جوبا وكمبالا.. توترات حدودية تعكس هشاشة التحالف السياسي والعسكري
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
جوبا- على تخوم جنوب السودان الملاصق لأوغندا، عادت نيران التوتر لتشتعل مجددا بعد حادث دموي أسفر عن مقتل 7 أشخاص ونزوح آلاف السكان من بلدة نياينقا-مودا بمقاطعة كاجو كيجي، إثر توغل للقوات الأوغندية في عمق الأراضي المتنازع عليها.
أعادت الحادثة شبح المواجهة العسكرية بين البلدين لتسلط الضوء على غياب ترسيم واضح ونهائي للحدود المشتركة، وتكشف عن صراع متجدد على الأرض والموارد يهدد الاستقرار الهش في المنطقة.
وإذ بلغت حد المواجهات العسكرية فهي تفتح الباب أمام تصاعد توترات جديدة ونزاعات على الأراضي الزراعية والمناطق السكنية التي تعتبرها المجتمعات المحلية جزءا من أراضيها التاريخية.
محافظ مقاطعة كاجو كيجي، واني جاكسون مولي، وصف الحادثة بأنها تصعيد خطير للانتهاكات التي تقوم بها القوات الأوغندية، متهما إياها بالسعي للسيطرة على أراض محلية وإبعاد السكان عنها.
وقال مولي في حديث للجزيرة نت "نواجه محاولات متكررة لإجبار مجتمعاتنا على مغادرة أراضيها التاريخية تحت تهديد السلاح، وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها توغل مماثل".
وأكد المحافظ أن غياب الترسيم الرسمي للحدود هو السبب الجوهري وراء تصاعد التوترات، مشددا على أن السلطات المحلية تواصل مطالبة الحكومة المركزية في جوبا بالتدخل العاجل سياسيا وإنسانيا قبل أن تتفاقم الأزمة.
وترجع جذور هذه النزاعات الحدودية إلى ما قبل استقلال جنوب السودان في 2011، لكنها تصاعدت منذ 2015 مع بدء الجيش الأوغندي تنفيذ توغلات متكررة داخل المناطق المتنازع عليها، خصوصا في بوكي وإيكوتوس وكاجو كيجي. وعلى الرغم من توقيع اتفاق لترسيم الحدود في العام نفسه، فإن عدم تنفيذه ميدانيا أبقى الوضع هشا، وأتاح المجال لادعاءات سيادية متضاربة بين البلدين.
إعلانوفي محاولة لخفض التصعيد، أعلنت قوات دفاع جنوب السودان سلسلة من الإجراءات المشتركة مع الجيش الأوغندي لوقف الاشتباكات ومنع تجددها. وفي بيان بتاريخ 29 يوليو/تموز الماضي، قال الناطق باسم الجيش، اللواء لول رواي كونغ، إن اشتباكا مسلحا وقع بين الجيشين في منطقة نياينقا-مودا وأسفر عن خسائر بشرية للطرفين من دون تحديد الأعداد.
وأشار إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة في جنوب السودان، الفريق أول داو أتورجونق نيول، تواصل مباشرة مع نظيره الأوغندي، الجنرال موهوزي كاينيروغابا، وتم الاتفاق على 3 خطوات أساسية:
الوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية. تشكيل لجنة تحقيق مشتركة لتقصّي أسباب الاشتباكات. مواصلة عمل اللجنة الفنية لترسيم الحدود وتقديم حلول سلمية للنزاعات المتكررة.وأكد رواي التزام الجيش بضبط النفس والتعاون مع الجانب الأوغندي لتفادي مزيد من التصعيد في المناطق الحدودية الحساسة.
ورغم التوتر الميداني، يحرص الجيش في جنوب السودان على عدم الإضرار بالعلاقات السياسية الوثيقة مع كمبالا، إذ يرتبط الرئيس سلفاكير ميارديت بتحالف متين مع نظيره الأوغندي يوري موسيفيني.
هذا التحالف الذي بدأ سياسيا تحول إلى تعاون عسكري مباشر منذ 2013، حين تدخل الجيش الأوغندي لدعم جوبا في مواجهة تمرد رياك مشار، مستخدما الطيران والجنود في معارك بارزة مثل بور وملكال. كما شارك الطيران اليوغندي مؤخرًا في عمليات ضد المتمردين قرب الناصر بأعالي النيل في يوليو/تموز 2025.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية تيكواج بيتر أن العلاقة بين جنوب السودان وأوغندا تقوم على تحالف سياسي قوي ودعم عسكري حاسم قدمته كمبالا لجوبا منذ الحرب الأهلية في 2013، مشيرا إلى أن التوترات الأخيرة تعود غالبا إلى استفزازات ميدانية وليست توجيهات عليا.
وقال بيتر للجزيرة نت إن "أوغندا حليف أساسي للحكومة الحالية، وما جرى في كاجو كيجي يمكن النظر إليه على أنه سوء تفاهم ميداني، وليس قرارا سياسيا لاستخدام القوة".
أما المحلل السياسي والصحفي أبراهام مكواج، فيرى أن هذه التوترات تعكس "تحالفا شكليا يخفي علاقة تبعية غير متكافئة لمصلحة أوغندا"، معتبرا أن التصعيد الأخير ليس حادثا عابرا بل "تعبير عن صراع على الأرض والموارد والسيادة الوطنية، ويكشف عن هشاشة الدولة في الجنوب واحتدام التناقضات بين التابع والمتبوع".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات جنوب السودان
إقرأ أيضاً:
بحث ترتيبات فتح منفذ تجاري مع دولة جنوب السودان
بحث الفريق الركن قمر الدين محمد فضل المولى، والي ولاية النيل مع وفد الإدارة العامة للمعابر والمنافذ الحدودية، الترتيبات الفنية والإدارية لاقامة منافذ تجارية حدودية بولاية النيل الأبيض، بهدف استئناف الحركة التجارية مع دولة جنوب السودان.وقال الوالي في تصريح لـ(سونا) عقب الإجتماع المشترك مع وفد المعابر بمدينة كوستي السبت، ان إنشاء منافذ تجارية مع دولة جنوب السودان الغرض منه تعظيم الفائدة وتبادل المنافع ومكافحة التهريب عبر الحدود، معلنًا إستعداد حكومة الولاية لتقديم كافة التسهيلات التي تسهم في استئناف حركة التجارة الحدودية.وأشار إلى أنه تم التفاكر مع الجهات ذات الاختصاص لإنشاء منفذ تجاري بمنطقة جوده بمحلية الجبلين، مضيفا ان وفد المعابر سيزور المنطقة المقترحة غدا الأحد للوقوف على كيفية إنشاء المنفذ.وأكد الفريق الركن ياسر محمد عثمان مدير الإدارة العامة للمعابر والمنافذ الحدودية بالأمانة العامه لمجلس السيادة، ان الزيارة بغرض الوقوف ميدانيًا على عدد من المنافذ الحدودية بالولاية، إضافة الي الوقوف على إستعداد جهات الاختصاص بالولاية لهذا الشأن .واشار ان الفترة المقبلة ستشهد تعزيز دور المنافذ الحدودية بالولاية، وذلك في إطار خطة الدولة الرامية لتعزيز التعاون الإقليمي وانعاش الحركة التجارة والاقتصادية عبر المعابر والمنافذ الحدودية المختلفة بالبلاد.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب