مِلَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وبَرْهَمَة العَصْرِ عَلى يدِ أَنبِياءِ العَصْرِ
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
في "المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية" الذي نظَّمه مجلس حكماء المسلمين، وعُقد في مدينة "أبو ظبي" عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة يوم ٣ شباط/ فبراير 2019 لمدة يوم واحد، وحضره خمسمئة شخص بين رجل دين ومفكر، على رأسهم البابا فرانسيس بابا الفاتيكان رحمه الله، الذي بدأ آنذاك زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر.
ولم يشر الحَبْر الأعظم إلى العنصرية ومخاطرها على عدم الاستقرار، ولا إلى أشكال الإبادة المادية والمعنوية التي تنتهجها وتمارسها منذ عقود من الزمن جهة محددة، ضد بشر هُم ضحاياها المسكوت عنهم أو الذين يتم التواطؤ ضدهم، حيث يبادون وفق منهج بطيئٍ مُعْتَمد مستمر على يد مَن يدمنون العنصرية والكراهية ويمارسونهما ضد الآخرين "الغوييم"، وهم الذين "صلبوا المسيح رسول المحبة" عليه السلام في الأرض التي كان "ينادي، يعلُن = يكرِّز "كيريسو Kerysso" فيها. وقداسته يعلم فداحة مخاطر العنصرية في كل مكان يوجد فيه عنصريون وتحكمه ادعاءات تفوق عرقي. ويعلم أن الصهيونية وصفت بقرار أممي رقمه 3379 بأنها حركة عنصرية.
إن القرار الذي اتُّخِذ بإقامة ما سُمي "بيت العائلة الإبراهيمية" كان استجابة لدعوة البابا أو تنفيذاً لطلبه، ولا نشك بالنية الطيبة وراء ذلك من أطراف معنية بالأمر.. لكن ألا يجوز لنا أن نقارب الموضوع من زوايا توسع دائرة الرؤية وتلقي بعض الضوء على الواقع الموضوعي فقد تقلص الظلال ونُنقذ من بعض الضلال؟! وربما أفاد ذلك ويفيد في الاقتراب من الحقائق، وكبح جماح العنف والتطرف والعنصرية، وتعزيز النيات الطيبة، بما يحقق أهدافاً نبيلة تقوم على الحقائق وتنموا وتحقق الغايات.وقال البابا في خطاباته التي ألقاها أثناء زيارته تلك 3 - 5 شباط / فبراير 2019 : "إن المسيحية احتضَنت الإسلام في "نشأته".. ولم يقل احتضنت عدداً من ضعفاء المسلمين هاجروا إلى دولة مسيحية مجاورة كان يحكمها إمبراطور مسيحي عادل هي "الحبشة"، هرباً من أهليهم وذويهم وقومهم الذين اضطهدوهم بسبب إيمانهم بالله. لقد كان أولئك أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، وأقاموا أشهراً في الهجرة الأولى. وكانوا في الثانية ثلاثة وثمانين رجلاً وامرأة ثم عادوا إلى بلادهم بعد أن اكتسب الإسلام والمسلمون قوة في موطن الدعوة، وليس باحتضان مملكة "أكسوم = الحبشة" وملكها أَصْحَمَة النجاشي لهم وفرضه عودتهم.
وهناك فرق كبير بين ما قاله قداسته وبين الواقع، لأن الإسلام لم يُحْتَضَن ويَقْوَ وينتصر بدعم من دولة الحبشة المسيحية وإمبراطورها، ولم يأت نصرُ المسلمين من خارج الجغرافيا والتاريخ في الجزيرة العربية. وما كان في تلك الهجرة وذلك اللجوء هو احتضان مسلمين هاربين وليس احتضاناً للإسلام بأي حال من الأحوال، لأن الإسلام الدعوة والرسالة والنبي وصحبه والمسلمون ظلوا في المِحنة والجهاد في مكة، وهاجروا إلى المدينة، وانتصروا بثباتهم وبمناصرة من أسلم من الأوس والخزرج.
واشتد عود الدعوة إلى الإسلام في الأرض العربية، وبجهاد المسلمين وصبرهم وتمكين الله لهم، وليس باحتضان المسيحية لهم ونصرهم. ولم يتابع الحبر الأعظم إشارته إلى التاريخ، فيقول إن اليهود حاربوا الإسلام ونبيَّه، وأن المسيحية شنت حروباً عليه، وزعمَت أن النبي محمد "مسيحيّ مرتد؟!" وحاربته، ولم تعترف برسول الإسلام نبياً.؟! وأن الحملات على الإسلام استمرت وكانت بعض ذراها الحروب الصليبية، ومحاكم التفتيش، والاستعمار لبلاد العرب والمسلمين. وما زال ذلك العداء مستمراً بصور وأشكال وصيغ مختلفة إلى يوم الناس هذا. إن التدقيق والإنصاف من أكبر مهام الحَبْرٍ الأعظم الذي يعرف هذا التاريخ جيداً، ويعرف خفايا لا يعرفُها غيرُه بحكم الاطلاع والموقع والمسؤولية.
في أثناء زيارة البابا فرانسيس للإمارات العربية المتحدة، وتخليداً لذكرى الزيارة، استجابت دولة الإمارات لدعوة أو لطلب قداسته، وقررت إقامة صرح عالمي تحت مسمى "بيت العائلة الإبراهيمية".. وجاء في التوثيق للمناسبة: "يرمز المَعلَم الدينيّ الجديد إلى "حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في مجتمع الإمارات"، كما أنه سيستقي نهجه من الوثيقة التاريخية التي وُقِّعت بين شيخ الأزهر وقداسة البابا التي تبشر بعهد جديد للإنسانية، تتقارب فيه الشعوب والطوائف والأديان باختلافاتها وتنوعاتها. وسيكون الصرح الجديد أحد المعالم البارزة على مستوى الدولة والعالم".
وبتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر 2019 نُشر الخبرُ الآتي نصُّه: "ذكرت تقارير إعلامية محلية أن العمل سيبدأ العام المُقبل في إنشاء أول معبد يهودي رسمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، على أن يكتمل عام 2022". وقالت صحيفة "ذا ناشيونال" التي تصدر في أبوظبي يوم الأحد: "إن المعبد اليهودي سيقع ضمن نطاق مجمع للأديان يطلق عليه "بيت العائلة الإبراهيمية" في العاصمة أبوظبي، سيحتوي أيضا على مسجد وكنيسة سيكتمل بناؤهما في 2022" / عن أخبار العالم العربي R، وبدأت تعليقات مواكبة للخبر تتهم العرب بالشوفينيَّة وغيرها من الاتهامات، وتُظهر اليهود مضطَهَدين و.. و.. و..؟!
إن العجائب والغرائب والادعاءات لا تنتهي في هذا العالم البئيس.. وربما لن تنتهي أبداً للأسف الشديد. ويبدو أن استهداف العرب والمسلمين، العروبة والإسلام، أصبح أهم أهداف العنصريين المعادين للمساواة الإنسانية الإنسان، والمستعمرين الطامعين، والناقمين على الأمة العربية والدين/ الإسلام، والوالغين في الدم والجُرم والإثم، ومواليهم من العرب المنْبَتِّين عن جذورهم، وأن ذلك يتفاقم بالرّغم من الدعوات والادعاءات والمؤتمرات الأخوية. وربما لا نجد بعض ما يشير إلى ذلك في استقراء الواقع الذي يزداد مأساوية، على الرغم مما عُقد من مؤتمرات وما جرى من حوار بين سدنة الأديان تحت عنوان " الأخوة الإنسانية، وتقارب الأديان والمذاهب..". إذ رغم ذلك كله بقيت الأمور والأحوال والمُكنونات الجُوَّانية الدفينة على حالها لدى شخصيات ومرجعيات وسياسيين وسياسات، بينما أَتقن السَّدَنة القادة فنَّ تبادل المُجاملات والدعوات والصلوات والتمنيات.
إن القرار الذي اتُّخِذ بإقامة ما سُمي "بيت العائلة الإبراهيمية" كان استجابة لدعوة البابا أو تنفيذاً لطلبه، ولا نشك بالنية الطيبة وراء ذلك من أطراف معنية بالأمر.. لكن ألا يجوز لنا أن نقارب الموضوع من زوايا توسع دائرة الرؤية وتلقي بعض الضوء على الواقع الموضوعي فقد تقلص الظلال ونُنقذ من بعض الضلال؟! وربما أفاد ذلك ويفيد في الاقتراب من الحقائق، وكبح جماح العنف والتطرف والعنصرية، وتعزيز النيات الطيبة، بما يحقق أهدافاً نبيلة تقوم على الحقائق وتنموا وتحقق الغايات.
لقد وضع البابا وشيخ الأزهر حجري أساس لمسجد وكنيسة يقامان في " أبو ظبي" في تلك الزيارة، واستجاب المسؤولون في الإمارات العربية المتحدة لطلبه إقامة "بيت العائلة الإبراهيمية".. ومن المؤكد أن البابا فرانسيس، الراهب اليسوعي الذي " ولد باسم خورخي ماريو بيرجوليو، الأرجنتيني المولود في بوينس آيرس، وأبوه وأمه من أصول إيطالية..".. ليس من أبناء إبراهيم الخليل، وأن معظم المسيحيين في العالم، عدا العرب منهم، ليسو من أبناء إبراهيم ولا هم على ملته. ومن ذهب أو يذهب إلى القول: "إن عيسى المسيح يهودي“، فإنه يرتكب خطأً عقائدياً فادحاً، ذلك لأنه بقوله ذاك يقول إن المسيح من نطفة رجل يهودي، وهذا يمسُّ بعذرية مريم من جهة، ويخالف معتقد المذاهب المسيحية التي تقول إن المسيح هو "الله، أو ابن الله"، ومعتقد القائلين منهم بالثالوث المقدس، من جهة أخرى، ومن ثم فإن المسيحيين لا يؤمنون برسول يهودي من نطفة رجل يهودي. كما أن هذا القول يخالف الإسلام ومعتقد المسلمين الذي يقول: ” إن المسيح ابن مريم عليه السلام، من روح الله، وكلمته، ورسول من رسل الله. وإن مريم ابنة عمران حملت به بأمره ونفخ فيها من روحه".
وعلى هذا يجوز التساؤل: تُرى لمن يقام "بيت العائلة الإبراهيمية“، ولِمَن يُكرَّس ومَن يخدم في النتيجة؟ أليس للذين يدنسون المسجد الأقصى ويغلقون أبوابه أمام المسلمين؟! وللذين اغتصبوا ما اغتصبوه من الحرم الإبراهيمي في الخليل وقتلوا المسلمين فيه في صلاة الفجر وهم رُكَّعٌ سجود؟! وللعنصريين الصهاينة الذين هوّدوا القدس واحتلوا فلسطين، ويحاصرونهم الشعب الفلسطيني ويغتصبون أرضه ويقتلون أبناءه ويستهدفونهم بالتدمير والتجويع والتعطيش والإجاعة في غزة والضفة الغربية لتهجيرهم وإبادتهم.. و..؟! وقتلوا ويقتلون العرب والمسلمين في بلدان عربية وإسلامية.. و.. ؟!. ولأي هدف يقام كنيس في هذا ”البيت الإبراهيمي في العاصمة " أبو ظبي“، ولمن يكرَّس، ولتحقيق أي هدف، وعلى حساب من يقام يا تُرى؟! ومَن سيكون ممثلاً لبيت إبراهيم من اليهود الصهاينة العنصريين الإرهابيين القتلة المُحتلين لفلسطين؟! أهو الحاخام "دوف ليئور" الذي قام بتأبين باروخ غولدشتاين مرتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل وسماه قديساً، أم حاخام آخر أشد منه عنصرية هو الإرهابي ”كاهانا حي“ وأتباعه ومن هم على شاكلته.؟!
