في عالم البيولوجيا الحديث، تتوالى الاكتشافات المدهشة والمثيرة للجدل، ومن بينها العثور على دبور فريد من نوعه يمكنه إبطاء الشيخوخة بما يشبه "تجميد الزمن".

هذه الظاهرة ليست مجرد خيال علمي، بل هي حقيقة توصَّل إليها العلماء من خلال دراسة دقيقة لهذا الكائن.. فما القصة؟

دبور "تجميد الزمن"

يتسم هذا الدبور بجسم معدني لامع، يختلف عن أقرانه المعروفين بالألوان الصفراء والسوداء.

ينتشر في بيئات مفترسة حيث يضع بيضه داخل أجسام حشرات أخرى، مما يؤدي إلى تغذية اليرقات على ضحاياها من الداخل.

لكن ما لفت انتباه العلماء ليس سلوكه العدواني، بل قدرته الفريدة على إبطاء عملية الشيخوخة.

اكتشف الباحثون أن لدى هذا الدبور نظامًا متقدمًا لتعديل التعبير الجيني، والذي يُعد آلية مسؤولة عن تحديد وظائف كل خلية في الجسم.

هذا النظام مشابه للنظام الموجود لدى البشر، مما يثير الفضول حول كيفية تأثيره على عملية الشيخوخة.

تمت ملاحظة ظاهرة غريبة عندما تتعرض الأمهات للبرد والظلام؛ ففي هذه الظروف، يمكن أن تدخل اليرقات في حالة تشبه "السبات"، حيث يتوقف نموها تمامًا، وهو ما يؤدي إلى تجميد الزمن البيولوجي. وتشبه هذه العملية تعطيل الساعة البيولوجية الداخلية لليرقات.

هل يمكن إبطاء الشيخوخة؟

أظهرت الدراسات أن اليرقات التي تعرّضت لهذا "السبات" يمكنها أن تنمو لاحقًا بشكل طبيعي، لكنها عاشت لفترة أطول بنسبة تتجاوز 30% مقارنةً بنظيراتها.

كما وُجد أن سرعتها البيولوجية كانت أبطأ بنسبة 29%، ما يُظهر فرقًا كبيرًا في المراحل العمرية بين الكائنات، رغم تقارب أعمارها الزمنية.

يُميّز العلماء بين نوعين من الشيخوخة:

الشيخوخة الزمنية: التي تُقاس بعدد السنوات التي عاشها الكائن.

الشيخوخة البيولوجية: التي تُقاس بحالة الأنسجة والخلايا.

فقد يبدو المرء شابًا، لكن على مستوى الخلايا، قد تكشف الفحوصات عن علامات تقدم في السن.

يسلط البروفيسور إيمون مالون، المتخصص في علم الأحياء التطوري، الضوء على أهمية هذا الاكتشاف. ويوضح أن هذه الدبابير يمكن أن تُعتبر "بنكًا لتخزين الوقت"، إذ تأخذ استراحة مبكرة في حياتها، مما يسمح لها بالعيش فترة أطول لاحقًا. وتُعد هذه الدراسة دليلًا علميًا على أن الشيخوخة ليست حتمية، بل يمكن التحكم فيها بيئيًا.

ما أهمية الدراسة؟

تُعد هذه الدراسة نقطة انطلاق لأبحاث معمقة في مجال الشيخوخة البشرية. ويأمل العلماء أن يسمح فهم كيفية حدوث الشيخوخة بتطوير تدخلات طبية جديدة قد تؤدي إلى إبطاء هذه العملية من جذورها الجزيئية.

وبحسب الباحثين، فإن تحقيق مثل هذه الأهداف قد يفتح بابًا جديدًا في الطب وعلم الحشرات على حد سواء. ورغم أن هذا الدبور الصغير قد يبدو غير ذي أهمية، إلا أنه يجسد أحد الجوانب المحورية في البحث العلمي الذي يسعى لفهم أسرار الشيخوخة والسيطرة عليها.

طباعة شارك تجميد الزمن دبور تجميد الزمن إبطاء الشيخوخة علاج الشيخوخة الشيخوخة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إبطاء الشيخوخة علاج الشيخوخة الشيخوخة إبطاء الشیخوخة

إقرأ أيضاً:

تمساح السودان.. اكتشاف نادر على نهر عطبرة عمره 90 ألف سنة

في كشف علمي نادر يعيد تسليط الضوء على التنوع الحيوي القديم في القارة السمراء، أعلن فريق بحثي سوداني- ألماني عن اكتشاف نوع جديد من التماسيح المنقرضة في شرق السودان، يعود تاريخه إلى ما قد يصل إلى 90 ألف عام، خلال أواخر العصر البليستوسيني. ويعد هذا النوع، الذي أطلق عليه اسم "كروكودايلوس سوداني"، أول تمساح يصنف رسميا من هذه الحقبة في أفريقيا.

