غارة لـقسد تستهدف الجيش السوري في دير الزور.. وواشنطن تزيد تمويلها للتنظيم
تاريخ النشر: 11th, October 2025 GMT
أصيب ثلاثة من عناصر الجيش السوري، مساء الجمعة، جراء غارة نفذتها طائرات مسيرة انتحارية تابعة لتنظيم "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعوم أمريكياً، على نقطة عسكرية بريف دير الزور الشرقي، في أحدث خرق للاتفاقات الموقعة بين التنظيم والحكومة السورية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري قوله إن "ثلاثة عناصر من الجيش العربي السوري أصيبوا، جراء استهداف قوات قسد، بمسيرات انتحارية، نقطة عسكرية في قرية المريعية بريف دير الزور".
وأضاف المصدر أن القصف يُعد "تصعيداً خطيراً" ويمثل "انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين الجانبين"، مؤكداً أن الجيش "يرصد تحركات التنظيم بدقة وسيتم الرد في الوقت المناسب".
خروقات متكررة رغم اتفاق الدمج
يأتي الهجوم بعد أشهر من توقيع اتفاق رسمي بين الحكومة السورية وقيادة "قسد"، نص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرقي البلاد ضمن إدارة الدولة المركزية في دمشق، وتوحيد الإشراف على المعابر والمطارات وحقول النفط والغاز.
وقد وقع الاتفاق في 10 آذار/ مارس الماضي كل من الرئيس أحمد الشرع، وقائد التنظيم فرهاد عبدي شاهين (المعروف بـ"مظلوم عبدي")، بحضور وسطاء محليين ودوليين.
لكن الاتفاق لم يصمد طويلا، إذ رصدت مصادر سورية – وفقاً لوكالة الأناضول – أكثر من عشر خروقات من جانب "قسد" خلال الأسابيع الأخيرة، كان آخرها في محافظة حلب قبل أيام، ما اعتُبر مؤشراً على تمسّك التنظيم بأجندة انفصالية تتعارض مع وحدة البلاد.
وتسيطر قسد على مساحات واسعة من شمال وشرق سوريا٬ تضم معظم محافظتي الحسكة والرقة، إضافة إلى أجزاء من دير الزور وريف حلب الشرقي، حيث يُقدر عدد مقاتليها بنحو 100 ألف عنصر.
دعم أمريكي متواصل رغم الانتقادات
تزامن التصعيد الميداني مع إعلان واشنطن عن تخصيص ميزانية جديدة لدعم "قسد" وفصيل "جيش سوريا الحرة" في إطار قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي للعام المالي 2026.
ووافق مجلس الشيوخ الأمريكي، الخميس الماضي، على مشروع القانون بأغلبية 77 صوتاً مقابل 20، متضمناً ميزانية دفاعية ضخمة تبلغ نحو 925 مليار دولار، خُصّص منها 130 مليون دولار لتدريب وتسليح ودفع رواتب عناصر التنظيمين.
وكان مجلس النواب الأمريكي قد أقر المشروع في يوم الجمعة الماضي الماضي بأغلبية 231 صوتاً مقابل 196 معارضاً، ما يمهد لإحالته إلى الرئيس للمصادقة النهائية.
وتُبرر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تمويلها لـ"قسد" بأنها شريك رئيسي في "محاربة تنظيم الدولة"، رغم الانتقادات المتصاعدة من دمشق وأنقرة، التي تعتبر التنظيم واجهة سورية لحزب العمال الكردستاني (PKK) المصنف إرهابياً.
انخفاض نسبي في التمويل
وبحسب البيانات الرسمية، فإن التمويل الأمريكي المخصص لـ"قسد" شهد تراجعاً تدريجياً خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغت قيمته نحو 156 مليون دولار عام 2024، ثم انخفض إلى 147 مليون دولار في موازنة 2025، ليصل إلى 130 مليون دولار في موازنة العام المالي الجديد.
ويتمركز جزء من هذا التمويل في قاعدة التنف الواقعة بصحراء حمص الشرقية، حيث ينشط فصيل "جيش سوريا الحرة" المدعوم أمريكياً، ويتلقى عناصره تدريبات ومعدات لوجستية ورواتب مباشرة من القوات الأمريكية.
وتأتي هذه التطورات في ظل واقع سياسي وأمني معقد تعيشه سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بعد أكثر من 24 عاماً في الحكم، حيث تعمل الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع على استعادة السيطرة على المناطق الخارجة عن سلطة الدولة، وضبط الفصائل المسلحة المنتشرة شمالاً وشرقاً.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية سوريا قسد عبدي الحسكة سوريا الحسكة عبدي قسد المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیون دولار دیر الزور
إقرأ أيضاً:
هل تكون دير الزور بداية لتطبيق اتفاق 10 آذار بين دمشق وقسد؟
دير الزور- في خضم تكثيف اللقاءات بين الحكومة السورية وقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في دمشق، تتجه الأنظار إلى محافظة دير الزور، التي تظهر أخيرا كمسرح محتمل لانطلاق تطبيق اتفاق "10 آذار" الموقّع قبل سبعة أشهر بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
ومع تطور الاجتماعات بين ممثلي قسد والحكومة السورية في دمشق، وما رافقها من حضور أميركي وطرح لدمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، يعود تطبيق "اتفاق 10 آذار" للواجهة بقوة.
وتحدثت مصادر إعلامية وسياسية في دمشق، عن خطوات عملية لبدء تنفيذ الاتفاق في محافظة دير الزور، (إحدى المحافظات التي تشكل مناطق سيطرة قسد في شمال وشرق سوريا) كبوابة ميدانية لتطبيقه عمليا بتنسيق عسكري وإداري واقتصادي بين الجانبين.
ورغم الجمود الطويل، يرى محللون وباحثون أن البدء من دير الزور ليس اختيارا عشوائيا، بل يعكس موازنة بين الجغرافيا والاقتصاد والسياسة، وسط إشارات لإعادة تحريك الملفات العالقة ضمن تفاهم أوسع بإشراف واشنطن عبر سفيرها توم برّاك.
وكان وفد من اللجان العسكرية والأمنية التابعة لقسد، ضم عضوي قيادتها العامة سيبان حمو وسوزدار حاجي، إلى جانب قيادات من مجلس دير الزور العسكري، وصل إلى دمشق، الاثنين، لمناقشة بنود تطبيق الاتفاق وآلية دمج قواتها في الجيش السوري.
وأعلنت السلطات السورية الثلاثاء التوصل إلى "وقف شامل لإطلاق النار" مع الأكراد شمال البلاد وشمال شرقها إثر لقاء جمع عبدي مع الشرع في دمشق، وذلك غداة اشتباكات بين قوات حكومية وأخرى كردية في مدينة حلب أسفرت عن مقتل شخصين، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويأتي إعلان وقف إطلاق النار بينما أخّرت خلافات كبيرة بين دمشق والإدارة الذاتية تنفيذ اتفاق تم التوصل إليه في مارس/آذار الماضي، وتضمّن بنودا عدّة عن دمج المؤسسات المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية الكردية في المؤسسات الوطنية.
لماذا دير الزور؟
يقول الباحث في "مركز عمران للدراسات الإستراتيجية" أسامة شيخ عيسى، إن طرح دير الزور كبداية لتطبيق الاتفاق "يأتي بسبب الاستعصاء الذي واجه المفاوضات في ملفات أخرى؛ فدمشق ترى أن دير الزور يمكن أن تكون نموذجا ميدانيا أوليا لدمج التشكيلات التابعة لقسد ضمن الجيش السوري المنتشر هناك".
إعلانويضيف للجزيرة نت، أن "دير الزور تتميز بخلفية عشائرية واحدة تقريبا، ما يجعلها أقل حساسية من مناطق، كالرقة أو الحسكة التي تحمل ثقلا كرديا أكبر"، موضحا أن الحكومة تنظر إليها "كبداية آمنة، تتيح اختبار آليات الدمج عسكريا واقتصاديا".
وتكمن أهمية دير الزور، بحسب الباحث، في ثقلها الاقتصادي بفضل حقول النفط والغاز، إضافة إلى موقعها الجيوسياسي الذي "يمنحها قدرة على لعب دور ميداني وسياسي في آنٍ واحد، سواء تجاه واشنطن أم في إطار الحرب على تنظيم الدولة".
تقع محافظة دير الزور شرق سوريا، على جانبي نهر الفرات الذي يشطرها إلى ضفتين لكل منهما إدارة وسيطرة مختلفة:
الضفة الغربية: وتشمل مركز المدينة ومعظم الريف الغربي، تخضع لسيطرة الحكومة السورية. الضفة الشرقية: تمتد من الشحيل إلى الباغوز تقع تحت سيطرة قسد، مع وجود أميركي مباشر في قواعد حقلي "العمر" و"كونيكو".وهذا التماس المباشر بين الطرفين يجعل من دير الزور منطقة اختبار لمدى جدّية الطرفين في الانتقال إلى الدمج الفعلي، كما يقول محللون تحدثوا للجزيرة نت.
سهولة في الدمجيقول المحلل بسام سليمان، المقرب من دوائر القرار، إن "الضفة الغربية والمدينة تحت سلطة الدولة، والشرقية المتبقية فقط. هذا يختلف عن الرقة والحسكة اللتين تتطلبان تسليما كاملا".
ويضيف سليمان للجزيرة نت، أن محافظة دير الزور عربية بالكامل، ما يجعل عملية الدمج أسهل وأقل حساسية من الرقة والحسكة اللتين تتمتعان بتنوع قومي. كما أن للمحافظة وزنا اقتصاديا كبيرا بفضل النفط.
وتتمتع دير الزور- حسب سليمان- بموقعها الجيوسياسي الذي يربط طريق طهران-بيروت، "وهو ما يثير اهتمام الأميركيين الذين يرون أن دمشق أقدر على ضبط هذا الممر وقطع خطوط الإمداد إلى حزب الله".
شراكة وليس تسليمامن جانبه، يقول ممثل الإدارة الذاتية في دول الخليج سيهانوك ديبو، إن المفاوضات الجارية "لا تخص منطقة بعينها، بل ملفات تشكّل جوهر اتفاق 10 آذار"، مؤكدا للجزيرة نت، أن "أي حديث عن تسليم مناطق هو غير مطروح على الإطلاق".
ويضيف "نحن لا نتحدث عن تسليم بل عن دمج ضمن الكل السوري، فالمطلوب دمج فعلي وتكاملي لقسد ولمؤسسات الإدارة الذاتية المدنية والاقتصادية والأمنية، وفق صيغ تفاوضية تضمن حقوق الجميع".
ويتابع "ندرك حساسية المرحلة، وسنُبدي مرونة وانفتاحا تجاه المقترحات البنّاءة وصولا إلى دولة سورية لا مركزية ديمقراطية ونظام غير طائفي، وفق القرار الدولي 2254".
تقول مصادر مطلعة للجزيرة نت، طلبت حجب هويتها، إن الجانب الأميركي نقل في وقت سابق رؤية دمشق لبدء تنفيذ الاتفاق من دير الزور، لكن "قسد" تعاملت مع الطرح بحذر ولم تُبدِ موافقة نهائية.
وتتعلق مخاوف "قسد"، كما توضح المصادر، بفقدان السيطرة على موارد النفط والغاز في حال استغلّت دمشق التفاهم الجزئي لترسيخ وجودها دون التزام شامل ببنود الاتفاق في بقية المناطق.
إعلانويشرح المحلل شيخ عيسى، إن "قسد تخشى من أن تتحول دير الزور إلى جبهة خلفية تستخدم ضدها إن فشل التفاهم، لذلك تصر على أن يشمل الدمج المحافظات الثلاث دفعة واحدة" أي دير الزور والرقّة والحسكة.
ويضيف أن القلق يمتد إلى البعد الأمني، إذ إن "سيطرة الحكومة على الضفة الشرقية ستجعل نقل العتاد والمقاتلين أسهل في أي مواجهة لاحقة، بينما سيصعب على قسد صدّ التقدم من جهة النهر".
كما تخشى "قسد"، وفق الباحث، أن يؤدي البدء من دير الزور إلى اهتزاز الجبهة الداخلية لديها؛ "فقد يُفهم ذلك تخليا عن مؤيديها هناك، ما يفتح الباب للعشائر في الرقة والحسكة لإعادة التموضع باتجاه دمشق".
وعبّر قائد "قسد" مظلوم عبدي عن ذلك صراحة في مقابلة متلفزة بثتها وسائل إعلام كردية رسمية، وقال "ملفات الرقة ودير الزور والحسكة ترتبط بشكل نظام الحكم في سوريا"، مؤكداً أن انسحاب "قسد" من الرقة ودير الزور غير قابل للنقاش".
يشير الباحثون إلى أن الاتفاق دخل مرحلة الاختبار العملي، مع مؤشرات لتفاهم شفهي جديد، منها تشكيل قوات مشتركة لمكافحة "الإرهاب" بإشراف وزارة الدفاع وقيادة ميدانية من قسد.
ويتجه النقاش، وفق شيخ عيسى، نحو تشكيل 3 فيالق وفرق عسكرية في المحافظات الثلاث بقيادة ضباط من قسد، تحت إشراف وزارة الدفاع، بينما تبقى ملفات التعليم والإدارة بيد الإدارة الذاتية (قسد).
ورغم التفاؤل، يحذر ديبو من أن أي نجاح يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وليس لجانا شكلية، بينما يؤكد شيخ عيسى أن "الظروف مواتية أكثر من أي وقت مضى، غير أن التحدي الأكبر هو الثقة. إذا نجحت فستكون مقدمة لإعادة تشكيل المشهد في البلاد، وإذا فشلت، سنعود إلى المربع الأول: لن تكون حربا كاملة ولا سلاما حقيقيا".
ويختتم المحلل بسام سليمان إن "اللقاء الأخير بين وفدي دمشق وقسد كان إيجابيا نظريا، لكن الحكم سيكون على نتائج اللجان خلال الأسابيع المقبلة".