من اللافت جداً للانتباه، أو مما ينبغي أن يلفت الانتباه وألا يُنسى.. أنه في ذلك الوقت الذي أعلن فيه قرار بناء " بيت العائلة الإبراهيمية"، وبتزامن لا بد أن يُلحَظ ويُدرَك من قِبَلِ عُقول منفتحة وعيون مبصرة وبصائر نافذة وضمائر حية ووعي مسؤول.. أنه في ذلك الوقت " وقَّع العشرات من الوزراء الإسرائيليين وأعضاء الكنيست عن حزب "الليكود" وغيره من أحزاب اليمين اليهودي ـ الصهيوني المتطرف على عريضة تعهدوا بموجبها بالعمل على توطين مليوني يهودي في الضفة الغربية المُحتلَّة.. وجاء النص في تلك العريضة بالحرف: "أتعهد بأن أكون مخلصاً لأرض إسرائيل، وعدم التنازل عن أي شبر من ميراث الآباء. ألتزم بالعمل على تحقيق خطة استيطان لتوطين مليوني يهودي في يهودا والسامرة وفقا لخطة رئيس الوزراء (الأسبق) إسحاق شامير.. وأتعهد بالعمل على إلغاء إعلان الدولتين لشعبين واستبداله ببيان رسمي: أرض إسرائيل دولة واحدة لشعب واحد!]]/تاريخ النشر:05.02.2019 | 11:20 GMT | وهذا التعهد ينفذ ببسياسات وخطوات وممارسات واضطهاد وعنف وإبادة منهجية منظمة ضد الفلسطينيين، ومشروع تهجير لهم من وطنهم فلسطين.
ومما يجب أن نذكره ونتذكره أيضاً أنه في الأسبوعين اللذين سبقا إعلان إقامة " بيت العائلة الإبراهيمية“ ذاك، نظَّمت حركةُ "نحالاه" الاستيطانية الصهيونية تظاهرات أمام ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مطالِبةً بـ "ترسيخ المبادئ الأساسية للحكومة على أسس الاستيطان في جميع أنحاء يهودا والسامرة، وإلغاء إعلان الدولتين.". وهذه التعهدات والسياسات تنفذ بتصميم وبتواطؤ قوى غربية على رأسها الولايات المتحدة الأميريكية.. وكان من آخر إعلانات حكومة نتنياهو قبل الانتخابات التي جرت في 17 أيلول/ سبتمر من عام 2019: "التعهد بضم منطقة الغور على الضفة الغربية لنهر الأردن إلى "إسرائيل"؟!، وقد عقدت تلك الحكومة اجتماعاً رسمياً هناك وهو أمر ذو دلالة.. وهذا بعد إعلان القدس عاصمة، وإعلان ضم الجولان السوري المحتل بتأييد من عنصريين أميركيين على رأسهم دونالد ترامب.
ويجوز لنا أن نتساءل في ظل هذا الواقع وتلك الوقائع، وفي استمرار التأييد الغربي الأعمى للصهيونية الدينية وعنصريتها البغيضة، وبزحف قوتها المتوحشة علينا بدعم أميركي وأوروبي غير محدود.. تحت مقولات لا صلة لها بتوراة موسى بل هي من تاريخ الهود و تلمودياتهم تدخل في تاريخهم وليس في توراة موسى عليه السلام، فلا تنسب أوهام وأحلام ووقائع تاريخية حدثت بعد وفاة موسى بعقود وقرون وتنسب إليه وتندرج في توراته. وتقام عليها مسميات واختلاقات وتلفيقات وأسباب ومسببات وافتراءات، وكمٌّ مهولٌ من الأكاذيب. وتخلَق وقائع على الأرض تقتلنا وتضغط علينا وتنال من حقوق شعبنا.. و ..