الدراسة، التي نشرت في الأول من أغسطس/آب في مجلة "ساينتفك ريبورتس"، اعتمدت على جمجمة شبه مكتملة وجدت ضمن تكوينات رسوبية موثقة جيولوجيا على نهر عطبرة. ويؤكد الباحثون أن الخصائص التشريحية الفريدة لهذا التمساح تميزه عن أي نوع معروف حاليا، وهو ما يشير إلى سلالة مستقلة ربما ظلت مغمورة لزمن طويل.

الباحث خلف الله صالح في أثناء عمليات البحث والتنقيب (خلف الله صالح)تشريح يكشف سلالة مميزة

ويشرح الباحث المشارك في الدراسة "خلف الله صالح" -الباحث الجيولوجي في متحف التاريخ الطبيعي ببرلين وجامعة النيلين في السودان، وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة- لـ"الجزيرة نت" أن الفريق العلمي توصل إلى هذا الاكتشاف بعد تحليل شامل للجمجمة المكتشفة باستخدام الفحص المقطعي الدقيق، ودراسة السمات المورفولوجية الدقيقة.

وأضاف صالح: "لاحظنا خصائص فريدة لم تسجل في أي من أنواع التماسيح الأفريقية المعروفة، من بينها ارتفاع واضح في الجزء العلوي من الفك، وغياب عظم الجزء الخلفي والسفلي من سقف الجمجمة، بالإضافة إلى فتحات أنف أمامية متجهة لأعلى، وبروزات عظمية مميزة في مقدمة الجمجمة".

وبحسب الباحث، فإن الاكتشاف يكشف عن "تنوع مورفولوجي (شكلي) في جنس "كروكودايلوس" في أفريقيا خلال العصر البليستوسيني لم يكن معروفا من قبل". وعلى الرغم من أن الدراسة استندت إلى عينة واحدة من موقع واحد، إلا أن الفريق يرى في ذلك مؤشرا على وجود سلالات تمساح إقليمية متميزة، ربما أغفلت سابقا بسبب التشابه الظاهري مع تمساح النيل أو تمساح غرب أفريقيا.

إعلان

ويضيف: "نحن لا نعمم وجود هذا النوع على كامل القارة، ولكننا نعتقد أنه قد يمثل سلالة محلية ظلت في عزلة تطورية نسبية".

لاحظ العلماء خصائص فريدة لم تسجل في أي من أنواع التماسيح الأفريقية المعروفة (الفريق البحثي)ظروف الحرب تعرقل البحث

ويؤكد الباحث أن الفريق يطمح إلى توسيع نطاق البحث ليشمل مواقع أخرى على امتداد حوض النيل، ويأمل في مراجعة عينات قديمة محفوظة في المتاحف. لكنه يوضح أن الأوضاع الأمنية الراهنة في السودان، وخاصة بسبب الحرب، "تسببت في تعليق كافة الأنشطة الميدانية لمشروع "باليونايل"الذي يهدف إلى توثيق الحياة الفطرية في السودان خلال العصور القديمة".

ورغم هذه التحديات، يعتقد الفريق أن هذا الاكتشاف يشكل نقطة انطلاق لإعادة تقييم تصنيف التماسيح في أفريقيا، والدعوة إلى استخدام أدوات تحليل وراثي وتشريحي متكاملة لتوثيق هذا التنوع البيولوجي الغني.

ويعتقد صالح أن الاكتشاف "يسد ثغرة كبيرة في سجل الحفريات بالقارة"، ويضيف أن ذلك يمنح العلماء فرصة لفهم أعمق لمسار الزواحف الكبرى في شرق أفريقيا على مدى ملايين السنوات.

ويختتم المؤلف المشارك في الدراسة بالتأكيد على أهمية دعم البحث العلمي في السودان، قائلا: "بلادنا تملك سجلا طبيعيا مذهلا، يحتاج فقط إلى عين علمية هادئة، وظروف مستقرة تُمكننا من اكتشافه وحمايته".

مقالات مشابهة

  • اكتشاف حياة غريبة في أعماق المحيط الهادئ
  • لماذا تسابق ناسا الزمن لبناء أول مفاعل نووي على سطح القمر؟
  • الزمالك يسابق الزمن لإنهاء صفقة حامد حمدان
  • تمساح السودان.. اكتشاف نادر على نهر عطبرة عمره 90 ألف سنة
  • دبور صغير يكشف سرا كبيرا.. هل اقترب العلماء من إبطاء الشيخوخة؟
  • اكتشاف بصمة يد فرعونية عمرها 4000 عام.. ما هو بيت الروح؟
  • الأهلي يسابق الزمن لتسويق مصطفى البدري قبل غلق باب الانتقالات
  • دراسة تكشف بدء الشيخوخة البيولوجية في الثلاثين.. كيف ذلك؟
  • كيف يمكن للصحفيين اكتشاف التحيز في الذكاء الاصطناعي؟