يمانيون:
2025-07-27@08:42:22 GMT

أطفال غزة يموتون جوعًا في حضن العالم الصامت

تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT

أطفال غزة يموتون جوعًا في حضن العالم الصامت

يمانيون|بقلم|مراد راجح شلي

في مشهد لم يعد ينتمي فقط إلى مآسي الحروب، بل إلى كابوس جماعي تتقاعس الإنسانية عن الاستيقاظ منه، يموت أطفال غزة جوعًا حرفيًا. ليست المجازر وحدها من تحصد أرواحهم بل الجوع والظمأ ونقص الدواء ليكتب هذا الحصار أطول فصل في كتاب الإبادة الصامتة.
في أقسام الطوارئ التي تحوّلت إلى غرف موت، ترقد أجساد أطفال نحيلة، بالكاد قادرة على التنفس.

فرقية تصرخ بلا صوت، وعيون واسعة تحدق في السقف كأنها تتساءل: أين العالم؟ أين الحليب؟ أين الخبز؟ أين ضمير الأمم التي وعدت أن لا يتكرر الصمت الذي خيّم فوق رواندا وسربرنيتشا؟
الطفلة «ملك»، ابنة العامين، فارقت الحياة بعد أن فشل جسدها في مقاومة الجوع الذي أنهكها. كانت تزن أقل من نصف المعدل الطبيعي. لا مرض عضوي، لا إصابة مباشرة، فقط جوع… جوع محاصر بالحديد والنار.
تُفيد تقارير منظمات الإغاثة أن أكثر من 90% من أطفال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد أو المتوسط. لكن الأرقام هنا خادعة، لأنها لا تنقل صوت البكاء المكبوت، ولا ترجف أمام عيون الأمهات اللاتي يتابعن أبناءهن يذبلون بين أذرعهن، وكأنهن يسقنهم إلى الموت باليدين العاجزتين.
أمهات بلا حليب.. ورضّع بلا مستقبل
لم تعد الأمهات قادرات على إرضاع أطفالهن. لا غذاء كافٍ في بطونهن، ولا ماء نظيف، ولا دواء. حليب الأطفال اختفى من الأسواق، وحتى من مخازن المساعدات. أما البدائل فإما فاسدة أو محجوبة خلف الحواجز.
وفي كل صباح، يصحو الأطباء في غزة لا ليعالجوا، بل ليختاروا من هو الأحق بالبقاء من بين عشرات الأطفال الذين يحتاجون إلى الرعاية المركزة، ولا يوجد سوى جهاز تنفس واحد.
منذ أكثر من تسعة أشهر، يعيش قطاع غزة تحت حصار مطبق، جوًا وبرًا وبحرًا. يُمنع دخول الغذاء، والدواء، والوقود. تقطعت سلاسل التوريد، وانهارت المنظومة الصحية. لكن الأخطر أن الجوع أصبح سلاحًا بيد الاحتلال، يُستخدم لقتل ما تبقى من الحياة، دون رصاصة واحدة.
ما يحدث في غزة لم يعد بحاجة إلى تحقيقات أممية، فالموت يُبث على الهواء مباشرة، والدموع تملأ شاشات العالم، ولا أحد يتحرك. أطفال غزة يموتون ليس لأنهم فلسطينيون فقط، بل لأنهم وحدهم في مواجهة نظام دولي مشلول، وحكومات لا ترى في موت الطفل إلا رقماً جديداً في نشرة الأخبار.
ختامًا:
هذه ليست مأساة إنسانية فقط، بل فضيحة أخلاقية للتاريخ بأكمله. أطفال غزة الذين يموتون جوعًا، لا يموتون لأن الله كتب أجلهم، بل لأن العالم كتب صمته على جبينهم.

#المجاعة_في_غزة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: أطفال غزة

إقرأ أيضاً:

غزة تموت واقفة.. والإنسانية تنهزم

 

 

في غزة لا تُسمع الانفجارات فقط، بل أنين المعدة الفارغة.
في غزة لا تُحسب الضربات الجوية، فقط، بل عدد الأيام التي قضاها طفل بلا طعام.
في غزة ثمة موت ناعم، صامت، لا تراه الكاميرات، ولكنه ينهش الأرواح والأجساد معاً.
هنا، لا نتحدث عن قنبلة تسقط فتمحو بيتاً، بل عن حليب لا يصل، عن رغيف يُمنع، عن شريان حياة يُقطع عمداً، وعن ضمير عالمي يعرف، ويصمت.
طفل يموت لأن ثدي أمه جفّ، وامرأة تسقط في منتصف حملها لهزال جسدها وانعدام الدواء، ورجل ينهار على باب فرن مغلق بعدما بلع صبره ولم يجد كسرة.
إنه الجوع… أبشع وجوه القتل.
2.1 مليون إنسان في غزة يعيشون اليوم تحت حصار غذائي كامل.
69 % من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، و470 ألفاً – أي ربع عدد السكان تقريباً – يعيشون في المرحلة الخامسة من المجاعة، وهي الدرجة القصوى قبل الهلاك.
هذا كلّه بحسب تقارير مشتركة من برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
هذا ليس كل شيء.
منظمة الصحة العالمية أكدت أن 57 طفلاً ماتوا بالفعل بسبب سوء التغذية منذ بدء الحصار الكامل في آذار 2025. والأسوأ لم يأتِ بعد، إذ يُتوقع أن 71 ألف طفل دون الخامسة سيحتاجون إلى علاج عاجل من الجوع في الأسابيع المقبلة، و17 ألف أم بين حامل ومرضع مهددات بفقدان حياتهنّ أو حياة أطفالهنّ إن لم يتوافر الغذاء.
وفي تقارير «الأونروا»، طفل من كل عشرة أطفال يخضع للفحص، يُكتشف أنه يعاني من سوء تغذية حاد. و«سوء التغذية» هو «الاسم العلمي» للجوع، اسم يزيل عن ضمائرنا ثقل الكلمة، وأثرها، ولكنه لا يزيل ألم الأطفال الجوعى، ولا ألم الآباء العاجزين.
هي مجاعة… مجاعة موثّقة، أرقام رسمية، جثث صغيرة تُحمل على الأكتاف، ورغم ذلك، لا أحد يتحرّك. لماذا؟ لأن هذا الموت يحدث في غزة.
كل هذا ليس عرضاً جانبياً للحرب، بل هو صلبها، هذه ليست «أخطاء في التنفيذ»، بل أدوات متعمّدة لفرض الجوع كسلاح عسكري
في العواصم البعيدة، تُعقد مؤتمرات صحافية دفاعاً عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وتُصاغ بيانات تقول إن الوضع الإنساني «مقلق»، بينما تمنع شاحنات الغذاء من العبور.
أن يموت الطفل لأن أمّه لا تجد ما تُطعم، أو لأن «العالم الحر» مشغول بتفسير حقّ «إسرائيل» في الحياة، بينما تُسلب الحياة من تحت جلد الفلسطيني… هذه وصمة، هذا موت لكل شيء، لكل روح، لكل معنى.
الازدواجية الأخلاقية باتت وقحة. الحياة تُمنح حسب الجغرافيا، والحق في الغذاء ليس حقاً إن كنت فلسطينياً، وحين يُقتل الطفل جوعاً، لا تُرفع لافتات «أنا فلان» في مدن العالم، بل يُدفن بصمت، كأن حياته لا تعني أحداً.
هذا الجوع ليس قضاءً ولا قَدَراً، ولا هو إحدى نتائج الحرب، بل هو سياسة ممنهجة، قرار سياسي متعمّد اتُّخذ وينُفّذ بدم بارد:
إغلاق المعابر بشكل تام منذ 2 آذار 2025، ومن قبلها حصار خانق منذ تشرين الأول 2023.
تعطيل عمل «الأونروا» والمنظمات الإنسانية، بتجفيف التمويل ومضايقة الطواقم.
سرقة القوافل الإغاثية، كما حصل حين نُهبت 98 شاحنة من أصل 109 في تشرين الثاني الماضي قرب معبر «كرم شالوم».
قصف مباشر لشاحنات المساعدات، واعتقال من يحاول إدخالها.
إطلاق نار على الناس في طوابير الغذاء، حيث قُتل نحو 875 فلسطينياً خلال الأسابيع الماضية أثناء انتظارهم لمساعدة إنسانية، بعضهم قُتل رمياً بالرصاص، وبعضهم دهساً، وبعضهم دهساً ثم قنصاً.
كل هذا ليس عرضاً جانبياً للحرب، بل هو صلبها، هذه ليست «أخطاء في التنفيذ»، بل أدوات متعمّدة لفرض الجوع كسلاح عسكري.
نحن نقف أمام محكمة لم تُعقد بعد، ولكن التاريخ سيفتح أبوابها، واليوم، تقف الإنسانية في قفص الاتهام، وكل صامت عن هذا الجحيم، هو شريك فيه.
كل طفل يذبل هناك، يُسقط ورقة من إنسانيتنا. فهل تبقّى من تلك الأوراق ما يكفي لسترنا؟ هل نبقى نعتبر أنفسنا «أخلاقيين» ونحن نرى شعباً يُجَوَّع عمداً، ثم نواصل حياتنا كأن شيئاً لم يكن؟ هل نسامح أنفسنا لأننا نشارك تغريدة، أو نغضب في سرّنا، بينما الموت يأخذ شكلاً إدارياً منظماً، ويُدار كملف أمني لا إنساني؟
هذا المقال ليس دعوة للشفقة، ولا حتى للتضامن العاطفي… إنه اتهام. اتهام لكل نظام صمت، ولكل مؤسسة تواطأت، ولكل شخص رضي أن يُقتل شعب بالجوع باسم الأمن. اتهام لنا جميعاً… القاعد منا والقائم، المجاهد والمتخاذل… حتى تمتلأ بطون الأطفال في غزة، كلنا متهمون… أو نموت دونهم.
ففي غزة، لا يُدفَن الموتى فقط، بل يُدفَن معنى العالم، وكرامته، وإنسانيته.

مقالات مشابهة

  • جوعاهم في الجنة.. وبياناتنا في النار!
  • اكتشف الخطر الصامت الذي ينعكس في عينيك
  • "وصمة عار في جبين العالم الحر".. مظاهرة ببرلين تطالب بوقف تجويع غزة
  • أطفال غزة الرضع أبرز ضحايا التجويع الإسرائيلي في غزة
  • غزة تموت واقفة.. والإنسانية تنهزم
  • «الصحة»: 300 ألف وفاة سنويا وربع أطفال العالم بين 1 إلى 4 سنوات ضمن الضحايا
  • المناضل اللبناني​ جورج عبد الله: معيب أن يتفرج الملايين على أطفال غزة يموتون جوعًا
  • تفطر القلوب غزة.. أطفال يموتون بين يدي ذويهم وعالم يراقب بفزع وجزع / صور
  • بيان مشترك لوكالات أنباء عالمية.. صحفيونا يموتون جوعاً في غزة
  • وزير خارجية إيرلندا: أطفال غزة يموتون والمجتمع الدولي صامت