المرأة والإنجاب.. بين حرية الاختيار والوصم الاجتماعي «1»
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
إن الواقع العربي هو حقًا ميدان حقيقي للسوسيولوجيا، فمن خلال انخراطك فيه، ستتضح وتتبلور لك مجموعة من المواضيع المهمّة التي لم نكن قد انتبهنا لها، أو قد انتبهنا لها ولكننا لم نعرها اهتمامنا. فلا بد من دراستها لتوضيح جوانب تأثيرها وتأثّرها بالمجتمع من ناحية، وتفاعلها مع بعضها الآخر من الظواهر من ناحية أخرى.
دخلت في نقاش بسيط مع أحد الدكاترة في إحدى مؤسسات التعليم العالي حول فطرة الأمومة عند المرأة، لا أذكر بالضبط كيف وصلنا لهذا الموضوع، أعتذر لأنني كنت شارد الذهن آنذاك.. لكن ما جعلني أنتبه فجأة هو انخراطنا في هذا الموضوع، وكيف أن للمرأة رغبة في إنجاب الأطفال؛ بسبب الفطرة التي هي عليها، أي فطرة الأمومة، وأنه لا توجد امرأة لا ترغب في إنجاب الأطفال، فتدخلت وقلت: بلى، يوجد، فقال الدكتور: إذن ما هذه إلا مريضة نفسية. فقررت بعد هذا التعميم والفكرة النمطية هذه أن أقوم بدراسة للموضوع، تهدف إلى معرفة ما إن كان توجد نساء لا يردن الإنجاب، وإن كان يوجد، فهل هن مريضات نفسيًّا حقًّا؟ قمت بتوزيع الاستبانة كأداة للدراسة، وكانت الفئة المستهدفة من المبحوثين هي عيّنة من الإناث بطبيعة الحال، بحيث صمّمتها على أساس معرفة اتجاهاتهن نحو الرغبة في إنجاب الأطفال، وما العوامل التي تؤثر في موقفهن نحو إنجاب الأطفال.
ولكن قبل استعراض نتائج الدراسة لا بد لي من توضيح بعض النقاط المهمة من قيامي بهذه الدراسة: أولًا: لا يهمني عدد الاستجابات بقدر اهتمامي بوجود عينات بالفعل تؤكد على نمطية وسطحية الفكرة السابق ذكرها. ثانيًا: قد يكون للدكتور تبرير على فكرته هذه، غير أنني أريد أن أذكّركم بأننا بشر، ليس لنا أي قدرة في معرفة مكنونات وأفكار الناس الداخلية، فليس من المعقول أن ألقي فكرة تعميمية كهذه دون أن أوضّح سبب ذلك، بل قد يعتبر البعض كلامي مغالطة صريحة؛ إذ إن فكرة التعميم هذه غير علمية أصلًا، فكيف سأبرّر ما هو غير علمي بشيء علمي؟ بالإضافة إلى أن مغزى الدكتور لم يعد مهمًّا لي أيضًا بقدر ما أنني ممتنٌّ له لطرح مثل هذا الموضوع. ثالثًا: وهي تأكيد للنقطة السابقة، أي بغضّ النظر عن الأسباب من وراء رغبة أو عدم رغبة المرأة في الإنجاب، أو حتى إن كان الفعل مخالفًا للفطرة كما يُشاع، فلا يمكن أن أقوم بتشخيصها بالمرض النفسي هكذا، «من لا ترغب بذلك فهي مريضة نفسية»؟ وسأترككم الآن مع تحليل الاستبانة.
