علي جمعة يوضح أهمية الأخلاق في بناء الأمم والحضارات
تاريخ النشر: 30th, August 2025 GMT
كشف الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن أهمية الأخلاق في بناء الأمم والحضارات.
وقال عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، إن علماء اليوم يُركِّزون على دور الدين كمصدرٍ للقيم الإنسانية، والحضارة الإسلامية حضارة قامت على الأخلاق الفاضلة التي تؤلِّف بين عناصر المجتمع وتكفل مصلحة الجميع.
أولويات التربية
واضاف: كذلك فالأخلاق تُعد من أولويات التربية لدى الدول على اختلاف أديانها وثقافاتها للحفاظ على هويتها، فالأخلاق هي التي تُشكِّل هوية الأمم، والانحطاط الخُلُقي وانتهاج المجتمع نهجًا لا أخلاقيًّا يؤدي إلى انهيارها وفساد حضارتها. يقول غوستاف لوبون: "ونحن إذا بحثنا في الأسباب التي أدت بالتتابع إلى انهيار الأمم وجدنا أن العامل الأساسي في سقوطها هو تغيُّر مزاجها النفسي تغيُّرًا نشأ عنه انحطاط أخلاقها، ولستُ أرى أمةً واحدةً زالت بفعل انحطاط ذكائها". فهو يرى أن الحفاظ على البناء الأخلاقي هو الذي يحافظ على بقاء الحضارات؛ لأن سبب انهيارها هو إهمالها لتنمية التربية الأخلاقية بين أفرادها.
واشار الى أن حاجة المجتمعات الحديثة للاهتمام بالقيم الحيَّة الأخلاقية شديدة؛ لأن الوجود الإنساني على الأرض لا يحتمل أي عبث أو تلاعب؛ فالإنسان المعاصر صار يمتلك من الأدوات والوسائل ما إن أُسيء استخدامها أو تسلَّط عليها أشخاصٌ ساديون وعدوانيون سوف يُدمِّرون أنفسهم وأوطانهم كما يُدمِّرون العالم بأسره.
ونوه أن تربية الشعوب والأفراد وكذلك تربية السياسات الدولية والقادة والحكام على مبادئ أخلاقية عالية، من شأنه تحقيق السلام والتعايش واحترام الآخر، وتجريم الاعتداء وسفك الدماء، وهذه أمور تحقق الخير للإنسان بعامَّة. ولا شك أن المسلمين أول من يتبنَّى مثل هذه الدعوة الأخلاقية ويتحمَّس لإقامتها؛ لأن الدين الإسلامي من قبلُ أقام بناء هذه الأخلاق وحضَّ على وجودها وتنميتها وتربية الناس عليها.
العولمة
ولفت الى أن العولمة أو من يعملون في خدمة أفكارها ومبادئها يسعون لنشر برنامجٍ ثقافي تربوي موحَّد لمفاهيم أخلاقية ارتضَوها بين البشر على اختلاف أصولهم وحضاراتهم وأديانهم. وفكرة توحيد المفاهيم الأخلاقية والدعوة إلى امتثالها من أجل تحقيق روح التعايش والتفاهم بين الحضارات لهي أمرٌ حميد إن كانت تلك المفاهيم سيلتزم بها الجميع، ولا تكون مجرد قوالب ثقافية أرادت الحضارة الأقوى فرضها على الأضعف، وليس من ملزمٍ لها أن تُطبِّق تلك المفاهيم الأخلاقية في حياتها وفي سلوكياتها مع الآخرين، فيكون غرضهم من هذه القولبة تحقيق مصلحة الأقوى وإخضاع جميع الشعوب لفلسفته وفكره، ولا تكون دعوتهم خالصةً لنشر روح التعاون والتسامح والسلام بين البشر؛ ويكون تقديسهم للسلام أو التسامح حينئذ مرتبطًا بتحقيق مصالحهم وأهدافهم.
وشدد على انه لا بد من التأكيد على مسألة تعميم الالتزام بالقيم الأخلاقية بين مختلف الجنسيات والعرقيات والحضارات، بما يتيح لكل منها قدرًا من الحفاظ على الأصالة الذاتية والتميز الحضاري والهوية القومية والدينية التي لا تتعارض أبدًا مع إقامة أي سلام أو تعايش حضاري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإيمان السلوك البشري الأخلاق أولويات التربية
إقرأ أيضاً:
علي جمعة ينعى الدكتور أحمد عمر هاشم: بموته تنطفئ مصابيح كانت تُهدي الناس
نعى الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم الذي وافته المنية فجر اليوم، عن عمر ناهز الـ 84 عامًا، عقب دخوله في غيبوبة نقل على إثرها لأحد المستشفيات الخاصة.
وقال جمعة: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، بقلوبٍ مؤمنةٍ بقضاءِ الله وقدره، ونفوسٍ يعتصرها الأسى، ننعى إلى الأمّةِ المصريّة والعالم الإسلامي، رحيلَ العلّامة الأزهري الكبير، الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم – عضو هيئة كبار العلماء، وأستاذ الحديث وعلومه، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق – الذي لقي ربَّه فجرَ الثلاثاء 7 أكتوبر 2025، وتُشيَّع جنازته من الجامع الأزهر، ويُوارى الثرى في الساحة الهاشمية بقريته بني عامر بالزقازيق، ويُقام العزاء هناك، ثم في القاهرة.
وأضاف: لقد كان فقيدُ الأمة علمًا من أعلامها، وضياءً يبدد ظلمات الجهل والغلو، وسراجًا يضيء دروب الهدى والمعرفة، رحل العالمُ العامل، والمحدّث الرباني، الذي عاش للحديث النبوي خادمًا ومُبَيِّنًا وناشرًا، وجعل عمره كله وقفًا على الدعوة والتعليم وخدمة الدين.
وتابع: ليس موتُ العالِم كغيره من الفقد، بل هو كما جاء في الأثر "ثُلْمَةٌ في الإسلام لا يسدّها شيء"، فبموته تنطفئ مصابيح كانت تُهدي الناس سواء السبيل، وتنقضي أنفاس طيبة كانت تذكّر بالله وتجمع القلوب على رحمته.
قال النبي ﷺ: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جُهّالًا، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا».
وأكد مفتي الديار المصرية الأسبق، أن رحيل الدكتور أحمد عمر هاشم هو فقدُ علمٍ غزيرٍ، وخلقٍ كريمٍ، وجهادٍ علميٍّ طويلٍ امتد عقودًا في ميادين التعليم والدعوة وخدمة القرآن والسنّة.
واستكمل: من عرفه علم أنه من أولئك الذين يجمعون بين وقار العالم وتواضع الوليّ، وبين هيبة العلم ودماثة الخلق. كان متواضعًا لا يردّ سائلًا، لطيفًا في نصحه، حسنَ البِشْرِ، بليغَ البيان، يجري على لسانه القرآن والحديث، فتأنس به المجالس وتطمئن إليه القلوب.
وتقدم جمعة، بخالص العزاء إلى مقام الأزهر الشريف وإمامه وأهلِه، وإلى أسرة الفقيد الكريمة، وإلى طلابه ومحبيه في مصر وسائر بلاد المسلمين.