الوسطاء يدعون لاستئناف المفاوضات حول غزة
تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT
شعبان بلال، حسن الورفلي (غزة، القاهرة، واشنطن)
وجه الوسطاء في مصر وقطر دعوة إلى وفدي حماس وإسرائيل لاستئناف العملية التفاوضية خلال الأسبوع الجاري، وذلك بعد تسلم الحكومة الإسرائيلية رد حركة حماس حول موقفها من صفقة تبادل الرهائن والأسرى ضمن الإطار العام للهدنة المقترحة لمدة 60 يوماً، بحسب ما أكده مصدر لـ«الاتحاد».
وأوضح المصدر أن رد حركة حماس الذي تقدمت به للجانب الإسرائيلي يمكن البناء عليه في عملية المفاوضات، مشيراً إلى وجود نية لدى الحركة للتشاور بشكل أعمق حول مطالبها بخصوص انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق في غزة.
ولفت المصدر إلى أن الجانب الإسرائيلي أخطر الوسطاء بأنه سيسحب وفده المفاوض من الدوحة إلى تل أبيب، وذلك لإجراء المزيد من المشاورات والنقاشات، حيث لا يمتلك الوفد الإسرائيلي المفاوض الصلاحيات الكاملة للاتفاق على الهدنة الإنسانية.
وأكد المصدر أن وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية رون ديرمر يتابع بشكل دقيق عملية التفاوض بين حماس وإسرائيل من خلال الوفد الفني الإسرائيلي، موضحاً أن ديرمر يسعى للتوصل لاتفاق لا يظهر إسرائيل وكأنها «مهزومة» في المواجهة مع حماس، حيث تتمكن الحكومة الإسرائيلية من بناء منطقة عازلة تحيط كل مناطق غزة.
على جانب آخر، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جهود مصر المكثفة للوساطة من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الرهائن والمحتجزين، كما تم التأكيد على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ وملائم إلى أهالي القطاع.
وأكد الرئيس الفرنسي في هذا الصدد دعم بلاده الكامل للمساعي المصرية، كما شدد الجانبان على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
وشدد محللون أميركيون على أن التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة يواجه تحديات معقدة، أبرزها عدم استعداد إسرائيل للانسحاب الكامل من القطاع، وغياب الضمانات الفعلية لالتزام الأطراف بوقف العمليات العسكرية، إضافة إلى انشغال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بملفات دولية أخرى، مثل الأزمة الأوكرانية والملف الإيراني.
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الرئيس ترامب لم يمارس ضغطاً كافياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لدفعه نحو التوصل إلى اتفاق في غزة، إضافة إلى أن الفصائل الفلسطينية مطالبة بأن تبدي قدراً من المرونة، مؤكدين أن العقبة الحقيقية ليست في التوصل إلى اتفاق، بل في إبرام اتفاق لا ينهار بعد أيام.
وأكد المحلل السياسي الأميركي، توت بيلت، أن التحدي الأكبر يكمن في بناء الثقة بين الطرفين، مشدداً على أن التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يمثل خطوة أولى ضرورية في هذا الاتجاه.
وأوضح بيلت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإشكالية الأبرز تكمن فيما سيحدث بعد توقف الحرب، منوهاً بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أشار إلى ضرورة أن تتحمل إسرائيل مسؤولية الأمن، لكن لا يزال من غير الواضح ما شكل هذا الترتيب أو مدى قبوله لدى الفلسطينيين، خاصة أنه يمس سيادتهم بشكل مباشر.
من جهته، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل، أن هناك عدة تحديات تعرقل وقف إطلاق النار في غزة، أبرزها تعنت نتنياهو الذي زار واشنطن من دون أن يقدم أي التزام باتفاق لوقف إطلاق النار، إلى جانب استمرار رغبة إسرائيل في السيطرة على القطاع وتهجير سكانه.
وذكر ميخائيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الرئيس الأميركي لا يزال منشغلاً بملف إيران، ويسعى إلى تهدئة التوتر على الجبهة الإسرائيلية الإيرانية، إضافة إلى تركيزه على الأزمة الأوكرانية، مشيراً إلى أن ترامب لم يمارس ضغطاً كافياً على نتنياهو لدفعه نحو التوصل إلى اتفاق في غزة، وكان من الضروري أن تبدي الفصائل الفلسطينية قدراً من المرونة.
في السياق، شددت الباحثة في العلاقات الدولية في واشنطن، إيرينا تسوكرمان، على أن التحديات التي تواجه الولايات المتحدة والوسطاء الدوليين في مساعيهم لوقف إطلاق النار في غزة، لا تتعلق فقط بصياغة شروط الاتفاق على الورق، بل ترتبط أيضاً بانقسامات هيكلية عميقة تشمل الجوانب الدبلوماسية والشرعية والإرادة السياسية، والتي تنعكس بوضوح في أرض الواقع وكذلك خلف الكواليس في غرف المفاوضات.
وقالت تسوكرمان، في تصريح لـ«الاتحاد»: إن الصراع تجاوز منذ فترة طويلة مجرد فكرة «وقف إطلاق النار مقابل الرهائن»، مشيرة إلى أن إسرائيل تعتبر أن أي اتفاق لا يتضمن تفكيك أو تحييد القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية بشكل دائم يُعد إخفاقاً استراتيجياً. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مصر قطر إسرائيل قطاع غزة حركة حماس تل أبيب غزة الجيش الإسرائيلي وقف إطلاق النار إطلاق النار فی لـ الاتحاد التوصل إلى فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
NYT: دعم إسرائيل لقوى في غزة ضد حماس ينتهي مجددا بشكل فظيع
نشرت صحيفة " نيويورك تايمز" تقريرًا أعده أرون بوكسرمان قال فيه إن "إسرائيل حاولت أكثر من مرة دعم قوى غزية ضد حركة حماس وانتهت بالعنف"، وتطرق إلى كيفية الدعم الإسرائيلي لجماعة ياسر أبو شباب وتسليحها، قبل أن تقوم عشيرة فلسطينية بقتله.
وقال بوكسرمان، إن مقتل أبو شباب يوم الخميس الماضي أكد على حقيقة مهمة وهي أن الفلسطينيين الذين تسلحهم وتدعمهم إسرائيل لمواجهة حركة حماس سيواجهون نهاية فظيعة، لافتة إلى أن جماعة أبو شباب كانت الأقوى من بين عدة جماعات مسلحة في غزة، واعترف المسؤولون الإسرائيليون بأنهم سلحوا جماعة أبو شباب ثم أنكروا هذا لاحقا.
وقد شجب الكثير من الفلسطينيين أبو شباب واعتبروه خائنًا، فيما عبر عبر بعض الإسرائيليين عن تشككهم من قدراته ونواياه، وفي مقابلة معه في تشرين الأول/ أكتوبر مع "نيويورك تايمز"لم يخف علاقاته مع إسرائيل قائلا: "هناك تعاون على المستوى الأمني وفي العمليات حولنا". وقال إن "الهدف هو منع أي إرهابي من اختراقنا"، في إشارة إلى حماس.
وتقول الصحيفة إن زعيم الميليشيا قتل يوم الخميس خلال اشتباكات مع عشيرة فلسطينية في جنوب غزة، وفقا لما ذكرته جماعته على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يبدو أن حماس متورطة، في مقتل أبو شباب، الذي كان متمركزًا بالقرب من مدينة رفح في منطقة يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. لكن وزارة الداخلية في غزة احتفلت بوفاته في بيان يوم الجمعة، قائلة إنه "المصير المحتوم لكل خائن"، وحثت بقية أعضاء المليشيات الفلسطينية القريبة من إسرائيل على تسليم أنفسهم "قبل فوات الأوان".
ومن غير الواضح ما إذا كانت القوات الشعبية ستصمد بعد وفاته. ونشرت الجماعة المسلحة مقطع فيديو يظهر تولي نائب أبو شباب، غسان الدهيني، قيادة المجموعة. ويمكن رؤية الدهيني، الذي لم تكن انتماءاته واضحة قبل انضمامه إلى القوات الشعبية، وهو يسير أمام مسلحين يهتفون، وقد سعت إسرائيل منذ الأيام الأولى للحرب، لتجنيد حلفاء محتملين من غزة قد يساعدون في تقويض سيطرة حماس. ولهذا الغرض، دعمت ما لا يقل عن أربع مجموعات صغيرة من المسلحين الفلسطينيين، حسبما قال قادة المجموعات في مقابلات.
وبعد وقف إطلاق النار واصلت حماس سيطرتها على نصف القطاع تقريبًا، فيما تسيطر إسرائيل على الجزء الآخر، وتعيش الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة في المنطقة التي تسيطر عليها حماس على طول الساحل، في المقابل عملت المليشيات الفلسطينية المناهضة لحماس في الغالب في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل.
ويعتبر المحللون أن القوات الشعبية هي الأكبر والأفضل تنظيمًا من بين هذه المجموعات. وزعم أبو شباب في تشرين الأول/ أكتوبر إن عدد الأفراد في منطقته يصل إلى3,000 شخصا، أقل من نصفهم من المقاتلين. قال القادة الآخرون، ومن بينهم أشرف المنسي في شمال غزة وحسام الأسطل شرق مدينة خان يونس الجنوبية، في مقابلات إن بضع مئات من الأشخاص يعيشون في مناطقهم. ورغم أن حماس كانت تتفوق عسكريا على القوات الشعبية، إلا أنها قالت إنها اشتبكت مع مقاتليها، فيما أسرت جماعة أبو شباب واحدًا من مقاتلي حماس في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، حسب قولها.
