15 غشت، 2025

بغداد/المسلة: اندثرت المياه تدريجياً من أحضان الأهوار الجنوبية في العراق، وتشقق وجه الأرض حتى بدا كخريطة متصدعة تحت شمس قاسية، فيما تناثرت قشور الأسماك الميتة على ضفاف القنوات اليابسة، كأنها بقايا رسالة من زمن الوفرة.

وقال صياد مسن من قرية الفهود إن “الماء الذي كان يصل إلى منتصف باب بيتي، أصبح اليوم على بُعد كيلومترات، وصار الوصول إليه مشياً رحلة عذاب”.

وانكمشت مساحة الأهوار إلى أقل من عُشر حجمها التاريخي، بعد أن كانت تمتد على ما بين 15 و20 ألف كيلومتر مربع، ولم يتبق منها سوى جيوب مائية متناثرة تكافح للبقاء.

وأكد أحد المزارعين أن الجاموس المائي بدأ يموت واقفاً من الجوع والمرض، بعدما جفت المراعي المغمورة وتلوثت البرك بما تبقى من مياه مالحة وساخنة.

وارتفعت نسبة الملوحة والملوثات في الجيوب المائية المتبقية إلى مستويات أحرقت أعشاب القاع وأبعدت الأسماك، مما أدى إلى فقدان آلاف العائلات مصدر رزقها القائم على الصيد وجمع القصب.

وأوضح شاب من أبناء المنطقة أن “شباكنا عادت فارغة لأسابيع متواصلة، حتى الطيور المهاجرة لم تعد تجد مكاناً تحط فيه”.

وأضعف تغيّر المناخ مواسم الفيضان التي كانت تنعش الحياة هنا، فيما أسهمت مشاريع السدود خارج الحدود في حجب كميات كبيرة من المياه. وكشف أحد المهندسين العاملين في إدارة الموارد المائية أن العراق فقد أكثر من 60% من مخزونه المائي خلال عام واحد، متراجعاً من 18 إلى نحو 10 مليارات متر مكعب، وهو انخفاض وصفه بـ”الجرس الأخير قبل الجفاف الكامل”.

واستندت توقعات مختصين بيئيين إلى أن تدفقات دجلة والفرات ستتراجع خلال السنوات المقبلة بنسبة قد تصل إلى النصف، ما يعني عجزاً مائياً سيقتطع المزيد من نصيب الأهوار.

وقالت الباحثة في الشأن البيئي زينب الحسني، إن “الهوية المائية لبلاد الرافدين أصبحت في غرفة الإنعاش، والأهوار أول الضحايا”.

وارتسمت أرض الأهوار اليوم كرمز مأساوي لصراع الإنسان مع الماء، إذ تداخلت قسوة المناخ مع سوء الإدارة وتنازع الحصص المائية، ليبقى المشهد النهائي مساحات متشققة تروي حكاية حضارة تُمحى ببطء من الخرائط.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

نائب إطاري:السوداني مهتم بولايته الثانية والعراقيون يعانون من العطش والنزوح

آخر تحديث: 13 أكتوبر 2025 - 9:08 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد النائب الإطاري عارف الحمامي، اليوم الاثنين، أن رئيس الحكومة محمد السوداني مهتم بولايته الثانية ودعايته الانتخابية ومعدلات النزوح من مناطق الأهوار في جنوب العراق تضاعفت ثلاث مرات خلال الأشهر القليلة الماضية، محذراً من كارثة قد تطال مئات الآلاف من المواطنين نتيجة آثار الجفاف المستمر.وقال الحمامي في تصريح صحفي، إن “الأهوار في جنوب العراق تعد أكثر مناطق البلاد تضرراً من آثار أزمة الجفاف، خاصة مع فقدان نحو 95% من الثروة السمكية وحوالي 80% من الثروة الحيوانية واجواءات حكومة السوداني دون المستوى المطلوب مع تركيا  لمعالجة الملف المائي”.وأضاف أن ” السوداني مهتم بولايته الثانية  ودعايته الانتخابية ومعدلات نزوح الأهالي تضاعفت ثلاث مرات خلال عام 2025، ما يهدد بتحويل الوضع الإنساني في هذه المناطق إلى مرحلة كارثية تحاصر مئات الآلاف من المواطنين”.وأشار إلى أن “أزمة المياه لم تتوقف عند جفاف الأهوار فقط، بل شملت أيضاً عدم القدرة على توفير مياه الشرب في بعض المناطق، ما يعقد المشهد الإنساني أكثر”، مؤكداً “ضرورة أن تدرك الدولة خطورة أزمة الجفاف في مناطق الجنوب والفرات الأوسط، ولا سيما الأهوار التي تمثل الأكثر تضرراً على مستوى العراق”.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد الشقق المبيعة بالأردن- تفاصيل
  • تغيّر المناخ والنمو الاقتصادي.. العلاقة والفرص
  • توقيع اتفاق وقف الحرب على غزة خلال قمة شرم الشيخ
  • نائب إطاري:السوداني مهتم بولايته الثانية والعراقيون يعانون من العطش والنزوح
  • تفاصيل المباحثات المائية بين العراق وتركيا
  • في رسالة حاسمة من قلب القاهرة.. السيسي: الأمن المائي لمصر خط أحمر
  • نائب وزير الموارد المائية الصيني: تأثير تغيرات المناخ يزيد الطلب على المياه
  • السيسي: مستقبل الأمن المائي مرهون بالتعاون الدولي والالتزام بالقانون الدولي
  • السيسي: نرفض أي إجراءات أحادية على نهر النيل.. الأمن المائي ليس ترفًا
  • حوار قطر الوطني يستكشف الطريق إلى بيئة بحرية مزدهرة