خطر التقسيم يلوح في الأفق.. السودان يقترب من نموذج الدولة المزدوجة
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
الخرطوم – الوكالات
بينما تتواصل الحرب الطاحنة في السودان، تتكشف مؤشرات تنذر بتجاوز القتال التقليدي إلى ما يشبه "التقسيم الوظيفي" للدولة، في ظل إعلان مجموعة "تأسيس" تشكيل حكومة موازية، وتصاعد المعارك في نيالا وحول الفاشر، وإلغاء اجتماع كان مرتقبًا للرباعية الدولية في واشنطن.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تضع السودان أمام مفترق طرق حاسم: إما المضي في مسار السلام وفق خارطة الرباعية، أو الانزلاق نحو نموذج مشابه للتجربة الليبية، بما يحمله من انقسام شرعي وصراع مزمن.
وتتهم الحكومة السودانية قوات الدعم السريع بالسعي لترسيخ سلطتها في إقليم دارفور عبر أدوات مدنية تحت غطاء "تحالف مدني"، فيما يصفه محللون بأنه "سلطة أمر واقع" تهدف إلى خلق إقليم مستقل فعليًا يُستخدم كورقة تفاوضية في أي تسوية سياسية مقبلة.
بالتوازي، تشهد مدينة نيالا معارك عنيفة تعتبرها قوات التمرد حاسمة للسيطرة على جنوب دارفور، ما يمنحها ثقلًا سياسيًا قبل أي مفاوضات، في وقت تتمسك الحكومة المعترف بها دوليًا بمركزها في بورتسودان.
وتثير المقارنة مع التجربة الليبية مخاوف من انزلاق السودان إلى وضع مشابه، مع اختلافات تجعل السيناريو أكثر تعقيدًا، أبرزها التداخل القبلي والاجتماعي، والامتداد الشعبي للجيش، وحدود السودان المفتوحة مع سبع دول.
ويحذر مراقبون من أن استمرار غياب إرادة دولية قوية لوقف دعم القوى الإقليمية للتمرد، والاكتفاء بردود فعل متأخرة، قد يسرّع من تثبيت واقع الانقسام، ويقود السودان إلى مرحلة أكثر دموية وفوضوية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مئات الوفيات وآلاف الإصابات.. الكوليرا تجتاح السودان والصحة العالمية تحذّر!
تشهد ولايات إقليم دارفور غربي السودان أزمة صحية حادة، مع تفشي وباء الكوليرا بوتيرة متسارعة في مناطق النزوح، وخاصة في جبل مرة ومخيمات النازحين مثل طويلة ونيالا.
وأعلنت المنسقية العامة للنازحين في دارفور عن تسجيل 5,060 حالة إصابة مؤكدة بالوباء، إلى جانب 225 حالة وفاة حتى الآن، وسط توسع رقعة التفشي إلى مناطق جديدة، وفق تصريحات المتحدث باسم المنسقية آدم رجال.
وأكد رجال أن وتيرة انتشار الكوليرا غير مسبوقة، مع زيادة مقلقة في أعداد الإصابات اليومية، خاصة في مراكز النزوح ومخيمات النازحين.
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة الصحة العالمية تسجيل نحو 100,000 حالة إصابة بالكوليرا في السودان منذ يوليو 2024، محذرة من تفاقم الأزمة بسبب استمرار الحرب الأهلية وانتشار سوء التغذية.
وأشار المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إلى أن العنف المستمر تسبب في مجاعة ومعاناة واسعة في السودان، وأن جميع الولايات أبلغت عن تفشي الوباء.
وأوضح أدهانوم أن هناك حملات تطعيم جارية في عدة ولايات لمكافحة الكوليرا، لكنه نبه إلى أن الفيضانات الأخيرة قد تزيد من مخاطر تفاقم سوء التغذية وانتشار أمراض أخرى مثل الملاريا وحمى الضنك.
وذكر أن تقارير من مدينة الفاشر تفيد بأن السكان يلجؤون إلى أكل علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة، مع معاناة ملايين السودانيين من الجوع، محذراً من أن نحو 770 ألف طفل دون الخامسة قد يعانون من سوء تغذية حاد هذا العام.
من جانبها، أكدت شبكة “أطباء السودان” تجاوز عدد الإصابات حاجز 6,000 حالة في دارفور، مع تسجيل 103 وفيات في منطقة طويلة شمال دارفور حتى مطلع أغسطس 2025.
واعتبرت الشبكة أن تفشي الوباء بهذه الكارثية يعكس الانهيار الممنهج للنظام الصحي في الإقليم، نتيجة حصار قوات الدعم السريع التي عطلت سلاسل الإمداد وتوقفت برامج الرعاية الأساسية، كما أدى الحصار إلى نقص الدواء وتشريد ونزوح مئات الأطباء والكوادر الطبية.
وحملت الشبكة قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن انتشار الكوليرا، مؤكدة حرمان المؤسسات الرسمية والمنظمات الإنسانية من التدخل العاجل لوقف تمدد الوباء، وطلبت من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والهيئات الحقوقية اتخاذ مواقف حازمة ضد قيادات الدعم السريع لضمان وصول المساعدات الطبية والإنسانية دون قيود وحماية المدنيين من سياسات التجويع والترويع.
وفي ولاية شمال كردفان، تواجه عشرات الآلاف من السودانيين أوضاعًا إنسانية صعبة، دفعتهم للنزوح إلى مدينة الأبيض، عاصمة الولاية، بسبب الحرب وانتشار الكوليرا.
وأكدت حكومة الولاية استقبال أعداد كبيرة من النازحين من مناطق شمال بارا والخوي وجنوب الأبيض، وسط تسجيل وفيات وإصابات متزايدة بمرض الكوليرا. وصرح مفوض العون الإنساني محمد إسماعيل أن أكثر من 600 أسرة، بما يقدر بنحو 30 ألف شخص، نزحوا من مناطق النزاع، مشيراً إلى أن القرى المستهدفة لا تشهد أنشطة عسكرية حاليًا، لكنه وصف حالة النزوح بأنها كبيرة، مع وصول سكان قرى مثل أم زين مشيًا على الأقدام أو على الدواب.
ويأتي هذا التفشي الكارثي في ظل استمرار الحرب الأهلية التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي أثرت بشكل كبير على الخدمات الصحية والأوضاع المعيشية للسودانيين، مع تفاقم أزمة النزوح داخلياً وخارجياً.