الجزيرة:
2025-08-16@11:36:14 GMT

الدفع الإلكتروني يخفض عمولة تجار السيولة في غزة

تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT

الدفع الإلكتروني يخفض عمولة تجار السيولة في غزة

غزة – عندما تتجول في أسواق قطاع غزة، هذه الأيام، لا تسمع أكثر من سؤال "هل لديك بيع على التطبيق؟" على ألسنة المتسوقين، في ظل أزمة سيولة نقدية حادة يعاني منها القطاع المحاصر منذ العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023.

يبحث غزيون أنهكهم الجوع عن منافذ للبيع تتيح الشراء باستخدام الدفع الإلكتروني من خلال التطبيق البنكي على أجهزة الهواتف المحمولة، لتجاوز أزمة السيولة النقدية، التي أغرت تجارا ليتعاملوا بالربا وليتقاضوا نسبا مبالغا فيها من أجل صرف النقد.

وبرزت هذه الأزمة مع الأسابيع الأولى للحرب بمنع الاحتلال إدخال السيولة النقدية للبنوك وأسواق القطاع، وأخذت منحى أشد خطورة، بما يمس تفاصيل الحياة اليومية لزهاء 2.3 مليون فلسطيني، إثر تشديد الاحتلال الحصار وإغلاق المعابر ومنع إدخال الإمدادات الإنسانية ومختلف أنواع السلع والبضائع في 2 مارس/آذار الماضي.

التطبيق البنكي

في سوق مستحدث بشارع النصر الرئيسي في مدينة غزة وقف بائع فوق طاولة حديدية يروج لبيع عبوات من زيت الطبخ والأرز بالدفع عبر التطبيق البنكي.

كان البائع ينادي على المارة والمتجولين بالسوق "خلي (احتفظ) السيولة بجيبتك وتعال ادفع على التطبيق"، وهذه طريقة ترويجية ناجعة لجذب الزبائن في أسواق غزة هذه الفترة الراهنة، إذ إن السيولة النقدية شحيحة، والأسعار مضاعفة وباهظة.

ويرفع تجار وباعة نسبة إضافية على أسعار السلع والبضائع التي يطرحونها للبيع عبر الدفع بالتطبيق البنكي تتراوح بين 10 إلى 30%، ورغم ذلك تلقى رواجا وإقبالا باعتبار هذه النسبة أقل من اللجوء لمن يسميهم الغزيون "تجار العمولة" للحصول على السيولة للشراء نقدا.

رغم شح المساعدات والبضائع التي سمح الاحتلال بدخولها فإنها ساعدت في تنشيط الحركة التجارية وخفض الأسعار (الجزيرة)

تقول النازحة الأربعينية أم أسامة يحيى، للجزيرة نت وهي تشكو من ارتفاع جنوني للأسعار في الأسواق ونسبة العمولة للحصول على السيولة النقدية، "إنهم يقاسموننا أموالنا وأرزاقنا".

إعلان

وتضيف "الشراء باستخدام التطبيق البنكي يخفف حاجتنا لتجار الدم والعمولة، لكنه لا ينهي معاناتنا تماما، بقدر خدمته للباعة والتجار برفعهم أسعار السلع والبضائع عند الدفع الإلكتروني".

وأم أسامة متزوجة من موظف حكومي يتقاضى راتبا شهريا 1500 شيكل (443.16 دولارا)، ولديهما أسرة مكونة من 9 أفراد، ويتآكل هذا المبلغ للنصف عند سحبه من تجار السيولة، الذين شغلوا الفراغ الذي أحدثه غياب الجهاز المصرفي التقليدي.

ورصدت الجزيرة نت خلال جولة في سوق شارع النصر أسعارا لا يقوى عليها أغلبية الغزيين ممن فتكت بهم الحرب وأفقدتهم مصادر رزقهم ومدخراتهم.

وتقارن أم أسامة بين أسعار السلع اليوم بما كانت عليه قبل اندلاع الحرب، وتشير إلى أبرز السلع التي تحتاجها الأسر:

عبوة زيت السيرج للطهي سعة 3 لترات كانت تتراوح بين 25 إلى 35 شيكلا (7.39 – 10.34 دولارات)، بينما تباع حاليا بـ105 شواكل (31.02 دولارا).  وارتفع سعر الطحين من 10 شواكل (2.95 دولار) للكيس بأكمله زنة 25 كيلوغراما إلى 20 شيكلا (5.91 دولارات) للكيلو الواحد. ارتفع سعر كيلو الأرز من 8 شواكل (2.36 دولار) إلى 38 شيكلا (11.23 دولارا)

وتنسحب هذه الأسعار غير المسبوقة على مختلف أنواع السلع والبضائع.