من يتكلمون ويحكمون الكيان العنصري الإرهابي المحتل لفلسطين العربية، باسم "إسرائيل، أي إسحق بن إبراهيم وباسم يعقوب و نسلهما"، هم أبعد ما يكونون عن إسحق ويعقوب ابني إبراهيم وعن بيت أبناء إبراهيم.. إنهم أسباط أي أبناء بنات تزوجن في غير قومهن، وحمل نسلهم نسب آبائهم.وفي ظل ذلك الذي يفترى ويبنى عليه ويصبح وقائع على الأرض ألا يجوز لنا، بل ألا يتوجب علينا أن نتساءل: " أتراه يحق لبعض أبناء إبراهيم الحقيقيين إن بقى منهم أحد، ممن لا ترضى عنهم "إسرائيل الصهيونية الأشكنازية العنصرية الإرهابية"، أو لمَن هم من نسل هاجر العربية اليمانية الجُرْهُمِيَّة، زوج أبينا إبراهيم الخليل عليه السلام وأم ابنه إسماعيل، أن يدخل "بيت العائلة الإبراهيمية" من غير أبناء القبيلة الثالثة عشرة وموافقتهم، وهم "اليهود الخَزَر"، الأشكناز الحاكمين المتحكمين في فلسطين المحتلة "إسرائيل"، وفي القرار الأمريكي بحكم النفوذ وغيره.؟! ولا نسأل هنا عن نسل إبراهيم من زوجه سارة، "اسحق ويعقوب و نسلهما" الذي لم يبق منهم أحد، إذ نحن أمام بقايا أسباط "إسرائيل، أي أبناء بنات اسحق ويعقوب و.." وليس أمام أحفادهما". والاختلاف بيْن الحفيد والسِّبط بَيِّن“، فالحفيد من نطفة أبيه ويحمل اسمه واسم جده و يرثهما، والسِّبط من نطفة رجل تزوج بنتاً من بناتهما، وقد يكون من قوم آخرين، وهو يحمل اسم أبيه وجده وعشيرته.
وفي مواجهة حقيقة واضحة، وهي أن من يتكلمون ويحكمون الكيان العنصري الإرهابي المحتل لفلسطين العربية، باسم "إسرائيل، أي إسحق بن إبراهيم وباسم يعقوب و نسلهما"، هم أبعد ما يكونون عن إسحق ويعقوب ابني إبراهيم وعن بيت أبناء إبراهيم.. إنهم أسباط أي أبناء بنات تزوجن في غير قومهن، وحمل نسلهم نسب آبائهم.
إن يهود الخَزَر، القبيلة الثالثة عشرة كما وصفها ووثق مسيرتها اليهودي آرثر كوستلر فيما كتب. هم عنصرين اليوم من الصهاينة الذين يرفضهم بعض اليهود، وهم من سكان مناطق وضِفاف بحر قزوين، "بحر الخَزَر"، الذين اتبعوا خاقانهم، "خاقان خَزَر"، الذي هزَم جيشَه ودمَّر مملكتَه الجيشُ الأموي بقيادة مُسْلِمة بن عبد الملك في عام 731م، وصار "خاقان خَزَر" الوثني بمواجهة أن يختار النصرانية عقيدة البيزنطيين الذين كان في حرب معهم وبين الإسلام، فرفض النصرانية وتظاهر بأنه سوف يُسلم، واستمهل ليستشير، واستشار في أمره مستشارين أشاروا عليه بدين آخر هو اليهودية، حيث يعامل المسلمون أتباعها بوصفهم أهل كتاب، فيبقيون على دينهم وتُخَذ منهم الجزية لقاء حمايتهم. فتهوَّد "خاقان خَزَر" شَكلاً وتبعه أتباعُه، من دون أن يعرفوا من شريعة موسى شيئاً يُذكر "فالناس على دين ملوكها؟!". و لاحقاً تشرد "يهود الخَزر" في أوروبا، لاسيما في القسم الشرقي منها، بعد أن هزمهم سفايتوسلاف الأول إيغوروفيتش الروسي، أمير ”كويابة“، وهي مدينة كييف، وذلك في عام 943 م وما بعدها.
وقد رفضت أممٌ أوروبية تلك الفئة لانغلاقها وعنصريتها وجشعها و رَبَويَّتِها وكراهيتها للآخرين ووحشيتها وسوء سلوكها وتعاملها. ورَمتنا من بعد ذلك بها، نحن العرب، لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أسس الاستعمار والاحتلال الإنكليزي والفرنسي على الخصوص، واتفاق "سايكس ـ بيكو"، ثم وعد بلفور المشؤوم، وعصبة الأمم التي تأسست عام 1919، بعد الحرب العالمية الأولى بموجب معاهدة فرساي، "لتعزيز التعاون الدولي وتحقيق السلام والأمن"، ولم تفعل شيئا لهذه الأهداف، بل خولت بريطانيا والمستَعمِرة لفلسطين وشرق الأردن بتقاسمها لسورية الطبيعية، بلاد الشام، مع فرنسا. وكلفت العُصبة بريطانيا بتأسيس وطن قومي لليهود تنفيذاً لوعد بلفور، فأسست لهم دولة في فلسطين على حساب الحق والعدل والقانون، وعلى حساب شعب فلسطين الذي ما زال يعاني الأمرين من ذلك، ويُستهدَف من وحشية أكثر خلق الله شراً وإجراماً، ويُستَهدَف وجوده في وطنه التاريخي وحقه في الحرية والحياة.
وبعد أن مهد البابا وشيخ الأزهر لهذا الأمر، وأُقيم ما سُمي "بيت أَبناء إبراهيم" على أساس تقارب الأديان وتفاهم الأخوة، اختفى رجال الدين من المشهد، وظهر إلى العلن من كان وراءهم ووراء هذا المشروع من الساسة والسياسات والدول التي خططت لذلك ورسمت ما رسمت. واستلمت الحركة الصهيونية و"إسرائيل" والولايات الأمريكية المتحدة الأمريكية وشركاؤهما الملف لتحقيق الهدف الأساس من تلك الدعوة وذلك المشروع، وهو التطبيع مع كيان الإرهاب والعنصرية "إسرائيل"، والاعتراف بها، وتهميش قضية فلسطين والشعب الفلسطيني، والقفز فوق ذلك في تحلٍّ لدول عربية عن فلسطين وشعبها، وإضعاف الشعب الفلسطيني ليواجه "الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني"، والتنازل عن قومية قضية فلسطين ومركزيتها في النضال، وعن كونه في صلب الكفاح المركزي للأمة تحت ما كان باسم "الصراع العربي الصهيوني".
وبدأ وزراء خارجية الإدارات الأمريكية وشركاء الصهاينة والمتصهينين الأوروبيون، وموالوهم ومؤيدوهم، وبينهم عرب، الضغط لإجبار دول عربية على التطبيع مع ”إسرائيل“ والاعتراف بها في خطة ” صهيو - أميكيية - أوروبية“ لعزل الفلسطينيين عن أمتهم، والعدوان عليهم، وخذلانهم لإجبارهم على التسليم بكل ما تريده ”إسرائيل“، وتصفية قضية فلسطين لصالح الصهاينة، وتهجيرهم أو إبادتهم. وما زالت الإدارات الأمريكية وشركاؤها تعمل على تحقيق ذلك الهدف بكل الوسائل، وتفرضه وتشترطه لوقف مسلسل الإبادة المستمر ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وضده في الضفة الغربية والقدس بزحف العدوان وبلطجة ” المستوطنين“، ووحشية والجيش الإسرائيلي المجرد من الأخلاق. وأصبح على المطبعين العرب أن يعملوا على تحقيق أهداف المشروع راغبين أو مكرهين، مع الإدارات الأميركية وعلى رأسها إدارة الرئيس دونالد ترامب وشركاؤه الأوروبيون. ويفرض علينا الثنائي "نتنياهو ـ ترامب"، بَرْهَمَةِ العَصْر الهَجينة، بكل أشكال الحرب والمكر والغدر، والترغيب والترهيب، والتهديد والوعيد، والقَسْر والقَهر، وبإجرام ووحشية لا مثيل لهما.
وبإدعاء غرائبي عجائبي غَيْبَوِيّ تلمودي سخيف وغبي، يدعي هذا الثنائيٌّ أنه مكلف بمهمة تاريخية ورسالة روحية، وأنه مخلوق للقيام بمهمة إبادة بشرية لا مثيل لوحشيتها في التاريخ، لا ليفرض بَرْهَمَة العَصْر الهَجينة المفروضة بكل أشكال المكر والغدر والترغيب والترهيب، والتهديد والوعيد، والقَسْر والقَهر، وبتحقيق ما يُسمى بـ "إسرائيل الكبرى أو الكاملة“ على حساب ما تبقى من فلسطين والأردن وسورية ولبنان ومصر والعراق؟! والأغرب الأعجب في هذا أن تقرَّ ادعاءَهما وبلطجيّتَهما قوةٌ بشرية وعسكرية واقتصادية يمينية ـ دينية ـ متطرفة، يقودانها إلى حرب إبادة، وتفكيك أمة ذات تاريخ وحضارة، وتدمير دول وشعوب، ونشر فوضى في العالم، ولا معاناة الناس، وأن ذلك يكلف العالم أمنَه وسلامَه واستقراره، وتغييب قوانينه وأنظمته وعدالته وقيمه، وإفلاس سياساته ومؤسساته وعجزها عن فعل شيئ لوقف هذه الوحشية المفرطة التي تزحف بقوة السلاح، وبرامج الإبادة ، والـ "جينوسايد"، وخطط التصفية العرقية، وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي "المجرد من الأخلاق والقيم الإنسانية"، حيث ينفذ إبادة منهجية ضد شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، بقوة السلاح والتدمير والتقتيل والتجويع والتعطيش والإمْراض والتهجير والعدوان والاستيطان، ويضعف أمتنا العربية ويتدخل في شؤونها بهدف تمزيقها، ويعتدي على أقطار منها ويحتل أراض فيها، ويستهدف هو وشركاؤه دولنا وشعوبنا وهويتنا وديننا ووجودنا في وطننا وأرضنا.
وفي هذا المُناخ القاتل الطافح بالممارسات الوحشية التي نراها ونعيشها وندفع ثمنها الفادح، يصبح من الواجب علينا، ونحن نشهد ما نشهده من إجرام في هذا الزمن الرديئ، أن ندرك جيداً أنه لن يدفع هذا الزحف الوحشي عنا وعن أوطاننا وأجيالنا إلا قوة شاملة متكاملة، علمية وتقنية وأمنية وعسكرية واقتصادية، نملكها ونطورها، وأن يكون لنا موقف موحد ورؤية تجمعنا ووحدة صف، وأن نتمسك بهويتنا وأرضنا وقيمنا وديننا، وأن نَذكُر ونذكِّر بالآية الكريمة: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٦٧﴾ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّـهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٦٨﴾ وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿٦٩﴾ سورة آل عمران.
وأن نذكِّر بأن بيت إبراهيم هو ذاك الذي بناه مع ولده إسماعيل في مكة المكرمة: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿١٢٧﴾ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٨﴾ سورة البقرة.. وهو بيت قائم عامر زاخرٌ بالناس يومياً، يحج إليه ملايين المسلمين في كل عام، ويعتمر عشرات الآلاف منهم في كل يوم منذ 1447عاماً وسيدوم ذلك إلى يوم الدين. وبأن عرب الجاهلية إنما اتخذوا الأصنام زُلفى يتقربون بها إلى الله، رب إبراهيم أبيهم الحنيف المُسلم الذي اتبعوه فطرة ﴿.. مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ.. ﴾ سورة الحج ٧٨، وكانوا حنفاء زاغوا بعض الزيغ عن عقيدة أبيهم جهلاً واتباعاً وأخذاً بأصنام وأوثان تقرِّبهم إلى الله " زلفى"، وبقيت الحنيفية في أعماق أعماقهم.. فالتوحيد هو ملة إبراهيم والشرك هو ما حاربه الإسلام وأزاله، وقد قيل ما قيل في الشرك والمشركين.. ﴿ أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴿٣﴾ ـ سورة الزُّمَر.
والله سبحانه وتعالى هو المستعان على كل حال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء التطبيع احتلال تطبيع رأي بيت العائلة الابراهيمية قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإمارات العربیة المتحدة بیت العائلة الإبراهیمیة البابا فرانسیس أبناء إبراهیم دولة الإمارات علیه السلام إن المسیح یجوز لنا على حساب من نطفة الع ص ر فی هذا
إقرأ أيضاً:
الشيباني: سوريا تواجه اليوم تحديات لا تقل خطورة في مقدمتها تدخلات إسرائيل واعتداءاتها التي تهدد استقرار سوريا والمنطقة برمتها
2025-08-13najwaسابق الشيباني: سوريا تمر بوقت دقيق بعد سنوات الحرب التي أثرت على كل بيت في البلاد ولا يمكننا الحديث عن المستقبل دون الحديث عما جرى في عهد النظام البائد والدمار والمعاناة التي لحقت بملايين السوريين انظر ايضاًالشيباني: سوريا تمر بوقت دقيق بعد سنوات الحرب التي أثرت على كل بيت في البلاد ولا يمكننا الحديث عن المستقبل دون الحديث عما جرى في عهد النظام البائد والدمار والمعاناة التي لحقت بملايين السوريين
آخر الأخبار 2025-08-13الشيباني: سوريا تواجه اليوم تحديات لا تقل خطورة في مقدمتها تدخلات إسرائيل واعتداءاتها التي تهدد استقرار سوريا والمنطقة برمتها 2025-08-13الشيباني: سوريا تمر بوقت دقيق بعد سنوات الحرب التي أثرت على كل بيت في البلاد ولا يمكننا الحديث عن المستقبل دون الحديث عما جرى في عهد النظام البائد والدمار والمعاناة التي لحقت بملايين السوريين 2025-08-13فيدان: حريصون على إقامة علاقات إستراتيجية مع سوريا وندعو إلى دعم الدولة السورية في جهودها لبناء سوريا جديدة تحقق مصالح الشعب السوري بجميع أطيافه 2025-08-13فيدان: ندعم استقلال سوريا وسيادتها والحفاظ على وحدة أراضيها ونحن متفائلون بإيجاد حلول جذرية لجميع المشاكل التي تواجهها شرط عدم التدخل في شؤونها الداخلية وخاصة من قبل الذين يريدون نشر الفوضى 2025-08-13فيدان: هناك مساع إسرائيلية من أجل إضعاف سوريا وخلق أجواء من الفوضى فيها وهذا مرفوض وسيكون له تأثير على دول المنطقة بأكملها 2025-08-13فيدان: نعمل مع سوريا على وضع حلول للمشاكل التي تواجهها في هذه المرحلة بهدف القضاء على المؤامرات وتذليل العراقيل وتطوير جميع المجالات وفي مقدمتها الاقتصاد لخلق أجواء مناسبة لعودة اللاجئين 2025-08-13فيدان: علاقات سوريا مع دول المنطقة بما فيها تركيا حققت قفزات نوعية خلال الأشهر الماضية رغم وجود بعض المنزعجين من تنمية سوريا ومساعيهم لإثارة المؤامرات 2025-08-13بدء المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في العاصمة التركية أنقرة 2025-08-13تمديد تسجيل المقبولين في مفاضلات الدراسات العليا وملء شواغر الطب في الجامعات السورية حتى الـ 11 من أيلول 2025-08-13وزيرا الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات يلتقون وزير الخارجية التركي في مقر الخارجية بأنقرة
صور من سورية منوعات اكتشاف قطع أثرية تعود إلى 50 ألف عام في السعودية 2025-08-12 بطل الجرافة… شاب صيني ينقذ أكثر من 100 شخص من الفيضانات بجرافته 2025-08-12
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |