4 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: ارتفعت أعداد خريجي كليات الصيدلة في العراق إلى مستويات تنذر بانفجار مهني، بعدما تخطى عدد كليات الصيدلة في عموم البلاد حاجز الـ40 كلية، بين حكومية وأهلية، في وقت لا تستوعب فيه المؤسسات الصحية الحكومية سوى أقل من 10% من الخريجين سنوياً، بحسب نقابة الصيادلة.

وأكد نقيب صيادلة العراق، حيدر فؤاد الصائغ، في تدوينة له على منصة “فيسبوك”، أن مستقبل خريجي الصيدلة يزداد قتامة، محذراً خريجي السادس الإعدادي من التقديم على هذا التخصص.

وقال حرفياً: “بعد 5 سنوات، لن يكون هنالك أي تعيين حكومي للصيادلة”.

وانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات ساخطة من الصيادلة الشباب، إذ غرّدت الصيدلانية سارة عبد القادر قائلة: “افتتحوا كلية صيدلة حتى في مناطق لا تملك مستشفى”، فيما كتب الصيدلي ليث الموسوي: “لا توجد دولة في العالم فيها هذا العدد من الصيدليات نسبةً لعدد السكان… الوضع خرج عن السيطرة”.

وتمخضت هذه الفوضى عن تضخم غير مسبوق في عدد الصيدليات، حتى بات من المعتاد رؤية ثلاث صيدليات في نفس الزقاق. وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة، بلغ عدد الصيدليات المسجلة رسمياً أكثر من 16 ألف صيدلية، وهو رقم يزيد بثلاثة أضعاف عن الحاجة الفعلية للسكان، وفق المعايير الدولية المعتمدة.

وازدهرت تجارة الأدوية خارج الأطر الرسمية، إذ تُباع الأدوية في البسطات والأسواق الشعبية، وحتى على منصات التواصل، دون وصفة طبية أو رقابة. وغرّد الناشط أحمد الزيدي قائلاً: “رأيت حبوبا مخدرة تُباع مع عبوات العصير… من يحاسب؟”.

وتفاقمت المشكلة مع فتح جامعات أهلية جديدة تفتقر إلى المعايير الأكاديمية، وسط اتهامات بتجارة “الدرجات الوهمية” وقبولات تُباع بالدولار، وهو ما أضعف مستوى الخريجين وأدى إلى فقدان الثقة بالمهنة.

وتراجعت جودة الخدمات الصيدلانية، وازدادت نسبة الأخطاء الدوائية، وفق تقرير لمنظمة الصحة العالمية صدر العام الماضي، حذر فيه من أن “نظام صرف الأدوية في العراق يتعرض لتشوهات هيكلية تهدد الصحة العامة”.

وتزايدت هجرة الصيادلة العراقيين إلى الخارج، حيث تشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من 4 آلاف صيدلي هاجروا خلال السنوات الخمس الأخيرة، بحثاً عن فرص أفضل وهرباً من الفوضى.

وتجاهلت السلطات المعنية حتى الآن نداءات نقابة الصيادلة، ولم تُصدر أي تعليمات بإيقاف القبول أو مراجعة واقع الكليات، وسط حديث عن ضغوط سياسية وتجارية تحول دون إصلاح القطاع.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

أحيوا معاهد التدريب المهني

في منتصف الثمانينيات، بادرت حكومة سلطنة عُمان بإنشاء ما عُرف حينها بـ«معاهد التدريب المهني»، مُستندة في ذلك على فكرة توفير التعليم المهني والتقني للشباب، والإفادة من مهارات الطلاب الذين أنهوا الصف «الثالث الإعدادي»، ومنحت المُنضمّين إليها مكافآت شهرية رمزية.

اضطلعت هذه المعاهد، التي تم تصعيدها لاحقًا إلى كليات تقنية، ثم إلى جامعات تقنية، وتوزعت على ولايات نزوى وعبري وصلالة وصور وصحار والبريمي، بتعليم المهن وفق شقين نظري وعملي، في مجالات حيوية كالكهرباء والنجارة، والميكانيكا والسباكة، واللحام والخياطة، وتشغيل الآلات والبناء، والتبريد والتكييف.