حرب اقتصادية

يقول الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر للجزيرة نت "إنها حرب اقتصادية إلى جانب الحرب العسكرية"، ويضع ذلك في سياق مخطط الاحتلال للتهجير، الذي لا يمكن أن يتحقق في ظل استقرار اقتصادي، ولذلك يعمد الاحتلال إلى خلق أزمات كثيرة مركبة ومتداخلة، للتضييق اقتصاديا على السكان عبر مشكلات السيولة النقدية والتجويع، ومنع إدخال الإمدادات الإنسانية والبضائع.

وحسب الخبير الاقتصادي، فإنه إضافة لفرضه قيودا مشددة على دخول السيولة النقدية إلى القطاع، يوظف الاحتلال عددا محدودا من التجار في غزة يعملون بأوامر مباشرة منه، لتحقيق مخططه، ويندرج في سياقه إخراج فئات من عملة الشيكل عن الخدمة، لتجفيف السيولة في الأسواق، وتدرجت الأزمة بإعدام الثقة بفئة الـ10 شواكل المعدنية، ورفض التداول بها، وقد اختفت تماما منذ بضعة شهور، وتقليص التعامل بفئة الـ20 شيكلا الورقية، وتقييد التداول بالفئات الورقية الأخرى المهترئة، ولا يتوفر لها بديل.

ويقدر أبو قمر أن ذلك تسبب في إخراج نحو 40% من السيولة النقدية المتوفرة في القطاع عن الخدمة، وهو ما وفر فرصة لتجار السيولة لرفع "نسبة العمولة" مقابل صرف رواتب الموظفين أو حوالات خارجية تأتي كمساعدات من أفراد أو هيئات.

ووصلت نسبة الحصول على السيولة لأكثر من 50% قبل أن تتراجع في الأيام الماضية لنحو 37%، إثر سماح الاحتلال بدخول مساعدات وبضائع، وإن كانت بكميات شحيحة، لتخفيف الضغوط الدولية التي أثارتها مشاهد المجاعة الحادة.

ويقول أبو قمر إن دخول مساعدات، وسماح الاحتلال لتجار غزة بدفع ثمن البضائع إلكترونيا، ساهم في رواج التعامل التجاري في الأسواق باستخدام التطبيق البنكي، وأدى إلى خفض الحاجة لتجار السيولة وبالتالي انخفاض نسبة العمولة.

فوائد ومعوقات

قبل اندلاع الحرب كان الدفع الإلكتروني نادرا في غزة، لكنه -حسب أبو قمر- بات اليوم "خيارا إجباريا"، ويقول إن الاحتلال حقق هدفين مهمين لحربه الاقتصادية، وبعدما استنزف جيوب المواطنين ومدخراتهم بأزمة السيولة وغلاء الأسعار، يسمح حاليا للتجار بالدفع الإلكتروني ليس لغاية التخفيف وإنما في سياق "الحصار المالي"، الذي يتيح له فرض رقابة صارمة على الحركة المالية في القطاع مهما كانت صغيرة أو كبيرة، وقطع الطريق أمام وصول أي أموال لفصائل المقاومة.

إعلان

وبتجاوز غايات الاحتلال، فإن الخبير الاقتصادي يعتبر التعامل التجاري بالدفع الإلكتروني أمرا إيجابيا، يخفف حدة أزمة السيولة، ويساهم في خفض الأسعار، خاصة إذا ما استمر تدفق البضائع التجارية للأسواق وقبول التجار الدفع عبر التطبيقات البنكية.

لكن ثمة معوقات وتحديات تعترض التوجه الأوسع نحو هذه الآلية، يجملها أبو قمر بـ:

عدم وجود بنية تحتية مناسبة تتضمن التوعية والثقافة المالية، وهي محدودة للغاية. عدم توفر الإنترنت والكهرباء في كثير من مناطق القطاع المدمرة. عدم تناسب هذه الآلية مع خدمات حيوية مثل المواصلات.

دلال أبو عاصي (29 عاما) امرأة مطلقة تعيل طفلين، لا تمتلك حسابا مصرفيا، أو هاتفا حديثا، وتقول للجزيرة نت "بسبب ذلك حرمت من تلقي مساعدات مالية من متبرعين".

تعيش أبو عاصي النازحة مع طفليها المريضين حياة بائسة في خيمة، ويقول أبو قمر إن حالتها مشابهة لكثير من الأسر التي لا تتوفر لديها مقومات استخدام التطبيق البنكي، أو ربما ليس لديها أي مصدر دخل أساسا، إذ ارتفعت معدلات الفقر والبطالة لمعدلات قياسية جراء تداعيات الحرب والحصار.

