لم يكن العدوان الإسرائيلي الأخير على دولة قطر مجرّد حدث أمني عابر أو مناورة فاشلة لاغتيال قيادات فلسطينية كانت تفاوض بوساطة قطرية، بل هو اعتداءٌ صارخ على دولة عُرفت عالميًا بجهودها في إطفاء الحرائق السياسية وتقديم جسور الحوار حيث تعجز القوى الكبرى. إن محاولة الغدر تلك لم تستهدف شخصيات فلسطينية فحسب، وإنما استهدفت الدور القطري نفسه، دور الوسيط النزيه الذي حمل على عاتقه مسؤولية البحث عن سلام عادل وحلول إنسانية لشعبٍ محاصر منذ عقود.
قطر التي وقفت وحدها يوم حاصرها القريب، ورفضت أن تركع تحت وطأة الحصار، قدّمت درسًا تاريخيًا في الثبات. لم تنكسر، بل تحولت محنتها إلى منطلق لقيادة دبلوماسية أكثر حضورًا وفاعلية، فصارت مقصداً لكل الأطراف المتنازعة التي تبحث عن صوت عاقل ومساحة حياد إيجابي. واليوم، حين تتعرض لعدوان من الاحتلال الإسرائيلي، فإن هذا الاعتداء ليس على قطر وحدها، بل على منطق العدالة والوساطة وعلى أمل الشعوب في أن يكون هناك من يجرؤ على قول “لا” في زمن المساومات.
لقد أثبتت قطر يوماً بعد يوم أنها قادرة على أن تجمع بين الصمود في وجه التحديات، وبين القدرة على القيادة في الملفات الأكثر تعقيداً. هذا الدور بات اليوم أكثر إلحاحاً، فمعاناة الشعب الفلسطيني لم تعد تحتمل مزيداً من الانتظار أو المساومات. التاريخ سيسجل أن هناك دولاً ترددت، ودولاً صمتت، لكن سيذكر أيضاً أن قطر لم تتردد في الانحياز إلى الضمير الإنساني، وأنها حولت جراح الماضي إلى قوةٍ دافعة نحو ريادةٍ يطلبها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى.إن ما يُنتظر من قطر اليوم هو ما اعتاد عليه العالم منها: ريادة لا تكتفي بالتصريحات، وإنما تنطلق إلى الفعل. المطلوب أن تعزز دورها القيادي في الترويج للسلام وإنقاذ الشعب الفلسطيني بالتعاون مع مصر، عبر إنهاء الحصار الجائر المفروض على غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ الذين تُثقلهم الكارثة يوماً بعد يوم. فالمسألة لم تعد سياسية فحسب، بل هي إنسانية بالدرجة الأولى، تمسّ كرامة الإنسان وحقه في الحياة.
ويتزامن هذا العدوان مع جريمة أخرى، حين استهدف الاحتلال مئات الأحرار من أبناء العالم الذين كانوا في عرض البحر الأبيض المتوسط، في رحلة تضامنية شجاعة من تونس إلى غزة، سعياً لكسر الحصار. هؤلاء ليسوا فلسطينيين ولا عرباً بالضرورة، ولكنهم ينتمون إلى الضمير الإنساني الذي يأبى الظلم. الرسالة التي يبعثها استهدافهم واضحة: الاحتلال يريد أن يعاقب كل من يقف مع الحرية، أيًّا كان لونه أو دينه أو وطنه.
لقد أثبتت قطر يوماً بعد يوم أنها قادرة على أن تجمع بين الصمود في وجه التحديات، وبين القدرة على القيادة في الملفات الأكثر تعقيداً. هذا الدور بات اليوم أكثر إلحاحاً، فمعاناة الشعب الفلسطيني لم تعد تحتمل مزيداً من الانتظار أو المساومات. التاريخ سيسجل أن هناك دولاً ترددت، ودولاً صمتت، لكن سيذكر أيضاً أن قطر لم تتردد في الانحياز إلى الضمير الإنساني، وأنها حولت جراح الماضي إلى قوةٍ دافعة نحو ريادةٍ يطلبها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى.
*رئيس منصة حكماء العالم
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء قطر الاحتلال احتلال قطر قصف رأي تداعيات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیوم أکثر
إقرأ أيضاً:
تعاون بين الشارقة والمالديف في مجال حفظ التراث الإنساني
الشارقة (الاتحاد)
أخبار ذات صلةاستقبلت دائرة العلاقات الحكومية بالشارقة، برئاسة الشيخ فاهم القاسمي، رئيس الدائرة، وفداً من وزارة اللغة والثقافة والتراث في المالديف، برئاسة معالي آدم ناصر وزير الثقافة في المالديف، بحضور الشيخ ماجد القاسمي، مدير الدائرة، و محمد حسين شريف، سفير المالديف لدى دولة الإمارات العربية المتحدة.
جاءت الزيارة بهدف تعزيز فرص التعاون بين المالديف وإمارة الشارقة في مجال حفظ التراث الإنساني والنهوض بالحراك الثقافي، ولا سيما بعد نجاح الإمارة مؤخراً في إدراج موقع «الفاية» على قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث استعرض الجانبان الفرص المتاحة لتبادل الخبرات والتجارب وتوسيع أفق العمل المشترك.
وأكد الشيخ فاهم القاسمي أن تركيز الشارقة واهتمامها العميق بالثقافة وصون التراث أثمرا احتضانها عدداً من المكاتب الإقليمية التابعة لمنظمات دولية مرموقة، من أبرزها المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي (إيكروم – الشارقة)، والمكتب الإقليمي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، مشيراً إلى أن هذه المراكز توفر استشارات متخصّصة ودعماً فنياً في مجال حماية التراث الثقافي.
وأضاف القاسمي أن هذه الجهود تعززها برامج أكاديمية متخصصة، منها برنامج الماجستير في إدارة حفظ التراث الثقافي، الذي تقدمه جامعة الشارقة بالشراكة مع إيكروم، وهو ما يسهم في توفير الدعم المعلوماتي والمعرفي لإعداد كوادر متخصّصة قادرة على تطوير منظومات حماية التراث وصونه.
من جانبه، هنأ معالي آدم ناصر الشارقة بمناسبة تسجيل موقع «الفاية» ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، مشيداً بالإنجازات التي حققتها الإمارة وما تحظى به من سمعة عالمية راسخة في المجال الثقافي. وأوضح أن حكومة بلاده تولي اهتماماً كبيراً بالتراث والثقافة والتاريخ، مشيراً إلى أن المالديف تعمل على تسجيل عدد من المساجد المرجانية، التي تعود إلى القرن الثامن عشر على القائمة ذاتها، وهي مساجد تاريخية شُيّدت من كتل الحجر المرجاني المستخرج من الشعاب البحرية، وتمتاز بزخارفها الدقيقة وقيمتها المعمارية النادرة.
كما أعرب معاليه عن تطلع بلاده للاستفادة من تجربة الشارقة في تسجيل موقع «الفاية» ضمن قائمة التراث العالمي، وطرح في هذا السياق مقترح توقيع اتفاقية توأمة بين المالديف والشارقة تركز على الجوانب الثقافية وتعزز فرص التعاون المشترك.
حضر اللقاء إلى جانب معالي الوزير المالديفي، كلٌّ من حسن وحيد، نائب سفير جمهورية المالديف لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، ومحمد شهروزياد، وزير الدولة لشؤون اللغة والثقافة والتراث، ومحمد يانيو هاشم، السكرتير الدائم للوزارة، والسيد أحمد فريح محمد، الوزير المستشار بسفارة المالديف في الدولة.