أكد سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، بذل دولة قطر جهودا كبيرة لتعزيز ونشر ثقافة الحوار بين الأديان وتحقيق التعايش السلمي من خلال التعليم، مستعرضا العديد من المؤسسات القطرية العاملة في هذا الميدان على المستوى الوطني والدولي.

وقال سعادته، في كلمة ألقاها خلال منتدى مجموعة العشرين للحوار الأديان 2025 المنعقد حاليا بمدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا، "إن لدى دولة قطر العديد من المؤسسات التي تعمل على تعزيز التعليم الداعم للتماسك الاجتماعي والقيم الإنسانية المشتركة ومنها اللجنة القطرية لتحالف الحضارات بوزارة الخارجية، وكرسي الإيسيسكو لحوار الحضارات بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر التي أطلقت برامج أكاديمية جامعية متخصصة في الأديان وحوار الحضارات، وكانت سباقة في طرح هذه البرامج على مستوى المنطقة والإقليم".

وأضاف أن المناهج المدرسية الوطنية تحوي دروسًا تشجع قيم الحوار والتعايش السلمي وقبول الآخر، بما يعكس جهود دولة قطر المستمرة بهذا المسار في سياق الجهود الوطنية لتعزيز التعليم الداعم للتماسك الاجتماعي والقيم الإنسانية والعالمية المشتركة، منوها إلى المبادرات القطرية الرائدة التي جعلت من التعليم جسرًا نحو السلام والتنمية، وفي طليعتها جهود صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع التي منحت ملايين الأطفال حول العالم فرصة للتعلم والحياة الكريمة رغم ما يواجهونه من تحديات وصعوبات.

وتطرق سعادته في السياق ذاته إلى دور مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في تعزيز قيم الحوار والتعايش من خلال الفعاليات والأنشطة التي ينظمها دوريا مثل المؤتمرات والندوات والمحاضرات، وكذا في مجلة أديان المحكمة، والطاولات المستديرة المنتظمة، مشيرا إلى مبادرة المركز "الحوار في الجامعات" التي أطلقها في سبتمبر 2024 بالتعاون مع خمس جامعات كبرى وشركاء إعلاميين، وتضمنت تسع فعاليات شارك فيها طلاب وأساتذة من مختلف الأديان والثقافات لمناقشة قضايا متعددة تسهم في بناء مستقبل مشترك وسلمي.

وأبرز الدكتور النعيمي، في كلمته، أن التعليم والحوار بين الأديان يمثلان جناحين متكاملين في مسار التنمية البشرية الشاملة، قائلا إن "التعليم والحوار بين الأديان يعملان معًا على تنشئة أفراد يتمتعون بالتعاطف والحكمة والمسؤولية الاجتماعية".

ولفت سعادته إلى التحديات العالمية التي تواجه البشرية، مستعرضًا إحصاءات اليونسكو التي تظهر وجود أكثر من 258 مليون طفل وشاب خارج نطاق التعليم، وبيانات منظمة العمل الدولية التي تؤكد معاناة نحو 40 مليون إنسان من أوضاع ما يسمى بالعبودية الحديثة.

واعتبر سعادة رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أن مواجهة هذه التحديات تتطلب نهجاً تعليمياً شاملاً قائمًا على القيم، يولي اهتماماً خاصاً بالمجموعات المهمشة من لاجئين وأقليات ونساء وأشخاص ذوي إعاقة، بما يضمن لهم القدرة على الإسهام الفاعل في مجتمعاتهم.

   وفي سياق إشارته إلى المأساة الإنسانية في قطاع غزة، نبه سعادته إلى أن غزة تمثل واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في عصرنا، حيث أدى الحصار والمجاعة والدمار إلى حرمان السكان من احتياجاتهم الأساسية، وانتهاك كل مبدأ من مبادئ العدالة، مبينا أنه على الرغم من المعاناة، ظهر وعي عالمي متزايد يوحّد الأصوات عبر الأديان والأمم في تضامن مشترك، ما يتطلب تجاوز التضامن العالمي مرحلة الأقوال إلى الأفعال لإنهاء الجوع واستعادة الحقوق وبناء السلام.

   كما شدد سعادته على أهمية أن يصبح هذا المنتدى منصة لتحويل القيم الدينية والإنسانية إلى واقع ملموس من خلال التعليم والحوار بين الأديان كأدوات للكرامة والسلام والتنمية العادلة"، ودمج القيم المستمدة من التعاليم الدينية في النظم التعليمية الرسمية، واصفاً ذلك بأنه "رافعة حقيقية لتحقيق التنمية البشرية المستدامة، عبر بناء مواطنين عالميين يتمتعون بالوعي والمسؤولية والقدرة على التعايش السلمي".

وطالب الدكتور النعيمي في مقترحاته لمنتدى مجموعة العشرين لحوار الأديان، بالعمل على ضمان توفير تعليم شامل وعالي الجودة للجميع، وإدماج المعرفة بالحوار بين الأديان في المناهج الوطنية، وتعزيز الشراكة مع المجتمعات الدينية في برامج التعليم والتماسك الاجتماعي بالإضافة إلى دمج قيم الأخلاق ومهارات الحياة التي تؤهل الشباب للمواطنة العالمية.

   واختتم سعادته الكلمة بالتأكيد على أن التحديات العالمية المعاصرة التي تواجه الفئات الضعيفة تستدعي تضافر الجهود على مستوى السياسات والتعليم والمؤسسات الدينية، من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وتماسكاً، معتبرا المنتدى فرصة استراتيجية لتحويل قيم التضامن والاحترام المتبادل إلى مبادرات عملية مستدامة، تدعم السلام والتنمية البشرية الشاملة.

ويشارك في المنتدى، الذي سيختتم غدا، مجموعة من القادة الدينيين، وصنّاع السياسات، والأكاديميين، وممثلي المجتمع المدني من مختلف دول العالم، بهدف بحث سبل توظيف التعليم والحوار بين الأديان لمعالجة التحديات الإنسانية وتعزيز التنمية الشاملة، ولمناقشة سبل المساهمة في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات الأكثر مشاهدة الحوار بین الأدیان لحوار الأدیان مرکز الدوحة

إقرأ أيضاً:

الدوحة تتدخل في خلاف السنة العراقيين: انقسام مفضوح حول منصب رئيس البرلمان

10 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: تتعمق انقسامات حادة بين القوى السنية في العراق خلافاتها حول منصب رئيس البرلمان المقبل، في ظل الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أعادت رسم الخريطة السياسية للبلاد.

وبعد إعلان نتائج الاقتراع في نوفمبر الماضي، حصدت الأحزاب السنية مجتمعة نحو 77 مقعدًا، لكن التوزيع بين تحالفات مثل “تقدم” بقيادة محمد الحلبوسي الذي نال 36 مقعدًا، و”السيادة” لخميس الخنجر بـ15 مقعدًا، و”عزم” بـ15 أخرى، أبرز التباينات الداخلية التي تهدد بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة.

ويتردد صدى هذه الخلافات في اجتماعات المجلس السياسي السني، الذي يضم ستة أطراف رئيسية، حيث يتنافس الجميع على المنصب الذي يُعد رمزًا للمحاصصة الطائفية منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003.

من جانب آخر، لجأ القادة السنة إلى الدوحة كملاذ لتسوية خلافاتهم، مما يعكس عمق الشقاق الذي يفوق القدرة على الحل الداخلي.

وفي خطوة تكشف عن ضعف التنسيق المحلي، عقد اجتماع في العاصمة القطرية جمع الحلبوسي والخنجر، برعاية امير قطر، لكن النتيجة بقيت غامضة.

ويُعد هذا اللجوء إلى قطر جزءًا من نمط متكرر، إذ اعتمدت القوى السنية تاريخيًا على الدوحة أو أنقرة لتجاوز أزماتها، كما حدث في جولات سابقة من تشكيل التحالفات الانتخابية، حيث ساهمت الوساطات الخارجية في رسم معالم التفاهمات الداخلية.

وبالتوازي، يبرز اعتماد القيادات السنية على قطر وتركيا كدليل قاطع على ضعفها وعجزها عن توحيد صفوفها داخليًا. في الدوحة، حيث يلعب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني دور الوسيط البارز، أكد اللقاء المنفصل مع الخنجر والحلبوسي في 9 ديسمبر الدور القطري في توجيه القوى السنية .

أما أنقرة، فقد دخلت خط الوساطات بشكل أكثر وضوحًا، من خلال جهودها في تشجيع تحالف سني موحد، مستفيدة من علاقاتها الوثيقة مع الحلبوسي والخنجر.

في هذا السياق، يُعد اجتماع الدوحة مؤشرًا واضحًا على حجم الخلاف السني بشأن اختيار رئيس البرلمان، واستمرار للدور القطري في توجيه مسار القيادات السنية داخل العملية السياسية.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • علي ناصر محمد يكشف جذور أحداث 13 يناير ودوره في التعليم والحوار للوحدة
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • عاجل- السيسي وملك البحرين يؤكدان الالتزام الكامل بوقف الحرب في غزة وتعزيز جهود الإعمار
  • وزير التعليم العالي: إنشاء منصة رقمية رائدة لدعم اقتصاد المعرفة وتعزيز الشراكة العلمية
  • وزير التعليم العالي: منصة رقمية رائدة لدعم اقتصاد المعرفة وتعزيز الشراكة العلمية
  • عاجل- مدبولي: البحث العلمي ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة مصر الدولية
  • “اجتماعات العقبة” تعزّز دور الأردن العالمي في الحوار بين الأديان ومحاربة التطرف..
  • عاجل | الصفدي يبدأ زيارة عمل إلى الدوحة ويجتمع مع رئيس وزراء قطر
  • الدوحة تتدخل في خلاف السنة العراقيين: انقسام مفضوح حول منصب رئيس البرلمان
  • رئيس البرلمان العربي: حماية وتعزيز حقوق الإنسان تمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة