في زمنٍ تتقاطع فيه الأزمات، وتتداخل المصالح، وتختلط الحقائق بالأكاذيب، يجد القادة في الوطن العربي والعالم أنفسهم أمام مسؤولية تاريخية غير مسبوقة.
العالم اليوم لم يعد ساحة تحكمها قواعد واضحة أو منطق بسيط؛ بل صار أقرب إلى رقعة شطرنج تتحرك بيادقها من جهات متعددة، وبوتيرة متسارعة تجعل التنبؤ واستشراف المستقبل مغامرة محفوفة بالمخاطر.
التقنيات تقفز بنا سنوات إلى الأمام، لكن القيم والأخلاق تتراجع بخطوات مقلقة إلى الخلف.
السياسة تحوّلت إلى سباق محموم على النفوذ، والاقتصاد إلى ساحة صراع شرس بين القوى الكبرى، فيما تبقى الشعوب – دائمًا – هي من يدفع الثمن.
في قلب هذا المشهد المعقّد، يقف الملك – أي ملكٍ يحمل همّ شعبه او رئيس دولة – أمام مسؤولية تتجاوز حدود إدارة الدولة، لتصبح مهمة الدفاع عن الوطن، وصون كرامة المواطن، والحفاظ على تماسك المجتمع وسط عواصف الفوضى العالمية.
ولهذا نقول: الله يعين بعون الملك، فالمهمة لم تعد تقليدية، ولا الظروف عادية.
اليوم، القائد لا يواجه ملفات داخلية فقط، بل يتعامل مع خريطة دولية مضطربة، تتبدل تحالفاتها وتُعاد صياغة قواعدها في لحظات.
وفي خضم هذا الزخم، يبقى الأمل معقودًا على حكمة القيادة، وعلى وعي الشعوب بأن الأزمات لا تُواجه إلا بتكاتف الصفوف ووحدة الكلمة.
وفي مشهد دولي لافت، يأتي لقاء الرئيس الأمريكي بالرئيس الروسي ليعكس طبيعة المرحلة: تفاوضٌ في العلن، صراعٌ في الكواليس، ومصالح متشابكة لا يعرف مآلها أحد.
لقاء كهذا لا يُقرأ من زاوية السياسة فحسب، بل من زاوية تأثيره العميق على موازين القوى العالمية، وعلى مستقبل العلاقات الدولية، وعلى أمن واستقرار الشعوب.
في عالمٍ يمضي على حافة الجنون، لا دواء له إلا عقلٌ راجح، وقلبٌ مخلص، وعزيمةٌ لا تلين.
وإذا كانت الشعوب تتكئ على قادتها في المحن، فإن القادة يستمدون قوتهم من دعاء شعوبهم ووفائهم.
الله يعين بعون الملك… عبد الله، أبو الحسين… وأنا، كمواطن بسيط، لا أملك إلا أن أقول: الله يعنيك ويحفظك.
صالح سليم الحموري * مستشار التدريب والتطوير / كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية – وكالة عمون الإخبارية
إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
“تحول مذهل”.. أردوغان يعيد صياغة موقفه من الحزب الكردي!
أنقرة (زمان التركية) – في غضون عامين، عدل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفه من الساسة الأكراد بشكل كبير؛ فقد كان يصرح قبل انتخابات 2023 بأن “حزب الشعوب الديمقراطي يساوي حزب العمال الكردستاني”، متهماً إياه بأنه “ممثل المنظمة الإرهابية في البرلمان”، ومتهماً أحزاب المعارضة بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني.
وفي 12 أبريل و22 مايو 2023، وخلال ظهوره على قناتي TRT وCNN Türk، أكد أردوغان أن “حزب الشعوب الديمقراطي هو حزب العمال الكردستاني”، مشيراً إلى أن الأخير يمثل الشريك السابع في تحالف الأمة السداسي.
لكن اليوم، وبعد عامين، تغيرت الرؤية تماماً. فقد أعلن أردوغان عن مبادرة جديدة تجمع حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية مع حزب المساواة الشعبية والديمقراطية، الذي حل محل حزب الشعوب الديمقراطي، الذي رفعت الحكومة دعوى بحله.
وقال أردوغان: “قررنا نحن، حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وحزب الديمقراطية، أن نسير معاً في هذا الطريق كثلاثي. سنحتضن بعضنا ونتحدث، وسنمضي بخطى ثابتة نحو بعضنا البعض”.
فيما يتعلق بمسألة عبد الله أوجلان وصلاح الدين دميرطاش، كان أردوغان قد رفض فكرة إطلاق سراحهما بشكل قاطع في 12 أبريل 2023، خلال بث مشترك على قناتي دي وCNN Türk، قائلاً: “هذا مستحيل. المعارضة الرئيسية تتحدث عن حرية الزعيم الإرهابي وصلاح الدين دميرطاش، لكن هذا لا يوجد في تصورنا. تقتلون هذا العدد الكبير من الناس وتسفكون الدماء، ثم تسمون ذلك حرية”.
بعد عامين، ظهرت ملامح هذا التحول بوضوح في حفل استقبال أقيم في قاعة الاحتفالات بعد افتتاح البرلمان التركي في الأول من أكتوبر، حيث شوهد أردوغان وأعضاء حزب المساواة الشعبية والديمقراطية معاً، في خطوة تعكس تغييراً جذرياً في الخطاب والتوجه السياسي.
Tags: أردوغانأكرادالشعوب الديمقراطيالعدالة والتنميةتركيا