ما يستدعي الحديث عن هذه المعاهد، وضرورة إحيائها في هذا التوقيت، حاجة السوق المحلية للتخصصات المذكورة، التي تحتكرها القوى العاملة الوافدة، إضافة إلى تراكم مخرجات شهادة الدبلوم والتعليم العالي، التي لا تقنع في الغالب بوظائف مهنية مفروضة عليها، وربما لا تتناسب مع طموحاتها المستقبلية.

إن من شأن معاهد التدريب المهني تخفيف العبء على المؤسسات التعليمية، إذ لن تكون مضطرة لقبول المزيد من الأعداد، فنسبة كبيرة من هؤلاء الطلبة يمكنها الالتحاق بالمعاهد المذكورة، خاصة من الموهوبين، ليكونوا بعد عدة سنوات مؤهلين لأخذ مكانهم الصحيح في سوق العمل، كأصحاب مشاريع مستقلة.

إن اختفاء معاهد التدريب المهني التي تستقبل الطلاب الذين أنهوا الصف «التاسع» حاليًا، أضر كثيرًا بسوق العمل، ومن بين هذه الأضرار، أنه أفسح المجال لجلب أعداد هائلة من القوى العاملة الوافدة، تقوم بتحول ملايين الريالات سنويًا إلى الخارج، كما أسهم في نفور المواطن من قبول العمل بوظائف مهنية تابعة للقطاع الخاص، بسبب شعوره بالاستغلال من قِبل أرباب العمل، ولأن ملكيتها لا تعود إليه.

لقد باتت عودة هذه المعاهد ضرورة لا بد منها، في ظل توجه حكومي صريح، نحو بناء قطاع خاص ديناميكي وفاعل، وهو ما تستند إليه «رؤية عُمان ٢٠٤٠م»، وفي ظل توجُه المواطن إلى الوظيفة الحكومية، التي يرى فيها ضمان مستقبله المعيشي، كما أنها فرصة سانحة لإيجاد وظائف يحتاجها المجتمع، خاصة والحكومة تسعى للتقليل من جلب القوى العاملة الوافدة، وتحجيم المشاكل التي تترتب على وجودها.

المُشَاهد والواقع في معظم الدول العربية - باستثناء دول الخليج العربية - يقول إنك لا ترى ميكانيكيًا أو نجارًا أو حدادًا أو كهربائيا وافدًا، وهذا واقع نتمنى أن نعيشُه في بلادنا، لأنه خير لن يتسرب خارج البلد، وسيكون المواطن هو من يدير دفة مشروعه، شرط أن يكون ذلك وفق خطة حكومية واضحة المعالم، أساسها الدعم المعنوي والمادي والمتابعة، وتهيئة البيئة الملائمة التي تُفضي إلى تأسيس مشاريع مستدامة ابنة زمانها، قادرة على الحياة والتطور.

النقطة الأخيرة..

من بين فوائد إحياء معاهد التدريب المهني، أنها توجيه صحيح لمهارات فردية قد لا يُستفاد منها، ومتسعُ لمن يُضنيهم التنافس على فرص التعليم المتقدم، إنها ضمان لوظيفة مستقلة، تؤسِس لحياة كريمة بمبعدةٍ عن الوظيفة في القطاعين الحكومي أو الخاص.

عُمر العبري كاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • العراق بلا حنطة.. ومزارعو الشتاء يحرثون في الهواء
  • أصالة: أنا أكره العمر والموت .. فيديو
  • أول حزب نسائي في تاريخ العراق يتحدى الهيمنة السياسية الذكورية
  • مجلس الاعتماد الأكاديمي يمنح شهادة الاعتماد لبرامج جامعة 21 سبتمبر
  • رئيس صحة النواب: 91 % من الأدوية بالسوق كلها تصنع فى مصر
  • العراق يواجه أسوأ أزمة مائية منذ عام 1930
  • إرث أجاثا كريستي يصرخ مجدداً ببغداد.. مطالبات بـمتحف بعد عقود الإهمال
  • أحيوا معاهد التدريب المهني
  • اقتصاد ما بعد الريع: طريق التنمية بوابة العراق إلى العصر اللوجستي