هل سنعود للحياة الطبيعية بعد الطوفان؟
تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT
لم أكتب في السياسة لسنوات طويلة من مسيرتي الصحفية، التي بدأت قبل ثلاثين عاما. لم تكن الأخبار السياسية تغويني كثيرا؛ كانت تبدو لي سطحية، تفتقر إلى العمق، ومحدودة التأثير.
لكن حين أصبحت كاتب زاوية، بدأت التأثيرات السياسية، وجدية تطورات العالم، تجبرني على كسر ذلك المبدأ. صرت أكتب عن السياسة، غير أنني كنت أرغم نفسي، على الأقل يومين في الأسبوع، أن أكتب عن الحياة، الأدب، الطبيعة، والفنون.
غير أن الأحداث تسارعت، والأزمات تفاقمت، حتى أصبح من المتعذر عليّ، في السنوات الخمس الأخيرة على الأقل، أن أكتب عن أي شيء آخر سوى ما يدور في الساحة من أزمات وتطورات مفاجئة.
مضى أكثر من عام على كتابتي في "الجزيرة نت"، وحين أنظر إلى الوراء أجد أنني لم أكتب إلا عن الأزمات في منطقتنا. بينما أرى، على الخريطة التي تُظهر من أي الدول يأتي زوار موقعي الشخصي، أن لديّ قراء من معظم الدول، من أميركا إلى الصين، ومن الصومال إلى روسيا.
منحتني الجزيرة فرصة أن أعبر عن آرائي على منصة دولية. وقد أسعدني أن أعلَم أن قرائي أبدوا اهتماما واسعا بمقالاتي في عام 2024، لكنني، في الوقت ذاته، أشعر بالحزن.
كنت أتمنى لو أنني استطعت أن أشارك هؤلاء القراء المميزين في هذه الرقعة الجغرافية الواسعة قضايا مختلفة، أن نتبادل الهموم والأفكار، أن نسير معا في درب البحث عن الحقيقة. كنت أود لو أنني تحدثت لا عن السياسة فقط، ولا عن الحرب والأزمات، بل عن تلك الأمور التي تضفي على حياتنا معنى.
وأنا أعلم أن كثيرين في أماكن مختلفة من العالم يفكرون كما أفعل. نحن جميعا نبحث عن الحقيقة، تلك الحقيقة التي تاهت وتحولت إلى سراب. لدينا جراح مشتركة، هموم وآمال مشتركة، وسعي مشترك نحو مستقبل أفضل.
أما الشباب، فقلقهم وحيرتهم أشد. عقولهم ممتلئة بعلامات الاستفهام أكثر منا، وتثقلهم المخاوف واللايقين. كنت في الماضي أخصص يوما في الأسبوع لكتابة مقال موجه إليهم، حتى لا يعيشوا ما عشته من آلام، ولا يكرروا أخطائي، ويتعلموا من تجاربي.
إعلانلكن انظروا كيف تحول العالم كله إلى فوضى عارمة! لم نعد قادرين حتى على كتابة مقالات عن الفن، الأدب، أو الطبيعة. بل لم نعد قادرين على إجراء تحليلات سياسية واقعية. ما يحدث يفوق حدود المنطق والعقل، لا يمكن تفسيره بعقل سليم.
عندما ينزف الجسد نزفا حادا، يركز الدماغ على موضع الجرح ويتجاهل الألم في المواضع الأخرى.
وهكذا هو حالنا الآن؛ بينما غزة جراحها نازفة، يصعب على عقولنا أن تلتفت إلى شيء آخر. لا نستطيع النظر إلى صور الأطفال بعظام مكشوفة، لكننا لا ننسى تلك الحقيقة المؤلمة التي يعيشونها.
تلك الحقيقة تقلق نومنا، وتطفئ فرحتنا بالحياة، وتحول أيامنا إلى أرض قاحلة.
لقد مضى زمن طويل لم أكتب فيه سطرين عن الحياة. لم أعد أقرأ أو أكتب في الفكر أو الفلسفة أو التاريخ أو الفن أو الأدب. لأن وحشية إسرائيل قد بلغت من التوحش مبلغا يجعلني أرى الظلم في كل اتجاه أنظر إليه.
ومن عجزي عن إيقافهم، وعن تخفيف آلام الضحايا، أصاب بالهلاك النفسي. لذا أشعر أن كل ما أفعله بات بلا معنى. فكيف للإنسان أن يتحدث عن الفن أو الأدب في مثل هذا الواقع؟
باختصار، لقد أصبحت حياتنا كالأرض اليابسة، الأرض المتشققة التي تنتظر المطر…
ولكن لا تظنوا أنني يائس. ما نعيشه من مآسٍ، يعلمنا دروسا جديدة، ويخط لنا خرائط طريق لأيام سنعود فيها للحياة من جديد.
وسيأتي يوم، لا محالة، نشارك فيه قراءنا حول العالم أشياء جميلة عن الحياة. فقط إن تعلمنا من هذه الجراح، وعملنا بجد لتضميدها وتصحيحها… حينها، سيأتي المطر إلى أرضنا القاحلة، وسينزل الغيث بالخير والبركة، أنا واثق من ذلك.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الجزيرة يستعيد ذكريات الثنائية التاريخية بقميص الموسم الجديد
معتصم عبدالله (أبوظبي)
استعاد نادي الجزيرة، بالتزامن مع الكشف عن قميص الموسم الجديد 2025-2026، ذكريات موسمه التاريخي 2010-2011 الذي شهد تتويجه بـ«الثنائية» المتمثلة في كأس صاحب السمو رئيس الدولة ودوري المحترفين، كأول ألقابه في البطولة الأغلى.
ودشن «فخر أبوظبي» فعالية الإعلان عن القميص الجديد، الذي يحمل شعار أديداس الأيقوني، بمشاركة نجومه السابقين خميس إسماعيل وياسر مطر وأحمد جمعة، وهم من عناصر تشكيلة «الثنائية التاريخية» التي ضمت أيضاً أسماء لامعة، مثل قائد الفريق الحالي علي خصيف، بجانب جمعة عبدالله، سامي ربيع، عبدالله موسى، خالد سبيل، سبيت خاطر، إبراهيما دياكيه، الأرجنتيني دلجادو، والبرازيليين باري وريكاردو أوليفيرا.
وحملت منصات الجزيرة الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي الفيديو الخاص بالقميص الجديد، والذي جاء مطابقاً تقريباً لقميص موسم 2010-2011، مع عبارة: «2011.. عام لا ينسى وتاريخ من الفخر.. نحمله جيلاً بعد جيل».
وصُنع القميص الجديد من أحدث المواد والتقنيات المتطورة لشركة أديداس، لتعزيز تدفق الهواء والحفاظ على برودة اللاعبين أثناء المباريات.
ويستهل الجزيرة، المتوج بكأس مصرف أبوظبي الإسلامي في الموسم الماضي 2024-2025، مشواره في دوري أدنوك للمحترفين بمواجهة خورفكان خارج ملعبه في 17 أغسطس، قبل أن يحل ضيفاً على الشارقة في 22 أغسطس.