لماذا لا يقاوم العرب السياسات الغربية؟
تاريخ النشر: 8th, October 2025 GMT
د. جملات عبد الرحيم
تتعدد الأسباب التي تجعل العرب، في العديد من الأحيان، غير مدركين أو غير متقبلين لفكرة أنهم يعيشون في حرب مفروضة عليهم من قبل القوى الغربية. هذه الحرب ليست فقط عسكرية، بل تشمل أيضًا الحروب الاقتصادية والسياسية والثقافية. إن فهم هذه الديناميكيات ضروري لتحليل الوضع الراهن في العالم العربي.
يمر العالم العربي بمرحلة من الانقسامات السياسية والاجتماعية الطاحنة. الحروب الأهلية، والصراعات الطائفية، والخلافات السياسية بين الدول العربية إلى تشتيت الانتباه عن التهديدات الخارجية. فبينما تشتعل النزاعات الداخلية، تظل القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا المُهمة على الهامش.
تلعب وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي العام. في العديد من الدول العربية، تتعرض وسائل الإعلام للرقابة والمراقبة من قِبل الحكومات. وبالتالي، يتم تقديم روايات معينة تُعزز من فكرة أن التهديدات تأتي من داخل المجتمع نفسه، وليس من الخارج. تصبح الأجندات الغربية هي الصورة السائدة، مما يؤدي إلى تشتت الانتباه عن الهجمة الخارجية.
تُستخدم سياسات مزدوجة بشكل متكرر من قبل القوى الغربية، حيث تظهر كداعم للديمقراطية وحقوق الإنسان بينما تقوم بدعم نظم استبدادية في العالم العربي. هذا التناقض يجعل من الصعب على العرب رؤية الصورة الكاملة، حيث يتم توجيه الطاقات نحو القضايا الداخلية بينما يستمر التدخل الخارجي دون اعتراض فعلي.
وتعتمد الكثير من الدول العربية على المساعدة أو الدعم الاقتصادي من الدول الغربية. يتم استخدام هذه السيطرة الاقتصادية كأداة للنفوذ، مما يجعل الحكومات العربية تفقد استقلاليتها. وبالتالي، يصبح من الصعب على القيادات السياسية القيام بتحركات مناهضة للغرب أو لدعم القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية، حيث يرتبط ذلك بمصالحها الاقتصادية.
وتفتقر العديد من الدول العربية إلى استراتيجيات تنمية مستدامة تستند إلى القيم الوطنية. بدلاً من ذلك، تركز السياسات على الموافقات التي تأخذ بعين الاعتبار الأجندات الغربية. هذا الأمر يجعل المجتمعات العربية غير قادرة على بناء هوياتها المستقلة وتحديد مصلحتها الوطنية، مما يسهل على القوى الخارجية تحقيق أهدافها دون مقاومة فعالة.
وتسعى الدول الغربية إلى إغراق العرب في صراعات مختلفة عبر دعم جماعات مسلحة أو حركات سياسية متباينة. هذه الفتن تصرف اهتمام القادة والمواطنين عن التهديدات الحقيقية التي تواجهها الدول العربية وتسهم في تفتيت الوحدة العربية، مما يجعل المقاومة ضد السياسات الغربية شبه مستحيلة.
إن إدراك العرب أنهم يعيشون في حرب مفروضة عليهم يتطلب وعياً جماعياً، وفهماً عميقاً للديناميكيات الجيوسياسية المحيطة بهم. على الرغم من التحديات الداخلية والخارجية، يجب أن تتواصل الجهود للصحوة الوطنية ولتعزيز التفاهم العميق حول الهوية العربية والمصير المشترك. إن الوحدة ومقاومة الهيمنة الخارجية هما السبيل الوحيد للخروج من هذه الوضعية الحرجة.