دلال أبو عاصي لا تمتلك حسابا بنكيا أسوة بكثير من الغزيين ما يعوق استخدامهم للدفع الإلكتروني عبر التطبيق البنكي (الجزيرة)

ويتفق المختص بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية رامي الزايغ مع أبو قمر على أن الدفع الإلكتروني يعتبر أحد الحلول المهمة والعملية للتغلب على أزمة السيولة النقدية الشحيحة، وكذلك على أزمة مرتبطة بها متعلقة باهتراء العملة الورقية، ورفض الباعة والتجار التداول بها.

ويقول الزايغ للجزيرة نت إن تدمير الاحتلال فروع البنوك الموجودة في القطاع، وخروج فروع أخرى عن الخدمة بفعل الحصار، وعدم سماح الاحتلال بإدخال النقد يمثل مع أزمتي الكهرباء والإنترنت عقبات تحول دون انتشار أوسع لثقافة التعامل التجاري بالدفع من خلال التطبيق البنكي.

ويمكن لسلطة النقد الفلسطينية (بمثابة البنك المركزي) أن تلعب دورا مهما في معالجة أزمة السيولة النقدية، بصفتها الإطار الناظم للسياسات النقدية، وذلك من خلال القيام بدورها حسب القانون الفلسطيني، والعمل على تشجيع الدفع الإلكتروني، عبر التعاون مع الجهات ذات العلاقة، كالبلديات والغرف التجارية في تنظيم العملية النقدية والمالية في القطاع، وتسهيل فتح حسابات أو محافظ بنكية، وتسريع الشمول المالي للمواطنين، بالإضافة إلى تخفيف القيود على الإجراءات والعمليات النقدية في القطاع، حسب الزايغ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الدفع الإلکترونی السیولة النقدیة التطبیق البنکی السلع والبضائع أزمة السیولة للجزیرة نت فی القطاع أبو قمر

إقرأ أيضاً:

غزة في قبضة اقتصاد الظل: أزمة السيولة تفتك بالمواطنين وسط حرب مالية صامتة

وصلت نسبة العمولة على عمليات السحب النقدي في الأيام الأخيرة إلى نحو 52% من إجمالي المبلغ، في ارتفاع غير مسبوق أثار موجة استياء واسعة، بحسب مصادر محلية وشهادات عدد من المستخدمين. اعلان

تتعمّق الأزمة المالية في قطاع غزة في ظل شحّ السيولة النقدية وغياب أي أفق لحلول قريبة، مع مرور أكثر من 21 شهرًا على القتال.

ومنذ الأيام الأولى للحرب، وجد سكان غزة أنفسهم أمام أزمة نقدية خانقة بعد الإغلاق الكامل للمصارف ومنع السلطات الإسرائيلية إدخال الأموال إلى القطاع. وقد تفاقمت الأزمة مع اعتماد الآلاف على التطبيقات البنكية لإجراء المعاملات المالية، التي تفرض عمولات مرتفعة تستنزف دخلهم المحدود.

وبحسب مصادر محلية وشهادات عدد من المستخدمين، وصلت نسبة العمولة على عمليات السحب النقدي في الأيام الأخيرة إلى نحو 52% من إجمالي المبلغ، في ارتفاع غير مسبوق أثار موجة استياء واسعة.

ويأتي هذا التطور في وقت تشير فيه تقارير اقتصادية إلى تراجع حاد في حركة البيع والشراء، نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطنين واحتكار بعض التجار للسيولة النقدية لتحقيق مكاسب إضافية.

وتحذّر جهات اقتصادية من استمرار هذا الوضع، خاصة في ظل غياب أي تدخلات تنظيمية، ما يُنذر بتفاقم الأعباء المعيشية على السكان، في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية التي شهدتها غزة في تاريخها الحديث.

إسرائيل تمنع إدخال النقد: الأسباب الجذرية لأزمة السيولة في غزة

يشير خبراء اقتصاديون إلى أن السبب الرئيسي لأزمة السيولة المتفاقمة في قطاع غزة يعود إلى الرفض الإسرائيلي المستمر منذ نحو عامين لإدخال كميات جديدة من النقد، ما أدى إلى تآكل الكتلة النقدية المتداولة محليًا، وزيادة الاعتماد على السوق السوداء بعد الإغلاق شبه الكامل للبنوك نتيجة الحرب المستمرة على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

فلسطينيون يصطفون للحصول على وجبة مجانية في رفح، قطاع غزة، في 12 مارس 2024 Fatima Shbair/ AP

وفي ظل غياب أي إجراءات تنظيمية من الجهات المالية الرسمية، تتصاعد شكاوى المواطنين من صعوبة إجراء المعاملات اليومية، لا سيما مع رفض الباعة لبعض الفئات النقدية الورقية، مثل ورقة العشرين شيكل، حتى وإن كانت سليمة وغير تالفة.