ونقل بوكسرمان عن شالوم بن حنان، وهو مسؤول كبير متقاعد في جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك)، قوله إن المليشيات الصغيرة ساعدت في تأمين أجزاء من غزة نيابة عن الجيش الإسرائيلي، مما أتاح للقوات الإسرائيلية القيام بمهام أخرى. وأضاف بن حنان: "إنهم ينفذون مهام عسكرية كما لو كانوا وحدة عسكرية، لو لم يكونوا موجودين للقيام بها، لكانت قواتنا هي من قامت بها".
إلا أنه بالنسبة لمعظم الفلسطينيين، فإن ماضي أبو شباب في النهب وعلاقاته مع إسرائيل جعلته مرشحًا غير مقبول لأي دور قيادي مستقبلي في غزة. واشتهر أبو شباب، وهو بدوي من جنوب شرق رفح، في أواخر عام 2024، عندما اتهم بمداهمة عشرات قوافل المساعدات خلال أزمة جوع حادة بشكل خاص في ذروة الحرب. وسيطر أبو شباب ومسلحوه على منطقة قريبة من معبر كرم أبو سالم في غزة على الحدود مع إسرائيل.
في مقابلة أجريت معه آنذاك، أقر بأن عصابته المسلحة بالكلاشينكوف نهبت عددا من الشاحنات، مع أنه قال إنه استولى على البضائع فقط لإطعام نفسه وعائلته وجيرانه. ووصفه جورجيوس بيتروبولوس، المسؤول الكبير في الأمم المتحدة الذي كان يقيم في غزة آنذاك، بأن أبو شهاب "الوسيط المسيطر على شرق رفح". واتهم بيتروبولوس، إلى جانب موظفين آخرين في الأمم المتحدة يحاولون إدخال المساعدات إلى غزة، إسرائيل بتجاهل هجمات أبو شباب على المساعدات.
وأثارت عمليات النهب المتكررة غضب حماس، وقتل ما لا يقل عن 20 عضوا من منظمة ميلشيا أبو شباب، بمن فيهم شقيقه، في تبادل لإطلاق النار مع مقاتلي حماس أواخر العام الماضي. وبدأ أبو شباب، في وقت سابق من هذا العام، بالترويج لنفسه كقائد فلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي، واصفا جماعته المسلحة بأنها "قوة مكافحة إرهاب" معادية لحماس.
ونشر لقطات تظهر على ما يبدو أن الجماعة وفرت خيامًا ومدارس للأشخاص الذين لجأوا إليها في منطقة رفح التي كان يحكمها. وبينما عانى العديد من الفلسطينيين في غزة من الجوع بسبب القيود الإسرائيلية على دخول الإمدادات إلى القطاع، إلا أن أبو شباب أكد في مقابلة أجريت معه في تشرين الأول/أكتوبر إن منطقته لديها مؤن جيدة.
وقال إن إسرائيل وقواته، بمساعدة المراقبة الجوية الإسرائيلية، عملوا معا لمنع أي مقاتل من حماس من دخول منطقتهم. وقال إنه قدم أيضا أسماء مقاتليه وعائلاتهم للجيش الإسرائيلي كجزء من التنسيق مع إسرائيل، وعلى الرغم من دعم إسرائيل، لم تكن هناك توقعات عالية من أن تشكل جماعة أبو شباب ولا المجموعات المسلحة الأخرى تهديدًا كبيرًا لحماس، كما قال بن حنان، الضابط السابق في جهاز الأمن العام (الشاباك). وجادل بأن عددهم قليل جدا، وأن ارتباطهم بإسرائيل قد شوه سمعتهم في أذهان معظم الفلسطينيين. وقال بن حنان: "سيعتبرون دائمًا خونة ومتعاونين. لن يرغب أحد في التقرب منهم".
ويرى العديد من سكان غزة أن الميلشيات ليست أفضل من العصابات التي استغلت فوضى الحرب لتكديس السلطة، وقال منتصر بهجة، وهو مدرس لغة إنجليزية في مدينة غزة، إن الفلسطينيين بحاجة إلى قيادة جديدة من أجل الوصول إلى مستقبل أفضل. لكنه أضاف أن ذلك لا يمكن أن يأتي من أشخاص مثل أبو شباب. وأضاف بهجة: "كان هذا الرجل مجرمًا في الأساس، ولم أستطع قبول تمثيله لي".