هل نسى العرب عندما وصلت اولى الدفعات العسكرية الإنجليزية نحو القدس وقبل أن تحل قوات الإنجليز في القدس كان الجيش العثماني يتهاوى بسرعه بعد سلسه من الهزائم المروعة في معارك غزه وبئر السبع واللد والرملة. تلك الهزائم التي اضعفت الروح المعنوية للأفراد وجعلتهم يقهرون
حيث إن قدرة الدفاع عن المدينة تلاشت ولم يعد في أيديهم سوى الهروب أو الاستسلام. وقد حاول العثمانيون شل حركة الجيش البريطاني بشن هجمات مضادة من بيت لحم والمرام، ولكنهم قد وصلوا الي درجة لا يمكن معها المواصلة؛ لأن خطوط الإمدادات قد سقطت والمقاتلون يعانون من الجوع والإرهاق وأعصابهم على حافة الانتحار والمدافع البريطانية كانت تضغط بلا رحمة على المدينة وتدك كل زاوية فيها بلا توقف، دون أن تترك لهم مجالا للمناورة أو الأمل وبعد معارك ضارية أدرك ولي القدس عزت بك السليماني أنه لم يعد هناك مجالا إلى المقاومة؛ إذ لا ذخيرة ولا طعام ولا أعداد كافية من الجنود، ولا طعام يطعم الجوعى، وكان القرار مريرا بالانسحاب، ولكن القوات العثمانية في البداية رفضت الانسحاب؛ لأن ترك القدس دون دفاع عنها يعتبر عارًا في جبين المجتمع العربي والإسلامي. لكن القوات العثمانية تهالكت لأنها قوبلت بنيران
القوات البريطانية وبعد انسحاب العثمانيين من القدس؛ لأن جيش العثمانيين أصبح ضعيفا أمام الغزو البريطاني، ولأن العرب اتحدوا مع القوات البريطانية على طرد العثمانيين.
وقد ظل الاحتلال البريطاني 400 عام (1517- 1917)، وغلطة العرب أنهم تحالفوا مع الإنجليز والفرنسيين؛ لكي يتحرروا من العثمانيين، ويقيموا الدولة العربية الكبرى.
لكن الإنجليز وحلفاءهم قد خذلوا العرب وخدعوهم وقاموا بتقاسم بلادهم وأعطوا وعدا إلى الحركة الصهيونية بأن يمنحوها فلسطين ليقيموا بها دولة إلى اليهود.
وكيف أن العرب حتى الآن مخدوعون وعندهم أمل أن أمريكا والإنجليز وحلف الناتو سوف يحررونهم، وقد تكررت نفس الغلطة في أحداث غزة الحالية.
فهل يتعظ العرب؟!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
موسكو: يجرى العمل على تحديد موعد القمة الروسية العربية
أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي فيرشينين، أن روسيا تعمل على تحديد موعد القمة الروسية العربية، التي كان من المقرر عقدها، في أكتوبر، ولكنها أُجلت.
وقال فيرشينين للصحفيين: "كما تعلمون، تم تأجيل القمة بالتنسيق مع جامعة الدول العربية. ومن الطبيعي أن تعقد. وهذا يتطلب عملا تحضيريا دقيقا وشاملا".
وتابع: "يجب تنسيق جداول جميع قادة الدول حتى تصبح هذه القمة حدثا بارزا، والتي ستكون الأولى من نوعها في التاريخ".
وأوضح فيرشينين أن روسيا تعمل مع العراق، الذي يتولى حاليا رئاسة جامعة الدول العربية، على تنظيم القمة، قائلا ردا على سؤال حول المواعيد المبدئية للقمة: "نحن نعمل على ذلك".
وفي وقت سابق، صرح يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، أن الاتصالات مع ممثلي الدول العربية بشأن تأجيل القمة الروسية العربية إلى النصف الأول من عام 2026 قد بدأت بالفعل، وسيتم تأكيد الموعد.
وقال حينها أوشاكوف للصحفيين، ردًا على سؤال لوكالة "سبوتنيك" حول عملية تنسيق القمة الروسية العربية: "بالتأكيد، بل أجزم بنسبة 100%، سيتم تأجيل هذه القمة، وعلى الأرجح إلى النصف الأول من العام المقبل"