Related بارقة أمل للعائلات المكتظة بالخيام.. شاحنة مياه تصل غزة وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانيةنتنياهو ينكر مجددًا وجود مجاعة في غزة.. وحماس تدعو إلى "مسيرات غضب"

التحويلات الخارجية في غزة: خسائر تتجاوز ثلثي القيمة وسط غياب القنوات الرسمية

مع صعوبة استقبال الأموال من الخارج عبر القنوات الرسمية، يضطر كثيرون إلى اللجوء لطرق غير مباشرة تتسبب لهم في خسائر كبيرة. فعند إرسال مبلغ 1000 دولار عبر التطبيقات البنكية، يمر المال بمراحل متعددة من الخصم والتحويل غير الرسمي، حتى يصل للمستلم جزء ضئيل فقط.

تبدأ الرحلة بخصم وسيط التحويل، الذي يتقاضى عمولة لا تقل عن 10%، ليصل المبلغ إلى الحساب البنكي بمقدار 900 دولار فقط. لكن المعاناة لا تنتهي هنا، فإذا أراد المستلم صرف المبلغ نقدًا، يواجه عقبة السوق السوداء، حيث يخسر نصف المبلغ تقريبًا ليصل إلى 450 دولارًا. ثم تأتي الضربة الأخيرة عند تحويل الدولار إلى الشيكل، إذ يُصرف المبلغ بأسعار مجحفة (100 دولار = 200 شيقل)، في حين أن قيمته الحقيقية تبلغ 350 شيقل. النتيجة النهائية؟ مبلغ 1000 دولار الأصلي يتحول إلى 900 شيقل فقط، أي أن المستلم خسر أكثر من 70% من قيمته الحقيقية قبل أن تصل الأموال إلى يده.

تكشف هذه الحسابات حجم المعاناة التي يعيشها المواطنون في ظل غياب قنوات تحويل آمنة وعادلة، مما يجعلهم عرضة لاستنزاف مدخراتهم عبر وسطاء يتقاضون عمولات باهظة.

كيف يتحوّل العجز النقدي إلى مكسب للسوق السوداء؟

كانت الأزمة النقدية في القطاع بيئة خصبة لظهور ما يُعرف محليًا بـ"تجار العمولة"، الذين يحوّلون الحاجة إلى تجارة مربحة على حساب حقوق المواطنين. ومع غياب الرقابة واحتكار فئة محددة للسيولة، ارتفعت عمولات التحويل والسحب النقدي إلى مستويات غير مسبوقة، تجاوزت في بعض الحالات حاجز 53%.

محمد أبو الروس، من مدينة دير البلح، يصف بدايات الأزمة مع اندلاع الحرب بقوله: "مع إغلاق البنوك، بدأت السيولة تتلاشى، وظهر تجار العمولة الذين صاروا يقتسمون معنا رواتبنا ومساعداتنا المالية. العمولة بدأت بـ15% ثم ارتفعت تدريجيًا حتى بلغت 53% اليوم، وهذا يعني أنني أخسر أكثر من نصف ما أملك قبل أن يصلني".

أما محمود عليوة، من مدينة غزة، فيربط الأزمة بسلسلة الأزمات المتراكمة التي يعاني منها السكان: "نحن نعيش تحت القصف، والنزوح، والمجاعة، والآن نواجه أزمة جديدة هي نقص السيولة. إذا كان راتبي 300 دولار، فأنا مجبر على دفع نصفه فقط لأتمكن من سحب النصف الآخر. هذه كارثة، فالتاجر يشاركني تعب أيامي وقوت أطفالي دون أي حق".

ويضيف عليوة أن الحل الوحيد يتمثل في إنهاء الحرب وعودة البنوك للعمل، بما ينهي هيمنة السوق السوداء على حركة الأموال.

من جهته، يصف الصحافي يحيى خضر هذه الظاهرة بأنها إحدى أخطر تداعيات الأزمة الاقتصادية، قائلاً: "لو أردت سحب 1000 شيكل من أحد التطبيقات البنكية، فلن أحصل فعليًا سوى على أقل من 450 شيكل. هذه النسبة الربوية غير المعلنة كانت قبل الحرب لا تتجاوز 2%، والآن صارت أكثر من 50% في ظل غياب الرقابة وتحوّل السيولة إلى سلعة نادرة في يد بعض التجار". ويؤكد خضر أن هذه الظاهرة أدت إلى انهيار القدرة الشرائية وزيادة الأعباء على المواطنين، ما يدفع كثيرين إلى العجز عن تلبية احتياجاتهم الأساسية.

أميرة الجوجو، إلى اليسار، تقف بجانب ابنها يوسف الجوجو البالغ من العمر 10 أشهر، والذي يعاني من سوء التغذية في مستشفى شهداء الأقصى، وسط قطاع غزة في 1 يونيو 2024 Jehad Alshrafi/AP

وعن تبعات الأزمة على الجانب الإنساني، تقول مريم سلامة، وهي من سكان غزة، إنها تواجه صعوبة في شراء أدوية وحقن وريدية: "كنت بحاجة إلى 300 شيكل لشراء العلاج، لكن بعد الخصومات لم يصلني سوى 150 شيكل. وفوق ذلك، رفض الصيدلي التعامل مع العملة الورقية التي لديّ لأنها ممزقة، فاضطررت إلى سحب مبلغ إضافي للحصول على عملة بحالة أفضل".

Related إصلاح العملات" مهنةٌ طارئة في غزة لمواجهة شحّ السيولةنقص السيولة يجبر سكان غزة على دفع أثمان باهظة للحصول على أموالهم

وتتابع مريم بمرارة: "حتى عندما حاولت شراء القليل من السكر بعد حصولي على الدواء، قدمت للبائع ورقة نقدية من فئة 20 شيكل، فرفضها بحجة أنها تالفة. وإن أردت الشراء عبر التطبيقات، فأنا أدفع أضعاف سعر السلعة، وكل ذلك نتيجة الحرب وانهيار النظام المالي في القطاع".

تجار العمولة "ينهبون" نصف مدخرات المواطنين وسط غياب الرقابة

من جهته، يصف الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر الوضع بأنه "قرصنة مالية ممنهجة"، مشيرًا إلى أن الأزمة تجاوزت مرحلة الغلاء ونقص السلع لتصبح "استنزافًا منظمًا للقوة الشرائية". ويوضح أن "100 شيكل فقدت نصف قيمتها الفعلية بسبب هذه الممارسات، حيث لا يحصل المواطن إلا على 50 شيكلاً فعليًا بعد الخصم".

وتكشف المعطيات الميدانية عن مشهد مأساوي يعيشه المواطنون، الذين يضطرون لدفع نصف رواتبهم أو تحويلاتهم كعمولة لمجرد الحصول على سيولة نقدية. هذه الأزمة تتفاقم يوميًا مع استمرار غياب الحلول المؤسسية، مما يهدد بانهيار اقتصادي واجتماعي في القطاع المحاصر.

ويطالب خبراء اقتصاديون بتحرك عاجل من سلطة النقد الفلسطينية لضخ سيولة نقدية، ووضع ضوابط صارمة لعمليات الصرف، وإنهاء احتكار تجار العمولة للسوق. كما يحذرون من أن استمرار هذا الوضع ينذر بموجة جديدة من التدهور المعيشي قد تكون أكثر خطورة من تداعيات الحرب ذاتها.

في ظل هذا الواقع، يبقى المواطن الغزي الضحية الأكبر، حيث تحولت أبسط حقوقه في الوصول إلى أمواله إلى معاناة يومية تزيد من أعباء الحياة في القطاع، الذي يعاني أصلاً من ويلات الحرب والحصار.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • سلطة النقد تتحدث عن إجراءاتها لمحاربة تجّار استغلوا نقص السيولة بغزة
  • الحرس البلدي يبدأ جولات للتأكد من تطبيق الدفع الإلكتروني في مختلف القطاعات
  • بزعم تحديث البيانات.. التحقيق مع متهم استولى علي بيانات الدفع الإلكتروني للمواطنين
  • 20 % .. التعليم تعلن موعد التطبيق الفعلي لأعمال السنة بالصف الثالث الإعدادي
  • قنا تدرس تشغيل أتوبيسات شركة النصر لتعزيز السيولة المرورية
  • غزة في قبضة اقتصاد الظل: أزمة السيولة تفتك بالمواطنين وسط حرب مالية صامتة
  • 3%.. «البركة مصر» يخفض رسوم تدبير العملة للمعاملات الخارجية بعد تعديل المركزي
  • اعتباراً من الغد.. بنك QNB مصر يخفض رسوم تدبير العملة الأجنبية لـ2%
  • بنك مصر يضاعف حد بيع الدولار للمسافرين ويخفض عمولة البطاقات الائتمانية إلى 3%