31 غشت، 2025
بغداد/المسلة:
أسامة السهلاني
الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يختلف عليها اثنان، وهو اليقين الذي يواجهه كل إنسان مهما اختلفت أقداره وأحلامه، لكنه في الوقت نفسه اللغز الأكبر الذي لا يتوقف العقل عن التفكير فيه. ومن هنا ينشأ السؤال: هل نحن مُدرّبون على الموت؟
منذ لحظة ولادتنا، نحن نسير في طريق ينتهي إلى النهاية الحتمية.
*أولها*. عبر التجارب اليومية:
كل فقدٍ نعيشه وكل وداعٍ وكل خسارةٍ، هي تمرين صغير على فكرة الفناء، حين نفقد عزيزاً أو نشهد رحيل صديق، نقترب خطوة من وعي النهاية، كأن الحياة تُعطينا دروساً متدرجة كي لا نتفاجأ باللحظة الأخيرة.
*ثانيها*. عبر الذاكرة والزمن:
التجاعيد التي ترتسم على وجوهنا تضعف الجسد بمرور السنين وتغيّر ملامح من حولنا… فكلها إشارات صامتة تقول إننا نتحرك نحو الغياب فالزمن نفسه هو أصدق مدرّب على الموت لأنه يجعلنا نلمس هشاشتنا في كل يوم يمضي.
*ثالثها*. عبر الإيمان والفكر:
الإنسان بفطرته يخلق لنفسه معنى يتجاوز الموت. فأن الدين والفلسفة والشعر جميعها محاولات لترويض فكرة الفناء لتجعل الموت انتقالاً لا انقطاعاً، رحلةً لا جداراً. هنا يتجلى التدريب الأعمق: أن نعيش وكأن الموت ليس عدواً، بل بوابة عبور.
*رابعها*. عبر المحبة والعطاء:
كل فعل خير وكل أثر نتركه وكل حب نزرعه في القلوب، هو استعداد للموت أيضاً لأن الإنسان حين يوقن أنه راحل، يبحث عن شيءٍ يبقى بعده كأنه يدرّب نفسه على قبول النهاية بسلامٍ مقابل بداية أخرى في ذاكرة من أحبوه.
⸻
*الخلاصة*
الإنسان ليس مُدرّباً على الموت بالمعنى المباشر لكنه يتهيأ له من حيث لا يشعر. كل يومٍ نعيشه هو تمرين على الوداع وكل ذكرى جميلة نحملها هي استعدادٌ لترك الحياة بلا خوف.
التدريب الحقيقي على الموت ليس في إنكار الفناء بل في أن نعيش حياة تستحق أن تُختم كحياة مليئة بالصدق والعطاء. عندها فقط يصبح الموت امتداداً طبيعياً للحياة لا نهايتها المفجعة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: على الموت
إقرأ أيضاً:
الموت الإسفيري!
* لم يعد سريان الشائعات التي ينسج خيوطها أصحاب القلوب المريضة خبرًا، ولكن الخبر أن تطرق (شائعة الوفاة) أذن صاحبها؛ فيصبح في حيرة من أمره، والاتصالات تنهال على هاتفه من كل بقاع الأرض، ومجرد سماع صوته يُطمِئن المُهاتِفين بأنه- وبحمد الله- لا يزال (حيًا يرزق).
* فنانة معروفة وجدتها نفسها قبل عدة أيام مطالبة بإثبات أنها لا تزال على قيد الحياة، لأن شائعة مجهولة المصدر تشير لوفاتها، تم تناقلها عبر السوشال ميديا، والخبر ينتشر بسرعة في زمن يتفرغ فيه ضعاف النفوس؛ لضخ الأكاذيب وصياغة الوهم والتخاريف، فويل لأصحاب الضمائر المنزوعة ممن ينسجون خيوط تلك الأراجيف.
* أينما كنت تدركك شائعات الموت التي تفتل حبالها شبكة لتصطادك، معظم أصدقائك ومعارفك وزملائك ومحبيك یتحولون بحسن نیة إلي (موصل جيد) لنقل تلك الأكاذيب بدوافع الحب والخوف، دون أن يدروا بأنهم يساهمون في انتشارها، فالقلق يسيطر عليهم تمامًا عند سماع شائعة مزعجة، ولأن الأعمار بيد الله وحده، والمرء يغادر الدنيا ما بين طرفة عين وانتباهتها، لا يجد من یسكنهم القلق وسيلة للاطمئنان عليك ومعرفة الحقيقة سوى طرح الأسئلة عبر الوسائط المختلفة، ومن لا يملك إجابة تضمد جراح استفهام السؤال المزعج يبحث عن شخص ممن يعتقد أن عنده (الرد اليقين) لتبدأ رحلة القلق والتساؤلات، وتزداد رقعة انتشار المخاوف والشائعات!!.
* السؤال الذي ينبغي ألا ننسى طرحه على أنفسنا: هل خوفنا على من یهمنا أمرهم من أصدقائنا وبعض الشخصیات العامة يدفعنا لتداول الشائعات بسرعة البرق، ونفيها ساعة تلو الأخرى، أم أن هناك من يسعى بتخطيط رخيص لبث الرعب في أفئدة الناس بنشر سموم الأكاذيب، واغتيال الأحياء بسهام الأراجيف، ورؤية الحزن الخاطف- حتى ولو للحظات- يسيطر على أهلهم ومحبيهم، والأسى يسكن ضلوع أصدقائهم ومعجبيهم؟.
* كثیرة هی الشائعات بالوسط الفني والحقل الإعلامي؛ ولكن أكثرها سخفًا شائعات الموت التي تنتشر سريعًا، وإن كان عمر صمودها قصير جدًا (ولو طال) لأن المستهدف بالشائعة ومن هم حوله حتمًا سيقومون بنفيها، والمؤسف أن التعامل مع هذا النوع من الشائعات صعب جدًا لحساسیتها، وسرعة انتشارها وصعوبة السیطرة علیها لحظة إطلاقها في ظل عصر الطفرة التقنیة والحیاة الإسفیریة؛ والتقصي حول مصدر تلك الشائعات ضرورة قصوى؛ ومقاضاة من ساهموا في تدشینها ونشرها دون أن یتأكدوا، هو الطریق الوحید لوضع حدٍ لمثل هذه الظواهر، فمن یتم استخدامه في الترویج بجهل منه أو بسابق علم، فإنه لا یقل خطورة عمن نسج الشائعة، ولولاه لظلت حبیسة داخل العقل المریض الذي أنتجها؛ لذا یصبح التشدد والحسم ضرورة مع (هواة النقل الطائش) من الباحثین عن (انفراد) لا معنی له لمجموعاتهم في (الواتساب)، أو الفوز بسبق خبري مجهول المصدر؛ لیضعه أحدهم في صفحاته علی وسائل التواصل الاجتماعي، فلو تحلی الواحد من هؤلاء بقلیل حكمة وصبر لظفر بالخبر الیقین، و(قد یدرك المتأني بعض حاجته وقد یكون مع المستعجل الزلل).
نفس أخير
* لسان المـرء شهـد تشتهيه…. وإمّا حنظل لا حلو فيه
ومن مَلَك اللسان فذاك غُنم…. وليـس الغنم مالاً تقتنيه
اذا حمل الوشاة اليك سوءًا…. تبيَّنْ لا تُصدِّق حامليه.