيتًا للمال، وخُصص الأخير لنزول الضيوف. أما الدور الأول فيحتوي على روشن ومجلس، وغرف عدة مطلة على الفناء الرئيس.
وزُخرفت جدران المصمك بفتحات ذات أشكال مثلثة ومستطيلة، وظهرت على جدران الغرف الداخلية زخارف جصية على هيئة مثلثات ودوائر، ورسومات بسيطة مستوحاة من عناصر البيئة المحيطة، كالنخيل والنجوم والأهلّة، وتتميز الجدران الخارجية بنتوءات تسمى "طرمات"، وهي فتحات ذات بروز خشبي تشبه الصندوق، استخدمت للمراقبة.
ويضم الحصن معالم بارزة من بينها البوابة الغربية المصنوعة من جذوع النخل والأثل، ويبلغ ارتفاعها (3.60)م، وعرضها (2.65)م، وبها فتحة صغيرة تُعرف بـ "الخوخة"، كما يحتوي على مسجد داخلي يتوسطه عدد من الأعمدة، ومحراب مجوف، ومجلس تقليدي بديكورات نجدية، إضافةً إلى "بئر" تقع في الركن الشمالي الشرقي، وأربعة أبراج دفاعية في أركانه، وبرج خامس مربع الشكل يُعرف بـ "المربعة" يطل على كامل المبنى.
وفي عام (1400هـ)، وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، أمير منطقة الرياض آنذاك، بالمحافظة على الحصن وترميمه؛ ليكون معلمًا وطنيًّا يعكس مرحلة مهمة في تاريخ المملكة، حيث نفذت أمانة منطقة الرياض مشروع الترميم الكامل في عام (1399هـ)، وسلمته للإدارة العامة للآثار والمتاحف آنذاك عام (1403هـ)، ثم وجه -رعاه الله- بتحويله إلى متحف متخصص يحكي مراحل تأسيس المملكة وتوحيدها، وافتُتح رسميًّا في (13) محرم (1416هـ) الموافق (11) يونيو (1995م).
ويحتوي المتحف على أقسام متنوعة، من بينها قاعة اقتحام المصمك التي تسرد المعركة التاريخية، وتعرض خرائط، وأسلحة قديمة، وصورًا نادرة، إضافةً إلى قاعة العرض المرئي التي تقدم فيلمًا وثائقيًا بلغتين، وقاعة الرواد التي تحتفي بالرجال الذين شاركوا في استرداد الرياض، وقاعة الرياض التاريخية التي توثق مراحل تطور المدينة عبر خرائط وصور تاريخية، علاوةً على "فناء البئر" الذي يعرض أدوات تراثية، ومدافع استخدمت في الجيش، وقاعة حصن المصمك التي تحتوي على مجسمات، ولوحات تعريفية، وقاعة استخدامات المصمك التي تقدم لمحة عن تحولات استخدام الحصن عبر العصور، إلى جانب خزائن تحتوي على أسلحة، وملابس تراثية، وأدوات بناء قديمة.
المصمكقصر المصمكمتحف قصر المصمكقد يعجبك أيضاًNo stories found.