تحصلت الدراسة على 119 استجابة، وكان عمر النسبة الأكبر منها تراوح ما بين 18- 23 سنة، أي شكّلت ما نسبته 92.4% من مجمل الاستجابات. أما العينة المتبقية فقد كانت بأعمار تراوحت ما بين 24- 28 سنة، وبنسبة شكّلت حوالي 7.5% من إجمالي العينة أيضًا. هذا بالنسبة لمحور البيانات الأولية في الاستبانة. أما بالنسبة للمحور الثاني، فقد كان يتمحور حول رغبة الإناث في الإنجاب، حيث أشارت النسبة الكبرى إلى رغبتهن دائمًا في الإنجاب، بحوالي 44.3%، وشكّلت نسبة اللاتي يردن الإنجاب ولكن قد تتغير رغبتهن مستقبلًا حوالي 27%، ثم تلتها نسبة اللاتي لا يرغبن في الإنجاب حاليًّا ولكن قد تتغير قناعتهن مستقبلًا، والتي كانت حوالي 22.1%، بعدها كانت نسبة الإناث اللاتي لا يرغبن في الإنجاب ولن يرغبن مستقبلًا، حوالي 4.9% من إجمالي الاستجابات، أي بواقع 6 نساء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إنجاب الأطفال فی الإنجاب
إقرأ أيضاً:
هل وضع “الضمان الاجتماعي” آمن؟.. الدراسة الاكتوارية تجيب
#سواليف
أعلنت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، السبت، نتائج #الدراسة_الاكتوارية الحادية عشرة، التي تُجرى كل ثلاث سنوات بموجب أحكام المادة (18) من #قانونالضمان_الاجتماعي، وتهدف إلى تقييم المركز المالي للمؤسسة واستمرار استدامتها التأمينية على المدى الطويل، باعتبارها من أهم الأدوات التحليلية لتوقّع واستشراف مستقبل الوضع المالي والاكتواري لصناديق الحماية الاجتماعية.
وأكدت المؤسسة أن نتائج الدراسة أظهرت أن صناديق التأمينات التي تديرها تتمتع بوضع مالي جيد جدًا ومستدام، ولا سيّما تأمينات إصابات العمل، والأمومة، والتعطل عن العمل، ما يعكس متانة المركز المالي للمؤسسة وقدرتها على الوفاء بجميع التزاماتها تجاه المشتركين والمتقاعدين، اعتمادًا على الإيرادات التأمينية والعوائد الاستثمارية والأصول، مع التأكيد على أهمية تعزيز الاستقرار المالي لضمان القدرة على تغطية الالتزامات المستقبلية دون الحاجة إلى استخدام الأصول أو العوائد الاستثمارية.
وبيّنت المؤسسة أن الدراسة الاكتوارية أظهرت أن نقطة التعادل الأولى ستكون في عام 2030، حيث تتساوى الإيرادات التأمينية المباشرة من الاشتراكات مع النفقات التأمينية، مشيرةً إلى أن ابتعاد نقطة التعادل الأولى زمنيًا يُعدّ مؤشرًا إيجابيًا على الاستقرار والاستدامة الأفضل للوضع المالي للمؤسسة.
مقالات ذات صلةكما أوضحت أن نقطة التعادل الثانية متوقعة في عام 2038، وفيها تصبح الإيرادات التأمينية والعوائد الاستثمارية السنوية غير كافية لتغطية النفقات التأمينية المطلوبة، في حال لم يتحسن العائد على الاستثمار.
وأشارت المؤسسة إلى أن تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة يتمتع بوضع مالي جيد، إلا أن الدراسة أظهرت أن موجودات المؤسسة المقدّرة تقل عن عشرة أضعاف نفقاتها التأمينية للسنة العاشرة من تاريخ التقييم، الأمر الذي يستدعي تنفيذ الإصلاحات اللازمة للحفاظ على استدامته واستقراره المالي على المدى الطويل، بما يضمن استمراره في تقديم خدماته للأجيال القادمة والوفاء بالتزاماته.
وحول أسباب ارتفاع نفقات تأمين #الشيخوخة و #العجز و #الوفاة، أوضحت المؤسسة أن من أبرز هذه الأسباب ارتفاع وتيرة #التقاعد_المبكر، والتهرب التأميني عن شمول العاملين، إضافة إلى الضغوط الديموغرافية المتمثلة بارتفاع مستويات توقع الحياة عند الولادة وتراجع معدلات الخصوبة، ما يؤدي إلى الزيادة المستمرة في متوسط الأعمار في المملكة، وانخفاض أعداد الداخلين إلى سوق العمل، وارتفاع عدد السكان الذين يبلغون سن التقاعد، وتراجع نسبة السكان في سن العمل، فضلًا عن اختلال التوازن بين المنافع التأمينية المقدمة والفترة التي يقضيها المؤمن عليهم كمشتركين، ولا سيّما في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة.
وفيما يتعلق باعتبار التقاعد المبكر أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع نفقات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، أكدت المؤسسة أن ظاهرة التقاعد المبكر تُعدّ من أبرز التحديات التي تؤثر سلبًا على ديمومة النظام التأميني على المدى الطويل، حيث أصبح التقاعد المبكر هو الأصل وليس الاستثناء، لما له من أثر مباشر في زيادة الفاتورة التقاعدية نتيجة بدء صرف الرواتب التقاعدية في سن مبكرة.
وبيّنت أن نسبة المتقاعدين مبكرًا ما تزال مرتفعة وتشكل الأغلبية، ما يسهم في زيادة الضغط على الموارد التأمينية، مشيرةً إلى أن نسبة التقاعد المبكر وفق بيانات المؤسسة حتى تاريخه بلغت (64%) من إجمالي المتقاعدين.
وأضافت المؤسسة أن عددًا كبيرًا من دول العالم لا يوفر نظامًا للتقاعد المبكر، وأن الدول التي تعتمد أنظمة مشابهة لنظام الضمان الاجتماعي في الأردن تسجّل نسب تقاعد مبكر أقل بكثير من النسب المحلية، إذ لا تتجاوز في معظمها (25%)، مؤكدةً أن انخفاض نسبة التقاعد المبكر يسهم في إطالة مدد نقاط التعادل وتعزيز قدرة تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة على الاستمرار والاستدامة.
وفيما يتعلق بالتهرب التأميني، أكدت المؤسسة أن مكافحة هذه الظاهرة في القطاع المنظم، إلى جانب شمول العاملين في القطاع غير المنظم، تُعدّ أولوية وطنية، خاصة في ظل وجود أعداد كبيرة من العاملين خارج مظلة الحماية الاجتماعية، حيث أظهرت الدراسة التي أجرتها المؤسسة أن نسبة العاملين غير المشمولين بأحكام قانون الضمان الاجتماعي تشكّل ما نسبته (22.8%) من العاملين في سوق العمل الأردني المنظم.
وبيّنت أنها تعمل بشكل متواصل على توسيع مظلة الشمول لتغطية العاملين في القطاع غير المنظم، بما يعزز العدالة الاجتماعية ويحدّ من التهرب التأميني.
وأكدت المؤسسة أن نتائج الدراسة الحالية تُظهر الحاجة إلى إجراء تعديلات تشريعية على قانون الضمان الاجتماعي، بما يضمن ترحيل جميع نقاط التعادل إلى مدد زمنية أطول، وتعزيز ديمومة النظام التأميني وحماية حقوق الأجيال القادمة.
وحول الإصلاحات المرتقبة، أوضحت المؤسسة أنها ستعمل على تنفيذ الإصلاحات اللازمة على قانون الضمان الاجتماعي بما ينسجم مع تطور المؤشرات الديموغرافية التي شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية، مؤكدةً التزامها بالإفصاح بكل شفافية عن مؤشراتِها الاكتوارية والمالية لجمهورها بصورة دورية، التزامًا بدورها الوطني في تحقيق الأمن الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي.
ونوهت إلى أن أي تعديلات سيتم إجراؤها على قانون الضمان الاجتماعي ستأخذ بعين الاعتبار المؤمن عليهم الذين أمضوا فترات اشتراك طويلة في الضمان الاجتماعي.
كما أكدت أن النقاشات المتعلقة بتعديلات وإصلاحات قانون الضمان الاجتماعي ستتم ضمن سلسلة من الحوارات الوطنية مع مختلف الشركاء المعنيين والخبراء، من خلال مظلة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بهدف التوصل إلى قانون عصري ومتوازن يستند إلى مبادئ رئيسية، تتمثل في استدامة الوضع المالي للمؤسسة حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة، وتحسين أوضاع المتقاعدين من ذوي الرواتب التقاعدية المنخفضة، وعدم المساس بالمزايا المقررة في القانون النافذ للمؤمن عليهم.