ليس هنالك من منطق سياسي أو عسكري، أو من واقعية تحترم موازين القوى، أن تتفق عدّة دول غربية وحتى عربية، على ربط وقف الحرب الإبادية الإجرامية في قطاع غزة، بتجريد حركة حماس والفصائل الأخرى من السلاح، ثم إجراء ترتيبات “لليوم التالي” لوقف الحرب، على قياس بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب.
كان من الممكن أن تُفهم هذه المواقف، لو أن الجيش الصهيوني قضى على قوات المقاومة، واحتلّ قطاع غزة، وأذلّ الشعب الذي لم يخضع للقتل الجماعي والتجويع والحرمان من الدواء والماء.
والأنكى، أن الذين يفاوضونه ليوقفوا الحرب ويطلقوا الأسرى، هو وفد من حماس (باسم فصائل المقاومة والشعب)، ما يجعل اشتراط تجريد حماس من السلاح، وفرض اتفاق بناء على قياس نتنياهو المجرم الفاشل المهزوم، خارج كل معقول سياسي، إن لم يكن ستاراً لمواصلة جريمة حرب الإبادة والتجويع.
إن حجّة نتنياهو، ومن ورائه ترامب، في تجريد حماس من السلاح، هو الخوف من أن تتكرّر عملية طوفان الأقصى، وهي عملية من قِبَل شعب تحت الاحتلال، وقد اغتصب وطنه منذ العام 1948.
لا حاجة إلى إضافة دحض آخر لهذه الحجّة، ذلك كون الأحداث الكبرى في التاريخ لا تتكرّر مرتين، بمكانها وشخوصها وظروفها، وإذا كانت ستتكرّر، أو لا بدّ من أن تتكرّر، فستأتي من معادلة أخرى، مكاناً وزماناً، ورجالاً وموازين قوى. ولهذا، فإن تشديد التخويف من عملية طوفان أقصى أخرى يُراد منه مواصلة القتل الجماعي والحرب لذاتهما.
لهذا، فإن كل من يربط وقف الحرب في غزة بشرط نزع سلاح حماس والمقاومة، لا يريد وقف الحرب، أو يخطئ في تبني الموقف الذي يوقف الحرب؛ لأن هذا الشرط ظالم لأغلب أبناء قطاع غزة، وغير واقعي، ويجب التخلي عنه، إذ من غير المعقول من جهة أخرى أن يترك قطاع غزة مجرداً من سلاح المقاومة، فيما تصريحات نتنياهو، وحليفيه بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، تعلن جهاراً نهاراً عن احتلال القطاع، واستكمال المجازر، والمضيّ إلى ترحيل من يتبقى من سكانه المليونين والمائتي ألف. طبعاً، لا أحد يستطيع أن يتحدث عن ضمانات تحول دون ذلك، وأمامنا تجربة حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة.
تبقى نقطة يجب أن ينتبه لها البعض، من مثقفين فلسطينيين وعرب، وهي اعتبارهم لعملية طوفان الأقصى بأنها مغامرة، لم تحسب موازين القوى جيداً. فهؤلاء ينكرون حقيقة دامغة لحجتهم؛ وهي ما ثبت من إعداد مسبق من قِبَل قيادة المقاومة، لخوض حرب بريّة ضد جيش العدّو، دامت بنجاح عسكري حاسم طوال 22 شهراً، وما زالت مستعدة لأشهر قادمة. وثبت أن الجيش الصهيوني ما كان بمقدوره أن يستمر بالحرب لبضعة أشهر، دون إمداد عسكري أمريكي يومي، لا سيما بالقذائف والذخائر.
أما حرب الإبادة البشرية، التي وُجِّهت للمدنيين، كما حدث في حرب غزة، فلا يُلام قادة طوفان الأقصى على عدم توقعها. وهي حرب محرّمة، بناء على القانون الدولي والعرف العسكري، ولم يسبق أن مورست كما مورست في غزة، في أيّ حربٍ فلسطينية، أو في العالم، منذ قرنين على الأقل. فاللوم فيها، يجب أن يصبّ على تجريم مرتكبها، وعلى من لم يوقفها من يومها الأول.
*كاتب فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عباس يكرر رؤيته لمستقبل قطاع غزة.. نزع سلاح المقاومة
جدد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الخميس، تأكيد رؤيته بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتسلم حكومته مسؤولياتها في القطاع، وتسليم الفصائل الفلسطينية سلاحها.
جاء ذلك خلال لقائه هيساشي ماتسوموتو نائب وزير الخارجية الياباني، في مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله، وفق وكالة الأنباء الرسمية "وفا".
وشدد عباس على ضرورة "تولّي دولة فلسطين مسؤولياتها المدنية والأمنية كاملة في قطاع غزة".
كما أكد "تسليم الفصائل الفلسطينية جميعها سلاحها للسلطة الفلسطينية تحت مبدأ نظام واحد وقانون واحد وسلاح شرعي واحد"، وفق ما نقلت عنه الوكالة.
وجدد عباس تأكيد أنه "لا يريد دولة مسلحة، مع ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وبدء عملية الإعمار والذهاب لانتخابات عامة خلال عام واحد".
ورحّب عباس بالوفد الياباني برئاسة نائب وزير الخارجية، وحمّله تحياته للإمبراطور ناروهيتو، ورئيس الوزراء فوميو كيشيدا.
وأشاد عباس بـ"مواقف اليابان الملتزمة بالسلام وحل الدولتين، وبوقف الحرب في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية وتسليم الرهائن، ورفض الاستيطان وعنف المستوطنين"، وقال إنها "تعكس إيمان اليابان بالسلام" وفق "وفا".
كما أشاد بالمساعدات الإنسانية التي تقدمها اليابان للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ودعم وكالة الأونروا الأممية، والدعم المقدم لبناء مؤسسات دولة فلسطين ولاقتصادها.
وذكرت "وفا" أن عباس "أكد على الموقف الفلسطيني بضرورة تحقيق الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، والإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية لوقف حرب التجويع، والإفراج عن الإسرائيليين (الإسرائيليين) والأسرى (الفلسطينيين)".
ومنذ 2 آذار/ مارس الماضي، يغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، مع السماح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين الفلسطينيين.
وعن ضحايا التجويع المتعمّد، أفادت وزارة الصحة بغزة، الخميس، أن "مستشفيات قطاع غزة سجلت خلال الساعات 24 الماضية، 4 حالات وفاة، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 239 حالة وفاة، من ضمنهم 106 طفلا".